وسط مخاوف من غلاء المعيشة... إيطاليا تضاعف الضريبة على الأثرياء الأجانب

أشخاص يمشون بجوار متجر مونكلير في جاليريا فيتوريو بميلانو في إيطاليا. 25 مارس 2024 - Reuters
أشخاص يمشون بجوار متجر مونكلير في جاليريا فيتوريو بميلانو في إيطاليا. 25 مارس 2024 - Reuters
دبي -الشرق

ضاعفت الحكومة الإيطالية قيمة الضريبة الثابتة على الدخل الخارجي للمقيمين الجدد، ما قد يشكل انتكاسة للأثرياء الأجانب الذين يسعون للتحايل على الرسوم لدفع ضرائب أقل من أماكن أخرى في قارة أوروبا، وفق ما ذكرت صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية.

ووافقت حكومة رئيسة الوزراء جورجيا ميلوني، الأربعاء، على رفقع سقف الضريبة السنوية على الدخل الخارجي للمقيمين الجدد في إيطاليا إلى 200 ألف يورو.

وكان الحافز الضريبي الحالي يبلغ 100 ألف يورو، على الرغم من شعبيته بين الأثرياء، مثيراً للجدال بين الإيطاليين، خاصة في العاصمة الاقتصادية ميلانو، إذ ألقي باللوم على الأثرياء، الذين قدموا إلى البلاد خلال السنوات الماضي، في الزيادة الحادة لأسعار العقارات وكلفة المعيشة.

وأشار وزير المالية جيانكارلو جيورجيتي، إلى أن "ضريبة المليارديرات ثابتة". وعلى الرغم من أنها ضربة أولية للأثرياء، فإن هذا المبلغ يعفي المليارديرات الذين انتقلوا إلى إيطاليا من الضرائب على الأرباح والهدايا والميراث في الخارج لمدة 15 عاماً.

وذكرت "فاينانشال تايمز"، أن القانون الجديد لن يطبق إلا على الأشخاص الذين يحصلون على إقامة في إيطاليا عقب إصدار القرار، وليس أولئك الذين انتقلوا سلفاً إلى هناك.

تجنب "السباق نحو القاع"

وحسب الصحيفة، فإن الحكومة الإيطالية أرادت تجنب "السباق نحو القاع" مع الدول الأخرى، التي تحاول جذب الأفراد الأغنياء والشركات من خلال الإعفاءات الضريبية.

وقال وزير المالية في هذا الصدد: "إذا بدأت هذه المنافسة، فإن دولاً مثل إيطاليا، التي لديها مساحة مالية محدودة للغاية، محكوم عليها بالخسارة حتماً".

ودافعت ميلوني عن القرار على مواقع التواصل الاجتماعي، قائلة إن الحكومة "اعتبرت أنه من الصواب مضاعفة مبلغ الضريبة" على الأجانب الأثرياء لأنها أرادت "تخفيف إجراء بدا سخياً للغاية".

وسجلت إيطاليا عجزاً في الموازنة بلغ 7.4% من الناتج المحلي الإجمالي العام الماضي، وهو أكثر من ضعف الحد الأقصى البالغ 3% الذي حدده الاتحاد الأوروبي.

وبرزت إيطاليا كوجهة مفضلة لأثرياء العالم، وذلك بفضل الحوافز الضريبية السخية التي بدأت في عام 2016 في محاولة لعكس هجرة الأدمغة الطويلة الأجل في البلاد.

ويسمح نظام الضريبة الثابتة، الذي تم إطلاقه بعد أن دفع التصويت على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، العديد من الأوروبيين المقيمين في المملكة المتحدة، إلى العودة إلى ديارهم، للمقيمين الأجانب الجدد في إيطاليا، أو الإيطاليين العائدين من تسع سنوات على الأقل من العيش في الخارج، بدفع ضريبة ثابتة على أي دخل أو أصول أجنبية لمدة 15 عاماً.

وحتى الآن، ساهم هذا النظام في جذب ما لا يقل عن 2730 من أصحاب الملايين للإقامة في إيطاليا.

منافسة مع وجهات أخرى

وقال تيم ستوفولد، الشريك في شركة "مور كينجستون سميث" للمحاسبة، إن أي شخص لديه ثروة بأكثر من 7 ملايين جنيه إسترليني، سيظل يجد النظام "مثيراً للاهتمام".

ولقد أثارت الإعفاءات الضريبية استياء العديد من الإيطاليين، وخاصة في ميلانو، حيث ألقي اللوم على تدفق الأثرياء في زيادة أسعار العقارات بنسبة 43% على مدى السنوات الخمس الماضية، وارتفاع الإيجارات بنحو 20% في العامين الماضيين حتى مارس.

وتوقع العديد من المستثمرين، أن يستمر تدفق كبار المنفقين إلى إيطاليا، مع استعداد حكومة حزب العمال البريطانية الجديدة لإلغاء نظام "غير المقيمين" المثير للجدل في المملكة المتحدة، والذي سمح للأجانب الأثرياء بتجنب دفع أي ضريبة على دخلهم في الخارج.

وقالت شركة "ثري هيلز كابيتال بارتنرز"، وهي شركة استثمار خاصة مقرها لندن، الشهر الماضي، إنها تستعد لإطلاق ناد خاص للأعضاء في ميلانو في الخريف، وهو الأحدث في سلسلة من الأماكن الراقية التي سيتم إنشائها في المدينة.

وتظل وجهات أخرى في أوروبا والشرق الأوسط تحظى بشعبية بين المغتربين الأثرياء، بما في ذلك دبي، التي لا تفرض ضريبة شخصية على الأفراد، وسويسرا، التي تعمل بنظام "التنازل"، حيث يتفق الأفراد الأثرياء على الضريبة التي يدفعونها مع السلطات المحلية.

وفي اليونان، يمكن لبعض المغتربين أيضاً الاستفادة من ضريبة سنوية ثابتة تبلغ 100 ألف يورو لمدة تصل إلى 15 عاماً. ويجب أن يكون الأفراد قد عاشوا خارج اليونان لمدة سبع سنوات من السنوات الثماني الماضية واستثمروا ما لا يقل عن 500 ألف يورو في العقارات أو السندات أو الأسهم اليونانية.

"نظام غير مستقر"

ويرى مديرو الثروات، أن خطوة إيطاليا توضح مخاطر الانتقال إلى بلد آخر بناءً على الحوافز المالية، مشيرين إلى أن هذه يمكن أن يتغير بسرعة اعتماداً على التوجه السياسي السائد.

وفي فرنسا، عاد الفرنسيون إلى ديارهم ووسعت الشركات الدولية عملياتها، بعد انتخاب إيمانويل ماكرون قبل سبع سنوات، منجذبين إلى مبادئه الصديقة للأعمال وتخفيضات الضرائب.

ولكن في مواجهة احتمالات ارتفاع الضرائب وسنوات من الجمود السياسي بعد الانتخابات الفرنسية المبكرة في يونيو الماضي، فإن العديد منهم الآن يعيدون التفكير ويضعون خططاً طارئة.

وقال أحد المستثمرين الفرنسيين، انتقل من لندن إلى ميلانو، للاستفادة من المخطط الإيطالي، إنه في حين أنه لا يفكر في إعادة النظر في خططه في الوقت الحالي، إلا أن التغييرات الجديدة تجعل انتقاله "أكثر تكلفة".

وأضاف: "هذا يرسل إشارة إلى أن النظام ليس مستقراً، وهو أمر فظيع في اعتقادي". وأشار إلى ارتفاع معدل الضريبة الثابتة، وقال: "عليك أن تتساءل، 100 ألف يورو، ثم 200 ألف يورو، ثم 400 ألف يورو؟".

تصنيفات

قصص قد تهمك