الجامعة العربية تطالب "الجنائية الدولية" بالتحقيق في جرائم إسرائيل

الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط في كلمته الافتراضية أمام الجلسة الطارئة لبحث أحداث القدس، 11 مايو 2021
الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط في كلمته الافتراضية أمام الجلسة الطارئة لبحث أحداث القدس، 11 مايو 2021
القاهرة -الشرق

قررت جامعة الدول العربية، الثلاثاء، مطالبة المحكمة الجنائية الدولية، بالمُضي قدماً للتحقيق في جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية ترتكبها إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني. 

كما قررت تشكيل لجنة وزارية تضم السعودية ومصر وقطر وفلسطين الأردن والمغرب وتونس، بالإضافة إلى الأمين العام للجامعة وذلك للتواصل مع الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن والدول الفاعلة، بشأن العدوان الإسرائيلي على مدينة القدس والمسجد الأقصى وحي الشيخ جراح.

جاء ذلك خلال اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية، في دورته غير العادية (عبر تقنية الفيديو كونفرانس).

انتهاكات إسرائيلية

وكلّف مجلس الجامعة، المجموعة العربية في الأمم المتحدة في نيويورك، بمباشرة المشاورات والإجراءات مع رئيس مجلس الأمن ورئيس الجمعية العامة، بما فيها النظر في خيار عقد الدورة الاستثنائية الطارئة العاشرة الخاصة بالأعمال الإسرائيلية غير القانونية في القدس الشرقية المحتلة وبقية الأراضي الفلسطينية.

كما كلّف المجلس، الأمانة العامة للجامعة بتنسيق التحرك مع منظمة التعاون الإسلامية لحماية مدينة القدس المحتلة من السياسات والاعتداءات الإسرائيلية الممنهجة.

ودعا، البرلمان العربي إلى التحرك العاجل مع البرلمانات في الدول المؤثرة لتحقيق أهداف هذا القرار، وتكليف بعثات جامعة الدول العربية ومجالس السفراء العرب بإطلاق جهد دبلوماسي مُكثف لنقل مضامين هذا القرار إلى عواصم الدول المؤثرة حول العالم.

وحمّل وزراء الخارجية العرب إسرائيل مسؤولية ما ينتج عن تلك الجرائم والإجراءات التي تشكل انتهاكات فاضحة لقرارات الأمم المتحدة والقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني.

وطالب مجلس الجامعة الأمم المتحدة والمنظمات الدولية المتخصصة، بما في ذلك مجلس الأمن، بتحمل المسؤوليات القانونية والأخلاقية والإنسانية من أجل الوقف الفوري للعدوان الإسرائيلي، وتوفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني والحفاظ على حقه في حرية العبادة، وحفظ الأمن والسلم في المنطقة والعالم.

وقرر وزراء الخارجية العرب على إبقاء المجلس في حالة انعقاد دائم لمتابعة تطورات المخططات العدوانية الإسرائيلية.

رسالة واضحة

وقال الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، الثلاثاء، إن "اجتماع وزراء الخارجية العرب، رسالة واضحة للعالم أن الوضع في فلسطين غير قابل للاستمرار على هذا النحو".

وأضاف أبو الغيط، أن "الهدوء، الذي طالما ادّعى الاحتلال (الإسرائيلي) وجوده، ليس إلا هدوءًا على السطح، يخفي تحته عناصر الانفجار".

وأكد أنه "يتعين على اللجنة الرباعية الدولية أن تتحمل مسؤولياتها، فمن دون أفق للتسوية السياسية أو تحرك جاد نحو إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية، ستظل هذه القضية رهينة لأجندة اليمين الإسرائيلي".

مطالبة بالتحقيق

من جانبه، قال وزير الخارجية الفلسطيني، رياض المالكي، إن فلسطين ستستمر في مطالبة المحكمة الجنائية الدولية، بالإسراع في فتح تحقيق حول جرائم الحرب التي ارتكبها الساسة والعسكريين والمشرعين والمستوطنين الإسرائيليين بحق الضحايا الفلسطينيين. 

وأضاف المالكي في كلمته أمام مجلس الجامعة العربية، أن فلسطين "لن تتردد في طرق كل الأبواب الممكنة من أجل وضع حد لجرائم الاحتلال، ورفع الحصانة عن دولة الاحتلال ومحاسبتها على ما ارتكبته وترتكبه من جرائم ضد الإنسانية". وأشار إلى أن فلسطين تنتظر تحركاً من المغرب لتفعيل لجنة القدس ودعوتها الفورية للانعقاد.

وأضاف في كلمته أن "قرار دولة الاحتلال بإخلاء سكان الشيخ جراح من بيوتهم لم يأت صدفة وإنما ينسجم مع خطة مدروسة تنفذ بشكل ممنهج من قبل كامل عناصر منظومة الاحتلال، ابتداءً من المستوطن إلى الشرطي إلى المسؤول إلى السياسي إلى العسكري إلى المشرع إلى القاضي. جميعهم يعملون لتنفيذ نفس الهدف وهو القضاء على الوجود العربي الفلسطيني الإسلامي المسيحي في المدينة المقدسة وتهويدها بالكامل". 

تحرك عربي 

وطالب مندوب فلسطين لدى الجامعة العربية، دياب اللوح، بتحرك عاجل وفوري لحشد موقف دولي ضاغط على الحكومة الإسرائيلية، بسبب الاعتداءات على المقدسات الدينية في مدينة القدس.

ونقلت وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا"، عن اللوح قوله قبيل بداية الاجتماع الطارئ: "نعول كثيراً على عقد الاجتماع الوزاري وعلى عمقنا العربي والإسلامي".

وشدد المندوب الفلسطيني على ضرورة "وضع آلية تحرك عربي على المستوى الدولي لمتابعة ما يجري بالقدس وفتح تحقيق دولي من خلال المحكمة الجنائية الدولية بجرائم الحرب التي ترتكبها إسرائيل على مدار الساعة".

"خط أحمر"

بدوره، قال وزير الخارجية الأردني، أيمن الصفدي، إن القدس "خط أحمر"، لافتاً إلى أن "إسرائيل تلعب بالنار، ولن تنعم بالأمن إن لم ينعم الفلسطينيون به". 

ونقل التلفزيون الأردني عن الصفدي قوله في كلمته أمام مجلس الجامعة: "الأردن سيتخذ كل الخطوات اللازمة لمساندة الأشقاء وحماية المقدسات وحقوق الشعب الفلسطيني"، مشيراً إلى أن الأردن مستمر بتحركاته "لوضع حد للعدوانية الإسرائيلية وممارساتها اللاشرعية".

وأكد وزير الخارجي الأردني أن الملك عبد الله الثاني، يقود تحركات واتصالات مكثفة "لبلورة جهد دولي فاعل يوقف الانتهاكات ويحمي الشعب الفلسطيني".

مواجهة تغيير القدس

ودعت مصر، الثلاثاء، الدول العربية كافة إلى مواصلة الاصطفاف والتكاتف لمواجهة أي نوايا أو مخططات إسرائيلية لتغيير الوضع القائم في مدينة القدس.

وقال وزير الخارجية المصري، سامح شكري، في كلمته خلال الاجتماع الطارئ، إن بلاده تدعو إلى وقف التصعيد بحق الشعب الفلسطيني وتحمل السلطات الإسرائيلية مسؤولياتها لتوفير الحماية اللازمة للمدنيين الفلسطينيين وصيانة حقوقهم في ممارسة شعائرهم الدينية بحرية وأمان.

وأضاف شكري، أن مصر "تعتبر الممارسات الإسرائيلية تقويضاً لفرص التوصل إلى حل الدولتين وتهديداً جسيماً لركائز الأمن والاستقرار في المنطقة"، معلناً رفض القاهرة واستنكارها للممارسات الإسرائيلية، وتعتبرها انتهاكاً للقانون الدولي.

وأكد أن "الالتفاف وراء أهل القدس ينفي تماماً أي مقولات تدّعي أن الشعوب العربية لم تعد تهتم بالقضية الفلسطينية"، مطالباً السلطات الإسرائيلية بوقف أي ممارسات تنتهك حرمة المسجد الأقصى.

ملف جرائم إسرائيل

وكان مصدر مسؤول في جامعة الدول العربية، كشف لـ"الشرق" أن الجانب الفلسطيني سيطالب وزراء الخارجية العرب، بأهمية الخروج بقرار لمطالبة المحكمة الجنائية الدولية بـ"التحقيق في جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية ترتكبها إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني".

واعتبر المصدر في تصريحات لـ"الشرق" أنه "يجب إعطاء الأولوية لهذا التحقيق وتوفير كافة الإمكانيات، خصوصاً في ظل تصاعد الأحداث وتطورها، وبعد سقوط عدد من الضحايا الفلسطينيين، وضمن مساعي إسرائيل لتهجير العائلات الفلسطينية من منازلهم في حيّ الشيخ جرّاح بالقدس وباقي المناطق والأحياء المحتلة". 

وأكد أنه بالفعل "تم إعداد ملف كامل عن جرائم الحكومة الإسرائيلية في حق الفلسطينين ضمن الأحداث المستمرة حتى الآن، إلى جانب ما ارتكبته إسرائيل على مدار الفترة الماضية، للتحرك به في المحافل الدولية والمنظمات الفاعلة". 

وأفاد المصدر، بأن مشروع قرار وزراء الخارجية العرب سيتضمن، "بنداً يتعلق بأهمية وسرعة توفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني، وحقه في العبادة"، مشيراً إلى "التنسيق المشترك بين الجامعة العربية وأمانتها العامة، ومنظمة التعاون الإسلامي في هذا الملف، وذلك من أجل التحرك بشكلٍ مدروس لحماية المقدسات الإسلامية في القدس، وأهلها من سياسة إسرائيل العدوانية".

اقرأ أيضاً: