وافق البرلمان الفيتنامي، الاثنين، على تعديل كبير آخر للمناصب العليا في حكومة الدولة التي يديرها الحزب الشيوعي، بينما تستعد هانوي لانتخاب رئيس جديد في أكتوبر المقبل، وهو الثالث في أقل من عامين، بعدما تخلى زعيم الحزب الحاكم تو لام عن منصبه كرئيس للبلاد، وفق "بلومبرغ".
وشهدت فيتنام، التي كانت معروفة سابقاً باستقرارها السياسي، تغييرات متكررة في المناصب العليا خلال العامين الماضيين، وبلغت ذروتها في وقت سابق من أغسطس بتعيين رئيس الدولة تو لام زعيماً للحزب الشيوعي، وهو المنصب الأكثر قوة في البلاد، بعد أسبوعين من وفاة الأمين العام نجوين فو ترونج.
وقبلت الجمعية الوطنية (البرلمان) بشكل منفصل استقالة نائب رئيس الوزراء لي مينه جاي لانتهاكه قواعد مكافحة الفساد. كما عين البرلمان 3 نواب لرئيس الوزراء.
ويأتي التعديل الوزاري، الذي تم الكشف عنه في بيانات حكومية مختلفة، وسط حملة مستمرة لمكافحة الفساد أدت إلى اضطرابات سياسية غير مسبوقة، وتبعت وفاة الأمين العام للحزب الشيوعي نجوين فو ترونج في يوليو الماضي.
ويتطلع الحزب الشيوعي الحاكم إلى خلق شعور بالاستقرار قبل مؤتمره الذي يُعقد مرتين كل عقد في أوائل عام 2026، عندما يتم اختيار كبار القادة لفترات مدتها 5 سنوات، وفق "بلومبرغ".
وقال لي دانج دوانه، الخبير الاقتصادي والمستشار الحكومي السابق في هانوي، "إن هذا من شأنه أن يساعد على استقرار الأمور، وخاصة مع رحيل تو لام عن الرئاسة".
وأضاف أن قيادة الحزب تعمل على "تعيين المسؤول المناسب في الوظيفة الملائمة له لضمان الحكم السلس وإعداده لمؤتمر الحزب".
وستصوت الجمعية الوطنية في أكتوبر على مرشح لشغل منصب الرئاسة، وفقاً لمنشور على الموقع الإلكتروني للحكومة. وفي ظل النظام السياسي في فيتنام، سترشح اللجنة المركزية للحزب مرشحاً لمنصب الرئيس ليصوت عليه البرلمان.
ومن خلال تقليص دور لام إلى رئيس الحزب، الدور السياسي الأكثر قوة في البلاد، تعود فيتنام إلى النظام السياسي القائم على "الركائز الأربع" الذي يشغل بموجبه زعماء منفصلون المناصب الرئيسية في الحكومة.
كما يضع حداً للمخاوف المتداولة بشأن محاولته تعزيز السلطة من خلال شغل منصبين، كما هو الحال في الصين، حيث يشغل شي جين بينج منصب الرئيس والأمين العام للحزب الشيوعي الصيني.
كسر التقاليد
وفي خروج عن تقاليد الحزب بفيتنام، تولى ترونج الرئاسة عام 2018 بعد وفاة الرئيس آنذاك تران داي كوانج قبل أن يتخلى عن المنصب في 2021.
وقال كارل ثاير الأستاذ الفخري بجامعة نيو ساوث ويلز في أستراليا: "إن تمسك لام بالرئاسة من شأنه أن يثير تساؤلات خارجية بشأن استقرار واتجاه فيتنام" مضيفاً: "الآن ستعود الحكومة إلى 4 أشخاص، وليس 3، في قمة القيادة".
وتشير "بلومبرغ" إلى أن وفاة ترونج أضافت حالة من عدم اليقين داخل الحكومة، إذ أدت حملة مكافحة الفساد التي استمرت لسنوات إلى اعتقال العشرات من كبار المسؤولين والمديرين التنفيذيين للشركات. كما استقال رئيسان و3 نواب لرئيس الوزراء ومسؤولون آخرون في الحزب مؤخراً من مناصبهم.
الإقالات
أشرف نائب رئيس الوزراء السابق جاي على الاقتصاد، وفي يونيو حث وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين دون جدوى على منح فيتنام وضع اقتصاد السوق. وتم معاقبته على انتهاكات مرتبطة بتحقيق في مشروع منتجع سكني، وفقاً للمعلومات الواردة على موقع الحكومة على الإنترنت.
كما سيتنحى نائب رئيس الوزراء تران لو كوانج عن منصبه، ويصبح زعيم اللجنة الاقتصادية المركزية للحزب، وفق "بلومبرغ".
وكان نواب رئيس الوزراء الثلاثة الجدد هم وزير الخارجية بوي ثانه سون، ووزير المالية هو دوك فوك، ونغوين هوا بينه، الذي أقيل من منصبه كرئيس قضاة المحكمة الشعبية العليا في فيتنام.
وسيحتفظ فوك وسون بمناصبهما الوزارية، حتى يختار البرلمان خلفاءهما، وفقاً لمنشور الحكومة.
"الفرن المشتعل"
وقال لام، الذي تم تنصيبه رسمياً كرئيس جديد للحزب في 3 أغسطس، إنه سيواصل "بحزم" مسلسل القضاء على الفساد مع العمل على تخفيف الاختناقات البيروقراطية لمساعدة الاقتصاد.
وقال جيانج نجوين، زميل زائر كبير في معهد دراسات جنوب شرق آسيا-يوسوف إسحاق في سنغافورة، إن حملة "الفرن المشتعل"، كما أطلق عليها ترونج، لا تزال تحظى بشعبية بين الفيتناميين، الذين يعرب الكثيرون منهم عن إعجابهم بلام على مواقع التواصل الاجتماعي.
وساعدت حملة مكافحة الفساد في فيتنام في رفع ترتيبها من المرتبة 113 في عام 2016 إلى المرتبة 83 في العام الماضي في مؤشر مدركات الفساد لمنظمة الشفافية الدولية.
ولكن التحقيقات المستمرة أبطأت من وتيرة عمل الحكومة.