المكسيك: الصين "صديق جيد" والتوترات مع واشنطن تقلقنا

نائب وزير الخارجية المكسيكي لأميركا الشمالية سابقاً والسفير الحالي في الصين خيسوس سياد يتحدث أثناء اجتماع في القصر الرئاسي في مكسيكو سيتي. 10 ديسمبر 2019 - Reuters
نائب وزير الخارجية المكسيكي لأميركا الشمالية سابقاً والسفير الحالي في الصين خيسوس سياد يتحدث أثناء اجتماع في القصر الرئاسي في مكسيكو سيتي. 10 ديسمبر 2019 - Reuters
دبي -الشرق

قال السفير المكسيكي لدى الصين، خيسوس سياد، إن الولايات المتحدة هي الشريك التجاري الأول وأكبر مصدّر للسلع والمنتجات لبلاده، لكنه عبر عن رفض "محاولة واشنطن اتخاذ القرارات بشأن التعاملات" مع بكين، في إشارة إلى عقوبات محتملة أو أزمة سياسية منتظرة. 

وقال سياد في مقابلة مع صحيفة "ساوث تشاينا مورنينج بوست" إن حقوق الشركات الصينية التي تستثمر في المكسيك "مشروعة، ومحمية بموجب الإطار القانوني المكسيكي، وبالتالي لا داعي للقلق بشأن الحذر المتزايد، أو حتى التهديدات من الولايات المتحدة.

وأضاف أن التعريفات الجمركية التي تفرضها الحكومة المكسيكية، تعمل على تحفيز الشركات الصينية على الاستثمار والإنتاج في المكسيك، وهي "شريك طبيعي" للصين لتصدير قدرتها التصنيعية إلى الخارج.

وتابع سياد أن "المكسيك بحاجة إلى تنويع سلة اقتصادها السياسي والاقتصادي والتجاري، والصين هي لاعب رئيسي في ذلك وصديق جيد للمكسيك".

وقال إنه "في حين أنه من الأهمية بمكان أن تحافظ بلاده على علاقة جيدة مع واشنطن، التي تتمتع بنفوذ كبير، سياسياً واقتصادياً وثقافياً"، على المكسيك، "فمن المهم بنفس القدر أن يكون لها علاقة جيدة للغاية مع بقية العالم".

وأصبحت الدولة التي لديها حدود مباشرة مع الولايات المتحدة، بشكل متزايد، وجهة ساخنة للشركات الصينية التي باتت تستوطن في أماكن بعيدة في السنوات الأخيرة، وذلك بفضل إعادة الهيكلة الجارية للتجارة بين الولايات المتحدة والصين واستراتيجية واشنطن في مجال النقل القريب.

وبموجب اتفاقية الولايات المتحدة والمكسيك وكندا USMCA، وهي اتفاقية تجارة حرة بين الدول الثلاث دخلت حيز التنفيذ في عام 2020، يمكن تصدير المنتجات المنتجة في المكسيك، والتي تلبي قواعد منشأ معينة إلى الولايات المتحدة دون رسوم جمركية.

في العام الماضي، أصبحت المكسيك أكبر مصدر للواردات للولايات المتحدة، منهية بذلك سلسلة من 17 عاماً من احتلال الصين لهذا اللقب.

ولكن سياد، الذي كان كبير المفاوضين التجاريين للمكسيك في اتفاقية الولايات المتحدة والمكسيك وكندا، قال إن التوترات بين الصين والولايات المتحدة تمثل "أخباراً سيئة" بالنسبة للمكسيك.

وقال سياد: "يعتقد بعض الناس أن هذا يجب أن يكون خبراً جيداً، لأنه إذا كانت الولايات المتحدة غاضبة من الصين، فإنها ستشتري من المكسيك. هذا هراء". وأوضح: "الولايات المتحدة هي شريكنا التجاري الأول.. الصين هي شريكنا التجاري الثاني".

وتابع: "نزدهر عندما يزدهر شركاؤنا. عندما يختلف شركاؤنا ويقدمون تدابير لا تساعد بعضهم البعض، فإن نمو الشريكين يعاني، وهذا خبر سيئ بالنسبة لنا".

ارتفاع المبادلات التجارية مع بكين

وشهدت التجارة بين الصين والمكسيك، ارتفاعاً كبيراً في الآونة الأخيرة. ووفقاً لمنصة بيانات الشحن Xeneta، زاد النمو السنوي في شحن الحاويات بين الصين والمكسيك بنسبة 34.8% في عام 2023، مقارنة بارتفاع بنسبة 3.5% فقط في عام 2022.

وفي الأشهر السبعة الأولى من العام الجاري 2024، بلغت القيمة التجارية الإجمالية بين البلدين 63.6 مليار دولار أميركي، بزيادة 12.4% مقارنة بنفس الفترة من عام 2023، وفقاً لبيانات الجمارك الصينية.

لكن الأمور سرعان ما تدهورت في أبريل، عندما فرضت المكسيك تعريفات جمركية مؤقتة تتراوح بين 5 و50% على استيراد 544 منتجاً، بما في ذلك الصلب والمنسوجات والأحذية والإلكترونيات، من دول ليس لديها اتفاقيات تجارة حرة مع المكسيك. وكانت الصين، نظراً لحجم تجارتها الأكبر مع البلاد، الأكثر تضرراً.

وقال سياد إن زيادات التعريفات الجمركية لم يتم فرضها بسبب ضغوط من الولايات المتحدة، ولكن لأن الخلل التجاري بين المكسيك والصين "يبدو سيئاً سياسياً".

وحافظت الصين على مكانتها كثاني أكبر مورد للمكسيك، إذ بلغت قيمة المنتجات المستوردة، 114 مليار دولار أميركي في عام 2023، في حين بلغت القيمة الإجمالية لصادرات المكسيك إلى الصين 10.1 مليار دولار أميركي، مما خلق عجزاً بقيمة 104 مليارات دولار أميركي في العلاقات التجارية الثنائية، وفقاً لبيانات بنك المكسيك.

وقال سياد: "فيما يتعلق بالولايات المتحدة، فإنهم يفضلون أن نعمل فقط مع الولايات المتحدة، لكننا واضحون في أننا لا نريد القيام بذلك". "على العكس من ذلك، نحن نعمل بشغف على جذب الشراكة الصينية والاستثمار الصيني.

وتابع: "إننا نفضل فقط أن تنتج الشركات الصينية في المكسيك، وتوفر فرص العمل في المكسيك وتجلب التكنولوجيا، بدلاً من تصدير البضائع بطريقة باردة لا تجلب أي فائدة أخرى غير البضائع نفسها".

اختلال التوازن التجاري

وبالتالي، يمكن النظر إلى التعريفات الجمركية على أنها "تشجيع" للشركات الصينية للاستثمار والإنتاج في المكسيك، الأمر الذي من شأنه أن يساعد في تصحيح العجز التجاري الضخم، كما يقول.

وقال: "إذا ضاعفنا صادراتنا، فمن المحتمل أن نضاعف وارداتنا من الصين. وهذا لا علاقة له باختلال التوازن التجاري"، مضيفاً أنه في حين أن هناك أسباباً مشروعة وراء هذا الاختلال "فإنه يبدو سيئاً للجمهور. نحن بحاجة إلى معالجته".

وقال: "هناك الكثير من الصادرات الأخرى التي نريد القيام بها. نحن نتفاوض مع الصين بنشاط كبير كل يوم تقريباً".

وتتأخر صادرات بعض المنتجات المكسيكية إلى الصين، مثل الأفوكادو، عن تلك القادمة من بيرو وتشيلي، اللتين لديهما اتفاقيات تجارة حرة ويمكنهما التجارة تحت تعريفات جمركية صفرية مع الدولة الآسيوية.

وقال سياد، إن الاستثمار الصيني في المكسيك يحظى بترحيب خاص من بين جميع الاستثمارات الأجنبية، لأن "الصين هي محرك النمو على مستوى العالم، وهي دولة مصنعة رائعة ومصدر للتكنولوجيا أيضاً".

وأضاف أن المكسيك "شريك طبيعي" للاستثمار الصيني، مع طاقة شبابها، وتقليدها الطويل في التصنيع، وحدودها التي يبلغ طولها 3145 كيلومتراً (1954 ميلاً) مع أكبر اقتصاد في العالم.

وقال: "تحتاج الصين إلى قواعد إنتاج كبيرة في جميع أنحاء العالم، وخاصة على الجانب الآخر من العالم. إذا نظرت إلى خريطة العالم، فإن المكسيك تقع في مركز بقية العالم. لذا، فهي موقع مثالي للاستثمار الصيني".

تصنيفات

قصص قد تهمك