لوبان تستنكر محاولات المنافسين إبقاء اليمين المتشدد بعيداً عن السلطة

مارين لوبان زعيمة حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف الفرنسي، تصل إلى مقر الحزب في باريس، فرنسا. 1 يوليو 2024 - Reuters
مارين لوبان زعيمة حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف الفرنسي، تصل إلى مقر الحزب في باريس، فرنسا. 1 يوليو 2024 - Reuters
دبي-الشرق

انتقدت زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبان، مجموعة الوسط التي يتزعمها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وتحالف اليسار، لتوحيدهم القوى لمنع حزب "التجمع الوطني" الذي تتزعمه من الحصول على الأغلبية المطلقة في الجولة الثانية والأخيرة من الانتخابات التشريعية الفرنسية.  

وقامت الجماعة التي يتزعمها ماكرون و"الجبهة الشعبية الجديدة" اليسارية وأحزاب أخرى معارضة لحزب "التجمع الوطني"، بسحب 223 مرشحاً من الدوائر الانتخابية بشكل منسق إلى جانب أكثر من شخصين في جولة الإعادة الأحد، في محاولة لتجنب انقسام الأحزاب المعارضة لصالح اليمين المتطرف، ما يعني أن حزب لوبان وحلفاءه سيشاركون في الاقتراع  بـ214 منطقة يتحالف فيها المنافسون.

وقالت لوبان في مقابلة مع قناة TF1، في وقت متأخر الأربعاء: "وجدت أنه أمر يستحق الإزدراء أن تعتبر الأحزاب السياسية الناخبين مجرد قطع يستطيع المرء تحريكها هنا وهناك، أو أنهم يمكن أن يُقال لهم افعلوا هذا وقولوا ذاك، أو أنهم كالأطفال".  

وأضافت: "ولكنني أعتقد أن الفرنسيين سئموا من عدم معاملتهم كناضجين ومسؤولين وقادرين تماماً على أن يعرفوا بأنفسهم ما هو في صالح البلاد وما هو غير ذلك".      

سيناريو "التعايش"

وأظهر استطلاع رأي أجرته شركة Toluna-Harris Interactive، الثلاثاء والأربعاء، أن حزب التجمع الوطني وحلفاءه سيحصلون على 190 إلى 220 مقعداً، وهو أقل بكثير من 289 مقعداً اللازمة لتحقيق أغلبية مطلقة.  

وسيمكن الفوز بأغلبية مطلقة في مجلس النواب، الذي يضم 577 مقعداً، مجموعة لوبان من فرض أجندتها في ترتيب مشاركة السلطة مع ماكرون، فيما يسمى بـ"التعايش" الذي يظل من خلاله الرئيس محتفظاً بسلطته فيما يتعلق بالشؤون الخارجية، بما في ذلك الدفاع. 

وقالت لوبان لـ TF1، إنه "لا يمكن للمرء أن يحكم ما لم يتمتع بالأغلبية". وفي حال أخفق "التجمع الوطني" وحلفاؤه في إحراز أغلبية مطلقة، فسيكون هناك "برلمان معلق"، إذ لا يتمتع أي حزب بعدد المقاعد اللازم لتمرير تشريع من جانب واحد، ما سيؤدي بدوره إلى طريق مسدود. 

وستؤدي كلتا النتيجتين المحتملتين إلى الإضرار بجهود إصلاح المالية العامة في فرنسا، كما ستهددان بالتأثير على أوروبا بوجه عام، وفقاً لما قاله محللا Scope Ratings توماس جيلت وبريان مارلي لوكالة "بلومبرغ".     

وعمد ماكرون إلى حل الجمعية الوطنية الشهر الماضي، والدعوة إلى تصويت مبكر، بعد هزيمة تحالفه في انتخابات البرلمان الأوروبي، وهو القرار الذي أدى في البداية إلى أسوأ خسارة في قيمة السندات منذ أزمة الديون السيادية، ومحو ما يقرب من 200 مليار دولار من قيمة الأسهم.  

حزب الرئيس يتراجع للمرتبة الثالثة

وتأخر حزب الرئيس الفرنسي وحلفاؤه، الذين يروجون لرؤية فرنسية موالية للمشروعات التجارية وأوروبا وأوكرانيا، إلى المرتبة الثالثة في الجولة الأولى من الانتخابات التي أجريت الأحد الماضي.  

وتحاول لوبان إقناع الناخبين بمنحها أغلبية مطلقة حتى تتمكن من تنفيذ برنامج يتضمن التراجع عن سياسات إصلاح معاشات التقاعد التي أقرها ماكرون، وخفض ضريبة القيمة المضافة والحد من الهجرة.  

وتبحث لوبان ورئيس حزبها جوردان بارديلا عن حلفاء لتحقيق أغلبية تمكنهما من تشكيل الحكومة المقبلة.  

وفي مقابلة مع تليفزيون BFM، قال بارديلا إنه يتوقع أن يفوز بأغلبية مطلقة، رافضاً الاستطلاع الذي يتوقع خلاف ذلك، ومشيراً إلى أن منظمي الاستطلاعات "قللوا بدرجة كبيرة عدد المقاعد التي حصل عليها الحزب في الانتخابات التشريعية في عام 2022".  

ومن خلال توحيد القوى ضد اليمين المتشدد، تسعى أحزاب الوسط والأحزاب اليسارية إلى تشكيل ما وصفه رئيس الوزراء جابرييل أتال بأنه "جمعية وطنية تعددية".   

وقال أتال في مقابلة منفصلة مع تليفزيون BFM، في وقت متأخر الأربعاء، إنه "سيكون هناك وضع جديد بعد هذه الانتخابات التشريعية"، مضيفاً أنه "سيحتاج الجميع إلى إعادة تقييم الطريقة التي يعملون بها مع بعضهم البعض. وسيعتمد ذلك على قدرتنا على إنجاز المهام بشكل مختلف".

ولكن التحالف المعارض لحزب "التجمع الوطني"، والذي يضم حزب "فرنسا الأبية" اليساري المتشدد، أثار انتقادات المراقبين السياسيين بشأن كونه "مناسباً".

التحالف مع "فرنسا الأبية" يثير انتقادات

ودافع أتال عن التحالف، قائلاً إنه على عكس اليسار المتشدد، فإن اليمين المتشدد لديه فرصة الفوز بأغلبية مطلقة، ومن ثم فإنه "عمل من قبيل الإحساس بالمسؤولية".  

وناشد أتال الناخبين عبر تليفزيون BFM بمنع حزب "التجمع الوطني" من الفوز بالانتخابات العامة الأحد، قائلاً إن الكثير من الناخبين الفرنسيين لن يستمتعوا باستخدام أصواتهم لمنع اليمين المتطرف، "ولكنني أعتبر أن هذه مسؤوليتنا".  

من جانبه تعهد ماكرون بالاستمرار في منصبه "مهما كانت النتيجة" حتى نهاية ولايته في 2027.  

ولم يكن الرئيس الفرنسي ملزماً بالدعوة إلى التصويت البرلماني، ولكنه قال بعد الأداء الضعيف لحزبه في الانتخابات الأوروبية التي أجريت الشهر الماضي، إن الانتخابات هي "السبيل الوحيد لتمكين فرنسا من لم الشمل والمضي قدماً".   

وقالت شبكة BBC إنه ليس كل من في معسكر الوسط سعيد بأن ينتهي بهم المطاف بإبرام صفقات مع تحالف يساري يضم جان لوك ميلينشون، ولا يوجد أي دليل على أن الناخبين الفرنسيين سيفعلون ما يشير به عليهم قادة الأحزاب ويصوتون لصالح حزب كانوا سيتجنبونه لولا ذلك.  

ويواجه ميلينشون اتهامات بالدفاع عن المشاعر المناهضة للشرطة، كما تعرض لانتقادات شديدة لرفضه وصف "حماس" بالمنظمة الإرهابية.  

وأوضح أتال أن سحب المرشحين بشكل منسق لصالح "الجبهة الشعبية الجديدة"، لا يعني أنهم يتحدون مع ميلينشون، ووعد بأنه "ليس هناك، ولن يكون هناك أي تحالف مع حزب فرنسا الأبية".

خيارات "غريبة"

ورغم ذلك، فقد ترك الاتفاق الموسع على سحب المرشحين بعض الخيارات "الغريبة" أمام الناخبين الفرنسيين، وفق BBC.  

ويخوض وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانيان الآن جولة إعادة ضد منافسه من التجمع الوطني، بعد انسحاب ليزلي مورترو من حزب "فرنسا الأبية"، ونفس الشيء بالنسبة لرئيسة الوزراء السابقة إليزابيث بورن.  

ويأتي ضمن مرشحي ماكرون الذين احتلوا المركز الثالث وتقرر انسحابهم وزيرتان، وهما سابرينا أجريستي، روباش وماري جيفينو.  

وقال إدوارد فيليب، الذي شغل منصب رئيس الوزراء لـ3 سنوات في بداية رئاسة ماكرون عام 2017، إنه سيمنح صوته للمرشح الشيوعي في الجولة الثانية، ولكنه أوضح أنه لن يدعم حزب جان لوك ميلينشون بعد أن رأى بعينيه كيف ساهم في خلق حالة الفوضى السياسية.

وقال فيليب لتليفزيون TF1: "أفضل أن يكون هناك عضو برلمان أعرفه وأستطيع العمل معه (...) حتى لو كان بيننا اختلافات، والذي أعتقد أنه يشاركني متطلباتي الديمقراطية، وليس حزب التجمع الوطني".  

من جانبه قال فرانسوا هولاند، الرئيس الاشتراكي السابق الذي كان بالأساس رئيس إيمانويل ماكرون في قصر الإليزيه، إن الانسحابات المنسقة "قوضت بدرجة كبيرة"، فرص فوز اليمين المتطرف بأغلبية مطلقة رغم أنها "لم تستبعده تماماً".  

تعيينات في الدقائق الأخيرة

وترأس أتال اجتماعاً لمجلس الوزراء، الأربعاء، والذي قالت BBC، إنه "قد يكون الأخير له كرئيس للوزراء".  

واتهمته رئيسة حزب "التجمع الوطني" باستغلال هذه المناسبة لإجراء سلسلة من التعيينات الجديدة، بينها رؤساء الشرطة.  

وردت المتحدثة باسم الحكومة، بريسكا ثيفينوت بقولها: "يجب على لوبان أن تقرأ الدستور"، مضيفة أنه "أعتقد أننا كنا نعرف أن السيدة لوبان تكذب، والآن صرنا نعرف أنها تتلاعب بالمعلومات". 

وأشارت المتحدثة باسم الحكومة الفرنسية إلى أن "مثل هذه التعيينات ليست جديدة، خاصة عندما تتعلق بالاستعداد لبدء العام الدراسي المقبل".

وفي الوقت نفسه، اشتكى رئيس اتحاد الشركات الصغيرة والمتوسطة في فرنسا، فرانسوا أسيلين، من أن قرار الرئيس ماكرون بحل البرلمان قد كلف فرنسا "ربع النمو"، مشيراً إلى أنه "يبدو أن أحداً لم يأخذ الاقتصاد الفرنسي في الاعتبار". 

وقال أسيلين لتليفزيون BFM، إنه إذا تمكن أي من تحالف "الجبهة الشعبية الجديدة" اليساري، أو حزب "التجمع الوطني" من تفعيل خططه الاقتصادية، فإن "عقوبات الأسواق ستكون فورية".

تصنيفات

قصص قد تهمك