ردت الخارجية السودانية، الثلاثاء، على التصريحات الإثيوبية التي اتهمت الخرطوم بـ"تغيير" موقفها، معتبرة أن تصريحات أديس أبابا الأخيرة "تنم عن سوء فهم".
وقال الناطق الرسمي باسم الخارجية السودانية منصور بولاد في تصريحات لـ"الشرق"، إن إثيوبيا "تتنصل من الاتفاقيات الدولية، وتفتعل معارك جانبية، وتصريحاتها الأخيرة تنم عن سوء فهم".
وأضاف أن "عملية تبادل المعلومات حول ملء وتشغيل سد النهضة يجب أن تتم ضمن اتفاق مع وجود ضامنين"، وهو ما ترفضه أديس أبابا، مشيراً إلى أن على إثيوبيا الالتزام بالاتفاقيات الدولية والتوصل إلى اتفاق قانوني وملزم بشأن سد النهضة، بدلاً عن إلحاق الضرر بالسودان".
وشددت الخارجية السودانية على أن "إثيوبيا عدائية تجاه السودان من خلال احتلال أراضيه، وتعنتها في رفض التوصل إلى اتفاق قانوني وملزم بشأن ملء وتشغيل سد النهضة".
وكانت الخارجية الإثيوبية ردت، الثلاثاء، على تصريحات سابقة لوزارة الخارجية السودانية بشأن سد النهضة، متهمة الخرطوم بـ"تغيير" موقفها، ووجهت انتقادات بشأن ما وصفته بـ"ادعاءات ملفقة" بشأن الاشتباكات الحدودية بين البلدين.
وكانت وزيرة الخارجية السودانية مريم الصادق قالت، الاثنين، إن السودان يعطي موضوع الملء الثاني لسد النهضة الإثيوبي "أقصى درجات الاهتمام، باعتباره قضية أمن قومي تؤثر على حياة ملايين السودانيين على ضفاف النيل الأزرق والنيل الرئيسي"، بحسب ما نقلته وكالة الأنباء السودانية "سونا".
وأشارت خلال لقائها برئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية ورئيس الاتحاد الإفريقي فيليكس تشيسيكيدي، إلى ضرورة التوصل إلى "اتفاق قانوني شامل وملزم بين الدول الثلاث (مصر وإثيوبيا والسودان) بشأن قواعد ملء وتشغيل السد قبل يوليو المقبل".
وجاء الرد الإثيوبي في بيان، الثلاثاء، بأن الخرطوم "كانت تعتبر سد النهضة مفيداً". واعتبرت أديس أبابا أن هذا الموقف "تغيّر فجأة"، متهمة مصر والسودان بـ"تسييس القضايا الفنية" بشأن السد.
ودعت إثيوبيا إلى إنهاء المفاوضات الثلاثية بشأن سد النهضة، وفقاً لإعلان المبادئ لعام 2015، مؤكدة في الوقت نفسه التزامها "بمعالجة جميع القضايا ذات الصلة من خلال الحوار والمفاوضات".
وقالت وزارة الخارجية الإثيوبية، في البيان الذي خصص للتعليق على أزمة سد النهضة، والخلاف الحدودي مع السودان، إنها تريد إنهاء مفاوضات إعلان المبادئ لعام 2015، الذي أبرم خلال قمة ثلاثية بالخرطوم بين قادة الدول الثلاث، (مصر، والسودان، وإثيوبيا) أقرت خلالها "إعلان مبادئ سد النهضة" في عام 2015، لحلّ مشكلة اقتسام مياه نهر النيل وسد النهضة الإثيوبي.
وينص الإعلان على "تنفيذ توصيات لجنة الخبراء الدولية، واحترام المخرجات النهائية للتقرير الختامي للجنة الثلاثية للخبراء خلال المراحل المختلفة للمشروع"، كما اشترط إعلان المبادئ ضرورة اتفاق الدول الثلاث على قواعد ملء السد، والاتفاق على الخطوط الإرشادية وقواعد التشغيل السنوي بالتنسيق بين مصر والسودان وإثيوبيا، ولكنه لا يتضمن اتفاقاً ملزماً وشاملاً بشأن السد، وهو أحد المطالب الرئيسية للقاهرة والخرطوم.
وأشارت الوزارة في بيانها إلى أن "السلطات الحالية في السودان غيرت موقفها فجأة، رغم أنها أشارت مراراً إلى أن سد النهضة له فوائد جمة للسودان"، حسبما ورد في البيان.
وأضافت الخارجية الإثيوبية أن "إصرار دول المصب على احتكار مياه النيل وتسييس القضايا الفنية هو التحديات الرئيسية التي واجهتها المفاوضات الثلاثية"، مؤكدة التزام أديس أبابا "بمعالجة جميع القضايا ذات الصلة من خلال الحوار والمفاوضات".
"تعنت" إثيوبي
وفي السادس من أبريل الماضي أعلنت الخارجية المصرية فشل المباحثات التي عقدت في العاصمة الكونغولية كينشاسا، مع إثيوبيا والسودان، في التوافق على استئناف المفاوضات بشأن سد النهضة الإثيوبي، مؤكدة أن الجانب الإثيوبي "تعنت ورفض العودة للمفاوضات".
واعتبرت الخارجية المصرية في بيان، أن الموقف الإثيوبي "موقف معيق وسيؤدي إلى تعقيد أزمة سد النهضة وزيادة الاحتقان في المنطقة".
وزارة الخارجية السودانية قالت في ختام الاجتماعات، الثلاثاء، إن "خطوات إثيوبيا الأحادية بشأن سد النهضة انتهاك واضح للقانون الدولي".
وقالت مصادر في الخارجية السودانية، لـ"الشرق"، إن إثيوبيا رفضت كل المقترحات التي طرحها السودان ومصر، مؤكدة أن الدول الثلاث فشلت في التوصل إلى اتفاق وتوافق حول البيان الختامي.
الأزمة مع السودان
وفي ما يخص الأزمة الحدودية مع السودان قال البيان: "ندعو إلى حل سلمي لقضايا الحدود مع السودان، على أساس آليات الحدود المشتركة القائمة".
واتهمت الخارجية الإثيوبية السودان بـ"التلفيق"، قائلة إنها "تدعو مرة أخرى حكومة السودان إلى الكف عن حملة غير مفيدة والالتزام بالحوار والحل السلمي".
وذكر البيان أن "إثيوبيا تتطلع إلى مشاركة المجتمع الدولي في تشجيع السودان على إيجاد حل سلمي للنزاع".
وشهدت المناطق الحدودية بين إثيوبيا والسودان خلال الأسابيع الماضية، مواجهات بين الجيش السوداني، وجماعات مسلحة إثيوبية، استولت على مناطق تتمسك الخرطوم بسيادتها عليها.
وتطالب الخرطوم إثيوبيا بسحب قواتها من مواقع لا تزال تسيطر عليها، في كل من مرغد وخور حمر وقطرآند، وفق ما تؤكد السلطات السودانية، وذلك التزاماً بالمعاهدات والمواثيق الدولية.
ونشر الجيش الإثيوبي أسلحة، من بينها دبابات وبطاريات مضادة للطائرات، في الأسابيع الماضية في منطقة الفشقة المتنازع عليها.
وترفض إثيوبيا الاعتراف بترسيم الحدود مع السودان، الذي تم في عام 1902، وتطالب بإعادة التفاوض بشأن الأراضي الحدودية المتنازع عليها.