أيرلندا الشمالية.. "احتفالات حزينة" في مئوية التأسيس

مكتب الدائرة الانتخابية مفتوح للعمل، بعد استقالة أرلين فوستر من منصب رئيسة الوزراء لأيرلندا الشمالية في إنيسكيلين، أيرلندا الشمالية. 29 أبريل 2021 - REUTERS
مكتب الدائرة الانتخابية مفتوح للعمل، بعد استقالة أرلين فوستر من منصب رئيسة الوزراء لأيرلندا الشمالية في إنيسكيلين، أيرلندا الشمالية. 29 أبريل 2021 - REUTERS
بلفاست-أ ف ب

شكّلت أعمال الشغب الأخيرة في بلفاست عاصمة أيرلندا الشمالية، والتي غطى خلالها دخان أسود سماء المدينة، وسط اشتباكات بين ملثمين وأفراد الشرطة، خلفية حزينة للذكرى المئوية لتأسيس أيرلندا الشمالية.

واندلع هذا العنف غير المسبوق منذ سنوات، في أوائل أبريل في الشوارع التي هزتها الاضطرابات التي استمرت قرابة 30 عاماً، وتمثلت في صدامات دموية بين الجمهوريين المعارضين ومعظمهم من الكاثوليك، والوحدويين وغالبيتهم بروتستانت. 

وأنهى "اتفاق الجمعة العظيمة" الذي أبرم في 1998 هذا النزاع الذي خلف نحو 3500 ضحية وأرسى سلاماً هشاً. 

وتتألف بريطانيا من إنجلترا واسكتلندا وويلز، أما المملكة المتحدة فهي تتشكل من بريطانيا ومعها أيرلندا الشمالية. 

لكن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي أضعف هذا التوازن الدقيق. والسبب هو فرض إجراءات مراقبة جمركية وصحية بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي.  

ولتجنب عودة حدود مادية بين المقاطعة البريطانية (أيرلندا الشمالية) وجمهورية أيرلندا العضو في الإتحاد الأوروبي، تفرض هذه الضوابط في مرافئ أيرلندا الشمالية بموجب نص سُمي بـ"البروتوكول الأيرلندي الشمالي" ويواجه معارضة شديدة. 

"خيانة" 

ولكن الوحدويين المتمسكين بالانتماء إلى المملكة المتحدة يرون في ذلك حدوداً بين أيرلندا الشمالية وجزيرة بريطانيا لذلك يعتبرونه "خيانة" من جانب لندن.  

وفي أعمال الشغب الأخيرة جرح 88 شرطياً على الأقل في اشتباكات بدأت في الجيوب الموالية لبريطانيا.

وقال ديفيد ماكناري من المنظمة الوحدوية "مجلس المجتمعات الموالية" إن "الناس من كل الأجيال يشعرون بالغضب والإحباط بسبب ما يحدث". 

وأضاف، لوكالة الصحافة الفرنسية، أن "هذا البروتوكول السيئ هو اختراع أوروبي لتجريدي من هويتي البريطانية". 

وقبل أسبوعين من الاحتفال بمرور 100 عام على إنشاء المقاطعة، تركز العنف عند تقاطع الطرق بين الأحياء الوحدوية الموالية لبريطانيا، والجمهورية المؤيدة للوحدة مع جمهورية أيرلندا. 

وخلال أعمال العنف الأخيرة اشتبك ملثمون مع رجال الشرطة ورشقوهم بقطع الطوب والحجارة. وفي المناطق الساخنة، فضّل أفراد قوات الأمن البقاء في سياراتهم التي غطوا زجاجها بشبكة معدنية تحميهم من المقذوفات.  

وفي المساء، ضغطت يد خفية على الزر وأغلقت أبواب "جدران السلام" ما أدى إلى عزل الأحياء عن بعضها تماماً.  

وفي بعض الأيام كانت الاشتباكات أسوأ، إذ شوهدت الشرطة تنشر خراطيم المياه والكلاب في مواجهة الشباب الذين رشقوا أفرادها بزجاجات حارقة. 

بالقرب من البوابات، كان يمكن رؤية آثار هذه الاشتباكات التي صدمت المملكة المتحدة، على الأرض. وعلّقت دمية دب من الفراء مع رسالة كتب عليها "السلام لمستقبل أطفالنا".

وفي هذه الأجواء، من الصعب تصور "عيد ميلاد سعيد" لأيرلندا الشمالية. إذ لا يزال هناك خلاف عميق يفصل بين الوحدويين والقوميين بشأن شرعية المقاطعة البريطانية. ففي شارع بومباي في حي جمهوري، تحمي حدائق المنازل التي بنيت في ظل جدار السلام بوابات تهدف إلى تأمين حماية من الحجارة والمقذوفات الأخرى. 

وقالت سيدة من سكان الحي إنها لا تتوقع احتفالات مشتركة بالذكرى المئوية للمقاطعة. وأضافت: "هذا لن يحدث هنا"، موضحة أن تقليدهم "هو الوحيد الذي يهم وليس تقليدنا"، مشيرة إلى جيرانها الوحدويين.