قال مسؤول غربي ومصدر فلسطيني ومصدران مصريان إن إسرائيل تسعى إلى إدخال تعديلات على خطة تهدف إلى التوصل لهدنة في غزة وإطلاق سراح الرهائن المحتجزين لدى حركة حماس، وهو ما يعقّد التوصل لاتفاق ينهي القتال المستمر منذ 9 أشهر وأسفر عن تدمير القطاع.
أوضحت المصادر الأربعة لوكالة "رويترز"، أن إسرائيل تقول إنه يتعين فحص النازحين الفلسطينيين لدى عودتهم إلى شمال القطاع عندما يبدأ وقف إطلاق النار، متراجعة بذلك عن توافق يسمح للمدنيين الذين فروا إلى الجنوب بالعودة إلى ديارهم بحرية.
وذكر المسؤول الغربي أن المفاوضين الإسرائيليين "يريدون آلية فحص للسكان المدنيين العائدين إلى شمال غزة، إذ أنهم يخشون من أن يدعم هؤلاء السكان" مقاتلي "حماس" الذين ما زالوا يتحصنون هناك.
وأوضح المصدر الفلسطيني والمصدران المصريان أن حركة "حماس" رفضت المطلب الإسرائيلي الجديد، إلا أن مسؤولاً إسرائيلياً كبيراً قال إن الحركة لم تطلع بعد على المقترحات الحديثة التي من المتوقع أن تُعلن "في الساعات المقبلة".
وقال المسؤول الذي طلب عدم الكشف عن هويته بسبب حساسية الأمر: "الرسائل الواردة من حماس غريبة لأننا لم نرسل (المقترحات) بعد، ولم يطلع أحد عليها بعد. حتى المفاوضون لم يتلقوها بعد. وسيقرؤونها قبل إرسالها إلى حماس للرد عليها".
وأشار المصدران المصريان إلى وجود نقطة خلاف أخرى تتعلق بمطلب إسرائيل الاحتفاظ بالسيطرة على حدود غزة مع مصر، وهو ما ترفضه القاهرة باعتباره خارج إطار أي اتفاق نهائي يقبله الجانبان.
ولم يرد مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أو البيت الأبيض أو وزارة الخارجية المصرية بعد على طلبات من "رويترز" للتعليق على مطالب إسرائيل.
لكن مفاوض إسرائيلي كبير قال لصحيفة "هآرتس"، إن "نتنياهو يحاول وضع محادثات الهدنة في أزمة"، مضيفاً أن "دعوة نائب الرئيس كامالا هاريس لإنهاء الحرب قد تجعل اتفاق وقف إطلاق النار أقل احتمالاً".
وأوضح أن "فريق التفاوض أبلغ رئيس الوزراء بشكل واضح: لن نجد في الأسابيع المقبلة آلية يمكن أن تمنع عودة المزيد من المسلحين إلى شمال غزة، وتكون مقبولة لدى حماس"، معتبراً أن هذا المقترح "ضربة قاضية للمفاوضات".
وذكر رجل إسرائيلي تحتجز حركة "حماس" جثة ابنه، أن "بايدن أعطى عائلات الأسرى الإسرائيليين أملاً بأن شيئاً سيحدث خلال الأيام المقبلة" وذلك في اجتماع مع عوائل المحتجزين بالعاصمة واشنطن.
"قلق وسط فريق التفاوض الإسرائيلي"
ونقلت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" عن مصادر قريبة من المفاوضات تحدثت لوسائل إعلام عبرية، الجمعة، أن فريق التفاوض الإسرائيلي يشعر بالقلق من أن التعديلات التي أضافها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو مؤخراً على مقترح اتفاق وقف النار المطروح على الطاولة، "تهدف إلى إحداث أزمة".
وأضافت المصادر أن نتنياهو يعتقد أن تشديد مواقفه ضد "حماس" سيؤدي إلى كسر الحركة، مشيرة إلى أنه يراهن "بشكل خطير على حياة المحتجزين".
وذكرت "تايمز أوف إسرائيل" أن وسائل إعلام عبرية من بينها محطة "كان" وموقع "واي نت" الإخباري، نقلت عن المصادر قولها: "لم يعد هناك وقت"، وأن نتنياهو رفع سقف التوقعات قبل مغادرته إلى الولايات المتحدة حتى تتمكن تل أبيب من تحسين موقفها بعد ذلك.
حماس: نتنياهو يراوغ
وقال سامي أبو زهري القيادي البارز في "حماس"، إن "نتنياهو ما زال يراوغ ولا يوجد أي تغيير على موقفه". ولم يعلق أبو زهري بشكل مباشر على مطالب إسرائيل.
وتأتي الأنباء عن نقاط الخلاف الجديدة في الوقت الذي دعا فيه الرئيس الأميركي جو بايدن خلال محادثاته في واشنطن الخميس مع نتنياهو للتوصل إلى اتفاق نهائي لوقف إطلاق النار.
وقال منسق الاتصالات الاستراتيجية بمجلس الأمن القومي الأميركي جون كيربي: "نحن الآن أقرب مما كنا عليه من قبل"، لكنه أشار إلى وجود فجوات.
وفي كلمة ألقاها أمام الكونجرس الأميركي الأربعاء، قال نتنياهو إن إسرائيل منخرطة "في جهود مكثفة" لتأمين إطلاق سراح الرهائن المحتجزين في غزة.
وطلبت المصادر التي تحدثت إلى "رويترز" عدم الكشف عن هوياتها، بسبب حساسية المحادثات المتقطعة التي تهدف إلى إبرام اتفاق من أجل هدنة في غزة، وإطلاق سراح الرهائن المحتجزين منذ السابع من أكتوبر الماضي.
وتشير الإحصاءات الإسرائيلية إلى سقوط 1200 شخص واحتجاز أكثر من 250 آخرين خلال هجوم "حماس". وتقول إسرائيل إنه لا يزال هناك نحو 120 رهينة في القطاع، إلا أنها تعتقد أن ثلثهم قد لقوا حتفهم.
وتقول السلطات الصحية في غزة إن أكثر من 39 ألف فلسطيني قتلوا ونزح معظم سكان قطاع غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة، بسبب الحرب التي دمرت أجزاء واسعة من القطاع وتسببت في كارثة إنسانية.
وتتوسط الولايات المتحدة وقطر ومصر في محادثات غير مباشرة بين إسرائيل وحماس، تتمحور حول إطار عمل يستند إلى عرض إسرائيلي دعمه بايدن الذي يضغط على الجانبين لحل ما يتبقى من خلافات.
يتألف الإطار من 3 مراحل، تتضمن الأولى منها وقف إطلاق النار لـ6 أسابيع وتحرير المحتجزين من النساء وكبار السن والجرحى مقابل الإفراج عن المئات من الفلسطينيين المحتجزين لدى إسرائيل.
ويقترح الإطار استمرار المحادثات بشأن المرحلة الثانية، التي يصفها بايدن بأنها "نهاية دائمة للأعمال القتالية"، خلال المرحلة الأولى. وستبدأ عمليات إعادة إعمار كبرى في المرحلة الثالثة.
نقاط عالقة
يقول مسؤولون أميركيون منذ أسابيع إن الاتفاق أصبح قريباً، إلا أن هناك عقبات لا تزال قائمة.
وقال المسؤول الغربي والمصدران المصريان إن المسؤولين الإسرائيليين طرحوا المطلب الخاص بإيجاد آلية لفحص المدنيين العائدين إلى شمال غزة خلال جولة المفاوضات الأخيرة في القاهرة، والتي عقدت في وقت سابق من هذا الشهر. وقال المسؤول الغربي إن هذا "لم يكن متوقعاً".
وأضاف المسؤول أن إسرائيل لا تشعر بالقلق فحسب بشأن تسلل مقاتلي حماس إلى الشمال، وإنما أيضاً بشأن "العملاء" الموجودين بين المدنيين ويقدمون الدعم بشكل سري للحركة التي تحكم القطاع.
وقال المسؤول والمصادر الثلاثة الأخرى إن الإسرائيليين لا يرغبون في سحب قواتهم من محور فيلادلفيا (صلاح الدين)، وهو شريط من الأرض بطول 14 كيلومتراً على الحدود مع مصر.
وسيطرت قوات الجيش الإسرائيلي على الشريط الاستراتيجي في مايو الماضي، وتقول إنه توجد أسفله أنفاق تهريب كانت "حماس" تحصل من خلالها على الأسلحة وغيرها من الإمدادات، فيما تقول مصر إنها دمرت شبكات الأنفاق المؤدية إلى غزة قبل سنوات وأقامت منطقة عازلة وتحصينات حدودية لمنع التهريب.
وقال المسؤول الغربي إن الأيام القليلة الماضية شهدت مساع لإيجاد حل لهذه القضية، إما من خلال انسحاب إسرائيلي "أو التوصل إلى تفاهم حول كيفية إدارة ذلك"، دون أن يخوض في تفاصيل.
وأفاد مسؤول كبير في إدارة بايدن، الأربعاء، قبل اجتماع نتنياهو مع الرئيس الأميركي، إنهم في المراحل النهائية من التوصل لاتفاق.
وتابع المسؤول: "هناك بعض الأمور التي نحتاجها من حماس، وهناك بعض الأمور التي نحتاجها من الجانب الإسرائيلي. وأعتقد أنكم سترون ذلك يحدث هنا على مدار الأسبوع المقبل".
وذكر المسؤول أن من بين الأمور المطلوبة من حماس "الرهائن الذين سيخرجون"، دون مزيد من التوضيح.
ورفض القيادي بحركة "حماس" سامي أبو زهري هذا الزعم وقال إن "الإدارة الأميركية تحاول التغطية على تعطيل نتنياهو للصفقة بالقول إن هناك أشياء مطلوبة من الطرفين، وهذا بعيد عن الحقيقة".