السودان.. "توافق مبدئي" في مفاوضات جنيف على فتح معابر إنسانية

عائلات سودانية تفر من الحرب في غرب دارفور باتجاه الحدود مع تشاد. 4 أغسطس 2023 - REUTERS
عائلات سودانية تفر من الحرب في غرب دارفور باتجاه الحدود مع تشاد. 4 أغسطس 2023 - REUTERS
بورتسودان-مها التلب

أفادت مصادر دبلوماسية لـ"الشرق"، الخميس، بأن الاجتماعات غير المباشرة في جنيف بين وفدي الحكومة السودانية وقوات الدعم السريع شهدت "توافقاً" على بعض بنود أجندة المفاوضات المتعلقة بالأوضاع الإنسانية التي خلفتها الحرب التي تمزق البلاد منذ 15 أبريل 2023.

وأوضحت المصادر أنه من المنتظر الدخول بعد ذلك في مناقشة الموضوعات الرئيسية للمباحثات بشكل غير مباشر، مشيرةً في الوقت نفسه إلى وجود "توافق" أيضاً على فتح بعض المعابر لإدخال المساعدات الإنسانية.

وأضافت أن النقاش متواصل مع الوفود بواقع جلستين صباحية ومسائية مع وفد المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة رمطان العمامرة  لاعتماد موضوعات أجندة المشاورات غير المباشرة بشأن المساعدات الإنسانية.

كما أوضحت المصادر أن هنالك توافقاً بين وفدي الحكومة والدعم السريع على بعض بنود أجندة المفاوضات غير المباشرة، وعلى فتح بعض المعابر لدخول المساعدات الإنسانية، لكن لا يزال هناك خلافاً بشأن النقطة المتعلقة بالإشارة إلى قرار مجلس الأمن 2736 والذي يعني إحالة الأمر إلى مجلس الأمن.

"لا تفاهمات مع الحكومة"

وقال قيادي بوفد الدعم السريع في جنيف لـ"الشرق": "لم نتلق ولم نبحث أي أجندة مع وفد الحكومة السودانية ولا نعترف بها، والمباحثات مقصورة على حوار ثنائي مع الأمم المتحدة"، مشيراً إلى أنه "ليس صحيحاً الوصول لأي تفاهمات مع الوفد الحكومي".

وفي تصريح أخر مع وكالة "رويترز"، ذكر عضو بوفد التفاوض التابع للدعم السريع أن القوات "اتفقت مع الأمم المتحدة على بعض الخطوات لتسهيل المساعدات" في المناطق الخاضعة لسيطرتها.

وأشار إلى أن الجيش السوداني "لم يشارك معنا في أي تفاهمات" بشأن تسليم المساعدات. ومن غير الواضح ما إذا كان من الممكن تنفيذ هذه الخطوات دون مشاركة الجيش، بحسب "رويترز".

وكان العمامرة أجرى قبل الاجتماعات اتصالات مكثفة ومنفصلة مع نائب قائد الجيش الفريق أول شمس الدين كباشي، وقائد الدعم السريع الفريق أول محمد حمدان دقلو "حميدتي"، بحسب ما ذكرته المصادر في وقت سابق.

وبحثت المشاورات التي استمرت لأسبوع إمكانية دخول الطرفين في مفاوضات مباشرة، لكن العمامرة تراجع عن ذلك، واقترح بدلاً عن ذلك مفاوضات غير مباشرة بوساطة الأمم المتحدة، وتنسيقية الشؤون الإنسانية "أوتشا".

وبحسب المصادر، تم الاتفاق على عقد المفاوضات غير المباشرة في جنيف على أن يتم تشكيل الوفود في مدة لا تتجاوز 2 يوليو الجاري، في حين التزم الطرفان بتسليم تشكيلة الوفود في الموعد المحدد.

ولبحث مسألة تشكيل وفد الحكومة المفاوض، عقد رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان حينها اجتماعاً مع أعضاء المجلس وهم نائبه مالك عقار، ونائب القائد العام للقوات المسلحة شمس الدين كباشي، والعضو إبراهيم جابر، وحاكم إقليم دارفور مناوي، ووزير المالية جبريل إبراهيم.، بحسب مصادر "الشرق".

وذكرت المصادر، أن وفد الحكومة يضم اللواء محجوب بشري رئيس وفد الجيش لمفاوضات جدة، والمفوضة العام للعون الإنساني سلوى أدم بنية، وممثل عن وزارة الخارجية لم تسمه.

مجاعة تلوح في الأفق

وأثارت الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع مخاوف العديد من المنظمات الدولية من حدوث مجاعة في السودان. وتقول الأمم المتحدة إن نحو 25 مليون شخص، أي نحو نصف سكان البلاد، بحاجة إلى مساعدات، وإن المجاعة تلوح في الأفق، فيما فر نحو 10 ملايين من منازلهم. 

وفي المقابل، نفي عضو مجلس السيادة الفريق إبراهيم جابر، وجود مجاعة في البلاد، وقال إن قوات الدعم السريع "تمنع إيصال المساعدات الإنسانية". 

وأشار جابر في حديث لـ"الشرق"، إلى أن "السودان تعاون مع الأمم المتحدة فيما يختص بفتح المعابر الحدودية، ومنح التصاريح والتصاديق للمنظمات الدولية"، وزاد أن "هذه الاجراءات كانت تأخذ أسبوع والآن 24 ساعة فقط".

ولفت عضو مجلس السيادة إلى "فتح معبر بري وجوي عبر دولة جنوب السودان، وبورتسودان في شرق البلاد إلى جانب معبر مدينة الطينة بدارفور"، مشدداً على ضرورة عدم فتح معبر أدرى من تشاد لجهة أن الدعم السريع تعمل على "إدخال المرتزقة والسلاح من خلاله"، على حد تعبيره.

وأضاف المسؤول السوداني أن "الدول المانحة لم تف بالتزاماتها في باريس تجاه الأزمة الإنسانية في السودان حيث تم دفع 16‎%‎ فقط".

وسبق أن أدان البيان الختامي لمؤتمر القوى السياسية والمدنية السودانية الذي استضافته العاصمة المصرية القاهرة، في وقت سابق الشهر الجاري، كل الانتهاكات التي ارتكبت خلال الحرب في السودان، داعياً إلى ضرورة الوقف الفوري للقتال بما يشمل آليات وسبل ومراقبة الوقف الدائم لإطلاق النار ووقف العدائيات.

واعتبر البيان أن الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع تُمثل "لحظة حرجة من تاريخ السودان، تُهدد استقراره واستقلاله ووحدة أراضيه، وبقاءه كدولة، وتسبّبت بكارثة إنسانية مريعة، وعصفت بملايين الأسر".

تفاؤل وأمل

ويرى المحلل السياسي وأستاذ العلوم السياسية بجامعة النيلين عمر صديق عبد الرحمن، أن "انعقاد المؤتمر يأتي في ظل أوضاع إنسانية بالغة التعقيد خاصة بعد تمدد الحرب لمساحات واسعة، ووصولها إلى أقاليم كانت آمنة من قبل، وفي ظل هجمات ظلت تشنها قوات الدعم السريع على ولايات مستقرة أمنياً".

وأضاف عبد الرحمن لـ"الشرق"، أن هذه الهجمات "خلّفت معاناة إنسانية، وحالات نزوح لمئات الآلاف من المواطنين بعد مرور عام ونصف من الصراع بين القوات المسلحة وقوات الدعم السريع".

وتوقع المحلل السياسي، أن "تفضي المفاوضات غير المباشرة بين أطراف النزاع هذه المرة إلى وقف إطلاق نار ولو بشكل مؤقت لإيصال المساعدات الإنسانية إلى المواطنين العالقين في مناطق النزاع".

ولفت إلى هذه المفاوضات تأتي "بعد الضغوط التي ظل المجتمع الدولي يمارسها، والتحذيرات التي أطلقتها المنظمات الدولية والإقليمية من دخول البلاد في مجاعة بعد تقرير تحدث عن فشل متوقع للموسم الزراعي مع احتدام المعارك بين الجانبين". 

وذكر المحلل السياسي السوداني، أن "أطراف الصراع تحتاج إلى ضمانات حقيقة تضمن عدم اختراق أي اتفاق متوقع لوقف إطلاق النار، وربما تكون ضمن نتائج هذا المؤتمر إنشاء آلية رقابة للاتفاق المتوقع لوقف النار، وفتح مسارات آمنة للمدنيين، وآلية رقابة لحمايتهم، خصوصاً بعد التقارير الأخيرة التي تتحدث عن انتهاكات لحقوق الإنسان وارتكاب جرائم حرب ضد المدنيين بالأدلة الدامغة".

كما شدد على ضرورة أن "يمارس المجتمع الدولي والإقليمي ضغوطاً حقيقية خاصة بعد أن أصبحت حرب السودان تهدد الأمن والسلم الدوليين، وسط توقعات بزيادة حالات النزوح واللجوء والهجرة غير الشرعية".

تصنيفات

قصص قد تهمك