شنت القوات الأميركية والعراقية هجمات على مخابئ تنظيم "داعش"، في الأنبار، غرب العراق الأسبوع الماضي، مما أسفر عن سقوط 15 عنصراً من التنظيم، في واحدة من أكبر عمليات مكافحة الإرهاب في البلاد خلال السنوات الأخيرة، وفق ما نقلت صحيفة "نيويورك تايمز"، مسؤولين أميركيين وعراقيين.
وأصيب سبعة جنود أميركيين خلال العملية التي شملت أكثر من 200 جندي من البلدين، بما في ذلك قوات الدعم، لملاحقة عناصر "داعش" عبر مسافات واسعة من التضاريس النائية، حسبما نقلت الصحيفة.
وأوضح المسؤولون أن حجم العملية ونطاقها وهدفها يبرز "عودة ظهور التنظيم المتطرف في الأشهر الماضية"، وأشاروا إلى أن الهدف الرئيسي كان قيادياً كبيراً في داعش يشرف على عمليات التنظيم في الشرق الأوسط وأوروبا.
وقالت القيادة المركزية للجيش الأميركي في بيان، الأحد: "استهدفت العملية قادة داعش بهدف تعطيل وتقليص قدرة التنظيم على التخطيط وتنظيم وتنفيذ الهجمات ضد المدنيين العراقيين، فضلاً عن الولايات المتحدة وحلفائها وشركائها في المنطقة وخارجها".
ورفض المسؤولون الأميركيون تحديد هوية قادة داعش المستهدفين، بما في ذلك القيادي الكبير، بانتظار تحليل الحمض النووي للجثث.
مفاوضات إنهاء مهمة التحالف
وأتت العملية، فيما يتفاوض العراق والولايات المتحدة على اتفاق من شأنه إنهاء مهمة التحالف العسكري بقيادة الولايات المتحدة في العراق. وهناك حوالي 2500 جندي أميركي في العراق و900 في سوريا المجاورة.
ومع ذلك، أعلنت القيادة المركزية في يوليو، أن عدد الهجمات التي أعلن داعش مسؤوليته عنها في العراق وسوريا كان في طريقه إلى التضاعف هذا العام مقارنة بالعام السابق.
وقالت القيادة إن داعش أعلن مسؤوليته عن 153 هجمة في البلدين خلال الأشهر الستة الأولى من عام 2024.
وقال تشارلز ليستر، مدير برامج سوريا ومكافحة الإرهاب في معهد الشرق الأوسط: "لقد تمكن العراق من احتواء تحدي داعش بنجاح في السنوات الأخيرة، حيث كان معدل العمليات للجماعة في أدنى مستوى له على الإطلاق، لكن تعافي داعش بشكل كبير في سوريا المجاورة يثير قلقاً شديداً".
"اجتثاث مستمر"
وأضاف ليستر: "لذلك، فإن هذه الملاذات الآمنة القديمة لداعش، في عمق صحراء الأنبار، تحتاج إلى اجتثاث مستمر لتجنب انتقال داعش من سوريا إلى العراق في نهاية المطاف".
ووفقاً لمسؤول عسكري أميركي رفيع، فقد ساعدت الولايات المتحدة والقوات الأخرى المتحالفة معها القوات العراقية في تنفيذ أكثر من 250 عملية لمكافحة الإرهاب منذ أكتوبر الماضي.
لكن هذه الغارة كانت غير عادية بسبب الحضور الكبير للقوات الأميركية الخاصة، وقال المسؤولون الأميركيون إن أكثر من 100 من قوات العمليات الخاصة الأميركية وجنود آخرين انضموا إلى عدد أقل من الجنود العراقيين في الهجوم الأول الذي تم بواسطة المروحيات في وقت مبكر من صباح الخميس.
وقالت السلطات العراقية في بيان إن العملية بدأت شرق مجرى نهر يمر عبر صحراء الأنبار، في منطقة جنوب غرب الفلوجة تعرف باسم وادي الحزيمي.
واندلعت معارك شرسة سقط فيها 15 من مسلحي داعش حسبما أفادت السلطات العراقية، بينما قدّرت الولايات المتحدة حصيلة من سقطوا في العملية بـ15 مسلحاً.
وذكر بيان القيادة المركزية الجمعة، أن عناصر داعش كانوا مسلحين "بعدد من الأسلحة والقنابل وأحزمة ناسفة انتحارية". وأشار البيان إلى عدم وجود دلائل على وقوع إصابات بين المدنيين.
مراقبة من الجو وجنود على الأرض
ومع استمرار الطائرات الأميركية المسيرة في المراقبة من الجو، شنت القوات العراقية المكونة من أكثر من 100 جندي غارة في اليوم التالي، مما أسفر عن القبض على اثنين آخرين من عناصر داعش الذين فروا من الموقع ليلاً ومعهم وثائق وأوراق مالية تابعة للتنظيم، وفقاً لما ذكره ليستر والمسؤولون الأميركيون.
وقال العميد يحيى رسول المتحدث باسم الجيش العراقي، في بيان على منصة (إكس): "نصر آخر يضاف إلى سجل انتصارات أبطال قواتنا المسلحة ضد الإرهاب."
ونادراً ما تذكر الحكومة العراقية الدور الأميركي في العمليات التي تستهدف تنظيم داعش. وأشار بيان الجيش العراقي حول هذه المهمة الأخيرة بالكاد إلى المشاركة الأميركية، مشيراً إلى أن العملية نُفذت بـ"التعاون الاستخباراتي والفني والتنسيق مع التحالف الدولي".
"داعش لم يعد يشكل تهديداً"
وخلال عطلة نهاية الأسبوع، وأثناء لقائه مع الميجور جنرال كيفن ليهي، القائد الأميركي الأعلى في بغداد، قال السوداني إن "فلول تنظيم داعش لم تعد تشكل تهديداً للدولة العراقية، حيث أصبحت مجموعات معزولة تختبئ في مناطق نائية لتفادي القبض عليها".
وأشار إلى أن القوات المسلحة العراقية "تواصل عملياتها لتعقب أي إرهابيين متبقين ومخابئهم"، وذلك وفقاً لبيان نشره المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء.
ويواجه السوداني، الذي من المتوقع أن يسعى لولاية ثانية كرئيس للوزراء، "ضغوطاً من إيران"، التي تحد العراق، وحلفاء إيران داخل العراق لتقليص الوجود العسكري الأميركي في البلاد بشكل كبير.
وخلال العملية الأسبوع الماضي، قالت القيادة المركزية إن خمسة من أفراد القوات الأميركية أصيبوا، بما في ذلك جندي تم إجلاؤه لتلقي العلاج اللازم.
كما أصيب جنديان آخران من القوات الأميركية أثناء المهمة، وتم إجلاء أحدهما لتلقي علاج إضافي. وقال مسؤولون أميركيون إن بعض الإصابات كانت على ما يبدو ناجمة عن شظايا من انفجار، ولكن لم تكن أي منها تشكل تهديداً للحياة.
وكانت شبكة NBC News قد أفادت في وقت سابق بأن أفراداً من الجيش الأميركي أصيبوا في الغارة.
وفي ذروتها، كانت الأراضي التي يسيطر عليها تنظيم داعش، بحجم بريطانيا، وتضم أكثر من 40 ألف عنصر من أكثر من 80 دولة.
وتم تشكيل تحالف يضم أكثر من 80 دولة بقيادة الولايات المتحدة لمحاربة التنظيم، الذي فقد سيطرته على الأراضي التي كان يسيطر عليها في العراق في عام 2017، وفي سوريا في عام 2019.
ومع ذلك، واصل المسلحون العمل في صحراء الأنبار في العراق وسوريا، وفي بعض الجيوب الأخرى، مع بقاء نحو 2500 عنصر طليق، وفقاً للمسؤولين الأميركيين.
اعتقال قيادي بداعش في سوريا
والاثنين، أعلنت القيادة المركزية أن القوات الأميركية وقوات سوريا الديمقراطية، حليفة الولايات المتحدة في شمال شرق سوريا، ألقت القبض على قيادي في داعش يدعى خالد أحمد الدندل، كان يساعد خمسة من عناصر داعش الذين فروا من مركز احتجاز في الرقة، بسوريا. وتم إعادة القبض على اثنين من داعش الهاربين، بينما لا يزال الثلاثة الآخرون طلقاء، حسبما ذكرت القيادة العسكرية.
وتحتجز قوات سوريا الديمقراطية، بمساعدة من الولايات المتحدة، أكثر من تسعة آلاف معتقل من داعش في أكثر من 20 مركز احتجاز في شمال شرق سوريا.
وحاول قادة داعش مراراً تهريب عناصرهم من السجون وإعادة تشكيل صفوفهم. ويتم احتجاز 43 ألف شخص آخرين، بما في ذلك أفراد عائلات عناصر داعش، في مخيمي الهول والروج في المنطقة ذاتها، وفقاً للقيادة المركزية.
وأعرب متخصصون أميركيون في مكافحة الإرهاب منذ فترة طويلة عن مخاوفهم من أن هذه المخيمات أصبحت حاضنات للجيل القادم من المتطرفين.
وقال الجنرال مايكل كوريلا، قائد القيادة المركزية، في بيان الاثنين: "إذا هرب عدد كبير من هؤلاء المسلحين من داعش، فإن ذلك سيشكل خطراً شديداً على المنطقة وما بعدها".