وصف الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، الجمعة، مناظرته ضد الرئيس الديمقراطي جو بايدن التي جرت، مساء الخميس، بـ"النصر الكبير"، مستبعداً تخلي بايدن عن ترشحه لولاية رئاسية ثانية، بعد الأداء الباهت الذي قدمه خلال المناظرة الرئاسية، والقلق الذي أثاره داخل الحزب الديمقراطي.
وأضاف ترمب خلال تجمع انتخابي في ولاية فرجينيا: "رأيتم على شاشة التلفزيون الليلة الماضية، حققنا نصراً كبيراً على رجل يحاول تدمير بلدنا"، لافتاً إلى أن بايدن "قضى هذا الأسبوع في كامب ديفيد يستريح ويعمل ويدرس، (لكنه) درس بجد لدرجة أنه لم يكن يعرف ماذا كان يفعل".
وذكر أن "الكثير من الناس يقولون أنه بعد أداء الليلة الماضية، سيترك جو بايدن السباق. لكن في الحقيقة أنا لا أصدق ذلك، لأنه يحقق في استطلاعات الرأي نتائج أفضل من أي من الديمقراطيين الآخرين الذين يتحدثون عنهم".
وأكد الرئيس السابق أن "الأمر لا يتعلق بعمره (بايدن)، بل بكفاءته، فهو لا يحظى بالاحترام في أي مكان في العالم"، معتبراً أن بايدن "أسوأ رئيس مر في تاريخ الولايات المتحدة".
ووصف ترمب الرئيس الديمقراطي بـ"الرجل الملتوي"، مشيراً إلى أن الانتخابات المقررة في نوفمبر المقبل "هي اختيار بين القوة والضعف، والكفاءة وعدم الكفاءة، والسلام والازدهار مقابل الحرب"، متهماً بايدن بـ"استخدم العدالة سلاحاً من أجل البقاء في السلطة".
ولفت إلى أن روسيا لم تكن لتدخل أوكرانيا، وأن هجوم 7 أكتوبر ضد إسرائيل لن يتم خلال فترة رئاسته، مضيفاً أن التصويت لبايدن هو "تصويت للفشل والاستسلام والفوضى للولايات المتحدة".
جاء ذلك بعد إعراب الرئيس الأميركي، في وقت سابق الجمعة، عن عزمه خوض السباق الرئاسي المقرر في نوفمبر، قائلاً أمام تجمع لأنصاره في ولاية نورث كارولاينا: "لم أعد أسير بسهولة كما كنت أفعل سابقاً، لم أعد أتكلم بطلاقة كما كنت أفعل سابقاً، لم أعد أنظر بالجودة السابقة نفسها، لكنني أعلم كيفية قول الحقيقة".
وأضاف: "أعلم الصواب من الخطأ. أعلم كيفية القيام بهذه المهمة. أعلم كيفية إنجاز الأمور. أعلم، كما يعلم ملايين الأميركيين، أنك حين تسقط فإنك تنهض مجدداً".
"ذعر حقيقي"
وتحدثت وسائل الإعلام الأميركية عن "ذعر" حقيقي خلفته المناظرة في صفوف الديمقراطيين، قبل 4 أشهر من الانتخابات، وقبل نحو 6 أسابيع من المؤتمر المفترض أن يُنصَّب فيه الرئيس الأميركي مرشحاً رسمياً للحزب، لكن في الوقت الراهن، لم تعبر أي شخصية وازنة في الحزب الديمقراطي عن هذا الشعور علناً.
وبدا، الجمعة، في ولاية نورث كارولاينا أن بايدن يقول الكلمات التي شاء أنصاره أن يقولها خلال المناظرة، لكنه لم يتمكن من ذلك، بحسب وكالة "فرانس برس".
وتسائل بايدن: "هل شاهدتم ترمب الليلة الفائتة؟ أعتقد أنه حقق رقماً قياسياً جديداً لأكبر عدد من الأكاذيب في مناظرة واحدة"، مؤكداً "لم أكن لأترشح مجدداً لو لم أكن مؤمناً من كل قلبي بأنني قادر على القيام بهذه المهمة".
واعتبر بايدن أن "دونالد ترمب هو أكبر تهديد لهذه الأمة وتهديد لحريتنا، كما أنه تهديد لديمقراطيتنا. إنه حرفياً تهديد لكي شيء تدافع عنه أميركا".
وعن مدى سوء الوضع إثر المناظرة، كتب الرئيس الديمقراطي السابق باراك أوباما على منصة "إكس": "يمكن أن تحدث مناظرات سيئة"، لكن الانتخابات "لا تزال خياراً بين شخص ناضل من أجل الناس العاديين طوال حياته وشخص لا يهتم إلا بنفسه. بين شخص يقول الحقيقة ويعرف الصواب من الخطأ، وشخص يكذب أجل مصلحته الخاصة".
وأضاف: "الليلة الماضية لم تغير ذلك، لذا فإن أموراً كثيرة على المحك في نوفمبر".
مخاطر سياسية
واعتبرت مجلة "بوليتيكو" أن التجمع الانتخابي لأنصار بايدن في ولاية نورث كارولاينا، غير كافي لتهدئة الذعر المنتشر داخل الحزب الديمقراطي بعد أداء بايدن خلال المناظرة، مشيرةً إلى أن تصريحاته، الجمعة، هي بمثابة علامة مبكرة على الطريقة التي ستنتهجها حملته الانتخابية للسيطرة على الأضرار التي لحقت به.
ولفتت المجلة إلى أن بايدن كان "أكثر نشاطاً وحيوية" خلال التجمع الانتخابي في ولاية نورث كارولاينا مما كان عليه في المناظرة.
ورأى محللون أن اختيار الديمقراطيين بديلاً لبايدن سينطوي على مخاطر سياسية عدة، وسيتعين على الرئيس الحالي أن يقرر بنفسه الانسحاب لإفساح المجال أمام مرشح آخر قبل مؤتمر الحزب.
والمرشحة الأبرز للحلول محله هي نائبته كامالا هاريس، التي دافعت بإخلاص عن أدائه، الخميس، مع اعترافها بأن انطلاقته كانت "صعبة"، أما رئيس مجلس النواب الجمهوري مايك جونسون فرأى أن بايدن "ليس قادراً على أن يكون رئيساً، ولا يسرنا قول ذلك لأن الأمر خطير جداً".
وإذا قرر بايدن الانسحاب، سيجتمع الديمقراطيون في أغسطس المقبل بشيكاجو ضمن ما يعرف بالمؤتمر "المفتوح"، حيث سيعاد خلط الأوراق لا سيما أصوات المندوبين الذي صوّتوا بالفعل لحساب الرئيس.
وسيكون هذا السيناريو غير مسبوق منذ العام 1968 حين تعيّن على الحزب إيجاد بديل من الرئيس ليندون جونسون بعد أن سحب الأخير ترشحه في خضم حرب فيتنام. وتم ترشيح نائب الرئيس حينها هوبرت همفري الذي خسر الانتخابات أمام الجمهوري ريتشارد نيكسون.