اصطف قادة ديمقراطيون، الأحد، خلف الرئيس الأميركي جو بايدن، مُجددين تمسّكهم وتأييدهم له رغم أدائه السيء خلال المناظرة، الخميس، مع الرئيس السابق دونالد ترمب، في وقت نفى البيت الأبيض تقريراً أفاد باجتماعه مع عائلته لتقييم مستقبل ترشحه.
وأعلن ديمقراطيون بارزون بينهم الرئيسان السابقان باراك أوباما وبيل كلينتون، الدعم الكامل لبايدن في خضم سيل من الشكوك ظهرت مؤخراً بين الأميركيين بشأن مدى قدرته على مواصلة حملته الانتخابية وصولاً إلى الرئاسة وما بعدها، فيما دعته افتتاحية صحيفة نيويورك تايمز إلى الانسحاب.
ويأتي الدعم الحزبي المتزايد لبايدن البالغ 81 عاماً، في أعقاب أدائه المتعثر في المناظرة ضد المرشح الجمهوري دونالد ترمب، والذي تجلى تردداً وتلعثماً متكرراً للرئيس الديمقراطي، فضلاً عن انقطاع تسلسل أفكاره، ما سلط الضوء أكثر من أي وقت على المخاوف بشأن كبر سنه.
وبعد قلق استمر لأيام إزاء وضع بايدن وما قد ينتج عن انتخابات الخامس من نوفمبر، رفض زعماء الحزب الديمقراطي بحسم دعوات موجهة إلى حزبهم لاختيار مرشح رئاسي أصغر سناً.
بيلوسي تدافع
وفي تصريحات لشبكة "CNN" الأحد، قالت النائبة الديمقراطية والرئيسة السابقة لمجلس النواب نانسي بيلوسي: "لا يتعلّق الأمر بالأداء خلال المناظرة، بل بالأداء خلال الرئاسة".
وأضافت: "على جانب من الشاشة هناك النزاهة، وعلى الجانب الآخر هناك عدم الأمانة"، مكررة تصريحات صدرت من العديد من الشخصيات الديمقراطية التي حاولت تحويل التركيز عن أداء بايدن إلى "وابل الأكاذيب" التي أدلى بها ترمب خلال المناظرة.
وبحسب استطلاع أجرته شبكة "CBS News" بعد يومين على المناظرة، أعرب 3 أرباع الناخبين عن اعتقادهم بأن بايدن يجب أن لا يترشح للرئاسة، بينهم 46% من الديمقراطيين المستطلَعين.
وتوجه بايدن وعائلته إلى منتجع كامب ديفيد الرئاسي في وقت متأخر السبت، وأفادت شبكة "NBC News" أن من المتوقع أن يُقيّم مستقبل حملة إعادة انتخابه في ضوء أدائه خلال المناظرة.
غير أن نائب المتحدث باسم البيت الأبيض أندرو بايتس أكد عبر منصة "إكس"، أن الرحلة كان مخططاً لها قبل المناظرة، مشكِّكاً في التقرير ومشيراً إلى أن القناة لم تسعَ للحصول على تعليق على هذه المسألة.
أوباما وكلينتون يدعمان بايدن
الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما أقرّ في وقت سابق أن أداء بايدن كان "سيئاً" في المناظرة الأولى قبل انتخابات الرئاسة الأميركية، إلا أنه أكد استمراره في دعم مرشح الحزب الديمقراطي للفوز بولاية ثانية.
وفي تغريدة عبر منصة "إكس"، قال أوباما الذي حضر عدة مناسبات انتخابية دعماً لبايدن "الأداء السيء في المناظرات وارد. ثقوا بي، فأنا أعرف"، لكنه أضاف: "هذه الانتخابات لا تزال اختياراً بين شخص قاتل من أجل عامة الشعب طيلة حياته وبين آخر لا يبالي إلا بنفسه".
وتابع: "الليلة الماضية لم تغيّر ذلك، لذا فإن أموراً كثيرة على المحك في نوفمبر" في إشارة إلى موعد الانتخابات الرئاسية.
بدوره، جدّد الرئيس الديمقراطي الأسبق بيل كلينتون تأييده لبايدن، مشيداً بفترته الرئاسية الأولى في خدمة الولايات المتحدة.
وفي تغريدة عبر "إكس"، تفادى كلينتون التطرق لأداء بايدن في المناظرة الرئاسية، معتبراً أنه سيترك الأمر لتقييم الخبراء، مضيفاً "لكن إليكم ما أعرفه: الحقائق والتاريخ مهمان. لقد منحنا جو بايدن 3 سنوات من القيادة القوية، وثبتنا بعد الوباء، وخلق عدداً قياسياً من الوظائف الجديدة، وأحرز تقدماً حقيقياً في حل أزمة المناخ، وأطلق جهداً ناجحاً في الحد من التضخم، كل ذلك في حين انتشلنا من المستنقع الذي تركنا فيه دونالد ترمب".
"الوحيد القادر على هزيمة ترمب"
في سياق متصل، أفاد معسكر بايدن بأنه جمع 53 مليون دولار منذ المناظرة، بما في ذلك 26 مليون دولار من مانحين على مستوى القاعدة الحزبية.
من جهته، قال السيناتور عن جورجيا رافاييل وورنوك لقناة "NBC" الأحد إن بايدن "يجب ألا ينسحب على الإطلاق".
وأضاف "من واجبنا التأكد من وصوله إلى خط النهاية في نوفمبر. ليس لمصلحته ولكن لمصلحة البلد".
وسعى بايدن الجمعة إلى التخفيف من حدّة الاعتراضات على أدائه خلال المناظرة، عبر خطاب ناري ألقاه في ولاية كارولاينا الشمالية وتعهد فيه مواصلة المعركة الانتخابية.
وظهر إلى جانب زوجته جيل التي دافعت عنه بشراسة بعد دعوات إلى انسحابه.
وقال السيناتور الديمقراطي كريس كونز الذي يُمثل ولاية ديلاوير مسقط رأس بايدن لشبكة "ABC" الأحد "على منصة الحملة الانتخابية في ولاية كارولاينا الشمالية، رأيت جو بايدن قوياً وملتزماً وقادراً".
وأضاف كونز "أعتقد أن أداءه كان ضعيفاً خلال المناظرة"، مشيراً إلى أنه على الرغم من ذلك "قدم دونالد ترامب أداءً مرعباً إذ تحدث بوضوح، لكن ما قاله كان عبارة عن كذبة تلو أخرى".
وأكد السيناتور الديمقراطي أن بايدن "هو الديمقراطي الوحيد القادر على هزيمة ترمب" في الانتخابات الرئاسية.
"استراحة التقاعد ضرورية"
وقالت صحيفة أتالانتا جورنال-كونستيتيوشن في مقال للرأي الأحد "الحقيقة المؤسفة هي أن بايدن عليه أن ينسحب من السباق، لصالح الأمة التي خدمها بشكل يثير الإعجاب على مدى نصف قرن... استراحة التقاعد ضرورية الآن للرئيس بايدن".
و"قطعاً لا" هو رد رافاييل وارنوك السيناتور الديمقراطي عن ولاية جورجيا على ذلك رغم أنه من بين عدة ديمقراطيين يعتبرون من البدلاء المحتملين لبايدن.
وقال وارنوك لبرنامج (ميت ذا برس) على شبكة (إن.بي.سي) "الأداء السيء في المناظرات أمر وارد... السؤال هو ‘في صف من وقف دونالد ترمب من قبل إلا في صف نفسه أو من هم على شاكلته؟‘ أنا مع جو بايدن، ومهمتنا هي التأكد من فوزه بالسباق بحلول نوفمبر".
وأقر حكيم جيفريز زعيم الديمقراطيين في مجلس النواب بأن بايدن عانى من انتكاسة في مناظرته مع الرئيس السابق ترامب المرشح عن الحزب الجمهوري في انتخابات هذا العام. وقد يصبح جيفريز رئيس مجلس النواب في العام المقبل إذا استطاع حزبه الحصول على أغلبية في المجلس في نوفمبر.
وقال جيفريز لشبكة (إم.إس.إن.بي.سي) "أعتقد أن أي انتكاسة ما هي إلا تمهيد لعودة... لذا، فاللحظة التي نعيشها الآن هي لحظة عودة، وستتطلب منا جميعاً أن نثابر وأن نوجه رسالة تنظر لما هو قادم جوهرها هو سبب طرحنا للحزب الديمقراطي بوصفه الأنسب والمستعد للتعامل مع التحديات التي يواجهها الشعب الأميركي".
واتفق معه جيمس كلايبيرن، وهو مشرع ديمقراطي بارز آخر في مجلس النواب.
وقال كلايبيرن لشبكة (سي.إن.إن) "عليه أن يبقى في هذا السباق. ينبغي أن يوضح جلياً من الآن فصاعداً أنه قادر على قيادة البلاد".
وفي المقابل، وجه جمهوريون انتقادات لاذعة لما قاله ديمقراطيون عن أن أداء بايدن المتراجع في المناظرة هو مرة ولن تتكرر.
واعتبر ليندزي جراهام، السيناتور الجمهوري عن ولاية ساوث كارولاينا أن "فكرة مرور بايدن بليلة سيئة فحسب، ليست حقيقة الأمر"، قائلاً "بل رئاسته سيئة ومناظرته كارثية".