مسؤولون بالبنتاجون: عملية الإنشاء كانت سريعة.. والطقس وصعوبات لوجستية تعيق عمله

شكوك بشأن استمرار رصيف المساعدات الأميركي أمام غزة

جنود أميركيون وبحارة مكلفين ببناء رصيف غزة العائم على ساحل القطاع غزة. 16 مايو 2024 - AFP
جنود أميركيون وبحارة مكلفين ببناء رصيف غزة العائم على ساحل القطاع غزة. 16 مايو 2024 - AFP
دبي -الشرق

أثارت "صعوبات لوجستية وأحوال الطقس" أمام سواحل غزة، شكوكاً بشأن إمكانية استمرار رصيف المساعدات الأميركي أمام سواحل القطاع، إذ قال مسؤولون أميركيون، إن وزارة الدفاع "البنتاجون" لم تكن على علم بخطة الرئيس الأميركي جو بايدن بشأن إنشاء رصيف بحري عائم لإمداد قطاع غزة بالمساعدات الغذائية والإنسانية، إلا قبل أيام من خطاب "حالة الاتحاد" مارس الماضي، ما دفع إلى إقامته بشكل عاجل.

وتم إنشاء الرصيف، الذي بلغت كلفته 320 مليون دولار، في خضم تقدم إسرائيل عسكرياً في مدينة رفح وإغلاق المعبرين الحدوديين الجنوبيين اللذين كانا يمدان قطاع غزة بمعظم المساعدات، إذ كان الهدف من إنشاؤه بين قبرص وغزة، واستمرار حملة الإنزال الجوي، استكمال عمليات التسليم البري، التي تعتبر أقل كلفة وأكثر فعالية.

ولكن الرصيف الذي تم إنشاؤه "على عجل" لم يكن مصمماً للتعامل مع مياه البحر المتوسط الهائجة، التي يُتوقع أن يرتفع منسوبها خلال الصيف، كما ثبت أن لوجستيات تسليم المساعدات من الرصيف إلى سكان غزة تمثل "عملاً بالغ الصعوبة"، وفق ما أوردته صحيفة "وول ستريت جورنال". 

ففي أواخر الشهر الماضي، تداعى هذا الهيكل العائم بعد 10 أيام فقط من تشغيله، ما وصفه مسؤولو الدفاع، بأنه "أمر حتمي"، فيما توقفت بعض المنظمات الإنسانية عن وضع خطط طويلة المدى بشأن الاستفادة منه.

وبعد أسبوع من الإصلاحات، عاد الرصيف إلى سابق وضعه، السبت الماضي، ليتم إغلاقه مرة أخرى، الأحد، بسبب المياه الهائجة، وفقاً لما أعلنه البنتاجون، قبل أن يُعاد فتحه الثلاثاء.

ويعكس تشغيل الرصيف وانهياره شبه الكامل، المساعي التي تبذلها إدارة بايدن في التعامل مع الوضع الإنساني المتدهور في غزة، وفقاً لـ"وول ستريت جورنال".

فبعد مضي 3 أشهر من إعلان الرئيس الأميركي إنشاء الرصيف خلال خطابه عن حالة الاتحاد، لم تتدفق عبر الرصيف مساعدات كافية لدعم غزة سوى لأيام معدودات، وهو جزء ضئيل مما يلزم لتلبية الاحتياجات الأساسية لأكثر من مليوني مدني يواجهون شبح المجاعة.

عمل سريع وتصوّر شاق

وأوضح مسؤولو البنتاجون، أن العمل على تشييد الرصيف بدأ "بشكل سريع"، إذ سرعان ما غادر نحو ألف جندي شواطئ فرجينيا في سفن تحمل أجزاءً من الرصيف، وحتى في ذلك الوقت، قال مسؤولو الدفاع إنهم لم يكونوا على علم بجوانب كثيرة من الخطة، بينها مكان إجراء عمليات التفتيش على المساعدات.  

ولفتوا إلى أن "التصور كان شاقاً، حيث احتاج الجيش الأميركي إلى تجميع الرصيف على مسافة عدة أميال قبالة ساحل غزة، واستخدم سفن الدعم لنقل المساعدات من الهيكل إلى جسر عائم بطول 1800 قدم يؤدي إلى الشاطئ.  

وقال نظام التوجيه العسكري الأميركي عن الرصيف، المعروف باسم مشروع "الخدمات اللوجستية المشتركة عبر الشاطئ" JLOTS، إن استخدام الرصيف "يعتمد على الطقس، وإنه لا يمكن تشغيله في ظروف تتجاوز حالة البحر عند المستوى الثالث أو أمواج قصيرة ومعتدلة".

وغالباً ما يكون البحر المتوسط في الحالة البحرية عند المستوى الرابع، إذ ساورت الشكوك بعض مسؤولي الدفاع أيضاً بشأن مدى جودة التنسيق بين الجيشين الأميركي والإسرائيلي والحكومة القبرصية، والوكالة الأميركية للتنمية الدولية وغيرهم، خاصة أثناء الحرب وتحت وطأة هذا الجدول الزمني القصير.  

ولم تتم تسوية التفاصيل الأساسية بشكل كامل، قبل أيام من إنشاء الرصيف، بما في ذلك كيفية ضمان تدفق المساعدات إلى قبرص بشكل منتظم، لذلك سعت بعض المنظمات الخاصة، مثل Fogbow، وهي شركة أمن أميركية خاصة، اشترت نحو 1100 منصة تحميل مساعدات إلى غزة، إلى الحصول على موافقات لإدخال المساعدات عبر الرصيف الأميركي. ولم تحصل الشركة على تصريح حتى الآن.  

في حين، اختارت منظمات إغاثية أخرى، مثل "وورلد سنترال كيتشن"، الذي أسسه خوسيه أندريس، بناء رصيفهم الخاص قبالة شاطئ غزة لتوصيل المساعدات.  

وتم تجهيز الرصيف العسكري الأميركي في منتصف مايو الماضي، ولكن الطقس ألحق أضراراً جسيمة بالمبنى، ما أدى إلى إصابة 3 جنود أميركيين، أحدهم في حالة خطيرة، ولكن الرصيف كان لا يزال قيد العمل.  

وبعد أيام قليلة، تحطمت أجزاء من الرصيف وأعلن البنتاجون أن الممر البحري تعرض لأضرار تجعله غير صالح للاستخدام، فيما نقل الجيش الأميركي الرصيف إلى ميناء أسدود الإسرائيلي لإجراء الإصلاحات اللازمة.  

شكوك بشأن الاستمرارية

في إلإطار، قال ميكي بيليج، المدير العام لشركة الشحن القبرصية EDT Offshore، والتي تمتلك سفناً تم التعاقد معها، إلى جانب شركة Fogbow: "نعرف الطقس، ونعرف إيقاع الموج والرياح في أي وقت من العام، وكان بإمكاننا أن نقول إن الأمر لن ينجح".  

وفي 7 يونيو الجاري، أعلن البنتاجون إعادة فتح الرصيف بعد أن تم إصلاحه، إذ قال براد كوبر، نائب قائد القيادة المركزية الأميركية، للصحافيين إن "المشكلات المتعلقة بالرصيف جاءت فقط من الطقس غير المتوقع". 

وبدأ نقل المساعدات مرة أخرى من قبرص إلى غزة، السبت، وقالت القيادة المركزية الأميركية إنه تم تسليم نحو 1.1 مليون رطل من المساعدات الإنسانية إلى غزة عبر الرصيف.  

بدوره، قال برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة WFP، الأحد، إنه أوقف تسليم المساعدات من الرصيف مؤقتاً بعد إصابة اثنين من مستودعاته بصواريخ. 

وقالت مديرة برنامج الأغذية العالمي، سيندي ماكين، في تصريحات لبرنامج  Face the Nation: "أشعر بالقلق بشأن سلامة موظفينا بعد حادث الأمس الذي وقع في غزة".

وقال مسؤولون أميركيون إن المطبخ المركزي العالمي، الذي كان يعتمد على رصيفه الخاص، قام بنقل موظفيه إلى خارج قبرص منذ نحو شهر، بعد سقوط 7 من موظفيه في غزة في غارة إسرائيلية.  

بدورها، أفادت الوكالة الأميركية للتنمية الدولية USAID، المزود الرئيس بالمساعدات التي يتم إرسالها عبر الممر البحري، إنها تخطط لمواصلة تأمين الإمدادات لتسليمها من قبرص.

ورغم أن البنتاجون خصص ما يكفي من المال لسداد ثمن استقبال الرصيف للمساعدات لمدة 3 أشهر، قال المطلعون على عملياته إنهم "لا يتوقعون استمرار العمل طوال هذه المدة، على الأقل من دون إجراء العديد من الإصلاحات".

وحال تم إغلاق الرصيف بشكل دائم، فقد ينتهي المطاف بالمساعدات بتسليمها عبر البحر إلى ميناء أسدود في إسرائيل، وإرسالها بعد ذلك على طول الطرق البرية التي كان من المفترض أن يتجاوزها الرصيف البحري.  

تصنيفات

قصص قد تهمك