بايدن لا يزال محبطاً.. كيف دفع أوباما وبيلوسي وشومر الرئيس للانسحاب؟

الرئيس الأميركي جو بايدن يلقي كلمة من المكتب البيضاوي بالبيت الأبيض بالعاصمة واشنطن. 24 يوليو 2024 - REUTERS
الرئيس الأميركي جو بايدن يلقي كلمة من المكتب البيضاوي بالبيت الأبيض بالعاصمة واشنطن. 24 يوليو 2024 - REUTERS
دبي -الشرق

يشعر الرئيس الأميركي جو بايدن بالإحباط، لأن الرئيس السابق باراك أوباما لم يخبره وجهاً لوجه أنه يتوجب عليه الانسحاب من السباق الرئاسي، كما أنه غاضب من رئيسة مجلس النواب السابقة نانسي بيلوسي ويعتبرها "قاسية" لأنها دفعته للانسحاب، ولا يزال مستاءً من الدور، الذي لعبه أيضاً زعيم الأغلبية الديمقراطية بمجلس الشيوخ تشاك شومر، حسبما ذكرت مصادر مطلعة لمجلة "بوليتيكو".

ونقلت المجلة الأميركية عن ثلاثة أشخاص مقربين من بايدن، طلبوا عدم الكشف عن هوياتهم، قولهم إن "بايدن أبلغ أقرب مساعديه وشركائه أنه تصالح مع قراره بالانسحاب من السباق الرئاسي الشهر الماضي، لكنه ما زال يشعر ببعض الإحباط تجاه أعضاء حزبه، الذين يعتقد أنهم دفعوه للانسحاب". 

وكانت بيلوسي تصدرت عناوين الأخبار مؤخراً، بعد أن نظّمت جولة موسعة للترويج لكتابها الجديد في وسائل الإعلام، وكانت تفصح بشكل علني في لقاءاتها التليفزيونية عن دورها في دفع بايدن للتخلي عن الترشح للرئاسة. وقالت المصادر إن الرئيس "لا يزال يتألم بشدة، لكنه أخبر البعض في الأيام الأخيرة أنه يحترم تصرفات بيلوسي، ولكن على مضض".

وقال بايدن لأحد الأشخاص: "فعلت (بيلوسي) ما كان يتوجب عليها فعله"، من أجل إعطاء الديمقراطيين أفضل فرصة للفوز في نوفمبر، مضيفاً أن بيلوسي "تهتم بالحزب"، ولا تكترث بالمشاعر.

وهذه التوترات العالقة بين قادة الحزب الديمقراطي تسلط الضوء على فترة "الاضطراب التاريخي"، الذي اجتاح حزبهم خلال الأسابيع الستة الماضية.

بيلوسي كانت "قاسية"

وذكرت الصحيفة أن أداء بايدن "المتعثر" خلال المناظرة الرئاسية مع منافسه الجمهوري دونالد ترمب أواخر يونيو الماضي، أقنع بيلوسي بأنه لن يتمكن من الفوز، فساعدت في تنظيم "تمرد غير مسبوق، ليس فقط ضد رئيس حالي من حزبها، بل أيضاً ضد شخص كان صديقاً طيلة عقود".

وقال المتحدث باسم البيت الأبيض، أندرو بيتس: "الرئيس بايدن يركز بشكل كبير على تحقيق المزيد من النتائج التاريخية والملموسة للشعب الأميركي في كل يوم من فترة ولايته، من خلال الاستمرار في تعزيز الطبقة الوسطى، والدفاع عن حرياتنا، وخفض مستوى الجريمة العنيفة إلى أدنى مستوى له خلال نصف قرن".

وأضاف: "الرئيس تحدث عن قراره بشأن تغليب مصلحة الوطن على المصالح الخاصة، وتوحيد حزبه، بالإضافة إلى أهمية هذه اللحظة. تركيزه ينصب على المستقبل، وليس الماضي".

وفي تعليق على  الأمر، قال مسؤول كبير في البيت الأبيض، إن بايدن ينظر إلى بيلوسي على أنها "صعبة المراس، ومستعدة لتجاهل العلاقات طويلة الأمد من أجل الحفاظ على حزبها في السلطة، والأهم من ذلك، منع المرشح الجمهوري دونالد ترمب من العودة إلى البيت الأبيض".

وأضاف المسؤول الذي طلب عدم الكشف عن هويته: "هذا ما عهدناه منها (بيلوسي) دائماً".

ولم يتحدث بايدن مع بيلوسي منذ إعلان انسحابه ودعم ترشيح نائبته كامالا هاريس. وظهر غضب الرئيس بوضوح خلال مقابلة تلفزيونية عُرضت في نهاية هذا الأسبوع، عندما ذكر اسم رئيسة مجلس النواب السابقة أثناء تفسير سبب انسحابه من السباق.

وقال بايدن لشبكة CBS: "كنت قلقاً من أنني إذا بقيت في السباق، فسيكون ذلك الأمر مسألة محورية. ستجرون مقابلة معي للاستفسار عن سبب ما قالته نانسي بيلوسي.. ولماذا فعلت ذلك، واعتقدت أن ذلك سيشكل مصدراً حقيقياً لتشتيت الانتباه".

"استياء" من أوباما

على نحو مماثل، يشعر بايدن أيضاً ببعض الاستياء لأن أوباما، صديقه ورئيسه السابق، لم يتصل به مباشرة للتعبير عن مخاوفه بشأن الحملة الانتخابية بعد المناظرة مع ترمب في أتلانتا في أواخر يونيو.

ورغم أن أوباما أعرب عن  دعمه لبايدن على الفور بعد المناظرة في منشور على منصة التواصل "إكس"، لكنه التزم الصمت بعد ذلك. ولم يحاول الرئيس السابق تحريك حملة لإزاحة بايدن من الترشح للرئاسة، لكنه أيضاً لم يحاول إيقافها، ما أثار استياء مقربين من بايدن، وفقاً لما نقلته "بوليتيكو" عن الأشخاص الثلاثة.

ولفتت الصحيفة إلى أن علاقة بايدن بالرئيس السابق كانت دائماً أكثر تعقيداً مما تبدو عليه. فالرجلان مقربان شخصياً، حتى أن أوباما عرض سداد القروض العقارية لبايدن بعد وفاة نجله "بو" في عام 2015، لكن التوترات السياسية ظهرت فيما بينهما.

ولطالما اعتقد بايدن أن موظفي أوباما ينظرون إليه "بازدراء"، ولا يزال مساعدو الرئيس ينزعجون، عندما ينتقد حلفاء أوباما مثل مستشاره السابق ديفيد أكسلرود الرئيس الحالي. وكان الكثيرون حول بايدن يشعرون بالاستياء، عندما صرح أوباما في عام 2016 بأنه كان يفضل وزيرة خارجيته هيلاري كلينتون لخلافته، وليس نائبه.

"صوت حاسم"

وأعربت الدائرة المقربة من بايدن عن اعتقادها أن بيلوسي كانت "الصوت الحاسم" في دفعه للخروج من السباق. وكان حلفاؤه يعتقدون أنه، بعد ما يقرب من أسبوعين من محاولة طمأنة الديمقراطيين، كانت هناك فرصة لإنقاذ ترشيحه حتى صباح يوم 10 يوليو.

لكن في هذا الوقت ظهرت بيلوسي في برنامج "مورنينج جو" على شبكة MSNBC ، وأوضحت بشكل متكرر أنها لا تدعم استمرار بايدن في ترشحه. ويعتقد مساعدو الرئيس أن ذلك فتح الباب أمام العديد من الديمقراطيين، والمتبرعين الآخرين ليحذوا حذوها.

ونقلت الصحيفة عن شخصين مطلعين، أن دائرة بايدن المقربة أبلغته في اليوم السابق لإعلان انسحابه من السباق، بأنهم "يعتقدون أن بيلوسي ستعلن بشكل صريح عن تحفظاتها (على ترشيحه)، بما في ذلك اعتقادها بأن ترمب سيهزمه إذا استمر في الترشح، وهو ما كان سيشكل إذلالاً عميقاً لرئيس حالي".

وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارين جان بيير، الاثنين، إن بايدن "يحترم" بيلوسي وأكد أنه ليس لديه "أي مشاعر سلبية" تجاهها.

كما عبر بعض كبار مساعدي البيت الأبيض عن استيائهم بشكل خاص بعد أن قالت بيلوسي، في مقابلة الأسبوع الماضي مع مجلة "ذا نيويوركر"، إنها لم تكن معجبة بالعملية السياسية لبايدن على الرغم من فوزه في انتخابات 2020. لكنها عدلت لاحقاً تلك التعليقات، قائلة إنها كانت لديها "إشادة" ببايدن، وعمليته السياسية لفوزه في انتخابات 2020.

وقالت بيلوسي مراراً في مقابلاتها الأخيرة ضمن الترويج لكتابها الجديد بعنوان "فن السلطة"، إنها لم تتصل بأحد سوى الرئيس خلال الأسابيع الثلاثة التي سبقت انسحابه من السباق.

ومع ذلك، تلقت بيلوسي اتصالات هاتفية من ديمقراطيين، طلبوا نصيحتها في الأيام التي أعقبت أداء بايدن في المناظرة وقبل انسحابه من السباق، وفقاً لعدة أشخاص مطلعين على محادثاتها في ذلك الوقت.

ومنذ ذلك الحين، أشادت بيلوسي علانية وبصورة شخصية ببطاقة الترشيح الديمقراطية الجديدة التي تضم نائبة الرئيس كامالا هاريس ومرشحها لمنصب النائب حاكم ولاية مينيسوتا تيم والز، التي شهدت تقدماً في استطلاعات الرأي وإعادة الأمل لحزبهم. 

كما دافعت بيلوسي عن علاقتها بالرئيس في مقابلة مع المتحدثة السابقة باسم البيت الأبيض جين ساكي لبرنامجها على شبكة MSNBC.

وقالت بيلوسي: "في عائلتنا، لدينا ثلاثة أجيال من الحب لجو بايدن. أنا وزوجي .. بالطبع، نحن نعرفه منذ فترة طويلة جدا، نحترمه، نحبه ونحب جيل (بايدن)".

"حصن" للديمقراطيين

وصرح بعض الديمقراطيين بشكل شخصي، بأن بيلوسي كانت تعمل وراء الكواليس لدفع بايدن إلى الانسحاب، بينما ظل زعيم الأقلية في مجلس النواب حكيم جيفريز بعيداً عن الفوضى داخل كتلته، فيما أعرب أعضاء حزبه عن مخاوفهم بشأن المرشحين الرئيسيين.

ولفتت الصحيفة إلى أنه بعد هزيمة الرئيس الجمهوري السابق ترمب منافسته الديمقراطية كلينتون في انتخابات عام 2016، أصبحت بيلوسي "حصناً" لحزبها، وأمضت عامين وقفت خلالها بشكل متكرر في وجه ترمب، وأحياناً كانت تسخر منه. 

كما يُنظر إليها على نطاق واسع على أنها "القائدة" التي صمدت أمام ترمب، كما يقول العديد من الديمقراطيين، حتى بدأت عملية الترشيح لحزبهم قبل انتخابات 2020. وحافظت على نفوذها الكبير حتى بعد التنحي عن قيادة كتلتها.

وفي مقابلة أخرى مع شبكة CNN في وقت سابق من هذا الشهر، ردت بيلوسي على سؤال عما إذا كانت علاقتها جيدة مع بايدن، قائلة: "آمل ذلك، عليك أن تسأله".

وبينما لا يزال بايدن وبيلوسي على خلاف، تحدث الرئيس إلى شومر في اليوم الذي انسحب فيه، وفقاً لشخص مطلع على المكالمة الهاتفية.

وعبّر بايدن عن "قدر أقل" من الإحباط تجاه شومر، إذ لم يعتبره في مقدمة الأشخاص الذين ضغطوا عليه. ومع ذلك، كان منزعجاً من أن زعيم الديمقراطيين في مجلس الشيوخ لعب دوراً في ممارسة الضغط عليه، وفقا لشخصين مطلعين.

وقال شومر في بيان رداً على طلب التعليق على هذه القصة: "الرئيس بايدن وطني وضرب مثالاً لجميع الأميركيين بتغليب مصلحة بلاده مجدداً فوق كل شيء آخر. كنا جميعاً فخورين بالعمل إلى جانبه لتحقيق سجل تشريعي تاريخي سيترك له إرثاً لا يُمحى كرئيس".

تصنيفات

قصص قد تهمك