تُعرف ولاية بنسلفانيا إلى جانب ميشيجان وويسكونسن، باسم ولايات "الجدار الأزرق" لأنها صوتت للديمقراطيين منذ عام 1992 حتى 2012، لكن الرئيس السابق والمرشح الجمهوري دونالد ترمب اخترق هذا الجدار حين فاز بتصويت الولاية لأول مرة منذ عهد جورج بوش الأب في 1988، متغلباً على منافسته الديمقراطية هيلاري كلينتون بنسبة لم تتجاوز 0.7%.
وفي انتخابات 2020 استعاد الرئيس الديمقراطي جو بايدن، الذي ولد في سكرانتون بولاية بنسلفانيا، أصوات الولاية، متغلباً على ترمب بهامش ضئيل لم يتخط 1.2%.
ومع ذلك، حصل ترمب عام 2020 على نسبة تصويت أعلى في بنسلفانيا، مقارنة بما فاز به في عام 2016 بهامش بسيط 0.2%.
وتضع هذه الهوامش بنسلفانيا بجانب ويسكونسن، في خانة الولايات التي يصعب التنبؤ بنتائجها في سباق 2024 إلى البيت الأبيض، بحسب الخبير السياسي في مركز جامعة فيرجينيا للسياسة كايل كونديك، الذي قال لـ"الشرق" إن أياً من الجانبين الجمهوري والديمقراطي، في هذه اللحظة لا يتمتع بميزة واضحة عن الآخر في هاتين الولايتين.
كيف تأرجحت بنسلفانيا؟
لعدة عقود بعد الحرب الأهلية التي انتهت 1865، لم تكن بنسلفانيا، ولاية متأرجحة، فقد دعم الناخبون هناك مرشحي الحزب الجمهوري في كل انتخابات رئاسية بين عامي 1860 و1932، لكن بعد ذلك تحولت الولاية فجأة، وبدأت في دعم المرشحين الرئاسيين الديمقراطيين بأغلبية أكبر لمدة 60 عاماً، من 1952 حتى 2012، باستثناء انتخابات 1988 التي فاز بها جورج إتش بوش.
وأرجع كونديك، ذلك التحول، جزئياً، إلى تفكك قوة الآلة السياسية الجمهورية في فيلادلفيا أكبر مدن بنسلفانيا "فلم تنتخب رئيس بلدية جمهورياً منذ 1952".
ومع سلسلة من الانتخابات الرئاسية المتقاربة، بدأ الجمهوريون يستشعرون الفرص المتاحة في ولاية بنسلفانيا، خاصة مع حصة أصواتها الانتخابية الكبيرة في المجمع الانتخابي (19 صوتاً)، ما يجعلها في المرتبة الخامسة من حيث عدد الأصوات الانتخابية بين جميع الولايات، والأولى بين الولايات المتأرجحة.
وقد وصف كونديك المرشح الذي سيفوز في بنسلفانيا بأنه مثل من فاز بـ"الجائزة الكبرى"، وهو ما يجعل المرشحين يتسابقون للحصول عليها، إذ من المتوقع أن تحدد الولاية الفائز بالبيت الأبيض.
ومع تلك الفرضية، تشهد بنسلفانيا مستويات عالية من الإنفاق من قبل الحملتين أكثر من ضعف الإنفاق على الولايات الست المتأرجحة الأخرى، بحسب بيانات "AdImpact".
وتخصص حملتا المرشحين نحو 211 مليون دولار على إعلانات التلفزيون والإعلانات الرقمية والإذاعية في ولاية بنسلفانيا حتى يوم الانتخابات، حيث من المتوقع أن تنفق حملة مرشحة الحزب الديمقراطي كامالا هاريس 109.2 مليون دولار، مقارنة بـ101.7 مليون دولار لفريق ترمب.
هل يصنع البيض وكبار السن الفارق؟
يشغل الاقتصاد الاهتمام الأول للناخبين في الولاية، وهو ما يتماشى مع تركيبتها السكانية التي تضم 74.5% من البيض يشكل معظمهم ما يسمى بالطبقة العاملة البيضاء، وهم يمثلون مجموعة أساسية وعنصر حسم لكلا المرشحين هناك. وأيد الكثير منهم ترمب عام 2016، ومع إحراز بايدن تقدّم مع تلك الكتلة وتصويت الضواحي له في 2020 فاز الرئيس الأميركي بالولاية، وفقاً لكونديك.
وبينما تُعد ولاية بنسلفانيا موطناً لأكثر من 13 مليون شخص، بحسب تعداد عام 2020، فإن أكثر من 2.5 مليون منهم من كبار السن الذين يبلغون 65 عاماً أو أكثر، ويشكل هؤلاء كتلة تصويتية مؤثرة، خاصة أنهم كانوا جزءاً من ائتلاف ترمب الفائز في 2016.
ولم يفز دونالد ترمب بولاية ثانية عام 2020، لكنه حصل على دعم تلك الكتلة، متفوقاً على بايدن بنسبة 53% مقابل 46%.
أما الأميركيين من أصل إفريقي، فيشكلون 12.2% من السكان. وكان آداؤهم مع الديمقراطيين أفضل، عبر تصويتهم لبايدن بنسبة 92%، مقابل 7% لصالح ترمب.
وفي وقت تُشكل بنسلفانيا ساحة معركة رئيسية في الانتخابات الرئاسية هذا العام، تشهد الولاية انتخابات تنافسية على مجلس الشيوخ، خاصة مع محاولة الديمقراطيين التمسك بالأغلبية الضئيلة "بصوت واحد"، ومحاولة الجمهوريين قلب السيطرة لصالحهم.
ويواجه السيناتور الديمقراطي بوب كيسي المرشح الجمهوري ديفيد ماكورميك، الرئيس التنفيذي السابق لشركة "بريدجووتر أسوشيتس"، أحد أكبر صناديق التحوط في العالم.
زيارات رئاسية ومحاولة اغتيال
بسبب أهمية الولاية ودورها المحوري في السباق، زار جو بايدن بنسلفانيا عدة مرات منذ بداية العام، قبل انسحابه من السباق على خلفية المناظرة الكارثية مع ترمب في 27 يونيو الماضي.
وفضّلت كامالا هاريس تقديم نائبها حاكم ولاية مينيسوتا تيم والز، الذي تراهن عليه مع الناخبين من الطبقة العاملة، في الولاية، وسط خطاب افتتاحي ألقاه حاكم بنسلفانيا الديمقراطي جوش شابيرو، في 6 أغسطس.
وبعد محاولة اغتيال ترمب في مقاطعة باتلر بولاية بنسلفانيا يوم 13 يوليو الماضي، ارتفعت أسهم الرئيس السابق في استطلاعات الرأي.
ويراهن ترمب على تلك المقاطعة الواقعة على الحافة الغربية للولاية المتأرجحة، فقد فاز ترمب في مقاطعة باتلر حيث تتراوح نسبة الناخبين الجمهوريين المسجلين هناك حوالي 57٪، في مقابل 29٪ من الناخبين الديمقراطيين، و14٪ من المستقلين هناك.
ومع ذلك، كشفت استطلاعات الرأي، مؤخراً، تقدّم هاريس على ترمب بنسبة 49% مقابل 48%، في مواجهة مباشرة بولاية بنسلفانيا، وهو تحسن واضح للديمقراطيين، مقارنة مع وجود بايدن على البطاقة الديمقراطية، لكنه تحسّن، يجده كونديك، غير كاف لاعتبار هاريس مرشحة مفضلة بوضوح في تلك الولاية، وقال: "نحن في وقت الانتخابات الشاملة، ولا أعتقد أن هناك قضايا محلية خاصة تقود السباق في هذه الولايات، بنسلفانيا وويسكونسن، بشكل محدد".