"مقامرة ماكرون" الانتخابية تعيد "كابوس بريكست" إلى الواجهة وتهدد اليورو باضطرابات مالية

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يصل إلى قلعة سوابي في برانديسي بإيطاليا لحضور عشان زعماء قمة السبع. 13 يونيو 2024 - Reuters
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يصل إلى قلعة سوابي في برانديسي بإيطاليا لحضور عشان زعماء قمة السبع. 13 يونيو 2024 - Reuters
دبي-الشرق

تشكل الأزمة الشاملة التي خلفتها دعوة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لإجراء انتخابات مبكرة دون استعداد حزبه، تهديداً حقيقياً للاتحاد الأوروبي، لأنها ستضرب قلب منطقة "اليورو"، وهو ما قد يعيد تداعيات خروج بريطانيا من الكتلة إلى الواجهة، وفق ما أفادت "بلومبرغ".

وأعاد قرار ماكرون بالدعوة إلى انتخابات مبكرة في فرنسا، ذكريات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (بريكست)، حينما دعا رئيس وزراء بريطانيا حينها ديفيد كاميرون، إلى إجراء استفتاء على عضوية بلاده في الاتحاد الأوروبي في عام 2016 وخسره.

وقالت "بلومبرغ" إن "ماكرون يشبه كاميرون، فكلاهما كانا واثقين من نفسيهما عندما أعلنا عن إجراء تصويت مخفوف بالمخاطر وغير ضروري، مراهنين على أنه سيحل مشاكلهما الداخلية، حتى أن فريق الرئيس الفرنسي كان يردد عناصر من خطاب كاميرون في الأسبوع الأول من الحملة".

وتوقع وزير المالية برونو لومير حدوث أزمة مالية إذا تمكن حزب مارين لوبان اليميني المتطرف من تنفيذ برنامجه. 

وأمضى المسؤولون في الاتحاد الأوروبي معظم العقد الماضي في التعامل مع تداعيات التصويت في بريطانيا، لكن الأزمة الشاملة في فرنسا يمكن أن تشكل في نهاية المطاف تهديداً أكثر خطورة للكتلة، لأنها ستضرب قلب منطقة اليورو.

تداعيات في الأسواق

وقال أحد الدبلوماسيين إن المخاطر في فرنسا هي الموضوع الأول في كل محادثة في بروكسل في الوقت الحالي.

ويتردد صدى هذه المخاوف أيضاً في الأسواق المالية، إذ سجلت العلاوة التي يطالب بها المستثمرون لامتلاك سندات الحكومة الفرنسية لمدة 10 سنوات أكبر قفزة أسبوعية على الإطلاق، بينما خسرت الأسهم الفرنسية حوالي 210 مليار دولار من القيمة السوقية خلال نفس الفترة.

وتسبب تصويت بريطانيا لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي في هزات مالية استمرت لسنوات، حيث طالب المستثمرون بما يسمى علاوة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي للاحتفاظ بالأصول في المملكة المتحدة.

وتشير "بلومبرغ إيكونوميكس"، إلى أن الأسواق الأوروبية والدولية أظهرت بالفعل حساسية تجاه الوضع السياسي في فرنسا، وهو ما يساهم في التأثير في معنويات المستثمرين، كما أن هناك خطراً واضحاً من أن تتسع الفروق بشكل أكبر إذا أدت الانتخابات إلى تغيير كبير في اتجاه السياسة.

ولا يعتقد فريق حملة ماكرون أن الدروس المستفادة من خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي تنطبق عليهم، وفقاً لشخص مطلع على مناقشاتهم. وأضاف أنهم يعتقدون بدلاً من ذلك أن التركيز على المخاطر الاقتصادية لمشروع اليمين المتطرف هو السبيل لتعزيز دعمهم، معتبرين أن عمليات البيع في السوق هي دليل واضح على المخاطر.

اضطرابات في منطقة اليورو

وتثير الاضطرابات في السوق أيضاً ذكريات غير سارة لأزمة منطقة اليورو التي شهدت استهداف أعضاء منفردين مثل إيرلندا وإسبانيا، وقبلهم اليونان، من قبل مستثمري السندات بسبب أوضاعهم المالية العامة غير المستقرة.

وقد تكون إيطاليا، الدولة الأكثر مديونية في الاتحاد الأوروبي بعد اليونان، الدولة التالية التي تخضع للتدقيق إذا بدأ المستثمرون في تقليص حيازاتهم من سندات الحكومات الأوروبية. كما قفزت علاوة المخاطرة على الديون الإيطالية هذا الأسبوع نتيجة للمشاكل في فرنسا.

وقال أحد المسؤولين الإيطاليين إن صناع السياسة في روما يراقبون الوضع بقلق، وإذا استمرت عمليات البيع الفرنسية، فقد يختبر ذلك مدى استعداد البنك المركزي الأوروبي للتدخل.

وحتى الآن، لا يرى مسؤولو البنك المركزي الأوروبي أي سبب للقلق ولم يناقشوا إمكانية حدوث ذلك، مستخدمين أدواتهم في الأزمات، بحسب أشخاص مطلعين على سير المناقشات.

كما شعر زعماء العالم في قمة مجموعة السبع في إيطاليا بالحيرة من قرار ماكرون، إذ شكك الدبلوماسيون في منطق المسار الذي وصفوه بأنه "محفوف بالمخاطر بلا داع".

وستخضع فرنسا لمزيد من التدقيق الأسبوع المقبل حيث من المتوقع أن تتم مناقشة الاضطرابات السياسية في البلاد في عشاء زعماء الاتحاد الأوروبي الاثنين، وفقاً لأشخاص مطلعين على الموضوع.

وسيسعى زملاؤه من زعماء الاتحاد الأوروبي إلى الحصول على توضيحات من ماكرون بشأن الكيفية التي يعتزم بها استعادة السيطرة وخفض عجز الميزانية أيضاً.

ومن المتوقع أن تبدأ المفوضية الأوروبية عملية توجيه اللوم رسمياً لفرنسا بسبب عجز ميزانيتها الأربعاء، وهي خطوة من المرجح أن تؤدي إلى تفاقم التوترات في البلاد، حيث سعى منافسو ماكرون من اليمين واليسار إلى استغلال إحباط الناخبين من الأزمة.

ولم يقدم فريق لوبان بعد التفاصيل الكاملة لبرنامجها الاقتصادي لكنه قال إنها ستخفض ضرائب المبيعات على الوقود والطاقة بتكلفة تبلغ نحو 20 مليار يورو (21 مليار دولار).

تصنيفات

قصص قد تهمك