أعلن الحرس الثوري الإيراني، السبت، أن اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" الفلسطينية، إسماعيل هنية، في طهران، تم بإطلاق مقذوف برأس حربي يزن 7 كيلوجرامات من مسافة قريبة، ما أسفر عن انفجار قوي، متهماً إسرائيل بالوقوف وراء هذه العملية بدعم من الولايات المتحدة، حسبما نقل تلفزيون "العالم" الإيراني الرسمي.
ونقل تلفزيون "العالم" عن بيان للحرس الثوري، قوله إن "المقذوف الذي تم استخدامه في اغتيال هنية كان قصير المدى، وأطلق من خارج منطقة (سكن الضيوف)"، حيث كان يقيم هنية.
وتوعد الحرس الثوري الإيراني، حسبما ورد في البيان، ما وصفه بـ"النظام الصهيوني المقامر والإرهابي"، بـ"عقاب شديد" في إطار "الرد على هذه الجريمة"، مضيفاً: "في الزمان والمكان المناسبين والنوعية المناسبة".
وشدد بيان الحرس الثوري الإيراني، والذي يعد الأول من نوعه في أعقاب عملية الاغتيال، على أن "الثأر أمر حتمي"، واصفاً إسرائيل بـ"كيان طائش وإرهابي".
واتهمت طهران و"حماس"، تل أبيب بالوقوف وراء الاغتيال، بينما لم تعترف بعد إسرائيل التي تخوض حرباً على قطاع غزة منذ أكتوبر الماضي، باغتيال هنية أو تنفي تورطها.
وصباح الأربعاء الماضي، أثناء زيارة هنية إلى طهران لحضور مراسم تنصيب الرئيس الإيراني الجديد مسعود بيزشكيان، أودى انفجار بحياة رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، وحارسه الشخصي.
وتشهد منطقة الشرق الأوسط، تصعيداً خطيراً، بعد اغتيال هنية، والقيادي في "حزب الله" فؤاد شكر بالضاحية الجنوبية في بيروت، إذ تتأهب تل أبيب واشنطن، لتهديدات إيران بالرد، عبر تعزيزات عسكرية كبيرة، فيما ألغت العديد من شركات الطيران المدنية رحلاتها إلى لبنان وإسرائيل وإيران، تحسباً لتهديدات طهران وسط جهود دبلوماسية حثيثة لمنع نشوب "حرب إقليمية".
رد "حزب الله"
بدورها، قالت البعثة الإيرانية الدائمة لدى الأمم المتحدة، إن رد جماعة "حزب الله" اللبنانية على اغتيال القائد العسكري فؤاد شكر، قد يشمل "أهدافاً مدنية وعسكرية أوسع وأعمق داخل إسرائيل".
وأضاف متحدث باسم البعثة: "حزب الله وإسرائيل بينهما اتفاق غير مكتوب بشأن لالتزام الاشتباكات العسكرية، واقتصرت أعمالهما على المناطق الحدودية، إلا أن هجوم تل أبيب الأخير على الضاحية الجنوبية ببيروت واستهداف مبنى سكني شكل انحرافاً عن هذه الحدود"، حسبما ذكرت شبكة CBS NEWS.
وتوقع المتحدث الإيراني أن "رد حزب الله سيشمل أهدافاً أوسع وأعمق في إسرائيل، ولن يقتصر على الأهداف والوسائل العسكرية فقط".
تأهب أميركي إسرائيلي
وفي وقت سابق السبت، أفادت صحيفة "وول ستريت جورنال"، بأن واشنطن وتل أبيب في حالة تأهب لرد من إيران "لا يمكن التنبؤ به" مع نهاية الأسبوع الجاري (السبت والأحد)، بينما يعمل مسؤولون أميركيون على تجهيز قوات عسكرية، وشركاء إقليميين لوقف هجوم آخر يخشى البعض أن يكون "أوسع نطاقاً وأكثر تعقيداً" من هجوم طهران على تل أبيب في أبريل الماضي.
وأعلنت وزارة الدفاع الأميركية "البنتاجون"، تعزيز التواجد العسكري الأميركي في المنطقة، بسفن حربية وطائرات مقاتلة، وسفن مجهزة بأنظمة دفاع ضد الصواريخ الباليستية، فيما أكدت إسرائيل، أن جيشها بات في حالة "تأهب قصوى".
وأشارت الصحيفة الأميركية، إلى أنه في أبريل الماضي، أطلقت طهران أكثر من 300 طائرة مسيرة وصاروخ في هجوم مباشر لأول مرة باتجاه إسرائيل رداً على استهداف قنصليتها في دمشق، بعد إرسال تفاصيل ردها إلى دبلوماسيين "بشكل مُسبَق"، وإعطاء إسرائيل والولايات المتحدة الوقت اللازم للاستعداد، وفي نهاية المطاف، أُسقطت معظم القذائف قبل أن تصل إلى تل أبيب، لكن إسرائيل وحلفاؤها يعملون هذه المرة "بلا معلومات مُسبَقة".
وكشفت "وول ستريت جورنال"، أن دبلوماسيين أميركيين وعرب، يعملون على تجنب تصاعد العنف، يواجهون "صمتاً غاضباً" من إيران، وحليفها اللبناني "حزب الله"، اللذين يستعدان للرد على عمليتي اغتيال فؤاد شكر في الضاحية الجنوبية لبيروت، وإسماعيل هنية في طهران.
تحقيقات إيرانية
وبشأن اغتيال هنية والتكهنات حوله، قال مسؤول في الحرس الثوري الإيراني لصحيفة "التليجراف" البريطانية، في وقت سابق السبت، إن طهران لديها تأكيدات أن "الموساد جنّد عملاء من وحدة أنصار المهدي"، وهي وحدة تابعة للحرس الثوري مسؤولة عن تأمين كبار المسؤولين.
وأضاف المسؤول: "بعد إجراء المزيد من التحقيقات، عثروا على متفجرات أخرى في غرفتين أخريين".
وقال مسؤول آخر في قوات النخبة بالحرس الثوري للصحيفة: "هذه إهانة لإيران واختراق أمني كبير"، مشيراً إلى أنه تم تشكيل فريق عمل لوضع أفكار لتصوير عملية الاغتيال وكأنها ليست اختراقاً أمنياً. وأضاف: "الجميع لا يزال يتساءل كيف حدث ذلك، لا أستطيع تفسير ذلك".
وقال المسؤول الأول، إن القطاعات المختلفة في الحرس الثوري تتهم بعضها البعض بـ"الفشل". وأضاف أن قائد فيلق القدس في الحرس الثوري، إسماعيل قاآني، بدأ باستدعاء أشخاص لفصلهم، واعتقالهم، وربما إعدامهم.
وتابع المسؤول: "الاختراق أهان الجميع". كما قال إن "المرشد الأعلى (علي خامنئي) استدعى جميع القادة عدة مرات خلال اليومين الماضيين، ويريد إجابات". وأضاف المسؤول أن المرشد يرى أن "معالجة الاختراق الأمني الآن أهم من السعي للانتقام".