رحبت كل من إسرائيل وحركة "حماس" بقرار مجلس الأمن الدولي الداعي الى وقف إطلاق النار في قطاع غزة، والتطبيق غير المشروط للخطة التي أعلنها الرئيس الأميركي جو بايدن نهاية مايو الماضي، ولكن هناك خلافات "جوهرية" ظهرت في تصريحات المسؤولين من الجانبين بشأن تفسير القرار الأممي.
فالجانب الإسرائيلي، صدرت منه تصريحات عن مسؤولين، نقلاً عن تصريح منسوب لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لوسائل إعلام، جاء فيه، أن "إسرائيل لن تنهي الحرب قبل تحقيق جميع أهدافها المتمثلة في: القضاء على القدرات العسكرية والحكومية لحماس، استعادة جميع المختطفين، والتأكد من أن غزة لن تشكل تهديداً لإسرائيل". وأضاف التصريح أن "المخطط الذي حمله القرار يتيح لإسرائيل الوقوف على هذه الشروط، وستقوم بذلك بالفعل".
في المقابل، قالت "حماس" إنها مُستعدة لتطبيق القرار، لكنها لا ترى في التفسير الإسرائيلي ما يبعث على التفاؤل، إذ ذكر القيادي في الحركة أسامة حمدان، أن القرار "يؤكد على وقف دائم للقتال وانسحاب الاحتلال من القطاع"، لكن هذا القرار "لن يأخذ مجراه على أرض الواقع ما لم يوافق عليه الاحتلال".
وأضاف حمدان، في تصريحات صحافية، أن "حماس تطالب بوقف دائم لإطلاق النار، وهي مستعدة لصفقة عادلة لتبادل الأسرى"، متسائلاً عن مدى استعداد إسرائيل للتوصل الى اتفاق على هذا الأساس الذي وضعه القرار الدولي.
وتبنى مجلس الأمن الدولي، الاثنين، قراراً صاغته الولايات المتحدة يدعم مقترحاً طرحه بايدن لوقف إطلاق النار في غزة، والذي قال إن "إسرائيل قبلت به"، في حين طالب المجلس "حماس" بـ"قبوله"، حاثاً الطرفين على "تطبيق بنوده بشكل كامل بدون تأخير أو شروط".
ويدعو القرار الذي وافق عليه مجلس الأمن الدولي بالأغلبية، إلى "وقف إطلاق نار دائم، والانسحاب التام من غزة، وتبادل الأسرى، وإعادة الإعمار، وعودة النازحين، ورفض أي تغيير ديمغرافي للقطاع".
ونص القرار على ترابط المراحل الثلاث من الهدنة، وتبادل الأسرى التي حددتها "خطة بايدن"، حيث جاء فيه: "إذا استغرقت المفاوضات أكثر من 6 أسابيع في المرحلة الأولى، فإن وقف إطلاق النار سيستمر طالما استمرت المفاوضات".
ودعا القرار إسرائيل و"حماس" إلى "التطبيق الكامل لشروطه بدون تأخير ودون شروط".
مخاوف "حماس"
حركة "حماس" أكدت، في بيان، استعدادها للتعاون مع الوسطاء للدخول في مفاوضات غير مباشرة بشأن تطبيق هذه المبادئ. لكن المسؤولين في الحركة لا يخفون شكوكهم العميقة من قيام إسرائيل بوضع شروط تفشل هذه المفاوضات.
وقال مسؤول رفيع في الحركة لـ"الشرق"، إن "إسرائيل لا تخفي نواياها مواصلة الحرب، وكل ما تريده هو استعادة الأسرى والمحتجزين الإسرائيليين، دون أي تعهد بوقف الحرب والانسحاب التام من قطاع غزة".
وأضاف: "الكل في إسرائيل يتحدث عن إصرار نتنياهو على مواصلة الحرب لأغراض سياسية تتعلق ببقاء ائتلافه الحاكم الذي يرتكز على مجموعات وأحزاب كاهانية (أيديولوجية اليمين المتطرف اليهودي التي أنشأها الحاخام مائير كاهانا)، تعلن نهاراً جهاراً أنها تريد القضاء على الشعب الفلسطيني، والاستيطان في غزة وضمها مع الضفة الغربية، وعليه فإنه سيجد دائماً الأسباب التي يبرر فيها مواصلة الحرب".
"إنقاذ إسرائيل من الغرق"
ويرى مراقبون أن الإدارة الأميركية، تسعى إلى وقف الحرب بهدف "إنقاذ إسرائيل من الغرق" في حرب استنزاف طويلة في قطاع غزة تتسبب بمأساة إنسانية مفتوحة لسكان القطاع لا يقبلها العالم ولا يحتملها.
ونقل الوسطاء تعهدات شخصية من الرئيس جو بايدن، إلى حركة "حماس" بأنه سيعمل على تحويل المراحل الثلاث للهدنة، ومدتها أربعة شهور ونصف الشهر، إلى وقف إطلاق نار دائم.
لكن المسؤولين في الحركة يخشون أن تعمل إسرائيل على إعاقة التوصل إلى اتفاق من خلال وضع تحفظات على عدد من الأسرى الفلسطينيين الذين تطالب "حماس" بإطلاق سراحهم مقابل المحتجزين والأسرى الإسرائيليين، وخلق ذرائع لمواصلة شن هجمات مسلحة على غزة تحت تفسيرات مختلفة مثل أن الحركة تعيد بناء قدراتها وأنشطتها العسكرية وغيرها.
وقال المسؤول في "حماس": "لهذه الأسباب نطالب بضمانات أميركية بالتزام إسرائيل، وقبل ذلك نطالب بنصوص واضحة في الاتفاق بشأن وقف الحرب والانسحاب ورفع الحصار".
ورحبت "حماس"، في وقت سابق، الثلاثاء، بقرار مجلس الأمن بشأن وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وأبدت استعدادها للتفاوض "حول تفاصيل التنفيذ"، فيما اعتبرت واشنطن، على لسان وزير الخارجية أنتوني بلينكن، ترحيب الحركة بالقرار الأممي "بادرة تبعث على الأمل"، مشيراً إلى أن "الحديث القادم من قيادة حماس داخل غزة هو الأهم".
وأوضح سامي أبو زهري، رئيس الدائرة السياسية لـ"حماس" في الخارج، في تصريحات لوكالة "رويترز"، أن الحركة قبلت قرار مجلس الأمن بشأن وقف إطلاق النار والانسحاب وتبادل الأسرى وجاهزة للتفاوض حول التفاصيل.
وتبادلت "حماس" وواشنطن الاتهامات بشأن "عرقلة" اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، بعدما دعا وزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن قبيل مغادرته القاهرة إلى الضغط على الحركة للموافقة على مقترح الرئيس جو بايدن، محملاً "حماس" مسؤولية "عرقلة" الهدنة، بينما اتهمت الحركة، بلينكن بـ"الانحياز لإسرائيل"، معتبرة أن واشنطن هي "العقبة في سبيل التوصل لاتفاق".