قال الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، الذي أصبح أول رئيس يُدان بارتكاب جريمة جنائية، إن "الحكم الحقيقي" عليه "سيكون في الخامس من نوفمبر من قبل الشعب"، في إشارة إلى موعد الانتخابات الرئاسية.
وجاءت تصريحات ترمب بعدما أدانته هيئة محلفين في نيويورك، الخميس، بـ"تزوير وثائق لإخفاء مبلغ مالي دفعه لشراء صمت ممثلة إباحية قبل انتخابات عام 2016"، في ما يعرف بقضية "شراء الصمت".
وتوعّد محامي ترمب باستئناف الحكم، في حين ندّد الرئيس السابق بالمحاكمة التي وصفها بـ"المزيّفة"، معتبراً الحكم الصادر بحقّه "عار" لأنّه "رجل بريء"، وأكد بنبرة ملؤها التحدّي أنّ "الحُكم الحقيقي" سيُصدره الناخبون يوم الانتخابات الرئاسية في 5 نوفمبر.
وفي منشور على موقع Truth Social في وقت لاحق، قال ترمب: "النصر في الخامس من نوفمبر. أنقذوا أميركا!!!"
وفي المقابل، قال مايكل تايلر، مدير الاتصالات في حملة بايدن: "حكم اليوم لا يغير حقيقة أن الشعب الأميركي يواجه حقيقة بسيطة، وهي أنه لا تزال هناك طريقة واحدة فقط لإبقاء دونالد ترمب خارج المكتب البيضاوي: عبر صندوق الاقتراع".
الحكم في 11 يوليو
وحدّد القاضي خوان ميرشان 11 يوليو المقبل موعداً للنطق بالحكم، أي قبل 4 أيام من انطلاق المؤتمر الوطني للحزب الجمهوري في 15 يوليو، والذي من المتوقع أن يشهد الإعلان رسمياً عن ترشيح ترمب لخوض الانتخابات القادمة.
ويمكن أن يُحكم على ترمب بالسجن لبضع سنوات، ولكنه لن يتم إدخاله الحبس إلا بعد استنفاد كل مراحل الاستئناف الممكنة.
وجاء قرار هيئة المحلفين المشكلة من 12 عضواً، بعد مداولات على مدار يومين، خلصت إلى أن ترمب "مذنب" في كافة التهم الـ34 التي يواجهها، إذ كان الإجماع مطلوباً لصدور أي حكم بالإدانة.
ويدفع هذا الحكم الولايات المتحدة إلى وضع غير مسبوق قبل الانتخابات الرئاسية المقررة في 5 نوفمبر المقبل، عندما يسعى ترمب للتغلب على الرئيس الديمقراطي جو بايدن من أجل العودة للبيت الأبيض.
في المقابل، اكتفى البيت الأبيض بالقول إنّه "يحترم حُكم القانون ولا يدلي بأيّ تعليق آخر"، وذلك تعقيباً على حُكم الإدانة الجنائيّة التاريخي الذي أصدرته هيئة المحلّفين بحقّ الرئيس السابق.
بدوره، رحب المدّعي العام في المحاكمة ألفين براج، بحكم الإدانة، معتبراً أنّ "هيئة المحلفين قالت كلمتها" حين وجدت المتّهم مذنباً بكل التّهم الـ34 الموجّهة إليه.
وقال براج خلال مؤتمر صحافي، إنّ "الصوت الوحيد الذي يهمّ هو صوت هيئة المحلّفين، وهيئة المحلّفين قالت كلمتها"، مشيراً إلى أنّ أعضاء الهيئة الـ12 أصدروا بالإجماع قرارهم بإدانة المدّعى عليه "بـ34 تهمة تتعلّق بتزوير محاسبي مشدّد لإخفاء مؤامرة هدفها إفساد انتخابات 2016".
محامي ترمب: سنستأنف الحكم
من جانبه، أعلن المحامي تود بلانش، وكيل الدفاع عن الرئيس الأميركي السابق، أنّ استئناف الحكم سيتم "في أقرب وقت ممكن".
وقال بلانش لشبكة CNN: "سنستأنف الحُكم في أقرب وقت ممكن"، موضحاً أنّه "في نيويورك، تقضي الإجراءات بأن يتمّ النطق بالعقوبة أولاً، ومن ثم نستأنف".
وأضاف: "كان هناك الكثير من الدعاية حول الشهود وما حولهم، وليس من المفترض أن يسمح نظام العدالة لدينا بأن يعرف كل شخص يدخل قاعة المحكمة بالقضية".
وأردف: "ينص القانون على أنه يحق لأي شخص الحصول على محاكمة عادلة أمام هيئة محلفين من أقرانه، ونحن نعتقد أن كل ما سبق هذه المحاكمة جعل من الصعب جداً على هيئة المحلفين تقييم الأدلة بشكل مستقل".
ولفت بلانش إلى أن الفريق القانوني لترمب "سيقاتل بقوة" الآن، مع الاقتراحات المقرر تقديمها في غضون أسابيع قليلة، مشيراً إلى أنه "إذا لم ينجح ذلك، فسوف يستأنف الحكم بعد صدوره في يوليو".
غضب أنصار ترمب
وعقب الإدانة التي تعرض إليها ترمب، عبّر أنصاره عن غضبهم، واجتاحوا المواقع المؤيدة له، ودعوا إلى "أعمال شغب وثورة وانتقام"، وفق ما أوردت وكالة "رويترز".
وبعد أن أصبح ترمب أول رئيس أميركي يُدان بارتكاب جريمة، رد أنصاره بعشرات المنشورات "المحرضة على العنف" عبر الإنترنت، وفقاً لمراجعة "رويترز" للتعليقات على 3 مواقع إلكترونية مؤيدة لترمب، وهي منصة Truth Social وPatriots.Win وGateway Pundit.
ودعا بعض المؤيدين إلى "استهداف أعضاء هيئة المحلفين"، فيما طالب البعض الآخر بـ"إعدام القاضي خوان ميرشان"، وذهب آخرون إلى حد "الدعوة إلى حرب أهلية وتمرد مسلح"، وفق "رويترز".
وبعد خسارة ترمب لانتخابات عام 2020 وزعمه أن الأصوات سُرقت منه، ارتفعت التهديدات بالعنف في الولايات المتحدة، كما هاجم أنصاره الكابيتول في محاولة لمنع التصديق على فوز بايدن بالانتخابات في يناير 2020.
وأثناء حملته الانتخابية الحالية، وصف ترمب القضاة والمدعين العامين في محاكماته بـ"أدوات فاسدة" بيد إدارة بايدن.
زيادة التبرعات
وفي السياق، قال مستشارو حملة ترمب إن القضية ستساعدهم على تحفيز مؤيديهم الأساسيين، إذ تدفقت التبرعات عبر منصة WinRed، التي تستخدمها الحملة لجمع التبرعات، ما أدى إلى تعطلها، فيما عمل موظفو الحملة على إنشاء منصة احتياطية لجمع الأموال، وفق وكالة "أسوشيتد برس".
ويرى الحزبان الجمهوري والديمقراطي بشكل عام، أنه قد لا يكون هناك الكثير من التداعيات السياسية لقرار هيئة المحلفين، رغم أن البعض كانوا يأملون في أن يكون للإدانات تأثير هامشي على الأقل.
ولا يوجد في دستور الولايات المتحدة ما يمنع المجرم المُدان من الترشح لأعلى منصب في البلاد، لكن 3 قضايا أخرى هي الوثائق السرية والتدخل بالانتخابات الفيدرالية في واشنطن، وفي ولاية جورجيا، ستكون عائقاً أمام الرئيس السابق عند ترشحه مرة أخرى للرئاسة.