"العيوب الشخصية" أبرز استراتيجيات بايدن وترمب بأولى مناظرات السباق الرئاسي

صورة مركبة للرئيس الأميركي جو بايدن وسلفه دونالد ترمب. - AFP
صورة مركبة للرئيس الأميركي جو بايدن وسلفه دونالد ترمب. - AFP
دبي -الشرق

في المناظرة الأكثر أهمية منذ سنوات للحزب الديمقراطي، يستغل فريق حملة الرئيس الأميركي جو بايدن هذه الفرصة لإظهار الفرق بين "الشخصية والسياسة"، وهو الفرق الذي سيحدد نتيجة الانتخابات الرئاسية في نوفمبر المقبل، إذا ما أدركه الناخبون.

وتقول شبكة CNN، التي تستضيف المناظرة الاستثنائية بين مرشحي الرئاسة الأميركية، مساء الخميس، إن هذه المقاربة تجسد الاستراتيجية طويلة الأمد لبايدن، والتي تقوم على فكرة أنه "لا يحتاج إلى أن يكون مشهوراً، بل فقط أكثر قبولاً من الطرف الآخر"، والذي هو في هذه الحالة، الرئيس السابق دونالد ترمب.

ومن المعلوم أن معدلات القبول التي تظهرها استطلاعات الرأي، متراجعة على الدوام في حالة الرئيس بايدن، الذي كافح طوال ولايته الرئاسية لـ"تسويق" إنجازاته للناخبين، لكنه لم ينج في ذلك بشكل كبير، وهو ما قد "يحكم" عليه، بالاكتفاء بولاية واحدة.

ويصور فريق بايدن، ترمب، على أنه "مختل عقلياً" و"مجرم انتقامي" غير صالح للعودة إلى الرئاسة، وأنه "لن يهتم إلا بنفسه وأصدقائه الأثرياء والمتعصبين المناهضين للإجهاض". وفي المقابل، يقدم بايدن باعتباره "حصناً للاستقرار وحارساً للقيم الديمقراطية للبلاد يسعى بلا كلل لتحسين حياة العمال".

وأفادت كايلا تاوشي من شبكة CNN، بأن العديد من كبار الديمقراطيين من خارج البيت الأبيض يريدون من بايدن التوقف عن تسويق إنجازاته، بما في ذلك نمو الوظائف الهائل والسجل التشريعي القوي، ومهاجمة ترمب بشكل مباشر. ونقلت عن أحد كبار الديمقراطيين، الذي شارك مخاوفه مع حملة بايدن: "إنه يريد الفضل، لكن هذا لا ينجح".

أين تكمن أهمية استحقاقات 2024؟

ليس من الغريب على بايدن أن يهاجم شخصية خصمه ومؤهلاته في محاولة لتعزيز فرص إعادة انتخابه.

ففي عام 2004، شوه فريق الرئيس جورج دابليو بوش، مشاركة الديمقراطي جون كيري في حرب فيتنام، لتصويره على أنه ضعيف لقيادة الحرب ضد الإرهاب. وفي عام 2012، قدمت حملة الرئيس باراك أوباما المرشح الجمهوري ميت رومني، على أنه "قرش ثري وقاسٍ بروح فارغة يتلذذ بطرد العمال".

وفي نهاية المطاف، نجح كلا الهجومين. لكن هذه الحملة ليست تقليدية، كما أن ترمب ليس مرشحاً تقليدياً. لقد شعر الديمقراطيون بالإحباط بعد عودة الرئيس السابق إلى دائرة الأضوء السياسية، وفوزه بترشيح الحزب الجمهوري.

وتعتمد فكرة أن الناخبين "سيربطون النقاط"، على فرضية مفادها أن معظم الأميركيين، على عكس المهتمين بالسياسة والحملات الانتخابية والإعلام، لا يفكرون في السياسة والانتخابات الرئاسية طوال الوقت. أي أنهم يحتاجون فقط إلى "دفعة" تذكرهم بكيف كانت الأمور في الماضي مع ترمب، ليتمكنوا من المقارنة.

وترى CNN أنه إذا تحدث ترمب عن انتخابات عام 2020 في مناظرة الخميس، فسيكون ذلك لصالح بايدن. ولكن مع وجود جمهور عريض سيتابع المناظرة عبر التلفزيون، فإن فكرة وجود لحظة من "الإدراك الوطني" للتهديد المتصور الذي قد يشكله ترمب، تبدو مستبعدة.

يعتقد العديد من الناخبين الأميركيين، أن بايدن البالغ من العمر 81 عاماً كبير جداً في السن، بحيث لا يمكنه تولي الرئاسة لولاية ثانية تنتهي عندما سيكون عمره 86 عاماً،  كما أنه يتعرض أيضاً لضغوط بشأن طرح رؤية جديدة لناخبين متعبين سئموا من الأسعار المرتفعة. لذلك يجب عليه أن يعكس في حديثه "اليقين والقدرة على التحمل".

ولكن هناك قضية أعمق تتعلق بنهج الرئيس. هل يعقل أن الناخبين، بعد ثماني سنوات من فوز ترمب بسباق البيت الأبيض، وثلاث سنوات من انتهاء ولايته المضطربة بالعنف، لا يعرفون تماماً من هو ترمب؟ إذ أن هيمنته على التغطية الإعلامية "تجعل الأمر يبدو وكأنه لم يرحل أبداً"، حسبما ترى شبكة CNN. 

واعتبرت الشبكة، أنه يتعين على الناخبين أن يكونوا "منفصلين تماماً" عن الواقع حتى لا يعرفوا أنه "مجرم مدان مؤخراً"، ورفض تقبل الهزيمة في عام 2020، ودعا حشداً إلى واشنطن العاصمة، وطالب أتباعه بـ"القتال بكل قوة"، قبل أن يقتحموا مبنى الكابيتول الأميركي. 

وذكرت CNN أن ترمب "خسر محاكمة مدنية ضخمة، وأدين بالاعتداء الجنسي في قضية تشهير، وفكر خلال فترة الوباء في استخدام مطهر لعلاج فيروس كورونا. وأمضى أسابيع في محاكمته الأخيرة في نيويورك في مهاجمة القضاة والشهود والنظام القانوني، وتعهد باستخدام الرئاسة كوسيلة للانتقام الشخصي والسياسي إذا فاز بولاية ثانية".

لكن ترمب لا يزال محاصراً في سباق متقارب مع بايدن، وكان متقدماً في العديد من الولايات المتأرجحة الحاسمة التي تمهد الطريق للحصول على 270 صوتاً انتخابياً مطلوبا للفوز بالرئاسة. قد يرى بايدن ومعه الديمقراطيون أن ترمب غير مقبول. لكنه ليس كذلك بالنسبة لملايين الناخبين.

وفي نظر الشبكة التي ستنظم وتبث المناظرة المرتقبة، فإن هذه النتائج المتقاربة تعكس واقع أمة منقسمة إلى قسمين، سياسياً وثقافياً، وهو دليل على عدم شعبية بايدن.

وأحد أكثر الجوانب غير العادية في هذه الانتخابات. وجود رئيسين، كلاهما ترأسا لولاية واحدة، يتنافسان على البيت الأبيض. وتقول CNN إن الناخبين لا يحتاجون حقًا إلى التساؤل عن كيف سيكون ترمب كرئيس، وتضيف "لقد رأوا ذلك بالفعل، حتى لو كانت فترة ولاية ثانية للرئيس (ترمب) تبدو بالفعل وكأنها ستكون أكثر تطرفاً وتقلباً من الأولى.

"استراتيجية التباين"

على افتراض أن حملة بايدن ستلتزم بـ "استراتيجية التباين" هذه، فإن ترمب قد يعتمد نهجاً مضاداً من خلال إظهار الاعتدال وتحضير قائمة من الوعود الانتخابية لإقناع الناخبين القلقين بشأن أوضاعهم المالية.

وكانت هناك مناسبات معزولة خلال فترة ولاية ترمب التزم فيها بقواعد اللياقة.

وفي هذا الصدد، قال كارل روف، الذي تولى هندسة الحملة الانتخابية للولاية الثانية لجورج بوش في عام 2004، في مقاله بصحيفة "وول ستريت جورنال" الأسبوع الماضي، إن "ترمب لا يمكن أن يبدو غير متزن أو غاضب. لا ينبغي أن ينطق عبارة "انتخابات مزورة". عليه أن يحافظ على هدوئه ولا يمكنه جعل الأمر كله يدور حول نفسه".

وكان بعض أنصار الرئيس السابق، يقدمون النصائح على شاشة التلفزيون. على سبيل المثال، قالت حاكمة ولاية ساوث داكوتا، كريستي نويم، على قناة NBC خلال عطلة نهاية الأسبوع، إن المناظرة ستكون "فرصة عظيمة للرئيس ترمب للحديث عن كيف أن سياساته عندما خدم كرئيس لهذا البلد، جيدة لكل أسرة تعيش هنا"، وكيف "كان لديهم المزيد من المال في جيوبهم. انخفضت أسعار البقالة. انخفضت أسعار الغاز"، وأضافت: "لا أعتقد أنه يجب أن يتعامل مع هذا النقاش بشكل شخصي على الإطلاق".

وقد تكون الظروف غير الاعتيادية لمناظرة الخميس، في صالح ترمب. إذ سيتم كتم الميكروفونات لضمان قدرة المرشحين على استخدام وقتهم دون مقاطعة من الطرف الآخر. ما يمكن أن يساعد في تجنب الفوضى التي شهدتها المناظرة الأولى بين ترمب وبايدن في عام 2020.

وآنذاك، تم تفسير سلوك الرئيس "المحموم"، بعد أيام قليلة من المناظرة السابقة، عندما تم نقله إلى المستشفى بسبب إصابته الخطيرة بفيروس كورونا.

لكن توبيخ بايدن، لترمب عندما قال له: "اصمت يا رجل!" أعط صوتاً للناخبين الذين سئموا من أربع سنوات من الصخب الترامبي".

وعلى خلاف السنوات السابقة، لن يكون هناك جمهور مباشر للمناظرة داخل استوديو CNN في أتلانتا. وفي كثير من الأحيان، تظهر خطابات ترمب الأكثر تطرفاً عندما يكون أمام حشد من الناس، إذ يضاعف من تعليقاته التي تثير ردود فعل قوية.

ومع ذلك، فإن اللقاء سيمثل جولة إعادة بين الرئيس السابق وخصمه الذي يلقي عليه باللوم فيما يزعم أنه "حملة اضطهاد تهدد ثروته وحريته". 

وبعد أشهر من الإيحاء بأن بايدن أصبح مسناً للغاية، بحيث لا يمكنه تأدية واجباته الرئاسية، تبدو استراتيجية حملة ترمب الآن غير منطقية لأنها ترسم بايدن على أنه مناظر بارز يبدو ضمنياً أنه صالح للرئاسة، حسبما تعتبر CNN.

وعلى سبيل المثال، قال كبير مستشاري ترمب، جيسون ميلر، لـ CNN: "نحن نعلم أنه عندما يتعلق الأمر بالأحداث الكبرى، عندما يتعلق الأمر بالمناظرات، عندما يتعلق الأمر بخطاب حالة الاتحاد، وأشياء من هذا القبيل، فإنهم سيجهزون جو بايدن بالكامل". وأضاف ميلر: "سيكون جاهزاً للانطلاق. لديه ذاكرة معينة تعمل تلقائياً لأنه فعل هذا لمدة 50 عاماً".

وسيأمل الديمقراطيون أن يكون هذا صحيحاً، وأن يتمكن بايدن من الارتقاء إلى مستوى منافسه، إذ راهنت السيناتور إليزابيث وارن من ماساتشوستس، على المرشح الديمقراطي خلال جولة استمرت يومين في ويسكونسن. وقالت إن بايدن "رجل جيد ومحترم سيحمي حرية النساء في جميع أنحاء هذا البلد"، وأنه "يكافح من أجل خفض التكاليف للأسر العاملة".

وأضافت وارن: "دع دونالد ترمب يكون دونالد ترمب، الرجل الذي يرضي قاعدة متطرفة، والذي قال لمانحيه الأثرياء للغاية، إنهم إذا ساهموا بالمزيد من المال في حملته، فسوف يمنحهم تخفيضات ضريبية هائلة ويقلل القيود التنظيمية بشأن تغير المناخ".

تصنيفات

قصص قد تهمك