ليبيا.. انقسامات حادة حول السلطة التنفيذية والقائد الأعلى للجيش

جانب من جلسة لمجلس النواب الليبي. 13 أغسطس 2024 - parliament.ly
جانب من جلسة لمجلس النواب الليبي. 13 أغسطس 2024 - parliament.ly
دبي-الشرقAWP

تشهد ليبيا انقساماً حاداً بين مكوناتها السياسية في ردود الفعل على إعلان مجلس النواب إنهاء ولاية السلطة التنفيذية برئاسة عبد الحميد الدبيبة، واعتبار رئيس البرلمان عقيلة صالح القائد الأعلى للجيش، وهو ما رحب به الجيش الوطني، بينما قوبل بتنديد من المجلس الرئاسي، والمجلس الأعلى للدولة، وحكومة الوحدة الوطنية.

وقال المتحدث باسم مجلس النواب الليبي عبد الله بليحق في بيان، إن "مجلس النواب صوّت بالإجماع على إنهاء ولاية السلطة التنفيذية، التي جاءت بالمرحلة التمهيدية، واعتبار حكومة أسامة حماد هي الحكومة الشرعية حتى اختيار حكومة موحدة".

وجرى "اعتبار القائد الأعلى للجيش هو رئيس مجلس النواب، كما جاء بالإعلان الدستوري، وقرار مجلس النواب بالخصوص"، وفقاً للبيان.

وخلال الجلسة الرسمية لمجلس النواب، قال عقيلة صالح، إنه "لا يجد حلاً ينهي حالة الاشتباك، والأزمة في البلاد غير تقاسم الثروة بين الأقاليم"، مضيفاً: "علينا تحمل مسؤوليتنا الوطنية لأننا أمام مرحلة مفصلية، والعمل على المصالحة، وبناء سلطة تحقق الحكم المحلي، وإنهاء المركزية، وتسمية المحافظات".

وتابع: "حاولنا وتنازلنا من أجل الوصول إلى اتفاق يرضي الجميع، لكن هناك مجموعة تريد بقاء الوضع كما هو عليه"، معتبراً أن "المرحلة التمهيدية التي جاءت بالمجلس الرئاسي الحالي، وحكومة الدبيبة انتهت بنهاية المدد المحددة لها، ولم تحقق السلطة التنفيذية أياً مما جاء في اتفاق جنيف"، وشدد على ضرورة "إعادة النظر في اتفاق جنيف بما يحقق المصلحة العامة".

"قرار باطل وإجراء أحادي"

من جهته، انتقد المجلس الأعلى للدولة في بيانين منفصلين، الأول موقّع من رئيسه محمد تكالة، والآخر من المرشح لذات المنصب خالد المشري، إجراءات مجلس النواب "بسحب صفة القائد الأعلى للجيش الليبي من المجلس الرئاسي".

واندلع، الأسبوع الماضي، خلاف على نتائج انتخابات رئاسة المجلس الأعلى للدولة بين رئيسه محمد تكالة، ومنافسه خالد المشري، على إثر ورقة اقتراع مختلف عليها بين أعضاء المجلس.

وحصل تكالة خلال الانتخابات، التي جرت الأسبوع الماضي، على 68 صوتاً، مقابل 69 صوتاً لمنافسه، ما دفع الأول إلى الإعلان أنه سيحتكم للقضاء لحسم الخلاف، فيما أعلنت اللجنة القانونية بالمجلس فوز المرشح خالد المشري الذي قال، الاثنين، إنه باشر عمله بمقر المجلس في العاصمة طرابلس.

وأدان تكالة في بيان، الثلاثاء، ما وصفه بـ"الإجراءات الأحادية" المتخذة من مجلس النواب، مشيراً إلى أنها جاءت "بمعزل عن شريكه مجلس الدولة والتعدي على مهامه وصلاحياته".

وذكر أن "السلطة التنفيذية هي المجلس الرئاسي، وحكومة الوحدة الوطنية، والقائد الأعلى للجيش هو المجلس الرئاسي، وفقاً لاتفاق جنيف"،  معتبراً أن "أي تغيير في المشهد السياسي ينبغي أن يتم الرجوع فيه لكل الليبيين، من خلال آلية مناسبة متوافق عليها".

من جهته، وصف المشري في بيان آخر، قرار "سحب صفة القائد الأعلى للجيش من المجلس الرئاسي" بأنه "باطل"، معتبراً أنه "خالف المادة 12 من الاتفاق السياسي"، لـ"عدم التوافق مع المجلس الأعلى".

وأضاف: "طبقاً لما نصت عليه المادة 12 من الأحكام الإضافية للاتفاق السياسي، أنه في حال اقتضى الأمر إجراء تعديل لاحق للإعلان الدستوري يمس الاتفاق أو أحد المؤسسات المنبثقة عنه بشكل مباشر أو غير مباشر، يلتزم مجلس النواب ومجلس الدولة بالتوافق فيما بينهما على صيغة هذا التعديل على أن يتم إقراره نهائياً، دون تعديل من مجلس النواب، وفقاً للآلية الواردة بالإعلان الدستوري".

المجلس الرئاسي الليبي

من جانبه، قال نائب رئيس المجلس الرئاسي الليبي عبد الله اللافي، إن "السلطات والأجسام السياسية الموجودة في المشهد الليبي، تستمد شرعيتها من الاتفاق السياسي المبرم عام 2015"، مشيراً إلى أن "أي تعديل يطال هذه الأجسام أو اختصاصاتها يتطلب العودة لنصوص هذا الاتفاق".

ودعا اللافي في حسابه على منصة "إكس"، بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا لـ"بذل المزيد من الجهود لإقناع الأطراف بسرعة الالتقاء لمناقشة القضايا السياسية الملحة، إذ إنها باتت اليوم تهدد بانجرار الأوضاع نحو النزاعات المسلحة التي قد تعصف بقرار وقف إطلاق النار".

كما حث اللافي الجميع على "تغليب مصلحة الوطن عبر تعزيز فرص الحوار بإرادة وطنية صادقة، وخطوات فاعلة تخفف من حدة الاستقطاب، وتساهم في استقرار الوطن وتصون وحدته".

الجيش الوطني الليبي

ورحب الجيش الوطني الليبي في بيان، بقرار مجلس النواب بشأن صفة وصلاحيات القائد الأعلى "التي يملكها مجلس النواب صاحب الشرعية الدستورية، وهو الجسم السياسي الوحيد المُنتخب من قبل الشعب الليبي".

وشدد الجيش الوطني على "ضرورة إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي يتطلع إليها أبناء الشعب الليبي، وصولاً إلى مرحلة الاستقرار الدائم".

الإعلان الدستوري

ويعتبر الإعلان الدستوري، هو الدستور المؤقت لليبيا، إذ وضع بعد الإطاحة بمعمر القذافي عام 2011، فيما تشهد البلاد نزاعاً على الشرعية بين حكومتين الأولى في طرابلس برئاسة عبد الحميد الدبيبة المقالة من قبل البرلمان عام 2021، والثانية في بنغازي برئاسة أسامة حماد.

وكان الدبيبة حذر، في مطلع الأسبوع الجاري، من أن وحدة ليبيا "خط أحمر"، قائلاً إن حكومته ستقف "بالمرصاد لكل من تسول له نفسه تعزيز الانقسام".

وسبق أن أُجّلت الانتخابات الرئاسية والتشريعية التي كان من المقرر إجراؤها في ديسمبر 2021، إلى أجل غير مسمّى بسبب الخلافات المستمرة، لا سيما بشأن القاعدة القانونية للاقتراع، ووجود مرشحين مثيرين للجدل.

وكان عقيلة صالح توقع، في وقت سابق، إجراء الانتخابات الرئاسية قبل نهاية العام، قائلاً لـ"الشرق"، إن "القاعدة الدستورية، وقانون انتخاب الرئيس، وقانون انتخابات البرلمان صدروا، وأن مفوضية الانتخابات جاهزة، وآلية انتخاب رئيس الحكومة موجودة، ونريد من المجتمع الدولي أن يشجعنا".

وعلى الرغم من التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار عام 2020، وتشكيل المجلس الرئاسي، وحكومة الوحدة الوطنية في العام التالي كسلطة تنفيذية مؤقتة في محاولة لإعادة توحيد مؤسسات الدولة، سيعمق قرار مجلس النواب الجديد، على الأرجح، الانقسامات في الوقت الذي يلوح فيه شبح صراع جديد في الأفق.

كما حذر المجلس الأعلى للدولة في ليبيا، الأسبوع الماضي، من التحركات العسكرية لقوات الجيش الوطني الليبي في جنوب غرب البلاد، متهماً إياها بأنها تسعى لتوسيع مناطق سيطرتها مما يهدد اتفاق وقف إطلاق النار الموقع في 2020.

وتشهد طرابلس بين حين وآخر اشتباكات بين الفصائل المسلحة، كان أخرها، ما أعلنه جهاز الإسعاف والطوارئ الليبي عن سقوط 9 أشخاص على الأقل، وإصابة 16 أخر، الجمعة، في اشتباكات بين فصيلين مسلحين في تاجوراء الواقعة بشرق العاصمة الليبية.

تصنيفات

قصص قد تهمك