تبرز ولاية جورجيا الأميركية، في خضم السباق الانتخابي، كعنصر حاسم في معادلة الفوز بالنسبة للمرشح الجمهوري للانتخابات الرئاسية والرئيس السابق دونالد ترمب الذي يواجه تحديات كبيرة في ظل استمرار خلافاته مع حاكم الولاية الجمهوري برايان كيمب.
وأشار موقع "أكسيوس"، إلى أنه من الصعب أن يفوز المرشح الجمهوري دون أصوات جورجيا، مثلما سيكون من العسير كذلك أن تتفوق عليه نائبة الرئيس والمرشحة الديمقراطية كامالا هاريس من غير الحصول على أصوات ولاية بنسلفانيا.
وتعرف حملة ترمب الانتخابية هذه الحقيقة وتؤمن بها كثيراً، ولهذا السبب سيتم بث عدد كبير من الإعلانات التلفزيونية على مدى الأسابيع المقبلة في جورجيا. إلا أن المرشح الجمهوري تسبب في إضعاف موقفه داخل تلك الولاية الحاسمة من خلال مهاجمة حاكمها الجمهوري ذو الشعبية الكبيرة بشكل صريح ومتكرر.
وقال ترمب سابقاً عن كيمب في تجمع حاشد: "إنه رجل سيء، وغير مخلص، وحاكم عادي للغاية". في حين، أعرب بعض مستشاري الرئيس السابق عن أسفهم من أن هذه الولاية قد تُبرز أسوأ ما فيه.
واعتبر "أكسيوس"، أن الأمر الصادم هو أن ترمب سبق أن جرّب اتخاذ مثل هذا الموقف وتعلم من هذا الدرس في عام 2020، وذلك عندما كلفته خصومته الشخصية مع كيمب خسارة الجمهوريين السيطرة على مجلس الشيوخ، فضلاً عن فقدان أصوات الولاية بفارق 12 ألف صوت، وهي أول خسارة للجمهوريين في جورجيا منذ عام 1992.
وهذا هو بالضبط ما يقصده مستشارو ترمب عندما يتحدثون عن سلوكه المدمر، إذ أنهم بحاجة للحصول على كل صوت في جورجيا من أجل تجنب تكرار ما حدث عام 2020، بحسب "أكسيوس".
وأظهر استطلاع للرأي أجرته صحيفة "نيويورك تايمز" وكلية "سيينا"، أن هاريس باتت تتقدم في الولايات المعروفة باسم "حزام الشمس" مثل جورجيا ونورث كارولينا وأريزونا ونيفادا، وهو ما يمنحها بديلاً عن ولايات "الجدار الأزرق" مثل ويسكونسن وميشيجان وبنسلفانيا.
كما قلصت المرشحة الديمقراطية لانتخابات الرئاسة الأميركية تقدم ترمب بين الناخبين المحتملين في جورجيا إلى 4 نقاط مئوية أي 50% مقابل 46%، بعدما كان يتقدم بـ9 نقاط مئوية في استطلاع "نيويورك تايمز-كلية سيينا" خلال مايو الماضي.
وأرجع "أكسيوس" صعود هاريس في الولاية جزئياً إلى وجود الناخبين الأميركيين من أصل إفريقي، والذين يشكلون ثلث ناخبي الولاية، فضلاً عن كون نائبة الرئيس متحدثة أكثر فعالية في مجال حقوق الإنجاب في جورجيا التي تفرض حظراً مثيراً للجدل على عمليات الإجهاض بعد قرابة 6 أسابيع من الحمل.
وقال أحد كبار العاملين في الحزب الديمقراطي للموقع الأميركي، إن "هاريس تناسب الناخبين بشكل أكبر من الرئيس جو بايدن في جورجيا، التي تضم ناخبين أصغر سناً، وعدد أكبر من الناخبين من أصل إفريقي".
ولفت "أكسيوس"، إلى أن الحاكم كيمب بات يشعر بالقلق بشكل متزايد من أن ترمب قد يخسر أصوات الولاية من خلال تنفيره عدداً من الجمهوريين المعتدلين فيها، لكنه من المتوقع أن يدعم عمليات الحزب في الولاية لحث الناخبين على الاقتراع، في محاولة لإنقاذ الرئيس السابق.
وتدرك حملة المرشح الجمهوري موقفها الحالي، ولذا باتت تنفق بكثافة أكبر لمحاولة تعويض هجماته على كيمب وزوجته مارتي.
ووفقاً لصحيفة "أتلانتا جورنال كونستيتيوشن"، أنفقت حملة ترمب 4 أضعاف المبلغ الذي تم إنفاقه على الإعلانات التلفزيونية في جورجيا خلال الأسبوعين التاليين للإعلان عن الترشح المحتمل لهاريس مقارنةً بإجمالي ما تم إنفاقه منذ بداية العام الجاري.
ونقلت "نيويورك تايمز" عن الخبير الاستراتيجي في الحملة الديمقراطية دوج سوسنيك، قوله إنه من أصل 37 مليون دولار خصصته حملة ترمب للإعلانات على مدى الأسبوع المقبل، هناك ما يقرب من 24 مليون دولار (65%) سيتم استخدامهم في جورجيا وحدها.
ويمكن رؤية مدى الأهمية المتزايدة للولاية في عمليات شراء الإعلانات طويلة المدى لحملة ترمب، إذ تضاعفت حصة الإنفاق على الإعلانات التلفزيونية المخطط لها في جورجيا من 21% في أغسطس، إلى 43% في سبتمبر، و46% في أكتوبر، وفقاً لشركة تتبع الإعلانات AdImpact.
وأجرت حملة الرئيس السابق كذلك، عمليات شراء مسبقة للإعلانات خلال هذا الخريف في ولايتين فقط وهما بنسلفانيا وجورجيا، وهو ما يعكس الأولويات الحالية للحملة بحسب "أكسيوس".
وبينما كان بايدن لا يزال في السباق، كانت السياسة المتعلقة بالانتخابات الرئاسية هادئة نسبياً في جورجيا، حتى أن أحد المقربين من ترمب ذكر لـ"أكسيوس"، أنه كان يعتقد أن جورجيا ستكون خارج قائمة الولايات المتأرجحة بحلول يوم الانتخابات.
لكن الآن باتت الانتخابات هي الموضوع السائد في الولاية، إذ شاهد سكان مدينة أتلانتا 17 إعلاناً عن السباق الرئاسي مؤخراً، وكانت جميعها عن هاريس.
وروّجت 9 إعلانات من أصل 17 لسجل هاريس في الاقتصاد وأمن الحدود، فيما كانت الـ8 الأخرى من مجموعات مرتبطة بالمرشح الجمهوري، حيث تهاجم سياسة المرشحة الديمقراطية المتعلقة بالحدود.
ومن جانبها، أعلنت حملة هاريس عن خطط لإنفاق ما لا يقل عن 370 مليون دولار على الإعلانات الرقمية والتلفزيونية خلال الفترة بين عيد العمال ويوم الانتخابات، بالإضافة إلى ما تعتقد الحملة أنه أكبر حجز رقمي في تاريخ السياسة الأميركية بأكثر من 200 مليون دولار.
وأضافت الحملة: "بعد أن قمنا بعمليات شراء إعلانات كبيرة في ولاية نورث كارولينا الشهر الماضي، اضطرت حملة ترمب إلى زيادة إنفاقها في الولاية التي لم تكن تنفق فيها على الإطلاق، كما أجبرنا حملته أيضاً على زيادة إنفاقها بشكل كبير في جورجيا، بعد أن أظهرت استطلاعات الرأي المتتابعة تقدم نائبة الرئيس هناك".