الجولة الأولى للانتخابات تمنح حزب التجمع الوطني وحلفاؤه 33% وتحالف الجبهة الشعبية 28%

وضع "غير مألوف" في فرنسا.. حكومة يمينية متطرفة تقترب من السلطة و"خيارات محدودة" أمام ماكرون

المرشح الرئيسي للتجمع الوطني اليميني الفرنسي جوردان بارديلا ورئيسة المجموعة البرلمانية للحزب مارين لوبان خلال اجتماع الحملة الانتخابية قبل انتخابات البرلمان الأوروبي المقبلة، باريس، 2 يونيو. 2024 - AFP
المرشح الرئيسي للتجمع الوطني اليميني الفرنسي جوردان بارديلا ورئيسة المجموعة البرلمانية للحزب مارين لوبان خلال اجتماع الحملة الانتخابية قبل انتخابات البرلمان الأوروبي المقبلة، باريس، 2 يونيو. 2024 - AFP
دبي -الشرق

يواجه الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، خياراً مؤلماً للغاية: إما التخلي عن كل ما لديه لإيقاف اليمين المتطرف، متصدر الدورة الأولى من الانتخابات التشريعية التاريخية في البلاد، أو محاولة إنقاذ ما تبقى من حركته التي كانت مهيمنة سابقاً "قبل أن تموت"، وفق ما أوردته صحيفة "بوليتيكو" الأميركية.

وقالت الصحيفة إن الجولة الأولى من الانتخابات البرلمانية، التي جرت الأحد، كانت بمثابة "إهانة شخصية" للرئيس الفرنسي البالغ من العمر 46 عاماً، بنفس قدر صعوده المذهل إلى الرئاسة كوجهٍ جديدٍ قبل سبع سنوات.

ودعا ماكرون إلى إجراء الانتخابات المبكرة بعد الهزيمة "الكارثية" على يد اليمين المتطرف في انتخابات البرلمان الأوروبي، واضعاً في ذهنه هدفاً محدداً، وهو وقف انحراف فرنسا نحو التطرف، لكن ما حققه كان عكس ذلك.

حكومة يمينية متطرفة

وأضافت الصحيفة أن فرنسا، ثاني أكبر اقتصاد أوروبي، أصبحت أقرب من أي وقت مضى من وصول حكومة يمينية متطرفة إلى السلطة لأول مرة، بعد إحراز حزب "التجمع الوطني" بزعامة مارين لوبان، تقدماً كبيراً في المرحلة الأولى من الانتخابات.

ورأت "بوليتيكو" أن فرنسا ستكون في وضع "غير مألوف" إذا منحت الجولة الثانية من الانتخابات، الأغلبية البرلمانية لحزب "التجمع الوطني"، وهو ما ترجحه التوقعات.

وفق هذا السيناريو، سيحكم فرنسا -ولو جزئياً- سياسيون تعاطفوا سابقاً مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وتعهدوا بتمزيق الاتحاد الأوروبي، وشن حربٍ على الهجرة، والانسحاب من حلف شمال الأطلسي (الناتو).

ورغم تخفيف حزب لوبان من حدة بعض مواقفه، ما زال "التجمع الوطني" يشكك بشدة في المواقف السياسية السائدة في الغرب، ومن شأن فوز مارين لوبان في هذه الانتخابات أن يعطي دفعة قوية لفرصها في الفوز بالرئاسة الفرنسية في عام 2027، بحسب الصحيفة نفسها.

وقال برونو كوتريس، المحلل السياسي في معهد الدراسات السياسية بباريس، للصحيفة: "يُمكننا القول بكل وضوح إن عملية تطهير (حزب) التجمع الوطني، بلغت مراحلها النهائية".

وأضاف: "لقد فازوا في انتخابات البرلمان الأوروبي، ثلاث مرات متتالية، ومارين لوبان تمكنت مرتين من الوصول إلى الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية، وإذا فازوا بثاني أهم انتخابات في فرنسا (الانتخابات البرلمانية)، فسيصبحون التيار السائد".

ويُظهر تحليل أجراه معهد "إبسوس" أن النتائج المتوقع أن يحققها حزب مارين لوبان، تضعه على مسافة قريبة من السلطة.

وحصل حزب التجمع الوطني، وحلفاؤه على 33% من الأصوات في الجولة الأولى من الانتخابات، وجاء تحالف الجبهة الشعبية الجديدة في المركز الثاني بحصوله على 28% من الأصوات، وحصد تحالف الوسط الذي ينتمي له الرئيس إيمانويل ماكرون 20% فقط من الأصوات.

مستقبل اليمين المتطرف في فرنسا

ونظراً لأن الحد الأدنى لتحقيق الأغلبية المطلقة في البرلمان هو 289 مقعداً، فقد يكون اليمين المتطرف في وضع يسمح له بتشكيل حكومة في غضون أسبوع، مع تعيين زعيم الحزب جوردان بارديلا، البالغ من العمر 28 عاماً، رئيساً للوزراء.

ولكن هل يستطيع أي شيء، أو أي شخص، إيقاف ذلك؟  

ترى "بوليتيكو" أن مدى اقتراب لوبان من تحقيق الأغلبية المطلقة، يتوقف على كيفية استجابة الأحزاب الأخرى، وماكرون لفوزها المدوي، وتساءلت الصحيفة حول ما إذا كانت الأحزاب الأخرى ستنحي خلافاتها جانباً من أجل مواجهة اليمين المتطرف.

وقالت الصحيفة إن الانتخابات البرلمانية "عملية معقدة" تجرى على جولتين، ويتأهل المرشحان الحاصلان على أكبر عدد من الأصوات في الجولة الأولى إلى الجولة الثانية، وأضافت أن حلفاء ماكرون كانوا يحاولون تحديد ما يجب فعله، الأحد.

احتجاجات في باريس

وأُقصي مرشحو ائتلاف ماكرون "معاً" في نصف الدوائر الانتخابية الفرنسية البالغ عددها 577، ويُتوقع أن يتقلص حجم كتلة الرئيس في البرلمان من 250 نائباً إلى أقل من 100 نائب في الجمعية الوطنية.

وفي الوقت الحالي، يواجه حلفاء ماكرون الوسطيون، ضغوطاً هائلة للانسحاب من السباق في العديد من المناطق، ودعوا مؤيديهم إلى التصويت لصالح التحالف اليساري الذي يضم متطرفين يساريين، في محاولة للتغلب على تقدم مارين لوبان.

واحتشد آلاف المواطنين الفرنسيين في ساحة الجمهورية في باريس، للاحتجاج على صعود اليمين المتطرف بعد نشر التوقعات الأولية لنتائج الانتخابات.

وأعادت هذه المشاهد إلى الأذهان الاحتجاجات التي نشبت ضد جان ماري لوبان، والد مارين الذي تأهل للجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية عام 2002 عن الحزب الذي كان يعرف آنذاك باسم "الجبهة الوطنية".

في ذلك الوقت، اتحدت الأحزاب، والناخبون معاً ضد اليمين المتطرف في سياسة تُعرف باسم "الحاجز الوقائي"، لكن السياسة الأوروبية تغيَّرت بشكل كبير على مدى العقدين الماضيين.

وبرز حزب "فرنسا الأبية" اليساري المتطرف، بزعامة جان لوك ميلنشون، باعتباره خصماً للوسطيين أكثر من لوبان، بعد عام من الصراعات في البرلمان.

وأمضى ماكرون معظم فترات حملته في انتقاد سياسات تحالف "الجبهة الشعبية الجديدة" اليساري، ووصفه بأنه "مشوه" ومدمر لفرنسا، ودعا إدوارد فيليب، حليف ماكرون، ورئيس وزرائه السابق، الناخبين إلى معارضة حزبي "التجمع الوطني"، و"فرنسا الأبية"، ليكسر سياسة "الحاجز الوقائي".

وقال حزب "التجمع الوطني" إنه لن يحاول تشكيل حكومة إذا لم يفز بالأغلبية المطلقة في البرلمان، وقالت مارين لوبان، الأحد، إن بارديلا لن يصبح رئيساً للوزراء إلا إذا حصل الحزب على دعم البرلمان، وعادة ما يختار الرئيس الفرنسي مرشحه لمنصب رئيس الوزراء من أكبر مجموعة برلمانية في الجمعية الوطنية.

تصنيفات

قصص قد تهمك