عبّرت عدد من الدول العربية والأمم المتحدة عن مخاوفها من التصعيد في المنطقة، بعد الغارات الإسرائيلية على ميناء الحديدة في غرب اليمن، والذي جاء في أعقاب هجوم قاتل للحوثيين بطائرة مسيرة على تل أبيب ليل الخميس.
وأعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، عن قلقه البالغ إزاء التقارير التي أفادت بوقوع الغارات الجوية الإسرائيلية، ودعا في بيان، جميع الأطراف المعنية إلى "تجنب الهجمات التي يمكن أن تؤذي المدنيين وتلحق الضرر بالبنية التحتية المدنية".
وقال جوتيريش إنه "لا يزال يشعر بقلق عميق إزاء خطر حدوث مزيد من التصعيد في المنطقة"، وحث الجميع على "ممارسة أقصى درجات ضبط النفس".
وذكرت مصادر طبية في اليمن لـ"رويترز"، الأحد، أن 6 أشخاص على الأقل سقطوا وأصيب 80 آخرون، جرّاء الضربات الإسرائيلية على ميناء الحديدة.
واستمر اشتعال النيران في ميناء الحديدة إلى الأحد، إذ أظهرت مقاطع مصورة على وسائل التواصل الاجتماعي تصاعد أعمدة الحريق والدخان في الميناء.
وكان الجيش الإسرائيلي، أعلن السبت، أن طائراته المقاتلة قصفت أهدافاً وصفتها بـ"العسكرية" لجماعة الحوثي بمنطقة ميناء الحديدة.
قلق ودعوة لوقف التصعيد
وقالت وزارة الخارجية السعودية، الأحد، إنها "تتابع بقلق بالغ تطورات التصعيد العسكري في اليمن بعد الهجمات الإسرائيلية التي شهدتها محافظة الحديدة، السبت، والتي تضاعف من حدة التوتر الحالي في المنطقة، وتضر بالجهود المستمرة لإنهاء الحرب على غزة".
ودعت الخارجية السعودية "كافة الأطراف للتحلي بأقصى درجات ضبط النفس والنأي بالمنطقة وشعوبها عن مخاطر الحروب، وأن يضطلع المجتمع الدولي والأطراف المؤثرة والفاعلة بأدوارهم ومسؤولياتهم لإنهاء الصراعات في المنطقة".
وأكدت "استمرار جهود المملكة العربية السعودية لإنهاء الحرب على غزة، ودعمها المستمر لجهود السلام في اليمن لتجنيب شعبها الشقيق المزيد من المعاناة وتحقيق الأمن والسلم في المنطقة".
وفي وقت سابق، قال العميد تركي المالكي، المتحدث باسم وزارة الدفاع السعودية، إن المملكة ليس لها علاقة أو مشاركة في استهداف الحديدة باليمن. وأضاف، في بيان، أن السعودية لن تسمح باختراق أجوائها من أي جهة كانت.
بدورها، عبّرت وزارة الخارجية الكويتية، الأحد، عن القلق البالغ إزاء الهجمات الإسرائيلية غير المسبوقة على اليمن، مشددة على ضرورة النأي بالمنطقة وشعوبها عن مخاطر العنف والدمار.
وقالت الخارجية الكويتية في بيان: "تتابع وزارة الخارجية ببالغ القلق انعكاس الهجمات الإسرائيلية غير المسبوقة على أراضي الجمهورية اليمنية، وما سيتمخض عنها من تدهورٍ للوضع الأمني في المنطقة، وتقويضٍ للجهود الدولية الرامية لإنهاء دائرة العنف".
وشددت الخارجية الكويتية على "أهمية اضطلاع المجتمع الدولي ومجلس الأمن بمسؤولياته في إنهاء الصراعات كافة"، كما أكدت على استمرار دولة الكويت في دعم الجهود الرامية لإحلال الأمن والاستقرار في اليمن.
كما قالت الخارجية العمانية في بيان، إن السلطنة "تندد بالاعتداءات العسكرية الإسرائيلية على الجمهورية اليمنية الشقيقة، التي تمثل تصعيداً جديداً للتوتر في المنطقة من شأنها أن تزيد الوضع الإقليمي تعقيداً، وتعرقل جهود التهدئة وإنهاء الصراعات مما يعوق تحقيق السلام المنشود".
وكانت وزارة الخارجية المصرية قد ذكرت أن القاهرة "تتابع بقلق بالغ العمليات العسكرية الإسرائيلية في الأراضي اليمنية، وتطالب بضبط النفس والتهدئة وإنهاء الحرب على قطاع غزة". وحذرت مما سبق وأن أشارت إليه من مخاطر توسيع رقعة الصراع في المنطقة على إثر تطورات أزمة قطاع غزة، وبما سيدفع الإقليم بأسره إلى دائرة مفرغة من الصراعات وعدم الإستقرار.
ونددت وزارة الخارجية الإيرانية، السبت، بالغارات الجوية الإسرائيلية على الحديدة باليمن. وجاء في بيان للمتحدث ناصر كنعاني، نقلته وكالة "مهر" المحلية، أن إيران تدين "العدوان الصهيوني" على مدينة الحديدة.
عملية "الذراع الطويلة"
وعرض الجيش الإسرائيلي، الأحد، لقطات مصورة تظهر غاراته الجوية في اليوم السابق على ميناء الحديدة.
وأظهر الفيديو صواريخ أطلقتها طائرات مقاتلة تابعة لسلاح الجو الإسرائيلي، أصابت أربع رافعات حاويات كبيرة في الميناء المستخدم لتفريغ الشحنات.
ونشر سلاح الجو الإسرائيلي أيضاً لقطات تظهر طائرات مقاتلة يتم تزويدها بالوقود وسط العملية، التي أطلق عليها اسم "الذراع الطويلة"، بالإضافة إلى وصول بعض الطائرات إلى القواعد الجوية الإسرائيلية بعد الغارة.
وعقد وزير الدفاع يوآف جالانت، الأحد، أول تقييم للوضع مع عدد من القاعدة العسكريين، لتقييم الغارات على ميناء الحديدة.
واتهم جالانت إيران بالوقوف خلف الهجمات على إسرائيل، وقال إن "حزب الله (اللبناني) وعناصر أخرى تسعى لزعزعة الاستقرار هنا في إسرائيل".
وكان جالانت قد بحث مع وزير الدفاع الأميركي، لويد أوستن، السبت، القصف الإسرائيلي على ميناء الحديدة باليمن.
وأفاد المتحدث باسم البنتاجون بات رايدر، في بيان، بأن أوستن أشار إلى أن تحرك إسرائيل جاء بعد شهور من الهجمات الحوثية ضد إسرائيل، وأكد مجدداً التزام الولايات المتحدة الراسخ بأمن إسرائيل وحقها في الدفاع عن نفسها.
بدوره، قال وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس، إن "إيران مسؤولة عن هجمات الحوثيين" ضد إسرائيل وطرق الشحن الدولية.
واعتبر كاتس أن إيران "تعرض السلام العالمي للخطر، ويجب إيقافها الآن قبل فوات الأوان"، مشيراً إلى أن وزارة الخارجية الإسرائيلية تجري اتصالات مع الدول والمنظمات في جميع أنحاء العالم "للتأكيد على أهمية وضرورة" الهجوم الإسرائيلي على الحديدة بجنوب اليمن.
زعيم الحوثيين: ضربة استعراضية
ووصف زعيم جماعة الحوثي عبد الملك الحوثي الضربة الإسرائيلية على مدينة الحديدة، بأنها استعراضية لتهدئة "جمهوره الغاضب والخائف"،
وقال عبد الملك الحوثي في كلمة نقلها تلفزيون "المسيرة": "يشن الأميركي حرباً اقتصادية وعسكرية على شعبنا، ويحرك أيضاً أدواته وعملاءه لهذه المعركة للاستهداف عبر ضربات تزيد من مستوى الحصار لشعبنا، العدو الإسرائيلي في هذا السياق استهدف المازوت والديزل الذي يجلبه التجار لبيعه للمواطنين، هذا هو الهدف".
وأضاف عبد الملك الحوثي أن الضربة الإسرائيلية لها "هدف آخر، هو استعراضي من خلال حرق كميات الديزل والمازوت الموجودة في الخزانات قبل نقلها إلى التجار في المحافظات".
واعتبر أن هدف القصف هو "من أجل مشاهد النيران المشتعلة فيه، والدخان المتصاعد منه ليصور العدو الإسرائيلي لجمهوره الغاضب والخائف، وكأنه عمل عملاً كبيراً وحقق إنجازاً كبيراً ووجه ضربة موجعة".
كما ذكر الحوثي أن استهداف تل أبيب بطائرة مسيرة هو بداية للمرحلة الخامسة من التصعيد، مشيراً إلى أنها تعد أيضاً بداية "معادلة جديدة ستستمر".
وزعم عبد الملك الحوثي أن الطائرة المسيرة التي استخدمت في الهجوم على تل أبيب "هي تصنيع يمني وأطلقتها قوة يمنية"، نافيا أن تكون "إيرانية الصنع"، أو أن تكون أطلقت من بلدان أخرى.
وفي ردهم على قصف ميناء الحديدة، أطلق الحوثيون، الأحد، صواريخ باليستية باتجاه إسرائيل، التي أعلنت أن الحديث يجري عن صاروخ واحد فقط تمكنت من التصدي له وإسقاطه قبل دخول الأجواء الإسرائيلية.
وقال المتحدث العسكري باسم الحوثيين يحيى سريع، إنه تم قصف أهداف "مهمة" في إيلات بجنوب إسرائيل بعدد من الصواريخ، زاعماً أن عملية القصف "حققت أهدافها بنجاح".
كما أعلن المتحدث العسكري، في بيان متلفز، استهداف سفينة أميركية في البحر الأحمر، وقال إن الهجوم تم بصواريخ باليستية وطائرات مسيرة، وأدى إلى إصابة السفينة "بشكل مباشر".