أعلن الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، الجمعة، أنه سيصوت بـ"لا" في الاستفتاء على مشروع قانون في ولاية فلوريدا، يهدف إلى تمديد فترة السماح بالإجهاض إلى 24 أسبوعاً، وأعلن رفضه دعم أي تعديلات على مستوى الولاية التي تسمح في الوقت الحالي بالإجهاض في مدة لا تتجاوز 6 أسابيع، وبعدها يكون محظوراً.
وجاء إعلان معارضته، بعد يوم واحد من تصريحه لشبكة NBC NEWS بأن الحظر الذي فرضته فلوريدا على الإجهاض بعد مرور 6 أسابيع "فترة قصيرة للغاية"، ورفض اتخاذ موقف واضح بشأن إجراء "اقتراع على مستوى الولاية من شأنه تمديد مدة السماح بعمليات الإجهاض"، ما أثار غضب الجماعات المناهضة للإجهاض في الولاية الجمهورية، ووضعه على مسار تصادمي مع كتلة هي من أشد مؤيديه.
وخلال المقابلة مع قناة NBC NEWS، قال ترمب: "سأصوت بأننا نحتاج إلى أكثر من 6 أسابيع"، عندما سُئل عن كيفية تصويته على مشروع الاستفتاء.
وتراجع ترمب عن موقفه الجمعة، وقال "مرة أخرى إن النساء بحاجة إلى مزيد من الوقت، أكثر من 6 أسابيع لاتخاذ قرار بشأن ما إذا كن يرغبن في الإجهاض، لكن الديمقراطيين متطرفون، ولذلك لا يمكنني دعم هذا التعديل".
وأضاف ترمب في تصريحات لشبكة FOX NEWS: "أعتقد أنك تحتاج إلى مزيد من الوقت، أكثر من 6 أسابيع، لقد كنت أختلف مع هذا الإجراء منذ الانتخابات التمهيدية المبكرة عندما سمعت عن ذلك. وفي الوقت نفسه، فإن الديمقراطيين متطرفون؛ لأن الأشهر التسعة هي مجرد موقف سخيف حيث يمكنك إجراء عملية إجهاض في الشهر التاسع"، مبيناً سأصوت بـ"لا" لهذا السبب.
التعديل المقترح
ومن شأن التعديل المقترح أن يرفع القيود على الإجهاض قبل اكتمال قدرة الجنين على البقاء خارج الرحم، أي حوالي الأسبوع الرابع والعشرين من الحمل، مع ضمان استثناءات لحماية صحة الأم.
وكانت ردة الفعل من جانب دعاة مكافحة الإجهاض شرسة بعد مقابلة ترمب مع شبكة NBC NEWS، مع تحذير البعض من أن المرشح الرئاسي الجمهوري يخاطر بخسارة الدعم من كتلة رئيسية من قاعدة الحزب.
وعقب مشاهدتها لمقابلة ترمب مع NBC الخميس، اتصلت مارجوري دانينفيلسر، رئيسة مجموعة سوزان بي أنتوني (قائمة إس بي إيه) المناهضة للإجهاض، بترمب، لتطلب منه توضيحات بشأن تعليقاته، بعد أن "شعرت بالفزع مما رأته"، وأخبرها ترمب أنه لم يحدد موقفه بشأن تعديل على ورقة الاقتراع في ولايته هذا الخريف، وفق مصدر مطلع على المكالمة.
وأضاف المصدر أن دانينفيلسر أخبرته "أنه من الضروري أن تكون واضحاً؛ لأن هناك ارتباكاً الآن بشأن احتمال دعمك لهذا التعديل". كما أخبرته أن التعديل "يتعارض" مع معارضته للإجهاض في المراحل المتأخرة من الحمل.
هجوم مكثف على ترمب
وعقب إذاعة المقابلة، أصدرت حملة ترمب بياناً الخميس، قالت فيه إن الرئيس السابق "لم يقل بعد كيف سيصوت على مبادرة الاقتراع في فلوريدا".
وفي الوقت نفسه، كثف النشطاء المناهضون للإجهاض، الذين قدموا الدعم الحاسم لترمب خلال حملاته الرئاسية الـ3، من هجماتهم. كما انتقد البعض اقتراحه بإلزام الحكومة أو شركات التأمين بدفع تكاليف علاجات التلقيح الاصطناعي.
وكتب عالم اللاهوت الإنجيلي ألبرت مولر على موقع X: "يبدو أن الرئيس السابق ترمب عازم الآن على تقويض أنصاره المؤيدين للحياة".
وأضاف: "انتقاداته للقيود المفروضة على الإجهاض في فلوريدا ودعوته إلى تمويل حكومي لعمليات التلقيح الاصطناعي وتصريحه الأخير بشأن حقوق الإنجاب، يبدو أنها محسوبة تقريباً لعزل الناخبين المؤيدين للحياة".
تصادم في الآراء بين الجمهوريين
وقالت NBC إن هذا الصدام يضع ترمب والجمهوريين في مسار مجهول، حيث يخوضون أول انتخابات رئاسية منذ نصف قرن من الزمان في غياب حكم "رو ضد وايد" الذي كان يوفر حماية لحقوق الإجهاض على المستوى الفيدرالي.
وكان الحزب الجمهوري موحداً إلى حد كبير وراء التشريع الذي يحظر الإجهاض على مستوى الولايات والمستوى الفيدرالي، عندما تمكنوا من استخدامه لحشد الناخبين المناهضين للإجهاض دون أي فرصة لنجاحه تشريعياً.
ولكن بعض الجمهوريين يخشون الآن ردود فعل الناخبين من غالبية الأميركيين الذين يقولون في استطلاعات الرأي إنهم يريدون أن يكون "الإجهاض قانونياً في الغالب أو دائماً"، خاصة مع سعي الديمقراطيين إلى الاستفادة بشكل أكبر من هذه القضية.
ولا يزال ترمب، الذي تباهى بتعيين ثلاثة من قضاة المحكمة العليا الخمسة الذين ألغوا "قرار رو ضد وايد، يكافح من أجل التعامل مع الأمر".
ووقع معارضو الإجهاض في مأزق خاص بهم بشأن ما إذا كان عليهم "التخلي عن ترمب أو دعمه على أمل أن يفوز الجمهوريون في نوفمبر، ويستمرون في السعي إلى فرض قيود على الإجهاض على مستوى البلاد، على الرغم من ادعاءات الرئيس السابق بخلاف ذلك"، وفق NBC.
"نهج ارتجالي من ترمب"
وقال المذيع الإذاعي المحافظ إريك إريكسون "إذا خسر ترمب في نوفمبر، فإن نهجه الارتجالي في التعامل مع الإجهاض الذي أدى إلى تنفير مجتمع المؤيدين للحياة، سيكلفه خسارة الانتخابات".
وكتبت كريستان هوكينز، رئيسة منظمة "طلاب من أجل الحياة" التي نظمت عشرات الآلاف من الناشطين المناهضين للإجهاض، معظمهم في الحرم الجامعي، الخميس على X: "هاتفي مليء بمتطوعين الذين لن يصوتوا للرئيس ترمب إذا لم يتم تصحيح هذا الأمر. مع تقارب استطلاعات الرأي، هذا هو آخر شيء نحتاجه الآن لهزيمة تطرف كامالا هاريس المؤيد للإجهاض".
وقالت هوكينز للشبكة: "إن حملة ترمب أبلغت القادة في مجموعتها أنه لم يتخذ قراراً بشأن الإجراء الخاص بولاية فلوريدا".
وأضافت: "إنهم يتوقعون منه التصويت بقول "لا" محذرة من تردد ترمب في هذه القضية، الذي من المرجح أن يضر به، معتبرة أن تراجعه عن تصريحاته المؤيدة للحياة، أمر مدمر بالنسبة لهم، ولا يمكن أن يقدم على خيانة هذا الجزء المهم من الحزب الجمهوري"، مطالبة ترمب بأن يكون "حذراً للغاية في كلماته".
من جانبها، رفضت تارين فينسكي، المتحدثة باسم حاكم ولاية فلوريدا رون ديسانتيس، تعليقات ترمب، وكتبت فينسكي على منصة إكس: "لقد صرح دونالد ترمب بأن عمليات الإجهاض في المراحل المتأخرة من الحمل، حيث يمكن للطفل أن يشعر بالألم لا ينبغي السماح بها أبداً".
وأضافت: "كان دائماً يدافع عن حقوق الوالدين. سيسمح التعديل الرابع بالإجهاض في المراحل المتأخرة من الحمل، ويلغي موافقة الوالدين، ويفتح الباب أمام عمليات الإجهاض الممولة من دافعي الضرائب. إنه أمر متطرف ويجب هزيمته".
كما أدلت زوجة الحاكم، كيسي دي سانتيس، بدلوها قائلة إن المبادرة "ستفتح الباب أمام عمليات الإجهاض الممولة من دافعي الضرائب"، مضيفة "يجب علينا نشر الكلمة والتصويت بـ"لا" على المادة الرابعة".
"ترمب يكذب"
من جهة أخرى، قالت حملة نائبة الرئيس كامالا هاريس إن ترمب يكذب بشأن تحولاته بشأن الإجهاض وخطابه المؤيد للتلقيح الاصطناعي.
وقال المتحدث باسم هاريس كيفن مونوز للصحافيين الجمعة: "سنحمل دونالد ترمب وجيه دي فانس المسؤولية عن التأثيرات المدمرة لإلغاء قضية رو ضد وايد وتهديداتهما بالوصول إلى التلقيح الاصطناعي".
وأضاف: "لذا، كل يوم من الآن وحتى يوم الانتخابات، سنتأكد من أن المجتمعات التي ستقرر هذه الانتخابات تعرف الأساسيات".
وتابع: "ستقاتل كامالا هاريس من أجل حقوقك، التي سيأخذها ترمب منك".