أحد كبار المانحين الديمقراطيين: "الوقت قد حان لكي يُنهي الرئيس حملته"

بعد المناظرة.. "الديمقراطيون المذعورون" يبدأون في البحث عن بديل لبايدن

الرئيس الأمريكي جو بايدن أثناء مشاركته في المناظرة الرئاسية الأولى لانتخابات 2024 مع الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترمب. جورجيا، الولايات المتحدة. 27 يونيو 2024 - AFP
الرئيس الأمريكي جو بايدن أثناء مشاركته في المناظرة الرئاسية الأولى لانتخابات 2024 مع الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترمب. جورجيا، الولايات المتحدة. 27 يونيو 2024 - AFP
دبي-الشرق

يشعر الديمقراطيون بالذعر الشديد إزاء الأداء الضعيف للرئيس جو بايدن في المناظرة الرئاسية التي جرت مساء الخميس، إلى حد أن البعض يناقشون بجدية ما كان لا يمكن الحديث عنه مسبقاً، وهو "استبدال المرشح الرئاسي الديمقراطي"، وفق مجلة "بوليتيكو". 

ونقلت "بوليتيكو" عن 3 خبراء استراتيجيين مقربين من 3 مرشحين رئاسيين ديمقراطيين محتملين قولهم إنهم "أُمطروا بوابل من الرسائل النصية طوال وقت المناظرة".  

وقال أحد المستشارين للمجلة إنهم تلقوا مناشدات من أجل أن "يمضي مرشحهم قدماً كبديل لبايدن"، فيما قال آخر إنهم تلقوا ما لا يقل عن 6 رسائل نصية من مانحين رئيسيين تحمل كلمة "كارثة"، و"يجب على الحزب عمل شيء ما"، ولكنه أقر بأنه "ليس بالإمكان عمل الكثير" ما لم يتنح بايدن. 

كما ذكر أحد كبار المانحين الديمقراطيين والمؤيدين لبايدن لـ"بوليتيكو"، أن "الوقت قد حان لكي يُنهي الرئيس حملته"، واصفاً أداء بايدن بأنه "الأسوأ في التاريخ"، مضيفاً أن الرئيس الأميركي كان "سيئاً إلى درجة أن أحداً لن ينتبه إلى أكاذيب ترمب". 

وأضاف المانح عبر رسالة نصية أن "بايدن يجب أن ينسحب، لا شك في ذلك"، مقترحاً "قائمة بديلة" بقيادة حاكمي ولايتي ميريلاند وميشيجان.

"نتيجة عسكية"

وعلى الجانب الآخر، قال اثنان على الأقل من المتنافسين المحتملين البارزين لعام 2028، وهما حاكم ولاية إلينوي جيه بي بريتزكر، وحاكم ولاية كاليفورنيا جافين نيوسوم، إنهما يقفان إلى جانب بايدن "حتى بعد أدائه بالأمس". 

وبعد الإلحاح عليه في السؤال على قناة MSNBC عن ما إذا كان على بايدن أن يتنحى، قال نيوسوم إن "الكلام غير مفيد وغير ضروري"، مضيفاً: "أنت لا تدير ظهرك بسبب أداء في مناسبة واحدة"، متسائلاً باستنكار: "أي نوع من الأحزاب يمكن أن يفعل ذلك؟".  

وعانى بايدن طوال وقت المناظرة، وهي أول فعالية تنافسية في الانتخابات العامة لعام 2024 بين الرئيس جو بايدن والرئيس السابق دونالد ترمب.  

وطالما واجه الرئيس البالغ من العمر 81 عاماً تساؤلات بشأن أهليته لمنصب الرئيس، وجاءت المناظرة، وهي أبكر فعالية تنافسية من نوعها في التاريخ السياسي الحديث تشهدها انتخابات عامة، على سبيل "المناورة" من قبل حملة بايدن "لإعادة ضبط السردية حول السباق الرئاسي"، فيما يتعلق بعمر بايدن.  

وعلى مدى أسابيع منى الديمقراطيون أنفسهم بأن يساعد الأداء القوي لبايدن خلال المناظرة في تبديد المخاوف بشأن عمره، ولكن ما حدث كان عكس ذلك، وفقاً لـ "بوليتيكو". 

وأوضح مسؤول كبير سابق في البيت الأبيض خلال ولاية بايدن لـ"بوليتيكو"، أن حركتي No Labels، وDean Phillips "فازا في هذه المناظرة"، في إشارة إلى جهود بعض الحركات المستقلة للدفع بمرشح غير ترمب وبايدن إلى السباق الرئاسي 2024.  

وتعكس المناشدات الصادرة من داخل الحزب الديمقراطي، رغم أنه من غير المرجح أن تؤدي فعلياً إلى تغيير رأس القائمة، تحولاً كبيراً في الحملة الانتخابية للرئيس بايدن.  

وعلى الرغم من أن الرؤساء الحاليين يقدمون عادة أداءً فقيراً في مناظراتهم الأولى، نظراً لانشغالهم بمتطلبات عملهم وعدم قدرتهم على تكريس وقت كاف للإعداد للمناظرة، إلا أن مناظرة الخميس "كانت فريدة من نوعها" من حيث أنها أكدت "تصوراً مسبقاً" عن بايدن لدى كثير من الناخبين الأميركيين.  

وفي هذا الإطار قال مستشار أحد المانحين الرئيسيين للحزب الديمقراطي لـ"بوليتيكو"، إنهم كانوا يبعثون برسائلهم النصية من داخل اجتماع للمانحين في أتلانتا، مساء الخميس، وبعضهم كتب: "ماذا؟، لا أصدق!".  

وأضاف أن "أملنا الوحيد أن ينسحب، أو أن نتوصل إلى اتفاق، أو أن يموت، وإلا فسنموت جميعاً".  

 تنحي بايدن.. سيناريو مستبعد

ورغم ذلك، تبقى احتمالية التوصل إلى اتفاق أو تنحي بايدن غير واردة بنسبة كبيرة، وهي الحقيقة التي يقر بها حتى المتأففين في الغرف المغلقة من أداء الرئيس الديمقراطي. 

وفي هذا السياق قال أحد الخبراء الاستراتيجيين الديمقراطيين لـ"بوليتيكو"، إن "رجلاً واحداً فقط بإمكانه أن يقرر، وهو بايدن".

من جانبها ردت حملة بايدن على الانتقادات الموجهة للرئيس بوصف أحد المستشارين له بأنه "الشخص الوحيد الذي هزم دونالد ترمب على الإطلاق"، مضيفاً أنه "سيفعلها ثانية"، مشيراً إلى أن "دونالد ترمب لم يمنح الناخبين سبباً واحداً الليلة للتصويت له"، ومؤكداً أنه "فيما يتعلق بالقضايا المهمة، فإن الشعب الأميركي مع جو بايدن".

ولدى سؤاله بشأن ما إذا كان بايدن سينسحب، قال أحد المساعدين في حملة بايدن: "بالطبع لا"، مضيفاً أن الساعة التي أعقبت المناظرة مباشرة، من 11 مساء إلى منتصف الليل (بالتوقيت الشرقي للولايات المتحدة)، كانت أقوى ساعة لجمع التبرعات على مستوى القاعدة منذ بدء هذا النشاط".

وفي بيان، قالت جين أومالي ديلون، رئيسة حملة بايدن، إن الرئيس "قدم رؤية إيجابية ومقنعة لمستقبل أميركا"، فيما قدم ترمب "نافذة معتمة ورجعية على ما ستبدو عليه أميركا حال عودته إلى البيت الأبيض".  

وقالت ستيفاني كاتر، المستشارة في الحزب الديمقراطي، إن "الرئيس بايدن هو المرشح الديمقراطي، وهذا لن يتغير على خلفية أدائه في مناظرة واحدة"، مضيفة: "إننا بحاجة إلى الهدوء والتركيز لأنه من المؤكد أن دونالد ترمب لم يحصل على ناخبين الليلة". 

أما بالنسبة للعديد من الديمقراطيين فقد كان المشهد مساء الخميس "قاتماً للغاية"، ما دفع بأحد الذين خاضوا منافسات انتخابية على مستوى الولاية إلى القول بأن "الأمر ليس رائعاً على الإطلاق. فرئيسنا يعاني من إعاقة في النطق، ونزلة برد، فضلاً عن أنه يبلغ من العمر 81 عاماً"، وفقاً لما أوردته "بوليتيكو".  

أداء بايدن الضعيف

وفي غضون دقائق من أداء بايدن الضعيف خلال المناظرة على شبكة CNN، كان معلقو الشبكة يناقشون علناً إمكانية استبدال بايدن.  

من جانبها قالت "بوليتيكو"، إنه "بالإمكان عمل ذلك قبل نوفمبر"، قبل أن تضيف أنه "في حين يمتلك الحزب نظاماً لتسمية مرشح جديد في مؤتمر الحزب حال رفض المرشح تعيينه، تبقى هذه العملية برمتها معقدة وبالغة الصعوبة ولم يتم التفكير فيها منذ عقود". 

وأوضحت المجلة أنه وفق قواعد اللجنة الوطنية للحزب الديمقراطي، لا توجد آلية يستطيع من خلالها قادة الحزب الآخرون استبعاد بايدن من القائمة، ولكن إذا أراد أحد من داخل الحزب استبداله، فإن ذلك سيكون من خلال طرح هذه القائمة في عملية ترشيح مفتوحة خلال مؤتمر الحزب. 

وفاز بايدن بأصوات نحو 95% من إجمالي أصوات 4 آلاف مندوب تقريباً في الانتخابات التمهيدية لهذا العام، ورغم تعهد المندوبين بمساندة بايدن، إلا أنهم غير ملزمين بذلك.  

ويعني هذا، وفق "بوليتيكو"، أن هؤلاء المندوبين "غير ملزمين قانوناً" بالتصويت لبايدن في التصويت بنداء الأسماء، قبل أن تضيف: "ولكن حملة بايدن كان لها دور في اختيار هؤلاء المندوبين في المؤتمرات التي أقيمت على مستوى الولايات في جميع أنحاء البلاد، ومن ثم فسيتعين أن يرفضه نصفهم على الأقل لحرمانه من الترشيح".  

ولكن إذا وافق بايدن على رفض ترشيح حزبه، فإن ذلك سيُطلق عملية مفتوحة ولا يمكن التنبؤ بها لاختيار بديل له.  

وأشارت "بوليتيكو"، إلى أنه يمكن ترشيح أسماء أخرى، بدءاً من نائبة الرئيس كامالا هاريس ووصولاً إلى حكام الولايات جافين نيوسوم وجرتشين ويتمر وجيه بي بريتزكر، وآخرين غيرهم.  

وسيعمل المرشحون، الذين يمكنهم أن يمثلوا الأجنحة الجغرافية والأيديولوجية والجيلية للحزب الديمقراطي، للتأثير على آلاف المندوبين الديمقراطيين لدعمهم في أول اقتراع.     

وأضافت "بوليتيكو"، أن المندوبين الذين قطعوا على أنفسهم وعوداً بدعم بايدن "ليسوا الوحيدين أصحاب الكلمة".  

وأوضحت المجلة أن الحزب الديمقراطي جرد "المندوبين الفائقين"، وهم مسؤولون منتخبون وقادة في الحزب يمكنهم التصويت لأي شخص يرونه مناسباً، من معظم سلطاتهم منذ انتخابات عام 2016 التمهيدية المثيرة للجدل.  

ويتمتع هؤلاء "المندوبين الفائقين" بحرية التصويت إذا لم يتمكن أي مرشح من الفوز بأغلبية المندوبين في الاقتراع الأول. ومن ثم فإن عقد مؤتمر مفتوح سيمنح أكثر من 700 من الأعضاء المطلعين على شؤون الحزب الداخلية دوراً محورياً في اختيار مرشح جديد.  

الأولوية لهاريس 

ولفتت "بوليتيكو" إلى أن أن رغبة بايدن يمكن أن تصبح أيضاً "بالغة الأهمية"، إذ قد يحاول الرئيس التأثير على هذه العملية من خلال إعلانه تأييد نائبته هاريس، التي ستكون لها أولوية لأنها موجودة الفعل في القائمة الانتخابية للحزب.  

ولكن في حال حدوث ذلك، فسيتعين على بايدن وهاريس إقناع المندوبين الذين لا يذهب تأييدهم لبايدن تلقائياً إلى هاريس، رغم أن تأييد بايدن قد يكون كافياً، ومع ذلك فإنه لا توجد ضمانة واحدة، كما قد تؤدي أرقام هاريس الضعيفة في استطلاعات الرأي إلى إحجام بعض الديمقراطيين عن الوقوف خلفها.  

وحتى إذا نجحت هاريس في الترشح، فستكون بحاجة إلى مرشح لمنصب نائب الرئيس، ما سيؤدي إلى اندلاع الصراع بين "نجوم الحزب المستقبليين" للترشح لهذا المنصب، وفق "بوليتيكو".   

ورغم أن جميع نجوم الحزب الديمقراطي الصاعدين يمكن أن يكونوا مرشحين محتملين، يبقى نيوسوم على وجه التحديد "غير مرجح".  

وما لم يغير أي منهما مكان إقامته، فإن بطاقة الترشيح التي تحمل اسمي هاريس ونيوسوم ستكون غير مؤهلة للحصول على الأصوات الانتخابية لمندوبي كاليفورنيا، والبالغ عددهم 54 صوتاً انتخابياً، وفي المقابل لن يكون هناك مسار واقعي آخر لتحقيق انتصار ديمقراطي بدونهما.  

ومن اللحظة التي أعلن فيها أنه سيسعى من أجل الفوز بولاية ثانية، أصر بايدن وفريقه على ترشحه لإعادة انتخابه، وفاز بايدن بالفعل في جميع الانتخابات التمهيدية والمحافل الحزبية للحزب الديمقراطي، حيث حصل على أكثر من 85% من إجمالي الأصوات، باستثناء مقاطعة ساموا الأميركية النائية.  

ولكن الضغوط الهائلة الناجمة عن الأداء الضعيف في المناظرة، والمزيد من التراجع في أرقام استطلاعات الرأي، يمكن أن يغير كل ذلك.  

وفي حال انسحب بايدن، فإن عقارب الساعة ستبدأ في التحرك سريعاً، ومن ثم فإنه برغم أن مؤتمر الحزب الديمقراطي لن يُعقد حتى منتصف أغسطس، إلا أن اللجنة الوطنية للحزب ستعكف على العمل على تسريع وتيرة عملية الترشيح.     

ويتطلب قانون ولاية أوهايو تحديد مرشحي الحزب قبل 7 أغسطس، وقررت اللجنة الوطنية للحزب الديمقراطي إلغاء نداء الأسماء التقليدي لضمان وجود اسم مرشحها على بطاقة الاقتراع هناك، ويبقى هذا الموعد النهائي على مسافة 40 يوماً فقط. 

تصنيفات

قصص قد تهمك