حكاية غزة.. مستطيل الحرب والسلام

لوحة جدارية في مدينة غزة، وخلفها طفل فلسطيني يلعب كرة القدم - REUTERS
لوحة جدارية في مدينة غزة، وخلفها طفل فلسطيني يلعب كرة القدم - REUTERS
دبي - الشرق

كلما تجدد التوتر بين إسرائيل والفلسطينيين يعود قطاع غزة ليحتل مركز الاهتمام، باعتباره مفتاحاً للحرب والاستقرار في المنطقة.

وبدأت حكاية القطاع بشكله الحالي مع النكبة الفلسطينية عام 1948، عندما انقسمت خارطة فلسطين التاريخية إلى 3 مناطق، هي: قطاع غزة، الضفة الغربية، وإسرائيل، التي أقيمت على 78% من أراضي فلسطين التاريخية.

وتمتد أراضي القطاع على شكل مستطيل ضيق بمحاذاة البحر المتوسط بين مصر وإسرائيل، ويبلغ طوله 40 كيلومتراً وعرضه 10كيلومترات فقط، بينما يضم نحو مليوني فلسطيني.

بين الحرب والسلم

وفي أعقاب قيام دولة إسرائيل عام 1948 والحرب التي تلت ذلك بينها والجيوش العربية، أصبح قطاع غزة خاضعاً لإدارة مصر، بينما توحدت الضفة الغربية مع الأردن.

وفي 1967 احتلت إسرائيل قطاع غزة إبان حرب يونيو بين إسرائيل والدول العربية، واستمر القطاع تحت الاحتلال الإسرائيلي المباشر منذ ذلك الحين، وحتى عام 1994، حينما أقيمت السلطة الفلسطينية على القطاع بموجب اتفاق أوسلو.

ونص الاتفاق على انسحاب القوات الإسرائيلية على مراحل من الضفة الغربية وقطاع غزة وإنشاء "سلطة حكم ذاتي فلسطينية مؤقتة"، لمرحلة انتقالية تستغرق 5 سنوات.

وفي مايو 1994، عاد الرئيس الفلسطيني السابق ياسر عرفات إلى غزة، كناية عن إعلان إقامة السلطة الفلسطينية في غزة وأريحا، تنفيذاً لاتفاق أوسلو، وأصبح القطاع مقراً لعرفات.

وفي عام 2005 سحبت إسرائيل قواتها التي تحتل القطاع، بالإضافة إلى آلاف المستوطنين اليهود منه، لكنها ظلت تسيطر على حدوده البرية فضلاً عن مياهه الإقليمية ومجاله الجوي.

دورية للجيش الإسرائيلي تراقب الحدود مع قطاع غزة في ديسمبر 2005، عقب الانسحاب من القطاع. - REUTERS
دورية للجيش الإسرائيلي تراقب الحدود مع قطاع غزة في ديسمبر 2005 عقب الانسحاب من القطاع - REUTERS

منطقة صراع متجدد

وفازت حركة حماس بالانتخابات التشريعية الفلسطينية في يناير 2006، وطردت في أعقاب ذلك حركة فتح من الحكم في غزة، وسيطرت على حكم القطاع منذ ذلك الحين.

وأسفر ذلك عن اندلاع اشتباكات بين أنصار "فتح" و"حماس" بالقطاع في سبتمبر 2006، انتهت في مارس 2007 باتفاق الطرفين على تشكيل حكومة وحدة وطنية.

أنصار حركة فتح خلال اشتباكات مع عناصر حركة حماس، في قطاع غزة. 12 نوفمبر 2007 - REUTERS
أنصار حركة فتح خلال اشتباكات مع عناصر "حماس" في قطاع غزة- 12 نوفمبر 2007 - REUTERS

وفي يونيو 2007، أطاحت حركة حماس بـ"فتح" في قطاع غزة، وفرضت سيطرتها الكاملة على القطاع، وانفردت بالحكم حتى الوقت الراهن.

وبعد سيطرة حماس على القطاع، شهدت غزة حروباً قاسية أبرزها في عامي 2008 و 2014، بالإضافة للمواجهة الجارية في مايو الجاري.

ودخلت حركة حماس في مواجهات مع إسرائيل في 2008، إذ أطلقت القوات الإسرائيلية في ديسمبر 2008 عملية عسكرية كبيرة ضد قطاع غزة استمرت شهراً كاملاً، بهدف وقف إطلاق الصواريخ على إسرائيل.

وتجددت المواجهات في يونيو 2014، حين شنت إسرائيل عملية عسكرية واسعة على غزة في مسعى لتدمير منصات إطلاق الصواريخ على اسرائيل، قبل أن تنجح وساطة مصر في التوصل إلى وقف لإطلاق النار بعد 50 يوماً من الاشتباكات التي أودت بحياة 2100 شخص من الجانب الفلسطيني و68 إسرائيلياً.

وتصاعد التوتر خلال مايو الجاري مجدداً في قطاع غزة، بإطلاق حركة حماس الصواريخ على إسرائيل، ورد الجيش الإسرائيلي بقصف مواقع في غزة.

كثافة سكانية

يعتبر قطاع غزة من أكثر المناطق كثافة في العالم، إذ يقطنه ما يزيد عن 2.2 مليون فلسطيني على مساحة لا تتجاوز 365 كيلومتر مربع، ويتضاعف سكان القطاع كل 15 عاماً.

ويشكل اللاجئون الفلسطينيون الذين نزحوا في عام 1948 من الأراضي التي أقيمت عليها إسرائيل عام 1948، 70% من سكان القطاع. 

أطفال يطلون من نافذة بيت في مخيم اللاجئين دير البلح، بقطاع غزة.  - REUTERS
أطفال يطلون من نافذة بيت في مخيم اللاجئين بدير البلح، بقطاع غزة - REUTERS

وتعد مدينة غزة المركز السكاني الأضخم في القطاع، والبقعتان الرئيسيتان الأخريان للتركز السكاني هما خان يونس بوسط القطاع، ورفح بجنوبه.

ويواجه أهالي غزة تحديات معيشية واقتصادية مستمرة جراء سيطرة إسرائيل على معابر القطاع براً وبحراً، وكانت إسرائيل فرضت حصاراً على القطاع منذ عام 2006.

"سجن كبير"

وفي نوفمبر 2020، اعتبر تقرير لمؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية "الأونكتاد"، أن قطاع غزة تحول إلى "سجن كبير"، لافتاً إلى أن "القطاع الذي تبلغ مساحته حوالي 365 كلم مربع وهذه مساحة ضيقة للغاية، يسكنه تقريباً مليونا إنسان فلسطيني، تحت حصار كامل من قبل إسرائيل منذ يونيو 2007 وحتى الآن".

وأكد التقرير أن خسائر قطاع غزة الاقتصادية الناتجة عن عقد من الاحتلال والحصار الإسرائيلي، تخطت 16.5 مليار دولار، مشيراً إلى أن الأبعاد الإنسانية للحصار والحروب هي أبعاد "رهيبة".

ولفت التقرير إلى أن معدل البطالة في غزة هو من بين الأعلى في العالم، إذ يعيش أكثر من نصف السكان تحت خط الفقر، كما يفتقد معظم السكان إلى المياه الصالحة والمأمونة ولإمدادات الكهرباء المنتظمة ولا يتمتع حتى بشبكة صرف صحي مناسبة.

ونتيجة لانهيار الناتج المحلي الإجمالي في الفترة ما بين 2007 و2018، قفز معدل الفقر في قطاع غزة من 40% إلى 56%.

وارتفعت فجوة الفقر من 14% إلى 20%، وتضاعفت التكلفة السنوية لانتشال الأفراد من الفقر 4 مرات من 209 ملايين دولار إلى 838 مليون دولار (بالأسعار الثابتة لعام 2015)، وفقاً للتقرير ذاته.