ما هي مهام وصلاحيات رئيس الوزراء في فرنسا؟

رئيس الوزراء الفرنسي الجديد ميشيل بارنييه يصل إلى مقر الحكومة في قصر ماتينيون بالعاصمة باريس. 5 سبتمبر 2024 - Reuters
رئيس الوزراء الفرنسي الجديد ميشيل بارنييه يصل إلى مقر الحكومة في قصر ماتينيون بالعاصمة باريس. 5 سبتمبر 2024 - Reuters
دبي-الشرق

بعد مشاورات معقدة استمرت قرابة الشهرين، قرر الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، تعيين المفاوض الأوروبي السابق في خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي "بريكست"، ميشيل بارنييه، رئيساً لوزراء فرنسا.

وعلى عكس المملكة المتحدة وإيطاليا ودول أخرى، حيث يملك رئيس الوزراء صلاحيات واسعة، ويدير شؤون البلاد السياسية، فإن الأمور في فرنسا أكثر تعقيداً، إذ تُعد الرئاسة أعلى منصب سياسي في البلاد، وبينما يتم انتخاب الرئيس بالاقتراع، يتولى رئيس الحكومة منصبه بعد تعيينه من رئيس البلاد.

وتتلخص مهام وصلاحيات رئيس الحكومة في فرنسا وفقاً للدستور في واجبات تنفيذية تتعلق بالمسائل اليومية وطرح القوانين بحسب مجلة "بوليتيكو".

من يملك السلطة؟

يتمتع كل من رئيس الوزراء ورئيس الجمهورية في فرنسا بالسلطة التنفيذية في النظام السياسي، لكن هناك سبباً يجعل أسماء ووجوه الرؤساء الفرنسيين مشهورة في جميع أنحاء العالم، بينما لا تنتشر صور رؤساء الوزراء الفرنسيين عادةً إلى ما هو أبعد من حدود البلاد.

ويتولى رئيس الحكومة مع وزرائه مسؤولية السياسة اليومية للبلاد، ويطرحون القوانين في البرلمان وينفذونها. كما تتُرك لرئيس الوزراء، مهمة الدفاع عن أولويات الحكومة في البرلمان، والتوصل إلى تسويات مع القوى السياسية الأخرى، وتسوية الخلافات المحتملة بين الوزارات.

أما الرئيس، الذي يتم انتخابه مباشرة في انتخابات منفصلة، ​​يتحمل مسؤوليات أكبر، فهو عادة ما يمثل فرنسا على الساحة الدولية، ويرأس اجتماعات مجلس الوزراء، وهو قائد الجيش الفرنسي. كما يتمتع بسلطة حل البرلمان، والتوقيع على المراسيم الحكومية وتعيين رئيس الوزراء.

وفي هذا النظام "ثنائي الرأس"، كما يسميه الدستوريون أحياناً، يختلف توازن القوى بين الرئيس ورئيس الوزراء اعتماداً على السياق الأوسع للسياسة الفرنسية في أي لحظة معينة، ومن الشخصية التي تشغل كل منصب بالفعل، خاصة إذا لم يكونا من نفس المعسكر السياسي.

من يتخذ القرارات؟

إذا كان الرئيس ورئيس الوزراء حليفين، فإن الأول لديه دور أكبر، والثاني يكون جندياً مخلصاً مكلفاً بتنفيذ الأجندة التشريعية. كانت هذه، على سبيل المثال، هي الحال في ظل الحكومة التي انتهت ولايتها بقيادة جابرييل أتال، تلميذ ماكرون منذ فترة طويلة.

لكن، عندما يكون الرئيس ورئيس الوزراء خصمين سياسيين، وهو الوضع المعروف في فرنسا باسم "التعايش"، فإن الأمور تسير بشكل مختلف تماماً، إذ يلتزم الرئيس، إذا خسر حزبه الانتخابات التشريعية، بتعيين شخصية سياسية منافسة له في منصب رئيس الوزراء.

وفي هذه الحالة، يمكن لرئيس الوزراء أن يستخدم سلطاته بشكل كامل، مع تقليص دور الرئيس إلى دور شرفي تقريباً، باستثناء الواجبات الخارجية والعسكرية.

كما لا يُعتبر وضع "التعايش" هذا  فريداً، فقد خضعت له فرنسا 3 مرات منذ ولادة الجمهورية الخامسة عام 1958، عندما عمل رئيسا الوزراء المحافظان جاك شيراك وإدوارد بالادور مع الرئيس الاشتراكي فرانسوا ميتران خلال الثمانينيات والتسعينيات، بينما تعايش رئيس الوزراء الاشتراكي ليونيل جوسبان مع شيراك كرئيس من عام 1997 إلى عام 2002.

هل يستطيع بارنييه اتخاذ القرارات؟

ليس حقاً. لكن الأمر أكثر تعقيداً هذه المرة، ففي حالات "التعايش" لسابقة، كان رؤساء الوزراء يتمتعون دائماً بأغلبية مطلقة في البرلمان الفرنسي.

لكن قرار ماكرون بحل البرلمان والدعوة إلى انتخابات مبكرة هذا الصيف ترك الجمعية الوطنية الفرنسية مقسّمة، وفي حين فاز تحالف "الجبهة الشعبية الجديدة" اليساري بأكبر عدد من المقاعد، لم يفز أي من أحزاب المعارضة بأغلبية مطلقة، ما أدى إلى برلمان معلق بـ3 كتل كبيرة.

وادعى تحالف "الجبهة الشعبية الجديدة" أن انتصاره أعطاه الحق في تقديم مرشح لمنصب رئيس الوزراء، واختار الموظفة المدنية البالغة من العمر 37 عاماً لوسي كاستيتس لهذا المنصب.

ومع ذلك، رفض ماكرون ترشيحها، بحجة أنها ليست في وضع يسمح لها بالحكم باستقرار، واختار بدلاً من ذلك بارنييه، الذي يبدو أنه يحظى بدعم الوسطيين، والجمهوريين اليمينيين، وفي الوقت الحالي، الدعم الضمني من أقصى اليمين.

ويبدو تعيين بارنييه، وفقاً لـ"بوليتيكو"، في منطقة سياسية مجهولة، فهو ليس سياسياً من معسكر ماكرون ولا منافساً شرساً للرئيس الفرنسي، إلا أنه لا يزال من غير الواضح بعد، ديناميكيات القوة بين الرجلين والدور الفعال لرئيس الوزراء.

ما الذي قد يتغير في بروكسل؟

عادة ما يُمثل الرئيس الفرنسي بلاده في الاتحاد الأوروبي، وفي اجتماعات المجلس الأوروبي، على الرغم من أن رؤساء الوزراء حضروا بعض الاجتماعات أثناء فترة "التعايش" السياسي بين رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة.

لكن رئيس الوزراء مسؤول عن توجيه عمل الحكومة أيضاً عندما يتعلق الأمر بملفات الاتحاد الأوروبي. كما يمتلك الكلمة الأخيرة في حسم اختلافات الوزارات بشأن ملفات الاتحاد الأوروبي، وتخضع ذلك "الأمانة العامة للشؤون الأوروبية" لسلطته، وتتمثل مهمتها في إيجاد اتفاق بين الوزارات المختلفة، وبلورة موقف باريس النهائي قبل إرساله إلى الدبلوماسيين الفرنسيين في بروكسل.

ولعلّ بارنييه يملك ميزة ستجعله أكثر حيوية في ما يتعلق بشؤون منظومة اليورو، وذلك بفضل العلاقات والسمعة التي طورها في بروكسل كمفوض أوروبي سابق ومفاوض في ملف خروج بريطانيا. وقد تثبت هذه الخبرة أنها مفيدة، حيث تتفاوض فرنسا على خطة مع المفوضية لخفض ديونها الضخمة، وتجنب غرامات الاتحاد الأوروبي.

تصنيفات

قصص قد تهمك