مصدر روسي مطلع لـ"الشرق": الشراكة العسكرية والدفاعية بمقدمة مباحثات لافروف في غينا وتشاد والكونغو وبوركينا فاسو

التعاون العسكري والتقني على رأس أولويات روسيا في تحركات جديدة نحو إفريقيا

وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف يصل إلى مطار أويو وفي استقباله وزير خارجية الكونغو جان كلود جاكوسو. 3 يونيو 2024 - Reuters
وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف يصل إلى مطار أويو وفي استقباله وزير خارجية الكونغو جان كلود جاكوسو. 3 يونيو 2024 - Reuters
موسكو -أندريه كيرسانوف

بدأ وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، الاثنين الماضي، جولة شملت 4 دول إفريقية، هي غينيا، وتشاد، والكونغو، وبوركينا فاسو، لتعزيز التعاون مع إفريقيا، بمجالات عدة، جاء في مقدمتها "التعاون العسكري والدفاعي"، حسبما قال مصدر روسي مطلع رافق لافروف في تلك الجولة لـ"الشرق"، وذلك في وقت يشهد العالم ارتفاع حدة المنافسة على الاستثمار والنفوذ في بلدان القارة السمراء، من قبل القوى السياسية والاقتصادية الكبرى الصين والاتحاد الأوروبي، والولايات المتحدة.

واستهل لافروف جولته الإفريقية من غينيا، التي تحتضن حوالي 70% من احتياطيات البوكسيت (أكسيد الألومنيوم المائي) العالمية، وحوالي 6.6% من احتياطيات خام الحديد، كما زار وزير الخارجية الروسي بوركينا فاسو، في 4 يونيو الجاري.

ومن الواضح أن روسيا تسعى منذ عقد القمة الروسية الإفريقية الأخيرة في سان بطرسبرج، خلال الفترة من 27 إلى 28 يوليو الماضي 2023، إلى دفعة كبيرة في العلاقات القارة الإفريقية بدفعة جديدة، في جميع القطاعات، وتُعتبر بوركينا فاسو محطة مهمة لموسكو في هذه المساعي.

وتُشير بيانات دائرة الجمارك الفيدرالية الروسية، إلى أن صادرات روسيا إلى بوركينا فاسو في عام 2023 بلغت 5.687 مليون دولار، وتشمل المنتجات الغذائية، والمواد الخام الزراعية، والآلات والمعدات والمركبات، بينما بلغت الواردات 0.049 مليون دولار فقط، وتتركز في الأساس على المطاط.

وإضافة إلى ذلك، تتولى روسيا تدريب كوادر الدولة الواقعة في غرب إفريقيا في مجالات مختلفة. كما يتزايد عدد حصص مواطنيها في الجامعات الروسية.

ووصف فسيفولود سفيريدوف عضو مجلس الشؤون الدولية الروسي، الذي أسسه بوتين في عام 2010، زيارة للافروف بأنها "مهمة"، إذ أشار سفيريدوف في تصريحات لـ"الشرق"، إلى أن الزيارة تهدف إلى "تنسيق المواقف بشأن سياسة موسكو في المنطقة"، إلى جانب التعاون مع البلدان الإفريقية في مجالات الأمن الغذائي، وأمن الطاقة، وأمن المعلومات، ونقل المعرفة، والكفاءات، والتقنيات.

تطوير التعاون العسكري

وأفاد مصدر روسي مطلع رافق لافروف في جولته الإفريقية "الشرق"، بأن "التعاون العسكري والدفاعي والتقني" هو الملف الرئيسي في مباحثات الوزير الروسي مع الدول الأربع، حيث ستواصل روسيا العمل في هذا المسار.

وأضاف المصدر أن بوركينا فاسو وتشاد تشاركان حالياً مع وفودهما في فعاليات منتدى سان بطرسبرج الاقتصادي الدولي، إذ يترأس وزير الطاقة في بوركينا فاسو وفد بلاده، ومن المتوقع عقد لقاء مع شركة "روساتوم" الروسية العملاقة المتخصصة في مجال الطاقة النووية، على أن يتم التوصل إلى تفاهمات ثنائية إثر ذلك.

وفي 6 يونيو، أشارت وزارة الطاقة والتعدين في بوركينا فاسو، إلى أن شركة "روس جيولوجيا" للاستكشافات في مجال المعادن والمناجم تبدي اهتماماً بالعمل على أراضيها، وتجري استكشافات جيولوجية هناك.

كما لفت المصدر إلى أن تشاد أبرمت اتفاقيات مع روسيا في عدة مجالات اقتصادية.

وفي حين  أن هذه الجولة هي السادسة للافروف خلال عامين إلى القارة الإفريقية، تُعد زيارته إلى بوركينا فاسو وتشاد الأولى في تاريخ العلاقات بين روسيا وهذين البلدين.

وفي يوليو 2022 زار وزير الخارجية الروسي مصر وإثيوبيا وأوغندا و جمهورية الكونغو، وفي يناير 2023، توجه إلى جنوب إفريقيا، وإسواتيني، وأنجولا، وإريتريا، وفي فبراير من نفس العام زار مالي، وموريتانيا، والسودان، وبين نهاية مايو وبداية يونيو، زار كينيا، وبوروندي، وموزمبيق، وجنوب إفريقيا، لكن آخر جولة للوزير إلى إفريقيا كانت في أغسطس 2023، حيث حضر قمة مجموعة "بريكس" في جنوب إفريقيا.

ورأى سيرجي شيخيتوف المدير العام لشركة Afrikaresearch الاستشارية المتخصصة في دراسة أسواق إفريقيا ودول الجنوب العالمي، أن اختيار لافروف زيارة هذه الدول لم يكن من باب الصدفة.

وأضاف شيخيتوف لـ"الشرق": "تكمن أهمية هذه المنطقة في أنها تقع قرب منطقة الساحل، حيث حققت السياسة الروسية نجاحات واضحة، بدأت قبل حوالي 5 سنوات في جمهورية إفريقيا الوسطى، عندما ساعد المدربون العسكريون الروس وشركات مثل (فاجنر) في استعادة النظام وهزيمة المتمردين، ثم سرعان ما انتشرت روسيا في البلدان المجاورة، مثل مالي، وبوركينا فاسو، وتشاد التي شهدت علاقاتها مع روسيا تطوراً وتقارباً ملحوظاً".

وتابع: "التعاون العسكري الناجح بين روسيا وبعض البلدان الإفريقية دفع دول أخرى إلى التطلع لتعاون مشابه".

لكن شيخيتوف اعتبر أنه "على روسيا عدم رفع سقف توقعاتها وآمالها كثيراً من هذا التعاون، إذ تحاول وسائل الإعلام الروسية إقناع الناس أن موسكو اكتسبت حلفاءً أقوياء في المنطقة، لكن هذا لا يعني أن هذه الدول ستعتمد فقط على روسيا، لأنها تريد التعاون مع دول أخرى أيضاً، ما يسهم في تدفق الأموال إلى اقتصاداتها".

وهكذا، لا يعتقد شيخيتوف أن موسكو ستحصل على عوائد اقتصادية كبيرة من التعاون مع هذه الدول الإفريقية، بل سيحدث العكس هو أن "الاستثمارات الروسية ستتدفق إلى تلك الاقتصادات".

تصنيفات

قصص قد تهمك