يجتمع رئيس وزراء الهند ناريندرا مودي مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال زيارة عمل إلى روسيا، الأسبوع المقبل، لبحث اتفاقية إمداد لوجستي لتعزيز التعاون بين جيشي البلدين، واستئناف مناقشات حول تطوير مشترك لمقاتلة من الجيل الخامس والتعاون في مجال الطاقة النووية، وفق ما أوردت وكالة "بلومبرغ" عن جدول أعمال اللقاء.
وذكرت الوكالة أن اللقاء يأتي وسط "قلق مودي" من تعميق روسيا علاقاتها مع الصين، مشيرة إلى أنه جاء بعد شهرين من زيارة بوتين للصين في أول زيارة خارجية له خلال فترة ولايته الجديدة، ولفتت إلى أن تلك الرحلة أظهرت اعتماد موسكو المتزايد على بكين، وهو ما تتطلع إليه الهند بحذر.
ومن المتوقع أن يناقش مودي وبوتين خلال الزيارة، المتوقع حدوثها يومي 8 و9 يوليو الجاري، مجموعة من القضايا، رغم أن توقعات المحللين تشير إلى "عدم توصل الطرفين إلى أي اتفاقات خارقة".
وتتزامن الزيارة مع مساعي الولايات المتحدة إلى تعزيز علاقاتها مع الهند لمواجهة هيمنة الصين في آسيا. وبدت واشنطن متسامحة إزاء علاقات نيودلهي مع موسكو، إذ قال كيرت كامبل نائب وزير الخارجية الأميركي رداً على سؤال حول هذه العلاقات، إن أميركا "أثارت مع نيودلهي مخاوفاً بشأن العلاقات الهندية- الروسية، لكنها تثق في الهند وتريد توسيع العلاقات مع الدولة الواقعة في جنوب آسيا".
علاقات غير متوازنة
وتعمل الهند على حل المشاكل التي تؤثر على التجارة بين البلدين في ظل حاجة موسكو إلى تقليل استخدامها للدولار الأميركي في المعاملات التجارية.
ووجد البلدين حلاً لنظام الدفع المتعثر للأسلحة والسلع الأخرى، لكنه أدى تكديس الشركات الروسية روبيات في حسابات داخل الهند تبلغ قيمتها نحو 8 مليارات دولا دون التمكن من إنفاقها.
وبموجب اتفاقية، استخدمت موسكو الأموال المدسة للاستثمار في الشركات الهندية وشراء المزيد من السلع الإلكترونية والأدوية والأدوات الزراعية والمنسوجات. لكن من وجهة نظر نيودلهي، فإن العلاقات التجارية "تظل غير متوازنة"، حيث تستورد الهند بنحو 60 مليار دولار سنوياً، بينما تشتري روسيا ما قيمته أقل من 5 مليارات دولار.
وفي الوقت نفسه، تشهد روسيا ضعفاً بمكانتها التي كانت مهيمنة ذات يوم في سوق الأسلحة الهندية، حيث تتطلع نيودلهي إلى الموردين الغربيين بقيادة فرنسا والولايات المتحدة، فضلاً عن صناعتها الدفاعية.
ولم تكن هناك صفقات أسلحة كبيرة جديدة مع روسيا على مدى السنوات الثلاث الماضية، ويبدو أن سعي الهند للتنويع سيستمر بعد التأخير في تسليم أنظمة الدفاع الجوي الروسية S-400.
ووفقاً لمعهد "ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، لا تزال روسيا حتى الآن المورد الرئيسي للهند، حيث تمثل 36% من واردات الأسلحة، لكن هذا أقل من النصف عما كان عليه قبل عقد من الزمن.
وأصبحت الهند، ثالث أكبر مستهلك للنفط الخام في العالم، مشترياً رئيسياً للنفط الروسي، وتعتمد على إمدادات المعدات العسكرية من موسكو.
وتساعد مبيعات النفط الروسية للهند في الحفاظ على العلاقات، حتى لو لم تكن قريبة كما كانت خلال الحقبة السوفيتية. وبينما تقدم روسيا تخفيضات أكبر على نفطها وسط قيود غربية على الطاقة، زادت الهند مشترياتها من الخام الروسي أكثر من 20 مرة مقارنة بعام 2021، متجاوزة مليوني برميل يومياً.
كما وفرت الهند 13 مليار دولار عن طريق استيراد النفط الخام الأرخص من روسيا على مدى الأشهر الـ 23 الماضية، وفقاً لدراسة أجرتها وكالة التصنيف ICRA، ونُشرت في أبريل الماضي.
"انتصار لبوتين"
على الجانب الآخر، يعد اللقاء المرتقب انتصاراً دبلوماسياً لبوتين، المطلوب لدى المحكمة الجنائية الدولية لـ "ارتكاب جرائم حرب"، والذي تعرضت بلاده لعقوبات غير مسبوقة بسبب هجومها على أوكرانيا.
وقال مبعوث هندي سابق إلى روسيا، طلب عدم الكشف عن هويته، إن علاقات نيودلهي مع موسكو مستقرة وقوية، على الرغم من تباطؤ التفاعلات الاقتصادية والدفاعية في الآونة الأخيرة. وأضاف أن "زيارة زعيم دولة مثل الهند تظهر أن روسيا لا تواجه عزلة دولية.
وتغيب مودي عن لقاءات قمة سنوية شخصية مع بوتين على مدى العامين الماضيين وسط انزعاج في نيودلهي من الغزو الروسي لأوكرانيا، ومع ذلك، تجنبت الهند انتقاد روسيا وامتنعت عن التصويت في الأمم المتحدة على هذه القضية، ودعت إلى الدبلوماسية لحل الصراع.
وقال سواستي راو، من معهد "مانوهار باريكار للدراسات والتحليلات الدفاعية"، إن تعميق التحالف الاستراتيجي بين روسيا والصين "أمر غير مريح لنيودلهي، لأنه يتماشى مع مبدأ (أفضل صديق لك ينام مع عدوك)".
وأضاف راو: "نظراً لمخاوف الهند، فمن المنطقي أن يذهب رئيس الوزراء ويتحدث مع بوتين على أعلى مستوى".
يشار إلى أن آخر رحلة لمودي إلى روسيا كانت في عام 2019، عندما حضر منتدى اقتصادياً في أقصى الشرق بمدينة فلاديفوستوك الروسية.