من الشوارع للوزارات.. طلاب أطاحوا بالشيخة حسينة يساهمون في قيادة بنجلاديش

محتجون يلوحون بالأعلام البنجلاديشية فوق جانابهابان، مقر إقامة رئيسة الحكومة أثناء احتفالهم باستقالة رئيسة الوزراء الشيخة حسينة في دكا، بنجلاديش، 5 أغسطس 2024 - Reuters
محتجون يلوحون بالأعلام البنجلاديشية فوق جانابهابان، مقر إقامة رئيسة الحكومة أثناء احتفالهم باستقالة رئيسة الوزراء الشيخة حسينة في دكا، بنجلاديش، 5 أغسطس 2024 - Reuters
دبي-الشرق

بعد أسابيع من الإطاحة برئيسة وزراء بنجلايش الأطول شغلاً لهذا المنصب، بات الطلاب الذين أخرجوا الشيخة حسينة من السلطة يديرون حركة المرور في العاصمة دكا.

لكن الأمر لم يتوقف فقط عند إدارة الطرق، إذ تبوأ اثنان من الطلاب الذين قادوا الهجوم ضد حسينة مقعديهما في الحكومة المؤقتة؛ التي تم تشكيلها في غضون أيام قليلة من استقالة رئيسة الوزراء وهروبها إلى الهند على متن مروحية عسكرية.

ويأمل الطلاب أن يتمكنوا من "استعادة السلام والديمقراطية، وإنشاء "بنجلاديش الجديدة"، حسبما قال آصف محمود، أحد قادة الاحتجاجات، والمسؤول الآن عن وزارة الرياضة والشباب وهو لا يزال في السادسة والعشرين من عمره، لوكالة "أسوشيتد برس".

وأضاف "لدينا مسؤولية كبيرة، إذ لم نعتقد، ولم نطمح يوماً في تحمل هذه المسؤولية في هذا العمر"، مؤكداً أن "هناك ضغوط، ولكن هناك أيضاً ثقة". 

رغم ذلك، تتزايد المخاوف بشأن افتقار هؤلاء الطلاب إلى الخبرات السياسية، ومدى طموحاتهم، والأهم من ذلك، المدة التي ستستغرقها الحكومة المؤقتة لتنظيم الانتخابات.

وبالفعل، قال الوزراء الطلاب والمحتجون إنهم يريدون قبل إجراء أي تصويت، إصلاح مؤسسات البلاد التي قالوا إنها عانت من التدهور والتراجع على يد كل من "رابطة عوامي"، وهو حزب الشيخة حسينة، ومنافسها الحزب القومي البنجلاديشي.

وحذر خبراء من أن الحكومة المؤقتة "غير منتخبة"، ومن ثم فهي "لا تتمتع بأي تفويض لإجراء تغييرات كبيرة".

في هذا السياق، قال ظل الرحمن، المدير التنفيذي لمركز دراسات الحوكمة، وهو مركز أبحاث مقره دكا، لـ"أسوشيتد برس" إن الحكومة التي يرأسها محمد يونس، الحائز على جائزة نوبل، والذي اختاره الطلاب "يجب أن تضع في اعتبارها أن مسؤوليتها الرئيسية تكمن في إجراء انتخابات"، وإنها "لا يجب أن تتخذ أي قرارات سياسية".

ويشتهر يونس، الخبير الاقتصادي الذي عارض حسينة لفترة طويلة، على الصعيد العالمي باستخدامه الرائد للقروض الصغيرة لمساعدة الأشخاص الذين يعانون من الفقر المدقع، ولكنه لم يسبق له إدارة حكومة.

دور حاسم

وأوضح يونس أن الطلاب سيضطلعون بدور حاسم خلال منهجية لم يسبق لها مثيل، حيث "يجب أن يكون لكل وزارة طالب".

وقال ظل الرحمن إن تنظيم المرور لبضعة أيام شيء، ولكن احتمالية تعيين الطلاب في الوزارات قد يجعلهم "متعطشين للسلطة" خاصة في ذلك الوقت بالغ الحساسية.

من جانبه، أقر ناهد إسلام، الطالب الآخر الذي صار وزيراً، بأنه وزملاءه لا يملكون "خبرات في مجال الحكم"، ولكنه قال إن العزم والتصميم اللذين أبدوهما في الإطاحة بحسينة يدلان على قدراتهم على إنجاز المهام الموكلة إليهم.

وأضاف إسلام، المولود في عام 1998، ويدير في الوقت الحالي وزارة المعلومات والتكنولوجيا: "نعتقد أن الطلاب الذين نجحوا في قيادة الانتفاضة والمواطنين قادرين بما يكفي على بناء الدولة"، وفق ما أوردته "أسوشيتد برس".

 

وفي أعقاب الإطاحة بحسينة، نظم الطلاب احتجاجات وأصدروا إنذارات ضد السطات المقربة منها، مطالبينهم بالاستقالة. كما استقال 6 من قضاة المحكمة العليا، بينهم رئيس المحكمة، ومحافظ البنك المركزي في الأيام الماضية.

وقال محفوظ أنعم، رئيس تحرير صحيفة دايلي ستار، إنه "لا يمكن إدارة حكومة حديثة على هذا النمط"، بينما أضاف أنه تم اتخاذ بعض الخطوات نحو عملية انتقالية مستقرة.

ويتفق معه العديد من الطلاب الذين أمضوا الأسابيع الماضية في الاحتجاجات، إذ أنهم يريدون أن تكون الحكومة المؤقتة "محايدة"، ولكنهم يصرون على أنه يجب أن تكون أيضاً "غير مرتبطة بالأحزاب السياسية الرئيسية التي لا يرتبط بها جيلهم كثيراً".

وقال علوي محمود، الطالب البالغ من العمر 18 عاماً، لـ "أسوشيتد برس" إنه إذا قامت الحكومة المؤقتة بعمل جيد، فإن "الناس لن يريدوا الحزب القومي البنجلاديشي أو رابطة عوامي أو أي من الأحزاب التقليدية القديمة، وإنما سيريدون التغيير، وسيريدون طريقة معيشة جديدة".

وبات السؤال الملح هو متى يمكن إجراء الانتخابات الجديدة، وفي هذا السياق، صرح ميرزا فخر الإسلام، أحد كبار قادة الحزب القومي، للصحافيين، الاثنين، بأن الحزب أخبر يونس بأنه سيمنح الحكومة المؤقتة "وقتاً كافياً" لتهيئة "بيئة مواتية وديمقراطية لإجراء الانتخابات".

وقال أنعم إن هذا يمكن أن يهيئ "إحساساً بالهدوء في البيئة السياسية"، كما يمكن أن يمنح القادة الطلابيين الوقت للتعبئة السياسية قبل الانتخابات.

الشباب مستعدون لقيادة البلاد

وقال إسلام، الوزير الجديد: "نحن لا نفكر في برنامج سياسي بعد. ولكن هناك جيل من الشباب مستعد لقيادة هذا البلد، وقد تم بناء هذا الجيل".

وحتى الآن تحاول بنجلاديش والطلاب التصالح مع كابوس الأسابيع الماضية، إذ سقط أكثر من 300 شخص وأصيب عشرات الآلاف عندما هاجمت قوات الأمن المظاهرات.

ويقوم الطلاب حالياً بمسح الشوارع التي كانت مؤخراً ساحة معركة ملطخة بدماء أصدقائهم. وينظفون البيوت من الأنقاض والحرم الجامعي الذي دمرته أعمال العنف.

وبرغم عودة بعض قوات الشرطة إلى الشارع بعد الإضراب، ظل كثير من الطلاب إلى جوارهم للمساعدة في تنظيم حركة المرور.

وقبل بضعة أيام كان موقع تمثال والد حسينة، الشيخ مجيب الرحمن، أول زعيم لبنجلاديش بعد الاستقلال في عام 1971، قبل أن يسقطه المحتجون في قلب العاصمة دكا، يحمل عبارات من قبيل "حسينة، رائحتك جثث ميتة". والآن غطى الطلاب هذه الكلمات بجداريات تعبر عن الوحدة وكفاحهم من أجل التغيير.

وكتب أحدهم باللونين الأحمر والأخضر، اللذين يشكلان العلم البنجلاديشي: "نحيي أولئك الذين قاتلوا ليحققوا لنا النصر"، فيما كتب آخر: "نحن جميعاً واحد".

تصنيفات

قصص قد تهمك