هاريس تبتعد عن استراتيجية هيلاري كلينتون وتتحاشى ورقة العرق

نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس خلال تجمع انتخابي في مركز هندريك للتميز في صناعة السيارات في رالي بولاية نورث كارولينا بالولايات المتحدة، الجمعة. 16 أغسطس 2024 - Bloomberg
نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس خلال تجمع انتخابي في مركز هندريك للتميز في صناعة السيارات في رالي بولاية نورث كارولينا بالولايات المتحدة، الجمعة. 16 أغسطس 2024 - Bloomberg
دبي-الشرق

تنتهج نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس والمرشحة عن الحزب الديمقراطي لانتخابات الرئاسة 2024 استراتيجية مختلفة عن المرشحة السابقة عن الحزب في انتخابات 2016 هيلاري كلينتون، والتي ركزت على كونها أول امرأة تترشح للسباق الرئاسي، فيما تراهن هاريس على نشأتها ضمن الطبقة المتوسطة وعملها كمدعية عامة، دون أن تستعين بورقة العرق أو الجنس.

وذكرت مجلة "بوليتيكو" أن استراتيجية هاريس المتبعة في حملتها الانتخابية من خلال الإعلانات التلفزيونية وخطاباتها، تشكل ابتعاداً واضحاً عن نهج هيلاري كلينتون، أول مرشحة رئاسية ديمقراطية، والتي سلطت الضوء على جنسها كامرأة طوال حملتها الانتخابية في عام 2016.

وتعتبر استراتيجية نائبة الرئيس مبنية على كونها مرشح من جيل وظروف مختلفة عن كلينتون، التي خسرت أمام خصم هاريس الحالي دونالد ترمب، في انتخابات عام 2016.

وتعكس استراتيجية هاريس جمهوراً ناخباً خضع لتحول ثقافي خاص به على مدار السنوات الثماني الماضية، من مسيرة النساء إلى حركة MeToo إلى إلغاء حق الإجهاض الفيدرالي في قضية "رو ضد وايد" عام 2022.

هاريس..وورقة العرق

وقالت عضوة مجلس الشيوخ السابقة عن ولاية إلينوي كارول موزلي براون، التي ترشحت في الانتخابات التمهيدية الرئاسية الديمقراطية عام 2004، وكانت أول امرأة من أصول إفريقية تخدم في مجلس الشيوخ: "بصراحة، الحديث عن أنك أول امرأة من أصول إفريقية هذا، لا يوصلك إلى أي مكان. إنه يضعك حقاً في الزاوية، ويتركك عرضة للاتهام بلعب ورقة العرق، لذلك لم تفعل هاريس ذلك، وهذا تصرف ذكي جداً منها".

اقرأ أيضاً

مؤتمر الديمقراطيين ينطلق وسط "حماسة غامرة" بتمرير بايدن الشعلة إلى هاريس

ينطلق المؤتمر الوطني للحزب الديمقراطي الاثنين، وسط حماسة غامرة في أوساط الحزب مدفوعاً بالتغيير على رأس التذكرة الديمقراطية لانتخابات الرئاسة عقب انسحاب بايدن.

وقالت موزلي براون، التي دعت إلى إزالة العلامة التي تحمل عبارة "للرجال فقط" من باب البيت الأبيض أثناء ترشحها للرئاسة، إن هاريس "ورثت نوعاً مختلفاً من أسلوب اللعب، حيث تغيرت الأوقات وأصبح الناس أكثر انفتاحاً على قيام النساء بهذه الأشياء".

ولكن في واقع الأمر، يبدو أن هاريس، التي تتجنب مثال كلينتون، تتبع "استراتيجية باراك أوباما، الذي لم يتحدث كثيراً عن عرقه في حملته التاريخية عام 2008، باستثناء بعض الحالات"، وفقاً لبوليتيكو.

ورغم استفادة أوباما من حماس الأميركيين من أصول إفريقية لترشحه، فقد أمضى معظم وقته في التحدث إلى جمهور أوسع من الناخبين، وخاصة الناخبين البيض المتأرجحين، الذي كان يحتاج إليهم للفوز في ولايات حاسمة، مثل "بنسلفانيا وويسكونسن وميشيجان".

وتتخذ هاريس نهجاً مماثلاً. إذ تتحدث إعلاناتها التلفزيونية في "الولايات المتأرجحة عن عملها كمدعية عامة، ووظيفتها الصيفية في ماكدونالدز"، وسجلها في مواجهة بنوك وول ستريت، وشركات الأدوية الكبرى، وكل ذلك في حين "تظهر صورها على الشاشة إلى جانب رجال الشرطة والعمال، وهم يرتدون خوذات صلبة".

 وشرعت هاريس في جولة بالحافلة هذا الأسبوع في غرب بنسلفانيا، وهي منطقة ذات أغلبية بيضاء موطن للعديد من الديمقراطيين النقابيين الذين تحولوا إلى أنصار ترمب.

وتقول دونا برازيل، رئيسة اللجنة الوطنية الديمقراطية السابقة، والتي تعتبر ضمن دائرة ضيقة من النساء اللاتي تلجأ هاريس إليهن طلباً للنصيحة: "سيتعين عليها أن تستقطب المزيد من هؤلاء الناخبين الذين يرون أنفسهم يعيشون على الهامش، والتي يسعى ترمب لاستقطابهم".

وأضافت:"على هاريس أن تتذكر أن أوباما كان لديه هؤلاء (الناخبين)، لقد فاز بولاية إنديانا، والآن يتعين عليها أن تستقطبهم، وبنفس الطريقة التي ناشدهم بها أوباما، يتعين عليها أن تجذبهم على أساس القيم، وأن يعرفوا أنها تهتم بهم، وأنها تراهم"، مبينة "لا توجد طريقة أخرى للفوز في أميركا".

ولكن في الواقع لا تتجنب هاريس هويتها، حتى لو لم تجعلها محور حملتها ففي الأسبوع الماضي، إذ أخبرت الطلاب الجدد في جامعة هوارد، جامعتها الأم والكلية التاريخية للسود، أنه في يوم من الأيام "قد تترشحون لمنصب رئيس الولايات المتحدة".

وفي مقابلة مع Essence، تحدثت عن نشأتها في مجتمع قيل لها وهي طفلة إنها "شابة وموهوبة وسوداء"، في إشارة إلى أغنية نينا سيمون، وألبوم أريثا فرانكلين.

هاريس ..وركل الأبواب 

وفي فترة عملها كنائبة للرئيس، قبل أن تحل محل بايدن في أعلى القائمة، أظهرت حرصاً، في بعض الأحيان، على التحدث بصراحة مذهلة عن مسيرتها المهنية الرائدة، والعقبات التي يواجهها الملونون. 

وفي هذا الربيع، أثناء حديثها في منتدى صحي للمنظمات الآسيوية الأميركية، والهاوايية الأصلية وجزر المحيط الهادئ، قدمت لهم هاريس نصائح حول "كسر الحواجز، وأن تكون أول من يفعل ذلك".

وأضافت: "علينا أن ندرك أن الناس في بعض الأحيان يفتحون لك الباب ويتركونه مفتوحاً، وفي بعض الأحيان لا يفعلون ذلك، وعندها يتعين عليك ركل هذا الباب اللعين وهدمه".

ومع ذلك، فقد قصرت هاريس هذه المناشدات إلى حد كبير على الأوقات التي تتحدث فيها مباشرة إلى هذه المجتمعات، أو عندما تحاول إثارة حماسة القاعدة الديمقراطية أو جمع الأموال.

وقالت لاتوشا براون، المؤسسة المشاركة لـ Black Voters Matter، وهي مجموعة تقدمية لحقوق التصويت، "إن هاريس لا تستفيد أيضاً من ذكورة أوباما، كما أنها لا تتمتع بالبياض الذي تتمتع به كلينتون، لذلك ستتنقل في مساحة جديدة". وفقاً للمجلة.

وقال أشخاص يعرفون هاريس منذ سنوات أن هذا النهج ليس جديداً عليها، بعد أن حطمت الحواجز كمدعية عامة وعضوة في مجلس الشيوخ. وبصفتها مرشحة محلية في كاليفورنيا، كانت تشعر بالانزعاج من أسئلة الصحافيين حول هويتها، حيث اعتبرتها بمثابة "تشتيت للانتباه عن تركيز حملتها على القيم".

في المقابل، ركز ترمب في استهداف هاريس بشكل كبير على "هويتها في جهوده للتقليل منها، كونها ابنة المهاجرين الجامايكيين والهنود".

وقد انتقد ترمب تعامل هاريس مع هويتها العرقية المختلطة، مؤكداً أنها "أصبحت سوداء" مؤخراً فقط، بعد أن كانت تشير إلى أصولها الهندية، كما أنه ينطق اسمها بشكل خاطئ بانتظام، بالإضافة إلى تهكمه مؤخراً من شكلها كإمرأة، في سلسلة من الإشارات التي يقول المنتقدون، إنها تهدف إلى استحضار الصور النمطية العنصرية.

وقالت السيناتور إيمي كلوباشار، التي أصبحت أول امرأة تمثل ولاية مينيسوتا في مجلس الشيوخ، عندما انتُخبت في عام 2006، إن ردود هاريس على مثل هذه الهجمات تمثل"نهجاً مختلفاً تماماً عن السياسة الجنسانية التي استُخدمت في الماضي".

هاريس ..واختلاف التهديد

أحد الأسباب التي قد تجعل هاريس لا تسلط الضوء على جنسها، هو أنها لم تكن بحاجة إلى ذلك في الانتخابات التمهيدية. ففي عام 2016، قال الاستراتيجيون الديمقراطيون إن كلينتون شددت على جنسها، جزئياً؛ لأنها واجهت تهديداً خطيراً من السيناتور بيرني ساندرز (مستقل من ولاية فيرمونت)، وأيضاً كانت بحاجة إلى تمييز نفسها عن زوجها الرئيس السابق بيل كلينتون، لذلك كان تسليط الضوء على ترشحها التاريخي "محاولة لإثارة حماس القاعدة الليبرالية".

وقالت باتي سوليس دويل، التي أدارت حملة كلينتون في عام 2008، وهي أول لاتينية تفعل ذلك "ليس علينا أن نتحدث عن ذلك يمكن للناخب أن يرى أنها امرأة ملونة"، مضيفة "أن هذا القرار لم يعد ممكناً لكون هيلاري قد اتجهت إليه قبلها، وأوصلته إلى مكان لم يعد معه هذا القرار في المقدمة، ولم يعد هذا القرار أول ما ينظر إليه الناخبون".

وقالت أرونا ميلر في انتخابات 2022، لم يتحدث حاكم ماريلاند ويس مور، ونائبة الحاكم أرونا ميلر، عن كيف سيكونان أول زعماء من أصول إفريقية، وجنوب آسيوية على مستوى الولاية في ماريلاند.

وقالت ميلر: "أي شخص ينظر إليها بإمكانه أن يعرف أنها تذكرة فريدة من نوعها، لم تكن هناك حاجة للحديث عن ذلك، كان الأمر يتعلق أكثر بقصصنا".

نساء ذوات البشرة الملونة في السلطة

وبالنظر إلى صعود النساء في السلطة، زادت نسب تواجدهم  في مناصب السلطة بشكل كبير منذ عام 2016، إذ تمثل النساء الآن 28٪ من أعضاء الكونجرس، مقارنة بأقل من 20٪ منه في عام 2016. 

ووفقاً لمركز جامعة رتجرز للنساء الأميركيات والسياسة، سيكون عدد النساء الحاكمات في عام 2024 ضعف عددهن في عام 2016.

وقالت النائبة لورين أندروود (ديمقراطية من إلينوي)، التي كانت جزءاً من مجموعة من النساء المنتخبات في عام 2018، لتصبح أصغر وأول امرأة من أصول إفريقية تمثل منطقتها "لقد تغير معيار القوة ففي عام 2019، كانت نانسي بيلوسي، وفريقها هي الأصوات الأكثر قوة التي خرجت من واشنطن العاصمة".

وفي عام 2020، عندما ترشحت 6 نساء للرئاسة عن الحزب الديمقراطي، كانت الهمسات تلاحقهن حول "قدرتهن على الفوز" ضد ترمب. 

قالت كلوبشار في مقابلة حديثة مع "بوليتيكو":"بسبب شخصية ترمب، وبسبب انتخابات 2016، يظن البعض أن امرأة لا تستطيع هزيمته، لكن هذه المرة تُظهر استطلاعات الرأي، أن امرأة كهاريس قادرة بقوة على هزيمته".

وأضافت كلوبشار: "هذا تحول كبير للغاية، وبالنسبة لي، لم يحدث كل هذا دفعة واحدة".

وأظهرت استطلاعات الرأي العامة أن هاريس تتفوق على ترمب في بعض الولايات المتأرجحة، وفي الاستطلاعات الوطنية. 

وقد استفادت من الفجوة المتزايدة بين الجنسين، حيث تتمتع بميزة 10 نقاط مئوية بين النساء، مقارنة بتقدم ترمب بـ9 نقاط بين الرجال، وفقاً لاستطلاع أجرته شبكة "سي بي إس" نيوز، ونُشر الأحد.

عقبات تواجه النساء

وتقول ميريديث كيلي، صانعة الإعلانات الديمقراطية التي عملت مع السيناتور كيرستن جيليبراند في حملتها الرئاسية لعام 2020، حتى مع هذا التقدم، لا تزال النساء المرشحات لمناصب منتخبة يواجهن عقبات لا يشعر بها نظرائهن من الرجال.

فعند إعداد إعلانات تلفزيونية، على سبيل المثال، "يرتدي الرجال نفس القميص الأزرق، في حين يتعين على النساء أن يتساءلن: هل الفستان أنثوي للغاية؟ هل ارتداء زي رسمي مبالغ فيه؟ هل يمكننا ارتداء اللون الوردي؟"

وأضافت:" يكون الحكم على النساء بناءً على الكلمات التي يتفوهن بها وكيفية قولها، وبينما يُنظر إلى الرجال على أنهم أقوياء إذا هاجموا خصومهم، فيما من المحتمل اعتبار النساء متذمرات أو وقحات إذا فعلن الشيء نفسه".

وتابعت: "يتعين على المرشحات وفرقهن التفكير في كل خطوة من خلال نظرة مختلفة عن تلك التي يفكر بها الرجال".

ويأمل الديمقراطيون أن تكون حقيقة أن هاريس شغلت منصب نائب الرئيس خلال السنوات الثلاث والنصف الماضية، تعني أن الأميركيين اعتادوا على صورة المرأة في البيت الأبيض.

وكانت كلينتون  قد كسرت حاجز كونها أول امرأة تترشح في السباق الرئاسي عن الحزب الديمقراطي في 2016، لذا فإن هذا ليس بالأمر الجديد الذي يستحق البناء عليه من قبل هاريس.

تصنيفات

قصص قد تهمك