قال مستشار الأمن القومي الأميركي، جيك سوليفان، إن الأميركيين يدركون قيمة التحالفات، ويعلمون أن هذه العلاقات تجعلهم أكثر قوة وتساعدهم على بناء عالم حر ومستقل ومزدهر وآمن، لكنهم يريدون التأكد من أن الحلفاء يتحملون مسؤولياتهم ويدفعون نصيبهم العادل من تكاليف الدفاع المشترك.
وأضاف، في مقال نشرته صحيفة "نيويورك تايمز": "عندما تولى الرئيس جو بايدن منصبه في عام 2021، كانت تحالفاتنا في جميع أنحاء العالم تعاني من ضمور ونقص في الاستخدام، لكن الآن بعد ثلاث سنوات ونصف، يلتزم حلفاؤنا بالدفاع المشترك أكثر من أي وقت مضى منذ نهاية الحرب الباردة، ما يجعلهم وأميركا أكثر أمناً".
وتابع سوليفان: "لا يزال هناك المزيد من التقدم الذي يتعين إحرازه، لكننا في طريقنا إلى بناء القوة التي تعزز المصالح الأميركية وتمكننا من العمل معاً لتشكيل مستقبل النظام الدولي".
وأشار إلى أنه بينما يجتمع زعماء الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي (الناتو) في واشنطن، هذا الأسبوع، فإن التحالف أقرب من أي وقت مضى لتحقيق التعهد الذي قدمه أعضاء الحلف قبل 10 سنوات، بعد ضم روسيا غير الشرعي لشبه جزيرة القرم، بإنفاق 2% من الناتج المحلي الإجمالي على الدفاع.
وتوقع سوليفان أن تفي 23 دولة من إجمالي 32 دولة أعضاء بالحلف، بهذا الهدف أو تتجاوزه في عام 2024، مقارنة بـ9 دول فقط عام 2020، و5 دول عام 2016.
506 مليارات دولار للدفاع
وأعلن أن شركاء أميركا في "الناتو" - كندا و30 دولة أوروبية - سينفقون خلال العام الجاري، 506.7 مليار دولار على الدفاع، بزيادة 181 مليار دولار عن عام 2020، وزيادة 70 مليار دولار من عام 2016 إلى عام 2020، خلال الإدارة السابقة.
وتعهد سوليفان بأن تستمر هذه الأرقام في التحسن، موضحاً أنه في عام 2023، زادت نفقات الدفاع لدول الحلف في أوروبا وكندا بنسبة 8%، متوقعاً أن تزيد النفقات بنسبة 18% خلال العام الجاري.
وقال: "هذه ليست مجرد أرقام على الورق أو خدعة محاسبية متقنة، ففي السنوات الخمس المقبلة، سيضيف أعضاء الحلف أكثر من 650 طائرة F-35 من الجيل الخامس، وأكثر من 1000 نظام دفاع جوي، ونحو 50 سفينة وغواصة حربية، و1200 دبابة قتالية، و11 ألفاً و300 مركبة قتالية، وما يقرب من 2000 نظام مدفعي، ما يجعلنا جميعا أكثر أماناً، لذا، بالفعل، أوروبا تفعل المزيد".
وتابع سوليفان: "هناك عدد من الأسباب لهذا التحول المهم، الرئيس كان يعلم أننا يمكن أن نقنع حلفاءنا وشركاءنا ببذل المزيد، وإنفاق المزيد، إذا عملنا على تقوية وتعميق الروابط بدلاً من التنمر عليهم أو تهديدهم بترك التحالف، كذلك كانت أوروبا تتكيف مع الحقائق الأمنية الجديدة بعد الغزو الروسي لأوكرانيا في عام 2022".
زيادة 65% في إنفاق اليابان على الأمن
سوليفان كشف أن الأخبار الجيدة لا تقتصر على "الناتو"، ففي منطقة المحيطين الهندي والهادئ، يزيد الحلفاء المقربون أيضاً إنفاقهم العسكري، مشيراً إلى أن اليابان التزمت بمضاعفة إنفاقها المرتبط بالأمن الوطني، بزيادة 65% في الإنفاق العسكري، بحلول عام 2027.
وأوضح أنه في عام 2022، أعلنت كوريا الجنوبية عن خطة خمسية لإنفاق أكثر من 260 مليار دولار على الدفاع، ما يعني زيادات سنوية بنسبة 6.8% في المتوسط، كما أعلنت أستراليا أخيراً أنها ستنفق 37 مليار دولار على الدفاع، العام المقبل، مع تخطيط لمزيد من الزيادات في السنوات المقبلة.
وقال سوليفان: "ينفق حلفاؤنا أيضاً المزيد على منصات الأسلحة والذخائر التي تُصنع في أميركا، وبجانب استثماراتنا الخاصة بالأموال الإضافية لأوكرانيا التي خصصها الكونجرس، يجري استخدام هذا التمويل لإعادة تنشيط خطوط الإنتاج في جميع أنحاء البلاد وتوفير فرص عمل للأميركيين، نحن نصنع أسلحة تجعل الولايات المتحدة والعالم أكثر أماناً، بينما نعزز اقتصادنا".
واعتبر أن قوة الاستجابة للغزو الروسي غير المبرر لأوكرانيا، دليلاً على أن "الناتو" لا يزال حاسماً اليوم، على الرغم من أنه تحالف عمره 75 عاماً، موضحاً أنه عندما أصبحت الولايات المتحدة على علم بخطة فلاديمير بوتين لغزو أوكرانيا، استشار بايدن حلفاء واشنطن وشكل تحالفاً لدعم كييف.
وأضاف: "كان البعض متشككاً في أن روسيا ستمضي قدماً، لكن عندما فعلت ذلك، وقفوا مع الشعب الأوكراني، إن دعم أميركا القوي للحلف طمأن حلفاءنا بأننا سنساندهم إذا هاجمتهم روسيا.. سمح لهم ذلك بإعطاء أوكرانيا دفاعات جوية وذخائر حاسمة ربما كانوا حجبوها للدفاع عن أنفسهم لو كانوا يعتقدون أن التحالف كان هشاً وأن كل دولة تركز على نفسها".
وتابع سوليفان: "هذه هي المرة الأولى منذ الحرب العالمية الثانية التي يتحمل فيها شركاؤنا الأوروبيون عبئاً أكبر من الولايات المتحدة في صراع كبير.. قدمت أميركا مليارات الدولارات في المساعدات العسكرية والاقتصادية لمساعدة أوكرانيا على الدفاع عن نفسها، ولكن أوروبا أنفقت أكثر.. ووفقاً لمعهد كيل للاقتصاد العالمي، الذي يتتبع الدعم الدولي الشامل لأوكرانيا، قدمت الولايات المتحدة لأوكرانيا 80 مليار دولار بين يناير 2022 ونهاية أبريل 2024. وقدمت أوروبا 110 مليارات دولار، بما في ذلك صواريخ بعيدة المدى، ونظام صواريخ المدفعية عالية الحركة، ومركبات قتالية مدرعة، وأنظمة دفاع جوي وذخائر".
وتقود الولايات المتحدة تحالفاً يضم أكثر من 50 دولة حول العالم، مجتمع "أورو-أطلسي"، يستمر في تقديم جميع أنواع الدعم لأوكرانيا، من الأسلحة إلى المساعدات الإنسانية والاقتصادية. إنه جهد غير مسبوق، بحسب سوليفان.
وقال: "سعت إدارة بايدن إلى تحسين التعاون بين الحلفاء الديمقراطيين عالمياً لتسخير القوة الجماعية، وكانت النتائج ملحوظة. حلفاؤنا في منطقة المحيطين الهندي والهادئ قدموا المساعدة لأوكرانيا، بينما يضطلع حلفاؤنا الأوروبيون بدور أكثر نشاطاً في منطقة المحيطين الهندي والهادئ".
وأضاف سوليفان: "تساعد بريطانيا أستراليا في بناء غواصات تعمل بالطاقة النووية. الحلفاء الأوروبيون وحلفاء منطقة المحيطين الهندي والهادئ يتعاونون عن كثب مع الولايات المتحدة لحماية التقنيات الحساسة الحيوية للأمن الوطني من استخدامها بواسطة الصين ضدنا. يتحدث الشركاء والحلفاء حول العالم دعماً للسلام والاستقرار في مضيق تايوان وحرية الملاحة وسيادة القانون في بحر الصين الجنوبي".
وشدد على أن هناك المزيد الذي يجب فعله، مثل إنفاق المزيد، والاستمرار في العمل العاجل لتعزيز الصناعة الدفاعية والاستثمار في الابتكار، والاستمرار في تعميق التحالفات وتعزيز الردع، والاستمرار في العمل على دمج أوكرانيا في المجتمع الأورو-أطلسي للمساعدة في دعم أساس طويل الأمد للسلام والاستقرار في أوروبا.
وتوقع سوليفان تحقيق تقدم كبير في جميع هذه المهام خلال "قمة الناتو"، هذا الأسبوع، معتبراً أن الطريقة لجعل أميركا أكثر أمناً وإقناع الحلفاء ببذل المزيد من الجهد، هي الالتزام بالتحالفات والعمل معاً لمواجهة التهديدات المشتركة وبناء عالم أفضل.