أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الخميس، تحمله المسؤولية الكاملة عن منح الجنسية الفرنسية للرئيس التنفيذي لتطبيق "تليجرام" بافيل دوروف، بعد أيام من تصريح المتحدث باسم الرئاسة الفرنسية لصحيفة "بوليتيكو" بأن القرار تم اتخاذه من قبل وزارة الخارجية.
وقالت "بوليتيكو"، الجمعة، إن ماكرون تجاهل الانتقادات الموجهة إليه بشأن منح الجنسية لدوروف، المولود في روسيا، قائلاً: "إنه تم اتخاذ القرار في عام 2018، وكان نتيجة لاختيار مدروس بعناية من جانب الحكومة لجذب الرياضيين والفنانين والمبتكرين".
واعتقلت الشرطة الفرنسية دوروف، الأسبوع الماضي، في قضية جنائية أثارت عاصفة دبلوماسية، بالإضافة إلى "خلاف ثقافي حول حق المستخدمين في حرية التعبير على الإنترنت".
وقال الرئيس الفرنسي، خلال زيارة إلى العاصمة الصربية، بلجراد، الخميس: "لقد منحت دوروف الجنسية الفرنسية، بعد تعلمه اللغة الفرنسية، كما منحتها لرجل الأعمال الأميركي إيفان شبيجل، وكذلك بعض الرياضيين والفنانين، وأعتقد أن هذا شيء جيد جداً لبلدنا، وسأستمر في القيام بذلك".
وكان متحدث باسم الرئاسة الفرنسية قد صرَح لـ "بوليتيكو"، الاثنين، قائلاً:"إن قرار منح دوروف الجنسية الفرنسية تم اتخاذه من قبل وزارة الخارجية"، فيما رفضت الأخيرة التعليق بشأن المسألة، قائلة إنها "لا تناقش الإجراءات الخاصة بمنح الجنسية للأفراد".
معايير منح مؤسس "تليجرام" الجنسية
وتُظهر السجلات الرسمية أنه تم منح دوروف الجنسية الفرنسية بشكل رسمي في عام 2021، وكان تقرير مطول لصحيفة "لوموند" الفرنسية، العام الماضي، سلَط الضوء على "عدم الشفافية المحيطة بالمسألة"، وطرح أسئلة حول ما إذا كان مؤسس "تليجرام" يفي بالمعايير المطلوبة للحصول على الجنسية.
ونفى ماكرون التقارير التي تشير إلى أنه كان يخطط للقاء دوروف، الذي تم توجيه عدة تهم إليه، الأربعاء، بما في ذلك تسهيل النشاط الإجرامي على تطبيق المراسلة الشهير الخاص به، ورفض التعاون مع سُلطات إنفاذ القانون.
وقال الرئيس الفرنسي للصحافيين في بلجراد: "لم أتصل بدوروف، ولم أكن أخطط للقائه، لا في نهاية الأسبوع الماضي، ولا في الأيام التي تلت ذلك".
كما نفى الرئيس الفرنسي أيضاً أنه كان لديه عِلم مسبق بخطط دوروف للسفر إلى فرنسا قبل اعتقاله في مطار "لو بورجيه" بباريس، السبت، بعد وصوله من أذربيجان.
وقال ماكرون "نحن دولة تتمتع بالفصل بين السلطات، ولدينا سيادة قانون تشرف عليها سلطة قضائية مستقلة، وهذا شيء جيد".
وأضاف: "أعمل باستمرار وفقاً لهذه القواعد التي ذكرتها، ولا أعرف شيئاً أكثر من ذلك، ومن الطبيعي ألا أعرف أكثر من ذلك؛ لأن هيئاتنا القضائية تعمل بشكل مستقل".
وتم إطلاق سراح دوروف بكفالة قدرها 5 ملايين يورو، ومنعه من مغادرة فرنسا، مع وضعه تحت المراقبة القضائية.
ويواجه مؤسس "تليجرام" انتقادات مستمرة لـ"استخدام التطبيق من قبل الجماعات اليمينية المتطرفة والإرهابية، فضلاً عن دوره في الاتجار بالمخدرات وعمليات البيع غير المشروعة والتنمر الإلكتروني"، وفق "بوليتيكو".
ويحظى "تليجرام" بشعبية كبيرة خارج أوروبا، لكنه شهد زيادة في معدل استخدامه في القارة بعد الغزو الروسي لأوكرانيا، وهو ما يرجع إلى حد كبير إلى شعبيته في دول أوروبا الشرقية، حيث يستخدمه العديد من السكان والمنصات الأوكرانية والروسية، لمشاركة لقطات الفيديو والصور من الخطوط الأمامية في الحرب.
مطالبات روسية
وكانت موسكو، الأحد الماضي، قد نبهت الحكومة الفرنسية إلى ضرورة منح دوروف حقوقه، وذلك بعد تداول نبأ إلقاء القبض عليه.
واتهمت السلطات الروسية فرنسا "برفض التعاون" في القضية، إذ طلبت السفارة الروسية في باريس الوصول إليه، لكنها قالت إن فرنسا "تجنبت التعاون".
وغادر دوروف روسيا في عام 2014 بعد رفضه الامتثال لمطالب الكرملين بإغلاق مجموعات معارضة على شبكة التواصل الاجتماعي "VK"، التي أسسها عندما كان يبلغ من العمر 22 عاماً، لكنه ترك المنصة بعد نزاع مع مالكيها المرتبطين بالكرملين، وحوّل تركيزه إلى "تليجرام" الذي أسسه مع شقيقه نيكولاي في عام 2013.
وأشارت صحيفة "الجارديان" البريطانية في تقرير إلى أنه بالنظر إلى وجود 950 مليون مستخدم نشط شهرياً، أصبح "تليجرام" مصدراً رئيسياً للمعلومات، والمعلومات المضللة، بشأن الغزو الروسي لأوكرانيا.
ويحمل دوروف الجنسية الفرنسية، وقال مؤخراً إنه حاول "الاستقرار في برلين ولندن وسنغافورة وسان فرانسيسكو، قبل أن يختار دبي التي أشاد ببيئة الأعمال فيها و"حيادها"، والتي يوجد فيها حالياً مقر تليجرام.
وتحاول حكومات غربية اتخاذ إجراءات صارمة ضد ما تصفه بـ"خطاب الكراهية، والتضليل، ومشاركة صور إساءة معاملة الأطفال وغيرها من المحتوى غير القانوني"، بحسب الصحيفة.
وكان ماكرون قد اعتبر، الاثنين، أن إلقاء القبض على دوروف في فرنسا جاء في إطار تحقيق قضائي جار وإنه "لا يوجد دافع سياسي وراءه".
كما أشار متحدث باسم الشرطة الفرنسية لـ"رويترز"، إلى أن دوروف يخضع لتحقيق من الهيئة المعنية بمكافحة جرائم الإنترنت والاحتيال؛ بسبب "عدم تعاونه فيما يتعلق بجرائم إلكترونية ومالية عبر تليجرام".