الانتخابات الأميركية.. معلقون موالون لترمب يواجهون اتهامات بتلقي أموال روسية

صورة من داخل غرفة تحكم لقناة "روسيا اليوم" في فرنسا. 18 ديسمبر 2017 - Reuters
صورة من داخل غرفة تحكم لقناة "روسيا اليوم" في فرنسا. 18 ديسمبر 2017 - Reuters
دبي -الشرق

اتهمت سلطات الادعاء الأميركية، موظفين اثنين في شبكة RT الإعلامية الروسية، بـ"تمويل وتوجيه" مخطط بإرسال ملايين الدولارات إلى معلقين يمينيين بارزين مؤيدين للمرشح الجمهوري لانتخابات الرئاسة دونالد ترمب.

وحسبما ذكرت شبكة NBC News الأميركية، أن اثنين من موظفي شبكة RT الروسية، قاما بتمويل المخطط عبر شركة إعلامية تبدو أوصافها متطابقة مع Tenet Media، وهي منصة رائدة للأصوات الموالية للرئيس الأميركي السابق.

وتتضمن لائحة الاتهام التي صدرت بحق اثنين من موظفي RT، وهما قنسطنطين كالاشنيكوف وإلينا أفاناسيفا، مزاعم بأنهما عكفا على تنفيذ خطة بتكلفة 10 ملايين دولار تقريباً لتمويل شركة لم يُذكر اسمها، وتتخذ من تينيسي مقراً لها، كواحد من "مشروعات خفية" للتأثير في السياسات الأميركية عن طريق نشر مقاطع فيديو على منصات "تيك توك" وإنستجرام و"إكس" و"يوتيوب".

وتتطابق أوصاف الشركة مع تلك الخاصة بـ Tenet Media، وفق مراجعة أجْرتها NBC News للتفاصيل الواردة في لائحة الاتهام.

تفاصيل لائحة الاتهام

وقال المدعون العامون، إن الموقع الإلكتروني لـ"الشركة-1" يُعرّف نفسه بأنه "شبكة للمعلقين المبدعين، تركز على القضايا السياسية والثقافية الغربية"، وهي اللغة نفسها التي تستخدمها Tenet Media على موقعها الإلكتروني ومنصات التواصل الاجتماعي الخاصة بها.

وتظهر لائحة الاتهام أيضاً أن "الشركة-1" مسجَلة في ولاية تينيسي، وقامت بتغيير اسمها في 22 مايو 2023، أو نحو ذلك. كما تظهر سجلات وزير خارجية تينيسي، التي حصلت NBC News على نسخة منها، أن Tenet Media قامت بإدخال اسمها الجديد المفترض في التاريخ نفسه.

وأقامت Tenet شراكة مع 6 معلقين، هم لورين ساوذيرن، وتيم بول، وتايلر هانسن، ومات كريستيانسن، وديف روبن، وبيني جونسون، وتشير لائحة الاتهام إلى 6 معلقين، دون أن تذكر أسماءهم.

وتتطابق التفاصيل الواردة في لائحة الاتهام مع تلك الخاصة باثنين من معلّقي Tenet، وهما روبن وبول.

وحتى الأربعاء، بلغ عدد المشتركين في The Rubin Report، وهي قناة روبن على "يوتيوب"، 2.44 مليون مشترك، وتشير لائحة الاتهام إلى "المعلق-1" باعتباره يمتلك أكثر من 2.4 مليون مشارك على منصة الفيديوهات الشهيرة.

وأشارت كذلك إلى الشخص الذي لديه أكثر من 1.3 مليون مشترك على "يوتيوب" بـ "المعلق-2". ويمتلك بول الآن 1.37 مليون مشترك.

كما تشير لائحة الاتهام أيضاً إلى 3 معلقين آخرين، بينهم واحدة بضمير المؤنث، ولكن دون أي معلومات يمكن أن تحدد قنواتهم بشكل مباشر.

ولا يتضح من لائحة الاتهام إلى أي مدى كان يعرف كل معلق مصدر الأموال، برغم أنها ذكرت أن "المعلق-1" و"المعلق-2" لم يكونا على دراية بأنهما يحصلان على أموال من خلال جهود روسية، وأنهما تعرّضا للخداع بشأن مصدر التمويل.

ووجدت لائحة الاتهام أنه تم أخيراً إرسال 8.7 مليون دولار إلى "شركات الإنتاج الخاصة بالمعلق-1 والمعلق-2 والمعلق-3 فقط". وتُشكل هذه الأموال 90% من إجمالي ما تم إيداعه في حساب الشركة خلال الفترة بين أكتوبر 2023 وأغسطس 2024.

تفنيد لائحة الاتهام

ولم ترد Tenet Media في الحال على طلب NBC News للتعليق، فيما استجاب ممثل عن RT لطلب الشبكة للتعليق عبر سلسلة من الرسائل النصية بعضها ساخرة.

وقال بول في بيان مطول على منصة "إكس": "إذا ثبت صحة هذه المزاعم، فإنني والمعلقين الآخرين ضحايا تم خداعهم"، مضيفاً: "لا يمكنني التحدث عن أي شخص آخر في الشركة فيما يتعلق بما يقومون به من أعمال أو بالتعليمات التي يتلقونها".

وكتب جونسون أيضاً على "إكس": "لقد أزعجتنا الادعاءات التي وردت في لائحة الاتهام اليوم، والتي توضح أنني ومؤثرين آخرين كنا ضحايا في هذا المخطط المزعوم. وسيتعامل محامونا مع أي شخص يذكر أو يشير إلى خلاف ذلك".

من جهته، قال هانسن على "إكس": "كانت هذه الادعاءات صادمة تماماً لي ولمقدمي البرامج لآخرين في Tenet Media. أريد أن أكون واضحاً قدر الإمكان، إذ لم يتم توجيهي للحديث عن أي موضوع، وكانت لدي الحرية الكاملة والسيطرة الكاملة على ما أقدمه في جميع الأوقات".

وذكر روبن على منصة "إكس"، أن "هذه الادعاءات تُظهر بوضوح أنني والمعلقين الآخرين كنا ضحايا لهذا المخطط. إنني لا أعرف شيئاً على الإطلاق عن هذا النشاط الاحتيالي. انتهى".

بينما كتب كريستيانسن على "إكس": "لم يوجهني أحد على الإطلاق في أي وقت إلى ما أقوله أو لا أقوله، ولن أوافق على أي شيء بخلاف ذلك"، مضيفاً أن "مقاطع الفيديو والبث الخاص بي على Tenet هي نفسها الموجودة على قناتي الشخصية"، مؤكداً أن "كل كلمة صادرة عني، وعني وحدي".

إجراءات موسعة

وتأتي هذه الادعاءات، وفق NBC News، كجزء من "إجراء موسع" تتخذه وزارات العدل والخارجية والخزانة لاستهداف ما قالت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن إنه محاولات ترعاها الحكومة الروسية للتلاعب بالرأي العام الأميركي قبيل انتخابات الخامس من نوفمبر المقبل.

وتم تسجيل الشركة، التي سيتبين أنها Tenet Media، في ناشفيل بولاية تينيسي، وفقاً للسجلات التجارية الخاصة بالولاية، والتي تثبت أيضاً أن وكلاء الشركة هما ليام دونوفان ولورين تام.

وأشارت NBC News إلى أن دونوفان "يعمل كمنتج"، وفقاً لحسابات التواصل الاجتماعي الخاصة به، وأن "كليهما لم يرد اسمه في لائحة الاتهام"، وأنهما "لم يردا على الفور على طلبات التعليق" التي أرسلتها الشبكة.

وظهرت Tenet في السنوات الأخيرة كموطن للأصوات الموالية لترمب، والتي استضاف كثير منها ترمب وأفراد عائلته، كما أنها تدعم القضايا المحافظة التي تتوافق مع مصالح روسيا.

وقلل العاملون في Tenet Media من شأن هجوم 6 يناير على مبنى الكابيتول الأميركي. وكان هانسن داخل مبنى الكابيتول أثناء الهجوم، حيث قام بتصوير مقتل آشلي بابي التي كانت ضمن العناصر المثيرة للشغب.

كما أدلى هانسن بشهادته، العام الماضي، خلال جلسة استماع جمهورية بمجلس النواب بشأن مقاضاة المتهمين في أحداث 6 يناير. ولم يتم اتهامه في هذه الأعمال.

"إمبراطورية روسية خفية"

وتكشف لائحة الاتهام كيف أنشأ مسؤولو RT، في أعقاب العقوبات التي فُرضت بعد الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير 2022، "إمبراطورية كاملة من المشاريع الخفية" بهدف تشكيل الرأي العام لدى "الجمهور الغربي"، وفي هذه الحالة باستخدام المواطنين الأميركيين الذين عملوا كوسطاء للمعلقين السياسيين المؤيدين لترمب، والتواصل معهم بشأن الاستراتيجية ومفاوضات دفع الأموال وتوزيع أعمال الفيديو، بحسب NBC News.

وتتضمن لائحة الاتهام ادعاءات تفيد بأن بعض معلّقي Tenet توصلوا إلى "صفقة صعبة".

وفي إحدى المحادثات، قال مسؤولون في قسم الاتصالات الداخلية بالشركة إن "المعلق-1"، على الأرجح روبن، قال إن "الأمر يحتاج إلى أن يحصل على ما يقرب من 5 ملايين دولار سنوياً حتى يكون مهتماً".

فيما قال "المعلق-2"، على الأرجح بول، إنه سيتقاضى "100 ألف دولار مقابل كل حلقة أسبوعية، حتى يستحق الأمر كل هذا العناء"، ما دفع بأحد مؤسس الشركة إلى القول إنه سيكون "من الصعوبة بمكان على الشركة تعويض النفقات" استناداً إلى عائدات الإعلانات من حركة المرور على شبكة الإنترنت أو الرعاة، ولكنهم قرروا المضي قُدماً بأي حال.

وتزعم لائحة الاتهام أيضاً، أن اثنين من المتهمين واثنين من المؤسسين أخبروا اثنين من المعلقين بأن الشركة تحظى بالرعاية من قِبَل مستثمر خاص يُدعى "إدوارد جريجوريان"، وهو شخصية خيالية وُصف بأنه "محترف مالي بارع" يشغل مناصب في بنك متعدد الجنسيات في كل من بروكسل وفرنسا.

ووفقاً للائحة الاتهام، أشار المؤسسان إلى جريجوريان بـ"مستثمرهم" مع المعلقين-1 و2، ولكنهما أقرّا لبعضهما البعض بشكل خاص في اتصالاتهما عبر الإنترنت بأن المستثمرين الحقيقيين هم "الروس".

وتزعم لائحة الاتهام أيضاً أن العاملين في RT دفعوا بالمعلقين الأميركيين إلى مشاركة المحتوى الممول من روسيا لدى "جماهيرهم الغفيرة"، وأعربوا صراحة عن قلقهم بشأن قلة عدد "مقاطع الفيديو غير المعالجة" التي تم نشرها من قِبَل بعض "مواهب الشركة".

وتضيف لائحة الاتهام إلى التدقيق المتزايد بشأن بعض المعلقين على الإنترنت الذين أيّدوا ترمب وتبنوّا نظرته للعالم.

تصنيفات

قصص قد تهمك