"مجزرة النصيرات" تلقي بظلالها على جهود التهدئة و"حماس" ترجئ ردها على مقترح بايدن

فلسطينيون يتفقدون حطام المنازل غداة عملية عسكرية نفذتها قوات خاصة إسرائيلية في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة. 9 يونيو 2024 - AFP
فلسطينيون يتفقدون حطام المنازل غداة عملية عسكرية نفذتها قوات خاصة إسرائيلية في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة. 9 يونيو 2024 - AFP
رام الله -محمد دراغمة

ألقت العملية الإسرائيلية في مخيم النصيرات، الأحد، التي قتل فيها الجيش 274 فلسطينياً أثناء قيامه بتخليص 4 محتجزين، الكثير من الشكوك على فرص نجاح المساعي الأميركية في الوصول إلى اتفاق لتبادل الأسرى ووقف الحرب، في وقت أرجأت فيه حركة "حماس" تسليم ردها للوسطاء بعد وقوع ما وصفته بالمجزرة في المخيم متهمة الإدارة الأميركية بمساعدة إسرائيل في ارتكابها.

وتزامنت العملية الإسرائيلية في "النصيرات" مع جولة جديدة لوزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في المنطقة، تبدأ الاثنين، وتشمل إسرائيل ومصر وقطر والأردن، للبحث عن حل يتيح إطلاق عملية تبادل تقود إلى وقف الحرب.

مرحلة جديدة من الجهود الأميركية

وبدأت المرحلة الجديدة من الجهود الأميركية بخطاب للرئيس الأميركي جو بايدن مطلع الشهر الجاري، حدد فيه خريطة طريق لإنهاء الحرب، وتبادل المحتجزين والأسرى.

ولقي خطاب بايدن ترحيباً من حركة "حماس"، ما أثار التفاؤل بإمكانية التوصل إلى اتفاق على أساسه، رغم أنه لقي اعتراضاً من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي وصفه بأنه "لا يشكل أساساً" للبدء في عملية تفاوضية.

وأكد نتنياهو تمسكه بورقة إسرائيلية، قُدمت للوسطاء في وقت سابق تختلف في بعض جوانبها عما جاء في خطاب بايدن.

وقالت مصادر دبلوماسية لـ"الشرق"، إن جولة بلينكن هدفت للبحث عن تفاهمات تعيد إطلاق العملية التفاوضية. وأضافت المصادر ذاتها أن فرص نجاح بلينكن في مسعاه كانت مرتفعة، لكن العملية الإسرائيلية وضعت عراقيل جدية أمام مسعاه.

وأعدت حركة "حماس" رداً مكتوباً على خطاب بايدن والورقة الإسرائيلية، كان من المقرر أن تسلمه للوسطاء، السبت، لكنها امتنعت عن ذلك بعد وقوع الهجوم الإسرائيلي على مخيم النصيرات. 

وعبر مسؤول في الحركة عن غضبه الشديد من الدور الأميركي في هذه العملية. وقال الناطق باسم مكتب الإعلام الحكومي في غزة إسماعيل ثوابته في مؤتمر صحافي، الأحد، إن "الإدارة الأميركية منخرطة في هذه الجريمة"، مشيراً إلى الأنباء التي تحدثت عن "دعم لوجستي واستخباري" أميركي للجيش الإسرائيلي للقيام بهذه العملية.

رد "حماس"

وكشفت مصادر مطلعة لـ"الشرق"، أن حركة "حماس" طالبت، في الرد المكتوب الذي كان من المقرر أن يُسلّم للوسطاء، "بنص واضح بشأن الوقف التام للحرب، والانسحاب الإسرائيلي من كامل قطاع غزة، في نهاية العملية التفاوضية، وترابط المراحل التفاوضية بحيث لا تستأنف إسرائيل الحرب بعد المرحلة الأولى، ورفع الحصار، وعدم التحفظ على أي من الأسرى الفلسطينيين".

وقالت المصادر إن الورقة التي تسلّمتها الحركة من الوسطاء، في وقت سابق، وقيل لها بأنها ورقة إسرائيلية، حملت عنوان "المبادئ الأساسية للاتفاق على تبادل المحتجزين والأسرى وعودة الهدوء المستدام". 

وأشارت المصادر إلى أن هذه الورقة هي "مقترح إطاري يتطلّب الاتفاق على تفاصيله عملية تفاوضية قد تطول".

3 مراحل

وحسب ذات المصادر، تضمنت الورقة 3 مراحل، مدة كل مرحلة 6 أسابيع، قسمت المحتجزين الإسرائيليين إلى قسمين، يتم إطلاق سراحهم في المرحلتين الأولى والثانية، مقابل عدد من الأسرى الفلسطينيين، يجري الاتفاق عليه أثناء المفاوضات غير المباشرة التي ستجري بين "حماس" وإسرائيل.

ونصت الورقة في ديباجتها على أن هدف العملية، إلى جانب تبادل المحتجزين والأسرى، هو "عودة الهدوء المستدام بما يحقق وقفاً دائماً لإطلاق النار".

ووفقاً لمسؤولين في "حماس"، فإن هذا التعبير يتسم بالمرونة، التي قد تسمح لإسرائيل بالعودة إلى الحرب، بعد الحصول على المحتجزين.

خلاف بين الورقة الإسرائيلية وخطة بايدن

وقالت المصادر إن بعض نصوص الورقة، التي تسلّمتها الحركة يختلف عما جاء في خطاب الرئيس بايدن، مشيرة إلى أن خطاب الأخير نص على "الوقف التام لإطلاق النار"، بينما نصت الورقة على الوقف المؤقت للعمليات العسكرية في المرحلة الأولى، على أن تبدأ المرحلة الثانية بإعلان "الهدوء المستدام".

وقبلت الورقة مطلب "حماس"، بأن لا يجري إطلاق سراح الدفعة الثانية من المحتجزين الإسرائيليين، التي تضم الجنود والرجال إلا بعد إعلان "الهدوء المستدام".

ترابط المراحل

ونص خطاب بايدن على ترابط المراحل التفاوضية، بحيث لا يجري استئناف الحرب طالما أن المفاوضات مستمرة، لكن الورقة الإسرائيلية خلت من نص واضح يدل على هذا الترابط.

واستجابت الورقة لمطالب "حماس" بالانسحاب الإسرائيلي التام والكامل من قطاع غزة بعد إتمام عملية التبادل في المرحلة الثانية. لكن الحركة تطالب في ردها ببند واضح ينص على مواصلة وقف إطلاق النار طالما أن المفاوضات مستمرة.

وقالت المصادر إن الحركة تخشى من أن تستأنف إسرائيل حربها على قطاع غزة فور انتهاء المرحلة الأولى، التي سيجري فيها إطلاق سراح الشريحة الأكثر ضعفاً من المحتجزين الإسرائيليين، التي تضم النساء، والرجال فوق سن الخمسين، والفتية تحت سن التاسعة عشرة، والمرضى والجرحى.

وطالبت "حماس" في ردها بأن لا يحق لإسرائيل الاعتراض على أي أسير تطالب حركة "حماس" بإطلاق سراحه في عملية التبادل.

الانسحاب

ونصت الوثيقة على انسحاب تدريجي للجيش الإسرائيلي من قطاع غزة، يبدأ في اليوم السابع من المرحلة الأولى من شارع "الرشيد" إلى شارع صلاح الدين، والسماح بعودة النازحين إلى مناطق سكنهم في شمال القطاع عبر هذا الطريق.

ونصت على أن يجري فتح شارع "الرشيد" بعد إطلاق سراح دفعة أولى من النساء الإسرائيليات، تضم 7 نساء.

وفي اليوم الثاني والعشرين من بدء المرحلة الأولى، تنسحب القوات الإسرائيلية من شارع "صلاح الدين" إلى جهة الشرق، بمحاذاة الحدود، حيث يُسمح للنازحين بالعودة إلى بيوتهم عبر هذا الطريق الرئيسي الحيوي، الذي يربط كامل مناطق قطاع غزة من الشمال إلى الجنوب.

المرحلة الثانية الحاسمة

ونصت الورقة على أن تبدأ المفاوضات غير المباشرة بين الجانبين بشأن المرحلة الثانية في اليوم السادس عشر من المرحلة الأولى.

لكنها نصت على أن إسرائيل ستستأنف العمليات العسكرية في حال قامت "حماس" باستئناف "العمليات العدائية". 

وقالت المصادر إن إسرائيل يمكنها أن تفسر أي نشاط للحركة على أنه استئناف للعمليات العدائية، لتستخدمه مبرراً في العودة إلى الحرب قبل إتمام المرحلة الثانية، التي يقود نجاحها إلى الهدوء المستدام.

المرحلة الثالثة

وفي المرحلة الثالثة والأخيرة، التي يجري خلالها تبادل جثامين ورفات الضحايا من الجانبين، يجري فتح المعابر والحدود وتسهيل حركة الأفراد والسلع، وفق نص الورقة الإسرائيلية.

وتطالب "حماس" بنص واضح بشأن رفع الحصار في هذه المرحلة.

تسليم رد "حماس"

وليس معروفاً إذا ما كانت "حماس" ستُسلّم ردها للوسطاء في الأيام المقبلة، أم ستظل ممتنعة احتجاجاً على الدور الأميركي في العملية الإسرائيلية في النصيرات. 

لكن مراقبين لا يرون خياراً آخر غير ذلك خشية تحميلها المسؤولية عن فشل الجهود، ولحاجتها إلى أي جهد قد يؤدي إلى وقف الحرب، التي تحصد أرواح أعداداً كبيرة يومياً من الفلسطينيين.

"مجزرة النصيرات"

وأعلنت وزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة، الأحد، ارتفاع حصيلة المجزرة الإسرائيلية في مخيم النصيرات، السبت، إلى 274 ضحية، و698 إصابة بينهم حالات حرجة.

كان الجيش الإسرائيلي أعلن، السبت، أن "عملية مركبة للجيش وجهاز الأمن الداخلي (الشاباك) والشرطة (الوحدة الشرطية الخاصة)، تمكنت من تحرير 4 محتجزين، هم نوعا أرغماني (25 عاماً)، وألموغ مئير (21 عاماً)، وأندري كوزلوف (27 عاماً)، وشلومي زيف (40 عاماً)، الذين اختطفتهم حركة "حماس" من حفل نوفا في 7 أكتوبر".

وتعتقد السلطات الإسرائيلية أن الفصائل الفلسطينية، ما زالت تحتجز نحو 120 شخصاً، أعلنت وفاة 43 منهم. ومن بين الناجين نساء أطفال ورجلين في الثمانينيات من العمر.

وأودت الحرب الإسرائيلية المستمرة على قطاع غزة منذ أكثر من 8 أشهر بحياة أكثر من 36 ألفاً و800 فلسطيني، وفقاً لمسؤولي الصحة الفلسطينية في القطاع.

تصنيفات

قصص قد تهمك