تبنى مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية في فيينا، الأربعاء، قراراً يدين إيران رسمياً بعدم تعاونها مع المنظمة على خلفية تكثيف برنامجها النووي، في خطوة وصفتها طهران بأنها "متسرعة وغير حكيمة".
وقال دبلوماسيون حضروا الاجتماع المغلق لمجلس محافظي الوكالة المؤلف من 35 دولة، إن "المجلس وافق على قرار يدعو إيران إلى تعزيز تعاونها مع الوكالة وإلغاء الحظر الذي فرضته في الآونة الأخيرة على دخول كبار المفتشين".
وأضاف الدبلوماسيون أن "المجلس وافق على المقترح بتأييد 20 دولة، ومعارضة اثنتين، وامتناع 12 دولة عن التصويت"، بحسب ما نقلته وكالة "رويترز".
وصوتت روسيا والصين ضد القرار الذي قدمته بريطانيا وفرنسا وألمانيا، بحسب وكالة "فرانس برس" التي أشارت إلى أنه يتضمن مزيداً من الانتقادات لإيران.
من جهتها، وصفت بعثة إيران للأمم المتحدة قرار مجلس محافظي الوكالة بأنه "متسرع وغير حكيم"، فيما شددت الدول الأوروبية الثلاث في بيان للمجلس عن القرار الذي تقدموا به على "ضرورة أن يُخضع المجلس طهران للمساءلة على التزاماتها القانونية أمر طال انتظاره كثيراً، كما يتعين عليها أن تعجل بتعاونها الكامل الذي لا لبس فيه مع الوكالة".
وفي هذا السياق، يأسف القرار مرة أخرى لعدم وجود "أجوبة تقنية ذات صدقية" تتصل بوجود آثار لليورانيوم من دون سبب في موقعين لم يعلن عنهما.
دعوة للتراجع
وأورد نص القرار الذي اطلعت عليه "فرانس برس"، أنه "من الضروري والمُلح" أن توضح طهران الوضع، وتسهل الوصول إلى لموقعين المعنيين. وفي هذا الصدد، قد يطلب من مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافاييل جروسي إعداد "تقرير كامل".
ودعا القرار إيران إلى أن "تتراجع عن سحب اعتماد" بعض مفتشي الوكالة الأكثر خبرة، مع إعادة وصل كاميرات المراقبة "بدون تأخير".
وقد يشكل القرار تمهيداً لنقل الخلاف إلى مجلس الأمن الدولي الذي يستطيع فرض عقوبات، لكن هذا الأمر نظري فقط، انطلاقاً من تقارب سُجل في الأعوام الأخيرة بين إيران، وكل من روسيا والصين، العضوين الدائمين في المجلس.
لكن وفق صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية، لم يذكر القرار أن إيران لم تمتثل بشكل رسمي بالتزاماتها، وهي خطوة كان من الممكن أن تدفع الأنشطة النووية لطهران إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة للحصول على رد دولي.
قلق أميركي وتحذير إيران
في بداية الأمر، عارضت الولايات المتحدة هذا الإجراء، كما هددت بالامتناع عن التصويت، لكنها خلال جلسة، الأربعاء، صوتت بالموافقة، بحسب ما ذكره دبلوماسيون أوروبيون لصحيفة "وول ستريت جورنال".
وأضاف الدبلوماسيون أن "الفريق الأميركي أكد صباح الأربعاء فقط، أنه سيدعم الإجراءات، ولن يمتنع عن التصويت"، فيما ذكرت "فرانس برس" أنه تم تعديل نص هذا القرار الذي سيكون له بُعد رمزي، بعد مفاوضات مكثفة مع الأميركيين الذين لم يؤيدوا في البداية تبني قرار جديد.
وتأتي معارضة إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن التي تأمل إعادة إرساء الهدوء في الشرق الأوسط للقرار، تأتي بسبب "خشيتها من تأجيج التوترات"، بحسب ما ذكرته مصادر لـ"فرانس برس".
وتأتي هذه الخطوة، رغم تحذيرات مسؤولين إيرانيين مؤخراً من إنهم سيتخذون خطوات جديدة لتعزيز برنامجهم النووي أو تقليل إشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية في حال تمت الموافقة على القرار.
وحذّر علي شمخاني، المستشار السياسي للمرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي، السبت الماضي، على منصة "إكس" من أنه إذا "تبنت بعض الدول الأوروبية المضلَّلة موقفاً عدائياً تجاه إيران في المجلس، فإنها ستواجه رداً جدياً وفعالاً من بلادنا".
وقال مسؤولون أوروبيون لـ"وول ستريت جورنال": "بعد التحذيرات الإيرانية المتكررة، أصبح من الضروري حالياً إصدار قرار إدانة من أجل حماية مصداقية نظام منع الانتشار النووي التابع للوكالة الدولية للطاقة الذرية".
وتعتبر الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن إيران الدولة الوحيدة غير الحائزة على السلاح النووي التي قامت بتخصيب اليورانيوم إلى مستوى مرتفع يبلغ 60%، بينما تواصل مراكمة مخزونات هذا المعدن المشع.
ومع تخصيب اليورانيوم بنسبة 60% صارت إيران أقرب إلى مستوى 90% اللازم لصنع القنبلة الذرية، وتجاوزت بكثير نسبة 3,67% المستخدمة في محطات توليد الكهرباء بالطاقة النووية.
ويعود آخر قرار يدين إيران أقره مجلس إدارة الوكالة الدولية إلى نوفمبر 2022، وقد دفع إيران إلى الإعلان عن تكثيف أنشطة تخصيب اليورانيوم.