الانتخابات الأميركية.. لماذا يثير تصويت "غير المواطنين" مخاوف الجمهوريين؟

أنصار المرشح الجمهوري والرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب يشاركون في فعالية انتخابية ببنسلفانيا. 30 أغسطس 2024 - Reuters
أنصار المرشح الجمهوري والرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب يشاركون في فعالية انتخابية ببنسلفانيا. 30 أغسطس 2024 - Reuters
دبي-الشرق

يحق للمواطنين الأميركيين التصويت في انتخابات الرئاسة المقررة نوفمبر المقبل، لاختيار الرئيس، وغيره من المناصب العليا، وفي حين أن هذا ليس بالأمر الجديد، إلا أن احتمال تسجيل غير المواطنين أو إدلائهم بأصواتهم قد حظي باهتمام كبير في الآونة الأخيرة.

واستناداً إلى تدفق المهاجرين، خلال السنوات الماضية، قرب الحدود مع المكسيك، أثار الجمهوريون بعض المخاوف بشأن احتمال تصويت غير المواطنين، وقد اتخذوا خطوات في ولايات عدة لمواجهة هذه الاحتمالية، على الرغم من ندرة حالات تصويت غير المواطنين الفعلية، وفقاً لوكالة "أسوشيتد برس".

وأجرى مسؤولو الحزب الجمهوري مراجعات لسجلات الناخبين، وأصدروا أوامر تنفيذية، وأدخلوا تعديلات دستورية على بطاقات الاقتراع في الولايات كجزء من التركيز على منع تصويت غير المواطنين.

في المقابل، يرى بعض الديمقراطيين أيضاً أن هذه الإجراءات قد تضع عقبات أمام الناخبين القانونيين، وهي غير ضرورية، وتدفع الناس إلى الاعتقاد بأن مشكلة تصويت غير المواطنين أكبر مما هي عليه في الواقع.

ماذا يقول القانون؟

يجعل قانون أميركي صدر عام 1996 من غير القانوني لغير المواطنين التصويت في الانتخابات لاختيار الرئيس أو أعضاء الكونجرس، ويمكن تغريم المخالفين وسجنهم لمدة قد تصل إلى عام، كما يمكن ترحيلهم.

وعندما يسجّل الأشخاص بياناتهم للتصويت، فإنهم يؤكدون تحت طائلة عقوبة الحنث باليمين أنهم مواطنون أميركيون. ويتطلب القانون الفيدرالي من الولايات أن تحافظ على سجلات الناخبين بانتظام، وتزيل أي شخص غير مؤهل، وهي عملية يمكن أن تحدد المهاجرين الذين يعيشون في البلاد بشكل غير قانوني.

ولا تسمح قوانين ولوائح أي ولاية صراحة لغير المواطنين بالتصويت، ولدى العديد من الولايات قوانين تحظر على غير المواطنين التصويت للمناصب على مستوى الولاية مثل حاكم الولاية أو المدعي العام.

ومع ذلك، تسمح بعض البلديات في كاليفورنيا وماريلاند وفيرمونت، بالإضافة إلى واشنطن العاصمة، لغير المواطنين بالتصويت في بعض الانتخابات المحلية مثل انتخابات مجالس المدارس والمجلس البلدي.

ماذا تقول البيانات؟

التصويت من قِبَل غير المواطنين "نادر". ومع ذلك، سلّط المسؤولون الجمهوريون الضوء على مراجعات تسجيل الناخبين التي أظهرت وجود غير المواطنين المحتملين.

وقال حاكم ولاية تكساس، الجمهوري جريج أبوت، الأسبوع الماضي، إن أكثر من 6 آلاف و500 شخص من غير المواطنين المحتملين تم حذفهم من قوائم الناخبين في الولاية، التي تضم ما يقرب من 18 مليون ناخب مسجل، منذ عام 2021، بما في ذلك 1930 منهم لديهم "تاريخ تصويت"، وتمت إحالتهم للتحقيق من قِبَل مكتب المدعي العام.

من جهته، ذكر سكرتير عام ولاية أوهايو، الجمهوري فرانك لاروز، في أغسطس، أنه أحال 138 شخصاً من غير المواطنين للمحاكمة المحتملة بعدما تبيّن أنهم صوتوا في الانتخابات الأخيرة، بالإضافة إلى 459 آخرين تم تسجيلهم، لكنهم لم يصوتوا.

وكانت هذه الأرقام أعلى من المراجعات في السنوات السابقة، ولكنها جزء صغير من أكثر من 8 ملايين ناخب مسجل في أوهايو.

كما أعلن سكرتير عام ولاية ألاباما، الجمهوري ويس ألين، مؤخراً، أن 3 آلاف و251 شخصاً كانوا قد تم تحديدهم سابقاً على أنهم غير مواطنين من قِبَل الحكومة الفيدرالية سيتم تحويلهم إلى حالة غير نشطة في قوائم تسجيل الناخبين في الولاية.

وسيُطلب منهم تقديم إثبات الجنسية وتعبئة نموذج للتصويت في نوفمبر المقبل. يشار إلى أن ألاباما تضم أكثر من 3 ملايين ناخب مسجل.

وفي جورجيا، وجد سكرتير عام، الجمهوري براد رافنسبرجر، أن 1634 من غير المواطنين المحتملين حاولوا التسجيل للتصويت بين عامي 1997 و2022، على الرغم من أن مسؤولي الانتخابات أبلغوهم، ولم يتم تسجيل أي منهم. وسجلت جورجيا ملايين الناخبين الآخرين خلال تلك الفترة.

وقال بعض خبراء إدارة الانتخابات، إن مراجعات قوائم الناخبين تُظهر أن الأدوات الحالية لتحديد الناخبين غير المواطنين تعمل بشكل جيد.

ماذا تقول المحاكم؟

تقدم ولاية أريزونا دراسة حالة لمحاولات الجمهوريين المستمرة لمنع التصويت من قِبَل غير المواطنين.

ووفقاً لمبادرة تمت الموافقة عليها من قِبَل الناخبين في عام 2004، اشترطت أريزونا تقديم رخصة قيادة أو شهادة ميلاد أو جواز سفر أو وثيقة مماثلة أخرى للموافقة على طلب تسجيل الناخبين الفيدرالي.

لكن المحكمة العليا الأميركية قضت في عام 2013، بأن أريزونا لا يمكنها أن تطلب إثباتاً وثائقياً للجنسية للأشخاص الذين يرغبون في التصويت في الانتخابات الفيدرالية.

وردّت الولاية بإنشاء فئتين من الناخبين في الانتخابات على مستوى الولاية والانتخابات المحلية، ويجب على الناخبين تقديم إثبات الجنسية عند التسجيل أو وجوده في الملف مع الولاية.

ولكن بما أن ذلك لا يمكن أن يُطلب في انتخابات الرئاسة والكونجرس، فإن عشرات الآلاف من الناخبين الذين لم يقدموا إثبات الجنسية تم تسجيلهم فقط للانتخابات الفيدرالية.

ويسمح أمر صدر في أغسطس من المحكمة العليا الأميركية المنقسمة لمقاطعات أريزونا برفض استمارات تسجيل الناخبين المقدمة بدون "إثبات وثائقي للجنسية"، بينما تستمر المنازعات القانونية حول القانون.

وسيكون بإمكان الأشخاص التسجيل للتصويت في الانتخابات الرئاسية، وانتخابات الكونجرس باستخدام نموذج فيدرالي مختلف يتطلب من الأشخاص أن يقسموا بأنهم مواطنون تحت طائلة عقوبة الحنث باليمين، دون الحاجة لتقديم إثبات.

ما الذي سيجري التصويت عليه؟

تقترح الهيئات التشريعية بقيادة الجمهوريين في 8 ولايات إجراء تعديلات دستورية على بطاقات الاقتراع في نوفمبر، تقضي بأن التصويت يقتصر على المواطنين الأميركيين فقط.

ومن شأن المقترحات في ولايات آيوا، وميزوري، ونورث كارولاينا، وأوكلاهوما، وساوث كارولاينا، وويسكونسن أن تستبدل الأحكام الدستورية الحالية التي تنص على أن "كل" مواطن أو "جميع" المواطنين يمكنهم التصويت، بصياغة جديدة تحدد أن "فقط" المواطنين يحق لهم التصويت.

ويزعم المؤيدون أن الصياغة الحالية لا تمنع بالضرورة غير المواطنين من التصويت، بحسب "أسوشيتد برس".

أما في ولايتي أيداهو وكنتاكي، تنص التعديلات المقترحة صراحة على أنه "لا يحق لأي شخص ليس مواطناً أميركياً" التصويت، ونالت صياغة مشابهة موافقة الناخبين في لويزيانا قبل عامين.

وفي الفترة بين عامي 2018 و2022، وافق الناخبون في ولايات نورث داكوتا، وكولورادو، وألاباما، وفلوريدا، وأوهايو على تعديلات تقصر حق التصويت على المواطنين "فقط".

ماذا يحدث في الولايات الأخرى؟

وعلى الرغم من أن التصويت لغير المواطنين محظور في لويزيانا، يواصل الحاكم الجمهوري للولاية، جيف لاندري، تسليط الضوء على هذه القضية، إذ وقَّع مؤخراً أمراً تنفيذياً يلزم هيئات الولاية التي تقدم نماذج تسجيل الناخبين بإدراج إخلاء مسؤولية كتابي ينص على حظر التصويت على غير المواطنين.

وفي جورجيا، فرض رافنسبرجر، الأسبوع الماضي، على جميع مراكز الاقتراع تعليق لافتة باللغتين الإنجليزية والإسبانية تحذّر غير المواطنين من أن التصويت غير قانوني.

وفي تكساس، أنشأ المدعي العام الجمهوري، كين باكسون، حساب بريد إلكتروني خاصاً، الأربعاء الماضي، للإبلاغ عن انتهاكات قوانين الانتخابات المشتبه بها، مشيراً إلى "النمو الكبير في عدد غير المواطنين".

وفي ويسكونسن، رفع الجمهوريون، مؤخراً، دعوتين قضائيتين مماثلتين للطعن في إجراءات الولاية للتحقق من كون الناخبين المسجلين مواطنين.

ويطالبوا المحكمة بإصدار أوامر تلزم لجنة الانتخابات بإجراء فحوصات للتأكد من عدم وجود ناخبين مسجلين من غير المواطنين.

ورفع الجمهوريون في نورث كارولاينا دعوى قضائية ضد مجلس الانتخابات في الولاية، متهمين إياه بعدم تطبيق قانون جديد يهدف إلى إزالة الأشخاص من قوائم الناخبين الذين يطلبون إعفاء من الخدمة في هيئة المحلفين، بسبب عدم كونهم مواطنين.

وفي يونيو الماضي، أرسلت الهيئة العليا للانتخابات في تينيسي رسائل إلى أكثر من 14 ألف ناخب مُسجل تطالبهم بتقديم إثبات الجنسية. ومع ذلك، لن يُمنع أولئك الذين لم يردوا من ممارسة حقهم في التصويت، وفق "أسوشيتد برس".

ماذا فعل الكونجرس؟

ويضغط الجمهوريون في الكونجرس من أجل إقرار مشروع قانون يُعرف باسم "قانون حماية أهلية الناخبين الأميركيين"، والذي يلزم بتقديم إثبات الجنسية لتسجيل الناخبين.

وفي مؤتمر صحافي حول التشريع عُقد هذا العام، لم يقدم رئيس مجلس النواب الجمهوري من لويزيانا، مايك جونسون، أمثلة محددة على تصويت غير المواطنين، لكنه أكد أن هذه المسألة تثير القلق.

وقال جونسون: "نعلم جميعاً، بشكل بديهي، أن عدداً كبيراً من المهاجرين غير الشرعيين يصوتون في الانتخابات الفيدرالية، ولكن لم يكن من السهل إثبات ذلك".

ومرر مجلس النواب الذي يقوده الجمهوريون التشريع في يوليو الماضي، لكنه لم يُعرض بعد للتصويت في مجلس الشيوخ الذي يقوده الديمقراطيون.

وأكدت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن معارضتها القوية للتشريع، مشيرة إلى أن القوانين الحالية ضد تصويت غير المواطنين تعمل بفعالية، حسبما ذكرت الوكالة.

وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارين جان بيير، في بيان، إن "مشروع القانون هذا لن يحمي انتخاباتنا، لكنه سيجعل من الصعب للغاية على جميع الأميركيين المؤهلين التسجيل للتصويت، ويزيد من خطر حذف من يحق لهم التصويت من قوائم الناخبين".

تصنيفات

قصص قد تهمك