أعربت دول وتكتلات ومنظمات دولية عن قلقها وإدانتها على مصادقة الهيئة العامة للبرلمان الإسرائيلي (الكنيست)، الأربعاء الماضي، بقراءة تمهيدية على مشروع قانون يقضي بأن تعلن إسرائيل وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) "منظمة إرهابية".
وقال مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل في بيان، إن التكتل "يشعر بقلق عميق إزاء المناقشات في الكنيست بشأن تصنيف (الأونروا) منظمة إرهابية، وسحب الحصانة والامتيازات (الدبلوماسية) لأعضائها".
وأضاف بوريل أن "الاتحاد الأوروبي يدعم الأمم المتحدة بحزم"، حاضاً "السلطات الإسرائيلية على السماح لـ(الأونروا) بمواصلة تأدية عملها الذي لا غنى عنه، بما يتوافق مع تفويضها".
من جهتها، أعلنت المفوضية الأوروبية، الجمعة، استعدادها لصرف الدفعة الثانية من المساعدات المالية للسلطة الوطنية الفلسطينية بقيمة 25 مليون يورو، و16 مليون يورو لوكالة "الأونروا" لتوفير الخدمات الأساسية مثل الصحة والتعليم للاجئين الفلسطينيين.
كما أعربت وزارة الخارجية السعودية، السبت، عن إدانتها لمحاولات إسرائيل لـ"تقويض" جهود وكالة "الأونروا" من خلال تصنيفها "منظمة إرهابية".
وطالبت الخارجية السعودية في بيان إسرائيل "بالالتزام بالقانون الدولي والكف عن إعاقة عمل المنظمات الدولية".
وأضاف البيان أن محاولات إسرائيل تصنيف "الأونروا" منظمة إرهابية تهدف إلى "رفع الحصانة عن منسوبيها ممن يقومون بواجبهم في تخفيف حدّة الكارثة الإنسانية التي يمر بها الشعب الفلسطيني".
كما نددت وزارة الخارجية الأردنية بمحاولات "الكنيست" تصنيف "الأونروا" منظمة إرهابية، معربةً في بيان عن إدانتها تلك الخطوة، وذلك عبر "السعي إلى تجريدها من حصاناتها وتجريم أنشطتها".
وقال المتحدث باسم الخارجية الأردنية سفيان القضاة، إن "المحاولات الإسرائيلية المتواصلة التي ترمي إلى قتل (الأونروا) واغتيالها سياسياً واستهداف رمزيتها، هي ممارسات لا شرعية ولا قانونية وباطلة، وتمثل انتهاكاً للقانون الدولي ولالتزامات إسرائيل".
وأكدت الوزارة على الولاية الممنوحة لـ"الأونروا"، وفقاً لتكليفها الأممي، وعلى ضرورة استمرار المجتمع الدولي بتقديم الدعم للوكالة و"استمرارها بتحمل مسؤولياتها التي لا غنى عنها في تقديم الخدمات الحيوية للاجئين الفلسطينيين".
وتزامن هذا التصنيف مع إعلان الرئيس الصيني شي جين بينج أن بلاده ستواصل تقديم الدعم بهدف تخفيف وطأة الأزمة الإنسانية فضلاً عن دعم إعادة البناء في غزة بعد الحرب، متعهداً بتقديم 3 ملايين دولار لوكالة (الأونروا) من أجل دعم مساعدات الطوارئ التي تقدمها لقطاع غزة.
مطالب بوقف الحملة
وكان المفوض العام لـ"الأونروا" فيليب لازاريني طالب في مقال نشرته صحيفة "نيويورك تايمز"، الجمعة، إسرائيل بوقف "حملتها" ضد الوكالة.
وكتب في المقال بعنوان "على إسرائيل وقف حملتها ضد (الأونروا)"، أن "الحرب في غزة تسبب ازدراءً فاضحاً بمهمة الأمم المتحدة بما في ذلك الهجمات الصارخة ضد الموظفين والمنشآت والعمليات" التي تقوم بها الوكالة.
وأضاف: "على هذه الهجمات أن تتوقف، وعلى العالم أن يتحرك لمحاسبة مرتكبيها".
وأشار إلى أنه "بينما أكتب هذه السطور، تحققت وكالتنا من أن ما لا يقل عن 192 من موظفيها قتلوا في غزة. وتعرضت أكثر من 170 منشأة تابعة لـ(الأونروا) للأضرار أو دمرت. وتم هدم مدارس تديرها (الأونروا). وقُتل 450 نازحاً أثناء لجوئهم في مدارس أو غيرها من مؤسسات (الأونروا)".
وعانت الوكالة الأممية التي تنسق غالبية المساعدات في غزة، من أزمة بعد أن اتهمت إسرائيل في يناير الماضي، 12 من موظفيها البالغ عددهم 13 ألفاً في غزة بالتورط في هجوم 7 أكتوبر.
وأدى الاتهام إلى تعليق عدد من الدول تمويل الوكالة بشكل مفاجئ، بينها الولايات المتحدة، الجهة المانحة الرئيسية، ما يهدد عملها في غزة، رغم أن دولاً عدة استأنفت التمويل لاحقاً.
"مضايقة وإهانة"
سلطت مراجعة مستقلة لعمل "الأونروا"، أشرفت عليها وزيرة الخارجية الفرنسية السابقة كاترين كولونا، الضوء على بعض "المشكلات المرتبطة بحياد" الوكالة، لكنها شددت على أن إسرائيل لم تقدم بعد أدلة على اتهاماتها.
تأسست الوكالة عام 1949، وتوظف حوالي 30 ألف شخص في الأراضي الفلسطينية والأردن ولبنان وسوريا.
ومنذ 7 أكتوبر الماضي "يتعرض موظفون في (الأونروا) للمضايقة والإهانة بشكل منتظم عند نقاط التفتيش الإسرائيلية في الضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية"، وفق لازاريني الذي أعرب عن أسفه؛ لأن مرافق تتبع للوكالة في قطاع غزة "تستخدمها القوات الإسرائيلية و(حماس) وفصائل فلسطينية أخرى لأغراض عسكرية".
وكانت وزارة الخارجية الإسرائيلية اتهمت في 14 مايو الماضي، "الأونروا" بأنها "ذراع لمنظمة (حماس)"، وهذا الأسبوع قدم بعض النواب الإسرائيليين مشروع قانون يهدف إلى حرمان "الأونروا" من امتيازاتها الدبلوماسية.
وأضاف لازاريني في مقاله أن "المسؤولين الإسرائيليين لا يهددون عمل موظفينا فحسب، بل يعملون أيضاً على نزع الشرعية عن (الأونروا) من خلال تصويرها كمنظمة إرهابية تروج للتطرف، ووصف قادة الأمم المتحدة بأنهم إرهابيون متواطئون مع (حماس)".