خصص الحزب الديمقراطي 7 صفحات من برنامجه لعام 2024 المكون من 90 ورقة، لعرض استراتيجيته الخاصة بقضية المناخ، وهو ما رأت شبكة CBS News، أنه يوفر بعض الإشارات حول ما يمكن لنائبة الرئيس كامالا هاريس أن تفعله لمواجهة هذه الأزمة في حال فازت في الانتخابات الرئاسية المقبلة.
وفي تقرير نشرته، السبت، قالت الشبكة إن هاريس لم تحدد بعد سياستها الخاصة بالمناخ، كما لم يتم ذكر هذه القضية سوى بشكل موجز في المؤتمر الوطني للحزب الديمقراطي، الأسبوع الماضي، مما يجعل برنامج الحزب هو الدليل الوحيد على ما قد تكون عليه سياسة البيت الأبيض للمناخ في عهدها.
وخلال خطابها الذي استمر لما يقرب من 40 دقيقة في المؤتمر الوطني، مساء الخميس، تحدثت المرشحة الديمقراطية عن الاقتصاد والحرب في قطاع غزة والهجرة، لكنها لم تذكر قضية المناخ سوى من خلال الإشارة إلى "الحريات الأساسية" التي باتت على المحك في هذه الانتخابات، والتي قالت إنها تتمثل في "حرية تنفس الهواء النظيف وشرب المياه النظيفة والعيش بعيداً عن التلوث الذي يؤدي إلى تفاقم أزمة المناخ".
ونقلت CBS News عن ستيفي أوهانلون المتحدثة باسم حركة "صن رايز" المعنية بقضية تغير المناخ، قولها إن قرار هاريس عدم التحدث بقوة أكبر عن هذه الأزمة سواء خلال فعاليات المؤتمر الوطني الديمقراطي أو قبله، كان "فرصة ضائعة"، معتبرةً أن: "أي شخص يترشح للرئاسة لديه مسؤولية التحدث عن ذلك".
ورصدت شبكة CBS News بعض النقاط الرئيسية التي جرى ذكرها في برنامج الحزب الديمقراطي.
مواصلة البناء على أسس خفض التضخم
يدعو برنامج الحزب الديمقراطي إلى الاستثمار في الطاقة النظيفة، مثل الطاقة الشمسية، وطاقة الرياح البحرية، والشبكة الكهربائية، مع التركيز على تقديم هذه التكنولوجيا للمجتمعات الأكثر تضرراً بتغير المناخ، وذلك تماشياً مع أهداف قانون خفض التضخم.
ويقول البرنامج إن التوسع في مجال الطاقة النظيفة من المتوقع أن يؤدي لمضاعفة معدل توليد هذه الطاقة 3 مرات، وخفض أسعار الكهرباء بنسبة 9%، وأسعار الغاز بنسبة تصل إلى 13% بحلول عام 2030.
ويقول الديمقراطيون إنهم سيخلقون وظائف جديدة ممولة من دافعي الضرائب من خلال بعض الإجراءات التنفيذية ومضاعفة برنامج "فيلق المناخ الأميركي"، وهو برنامج لتدريب 20 ألف شاب في وظائف الطاقة النظيفة والمناخ، بحلول نهاية العقد، وبحسب بيان صحافي صادر عن البيت الأبيض في الذكرى الثانية لتمرير قانون خفض التضخم، فإن التشريع ساعد في خلق أكثر من 330 ألف وظيفة.
ويُطلق منتقدو قانون خفض التضخم عليه اسم "صندوق المناخ"، ويشككون فيما إذا كان سيحقق الأهداف الطموحة التي حددتها إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن للحد من انبعاثات الكربون أم لا، وكانت دراسة أجرتها جامعة برينستون، العام الماضي، قدّرت أن يُحدث التشريع تأثيراً كبيراً في الحد من الانبعاثات، لكنه لن يحقق أهداف المناخ لعام 2030.
وشكلت الخصومات على الألواح الشمسية، والمضخات الحرارية، وعزل المنازل والمركبات الكهربائية، بعض التحديات الخاصة، إذ إن التوسع في اعتمادها كان أبطأ من المتوقع، وكان أولئك الذين استفادوا منها في الغالب من أصحاب الدخل الأعلى، مما ترك البعض يتساءل عما إذا كانت السياسة تُفيد الطبقة المتوسطة.
زراعة خالية من الانبعاثات
ويدعو البرنامج أيضاً إلى تبني ممارسات تجعل الزراعة في الولايات المتحدة خالية من انبعاثات الكربون بحلول عام 2050، مما يجعلها أول دولة تحقق ذلك، وتقول بيانات وزارة الزراعة الأميركية إن هذا القطاع كان مسؤولاً عن 10% من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري في عام 2021.
ووفقاً للبرنامج، فإن أكثر من 80 ألف مزرعة تبنت "ممارسات ذكية مناخياً" بتمويل من وزارة الزراعة، والتي تهدف إلى تقليل انبعاثات الكربون وتحسين صحة التربة.
وعلى الرغم من التقدم الذي تم إحرازه، فإن من المتوقع أن تكون عملية إزالة الكربون بشكل كامل معركة شاقة، ويشير الخبراء إلى أن العديد من تدابير المناخ المقترحة يمكن تنفيذها بسهولة أكبر من قبل الشركات الكبرى، لكنها قد تكون غير عملية ومكلفة للغاية بالنسبة للمزارعين الصغار.
قطاع نقل يعمل بالكهرباء
ويطمح الديمقراطيون أيضاً إلى القضاء على البصمة الكربونية لقطاع النقل بحلول عام 2050، إذ تعد المركبات مسؤولة عن ثلث انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري في الولايات المتحدة.
وأقرت إدارة جو بايدن قاعدة تتطلب أن تكون حوالي 56% من جميع مبيعات المركبات الجديدة كهربائية بحلول عام 2032، ومع ذلك، فقد وجد أحد استطلاعات الرأي في وقت سابق من هذا الصيف أن الأميركيين غير مقتنعين بهذه السيارات، إذ يشعر المستهلكون بالقلق بشأن طول الوقت الذي يستغرقه شحنها، وتم بيع حوالي 1.2 مليون سيارة كهربائية عام 2023، أي أقل من 10% من إجمالي المبيعات في سوق السيارات الأميركية في ذلك العام.
ويُمثل التوفير البطيء لمحطات الشحن الكهربائية تحدياً هائلاً لإدارة بايدن، التي لم تحقق سوى تقدم ضئيل في هدفها المتمثل في تركيب 500 ألف شاحن على مستوى البلاد بحلول عام 2030، إذ إنه حتى يونيو الماضي، لم يتم طرح سوى 7 محطات شحن فقط حتى الآن خلال هذا العام، وفقاً لموقع أخبار السيارات "Autoblog".
تمويل وكالات المناخ والبحوث
الديمقراطيون يقولون إنهم سيزيدون التمويل لوكالة حماية البيئة، ووكالة "ناسا":، والإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي، والمؤسسة الوطنية للعلوم وغيرها من الوكالات لضمان "قيادة أميركا للعالم في مجال ابتكارات الطاقة النظيفة"، ولكن الأمر يتطلب موافقة الكونجرس، وهو ما قد يكون صعباً حتى مع الأغلبية الديمقراطية في كل من مجلسي النواب والشيوخ، بل وأكثر صعوبة في حال فاز الجمهوريون بهذه الأغلبية.
مواجهة شركات النفط الكبرى
برنامج الحزب الديمقراطي يتعهّد بالتصدي بشكل صارم لشركات النفط الكبرى، التي تكافح للحفاظ على قبضتها على صناعة الطاقة، ويقول الديمقراطيون إنهم سيقوم بإلغاء عشرات المليارات من الدولارات من الإعانات للنفط والغاز، ومحاربة رفع الأسعار، وزيادة الحماية ضد الحفر والتعدين في القطب الشمالي.
لكن هذه الوعود لا تعني أن الديمقراطيين سيتخلون عن استخدام الوقود بشكل كامل، إذ إنه تحت قيادة بايدن، نمت وظائف الوقود الأحفوري بشكل أسرع من وظائف الطاقة النظيفة، ووصل إنتاج النفط في الولايات المتحدة إلى مستويات قياسية، وفق تقارير وكالة "رويترز" التي تتبعت سجله في الوقود الأحفوري، ورغم أن كامالا هاريس لم تعلن بعد عن خططها المتعلقة بالطاقة، فإن حملتها قالت إنها لن تحظر التكسير الهيدروليكي إذا تم انتخابها.
دعم البنية التحتية
يقترح الديمقراطيون إنشاء طرق وجسور وموانئ جديدة يمكنها الصمود في وجه أسوأ آثار تغير المناخ، وفي عام 2023، عانت الولايات المتحدة من كوارث مناخية بلغت قيمة خسائرها 28 مليار دولار، وخصص قانون البنية التحتية، الذي تم تمريره في عهد بايدن، 50 مليار دولار للحماية من الطقس القاسي.
وسيعتمد مصير الآلاف من هذه المشاريع الإنشائية، التي بدأت في عهد بايدن، على مَن سيصل إلى البيت الأبيض، إذ قال بعض الجمهوريين إنهم يعارضون مواصلة تمويل هذه الإجراءات.
أميركا وحل أزمة المناخ
يُريد الديمقراطيون أن تقود الولايات المتحدة عملية الانتقال من استخدام الوقود الأحفوري إلى الطاقة النظيفة، ويقول برنامج الحزب: "بصفتنا ديمقراطيين، فإننا نعتقد أن الولايات المتحدة لديها دور لا غنى عنه في حل أزمة المناخ، ولدينا التزام بمساعدة الدول الأخرى في ذلك".