لا تزال فرنسا عالقة في حالة من الفراغ السياسي، بعد أن رفض الرئيس إيمانويل ماكرون، الاثنين، لوسي كاستيتس مرشحة اليسار الفائز في الانتخابات لتولي رئاسة الوزراء، بحجة أن ذلك لا يدعم الاستقرار السياسي في البلاد.
والتقى ماكرون بصفته رئيساً للدولة، ومسؤولاً عن تعيين رئيس وزراء، وحكومة جديدين، برؤساء الأحزاب والزعماء البرلمانيين، الاثنين، وفق "بوليتيكو".
وأصدر ماكرون بياناً، بعد اللقاء، ذكر فيه أنه لن يسمي رئيساً للحكومة من ائتلاف الجبهة الشعبية الجديدة اليساري الذي فاز في الانتخابات التشريعية في يونيو، بحجة أن هذا من شأنه "أن يؤدي إلى عدم الاستقرار".
ووفقاً للبيان، فإن رئيس الجمهورية أشار إلى أن الحكومة التي تعتمد فقط على الأحزاب التي طرحها التحالف الذي يضم أكبر عدد من النواب، (الجبهة الشعبية الجديدة)، سيتم إسقاطها على الفور من خلال تصويت بحجب الثقة من قبل الكتل الأخرى الممثلة في الجمعية الوطنية.
وانتخب الفرنسيون في يونيو، برلماناً منقسماً إلى ثلاث كتل، لم تقترب أي منها من الأغلبية المطلقة اللازمة لتشكيل حكومة.
وتقدّم التحالف اليساري، الجبهة الشعبية الجديدة، بـ182 مقعداً، يليه تحالف الرئيس ماكرون المنتمي إلى يمين الوسط بـ 168 مقعداً، فيما حصل حزب "التجمع الوطني" اليميني المتطرف بزعامة مارين لوبان على 143 مقعداً.
وكتبت سيريل شاتالان، زعيمة حزب الخضر في الجمعية الوطنية، على موقع "إكس": "هذا أمر فادح. لقد قرر الرئيس عدم احترام نتائج الانتخابات التي دعا إليها بنفسه. لن نستسلم. لوسي كاستيتس هي المرشحة الشرعية".
وقالت الرئاسة الفرنسية إن القوى المؤيدة لماكرون، فضلاً عن المشرعين المستقلين الآخرين "حددوا السبل الممكنة لتشكيل ائتلاف"، وضغطوا على الشيوعيين والخضر والاشتراكيين، الأعضاء حالياً في الجبهة الشعبية الجديدة، للتخلي عن تحالفهم لصالح ائتلاف واسع".
وأضافت الرئاسة: "أن هناك جولة جديدة من المشاورات مع زعماء الأحزاب والشخصيات ذات الخبرة في خدمة الدولة والجمهورية".
وكان زعماء الائتلاف اليساري قد أشاروا في وقت سابق الاثنين، إلى أنهم لن يشاركوا في مزيد من المحادثات ما لم يعين ماكرون كاستيتس رئيساً للوزراء.
وكانت الجبهة الشعبية الجديدة، قد قدمت مرشحتها لمنصب رئيس الوزراء، لوسي كاستيتس، وهي موظفة في الخدمة المدنية (مدير المالية العامة بمدينة باريس)، والمرشحة الوحيدة المعلن عنها رسمياً للمنصب.
لكن ماكرون لا يأخذ بعين الاعتبار ترشيح كاستيتس، وذلك لأن الأحزاب اليمينية وحزب "التجمع الوطني" يهددان بسحب الثقة من الحكومة، إذ قادتها "الجبهة الشعبية الجديدة"، والتي من المرتقب أن تضم أيضاً وزراء من حزب "فرنسا الأبية" اليساري الراديكالي، وفق الصحيفة.
مرشحون آخرون
وتداولت مصادر فرنسية أسماء أخرى، إذ يهتم ماكرون بشكل خاص بالملفات الشخصية لكل من كزافييه برتراند (الوزير السابق في حكومة نيكولا ساركوزي)، وفاليري بيكريس (المرشحة الرئاسية السابقة في انتخابات 2022) وبرنارد كازينوف (رئيس الوزراء السابق في حكومة فرنسوا أولاند).
واتهم زعيم حزب "فرنسا الأبية"، جان لوك ميلانشون، الجمعة، ماكرون بأنه "رجل سلطوي ومستبد، يهين كل الشعب الفرنسي"، في حين أنه لم يعين بعد رئيساً للوزراء، بعد أكثر من شهر من استقالة جابرييل أتال.
وتابع في خطابه أمام أنصاره في شمال فرنسا: "لقد أصبح ماكرون رئيساً للوزراء، إنه يجمع الوزراء دون رئيس الوزراء، هذا ليس موجوداً في الدستور"، متهماً إياه بـ"عدم احترام نتيجة الاقتراع العام".
وحذر ميلانشون من أنه "طالما استمرت هذه الجمعية الوطنية (البرلمان)، ستكون لوسي كاستيتس هي المرشحة لمنصب رئيس وزراء الجبهة الشعبية الجديدة".
من جهة أخرى، شدد لوران فوكييه زعيم الجمهوريين، أن حزبه لن يشارك في "أي ائتلاف حكومي"، وأنهم "سيعرقلون محاولة فرنسا الأبية" لتشكيل الحكومة الجديدة.
وواصل التأكيد على أنه سيقدم "فوراً" التماساً بحجب الثقة حال تعيين وزراء من حزب "فرنسا الأبية"، معتبراً أنهم "يشكلون خطراً على قيم الجمهورية".
وتابع فوكييه خلال تصريحات بعد لقائه ماكرون الجمعة: "نواب اليمين الجمهوري لا يعتزمون أن يكونوا معارضين منهجيين، تحتاج بلادنا إلى الاستمرار في المضي قدماً. إذا كانت هناك قوانين إيجابية، فمن الواضح أننا سنكون قادرين على اعتمادها".