حذّر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، الاثنين، الدول الغربية من أي مطالبات في المنطقة القطبية الشمالية قبل انعقاد "مجلس المنطقة القطبية الشمالية" في وقت يزيد التغيّر المناخي من سهولة الوصول إليها، ويحولها إلى موقع للمنافسة العالمية.
وجاءت تصريحات لافرورف قبل انعقاد "مجلس المنطقة القطبية الشمالية" المرتقب في العاصمة الأيسلندية ريكيافيك، يومي الأربعاء والخميس.
وتحوّلت المنطقة القطبية الشمالية في السنوات الأخيرة إلى موقع تنافس جيوسياسي، بين الدول المنضوية في "مجلس المنطقة القطبية الشمالية" وهي روسيا والولايات المتحدة وكندا، والنرويج والدنمارك والسويد وفنلندا وآيسلندا.
وقال لافروف في مؤتمر صحافي في موسكو "كان من الواضح تماماً للجميع منذ مدة طويلة أن هذه أرضنا، ونحن مسؤولون عن ضمان سلامة ساحلنا في المنطقة القطبية الشمالية".
وتابع: "عندما يحاول حلف شمال الأطلسي تبرير تقدّمه في المنطقة القطبية الشمالية، فالوضع مختلف، ولدينا أسئلة لجيراننا -مثل النرويج- الذين يحاولون تبرير حاجة الحلف للقدوم إلى المنطقة".
وأوضح وزير الخارجية الروسي "سنتحدث عن ذلك بصراحة في الاجتماع الوزاري للدول الثماني، واقترح استئناف حوار منتظم بين القادة العسكريين للدول الأعضاء".
ومن المتوقع أن يصدر المجلس بياناً ختامياً، وخطة استراتيجية مشتركة بشأن العقد المقبل، في نهاية الاجتماع المرتقب.
اهتمام دولي
ونما اهتمام عالمي بالموارد الطبيعية للمنطقة، وطرق ملاحتها وموقعها الاستراتيجي بين أعضاء المجلس، وكذلك الصين، بعد أن سهّل التغير المناخي من إمكانية الوصول إليها.
وجعل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، من المنطقة القطبية الشمالية أولوية استراتيجية في السنوات الأخيرة، وأمر بالاستثمار في البنى التحتية العسكرية، واستخراج المعادن، ما أدى إلى "تفاقم التوتر مع أعضاء المجلس".
وتصدت الولايات المتحدة من جهتها لما تعتبره "عدوانية" روسية وصينية في المنطقة. ولأول مرة منذ ثمانينات القرن الماضي، أرسل سلاح البحرية الأميركي حاملة طائرات إلى بحر النرويج في 2018، كما أرسلت واشنطن في فبراير، قاذفات استراتيجية للتدرّب بالنرويج، في إطار الجهود الغربية لتعزيز الوجود العسكري في المنطقة.
طموحات روسية
وفي وقت يتراجع الغطاء الثلجي في المنطقة القطبية الشمالية، تأمل روسيا باستخدام ممر بحر الشمال الملاحي، لتصدير النفط والغاز إلى الأسواق الخارجية.
واستثمرت روسيا بكثافة من أجل تطوير الممر، ما سمح للسفن بخفض مدة الرحلات إلى الموانئ الآسيوية بـ15 يوماً، مقارنة باستخدام طريق قناة السويس التقليدي. وفي أغسطس 2017، أبحرت أول سفينة على طول طريق بحر الشمال، بدون استخدام كاسحات جليد.
وعززت موسكو أيضاً وجودها العسكري في المنطقة، وأعادت فتح العديد من القواعد والمطارات المهجورة، وتحديثها منذ نهاية الحقبة السوفييتية، ونشرت نظام الدفاع الجوي الروسي المتطور"إس-400".
وفي مارس، نفذت روسيا مناورات ضخمة في المنطقة القطبية الشمالية، مع إشادة بوتين بالتدريبات العسكرية، فيما قال أدميرال متقاعد إنها بمنزلة "إشارة إلى أصدقائنا الأميركيين".
ومن المقرر أن يلتقي لافروف نظيره الأميركي أنتوني بلينكن، على هامش اجتماع المجلس الوزاري، ما سيشكل اختباراً للعلاقات المتوترة بين موسكو وواشنطن.
ورغم ارتفاع منسوب التوتر، أشارت روسيا والولايات المتحدة، خلال مفاوضات مناخية جرت في وقت سابق من العام إلى أن المنطقة القطبية الشمالية هي "منطقة تعاون".
موارد ضخمة
وتشمل المنطقة المحيط المتجمد الشمالي، والمناطق الشمالية من النرويج والسويد وفنلندا، وأيسلندا في أوروبا، وغرينلاند (إقليم الحكم الذاتي الدنماركي)، وأقصى شمال كندا، وروسيا وجزءاً من ألاسكا (الولايات-المتحدة).
وتتطور الحياة في بالمنطقة المتجمدة ببطء بسبب درجة الحرارة التي تصل إلى 50 درجة مئوية تحت الصفر. ويبلغ عدد سكانها نحو أربعة ملايين نسمة، إضافة إلى الدول الثماني المحيطة بالمنطقة القطبية.
وجعلت روسيا تنمية الموارد الطبيعية في المنطقة من أولوياتها، كما أن النرويج قدرت أن بحر بارنتس، يحتوي على أكثر من 60% من احتياطيات النفط المتبقية غير المكتشفة في البلاد، على الرغم من أن التنقيب لم يكن مثمراً فيها حتى الآن.
وسبق أن منح الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، امتيازات للتنقيب عن النفط والغاز في ألاسكا، في أكبر منطقة طبيعية محمية في الولايات المتحدة، لكن جو بايدن أوقفها.
وتطمع الدول المحيطة بموارد القطب الشمالي، وكذلك بلدان بعيدة عنه مثل الصين التي تعتبر نفسها دولة "شبه قطبية".