المناظرة الرئاسية.. ترمب "خبير المناظرات" في مواجهة هاريس "المترددة مع الإعلام"

صورة مركبة لنائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس مرشحة الحزب الديمقراطي في الانتخابات الرئاسية ومنافسها الجمهوري الرئيس السابق دونالد ترمب. 15 أغسطس 2024 - Reuters
صورة مركبة لنائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس مرشحة الحزب الديمقراطي في الانتخابات الرئاسية ومنافسها الجمهوري الرئيس السابق دونالد ترمب. 15 أغسطس 2024 - Reuters
دبي-ماجد علي

على خشبة مسرح "مركز الدستور الوطني" في فيلادلفيا بولاية بنسلفانيا، تتجه الأنظار إلى أول مناظرة رئاسية تجمع بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، ونائبة الرئيس كامالا هاريس، والمقرر إجراؤها، الثلاثاء. 

وتُمثل المناظرة، التي تستضيفها شبكة ABC NEWS، لحظة حاسمة في السباق نحو المكتب البيضاوي، نظراً للتقارب الشديد بين المرشحين، إذ يسعى كل من ترمب وهاريس لتقديم أفضل ما لديهما أمام جمهور أميركي مترقب، قبل شهرين فقط من الانتخابات الرئاسية التي تجرى في 5 نوفمبر.

وتدخل هاريس المناظرة محمّلة بتوقعات كبيرة، إذ تسعى للحفاظ على الزخم الذي اكتسبته في الأسابيع الماضية، بعد أن نجحت في إحياء آمال الديمقراطيين منذ إعلان الرئيس جو بايدن انسحابه من السباق، في يوليو، على خلفية أدائه المتواضع في المناظرة السابقة أمام ترمب في 27 يونيو. 

وتحاول هاريس استغلال المناظرة لإثبات نفسها أمام الجمهور، وتأسيس هويتها كمرشحة قادرة على قيادة الحزب الديمقراطي، للحفاظ على البيت الأبيض. 

أما ترمب، فيدخل المناظرة محاطاً بانتقادات من داخل حزبه الجمهوري، مع دعوات لتغيير أسلوبه الهجومي المعتاد، والتركيز على القضايا الجوهرية، مثل "الاقتصاد، خلق فرص العمل، والهجرة"، وهي الملفات التي أثبت تفوقه فيها سابقاً، والتي ربما تكون مفتاح فوزه بأصوات الناخبين المترددين. 

في هذه المناظرة المصيرية، يأمل كل من ترمب وهاريس استثمار الفرص لتعزيز مواقفهما، وتوجيه الحوار لصالحهما، ما يجعل هذه المواجهة نقطة تحول محتملة، ربما ترسم ملامح السباق نحو البيت الأبيض.

ومع ترقب كيفية تعامل كل مرشح مع التحديات، واستعراض نقاط قوته، يبقى السؤال الأبرز: من سيخرج من هذه المواجهة بأكبر المكاسب؟ وما هي نقاط القوة والضعف والفرص لكل منهما؟ 

المرشح المفضل وخبرة المواجهة

قال الدكتور جون زغبي، خبير استطلاعات الرأي، في تصريحات لـ"الشرق"، إن ترمب يدخل المناظرة باعتباره المرشح المفضل، إذ خاض العديد من المناظرات سابقاً ولم يُهزم فيها أبداً، بالإضافة إلى خبرته رئيساً للبلاد، مشيراً إلى أن نسبة تأييد ترمب ظلت ثابتة عند 46% منذ أواخر يونيو، وحتى سبتمبر، دون تحقيق نمو. 

وأشار زغبي إلى الخلفية التي تتمتع بها المرشحة الديمقراطية هاريس، مشيراً إلى أنها شغلت منصب المدعية العامة في ولاية كاليفورنيا لسنوات طويلة، وحققت خلالها "نجاحات ملموسة".

وبشأن طريقة إدارة هذه المناظرة، قال دان رينيه، مستشار الاتصالات الاستراتيجية وإدارة الحملات السياسية، لـ"الشرق"، إن "هاريس ستتبنى استراتيجية تهدف إلى استدراج ترمب لإخراجه عن الموضوع، والانخراط في هجمات شخصية أو غير ذات صلة". 

وأشار رينيه إلى أن هذه الاستراتيجية ربما تمثل "نقطة قوة لهاريس، متوقعاً أن تسعى لتقديم نفسها كمرشحة هادئة، وعقلانية في مواجهة ردود ترمب النارية"، وفي حال نجاحها، قد تتمكن من تغيير السرد الإعلامي لصالحها، وتصوير نفسها كضحية لهجمات شخصية، متجنبة بذلك النقاشات المباشرة بشأن القضايا السياسية الشائكة مثل"التضخم والهجرة"، والتي تُعد نقاط ضعف بالنسبة لإدارة بايدن. 

وتوقع داني وايس، الاستراتيجي الديمقراطي في تصريحات لـ"الشرق"، أن تكون المناظرة حاسمة لكلا المرشحين نظراً للتقارب الشديد في السباق، متوقعاً أيضاً أن تسعى هاريس لتصوير ترمب على أنه "متقدم في السن، غير كفؤ، ومتطرف للغاية"، وأيضاً أنه "يشكل تهديداً خطيراً للأميركيين وللبلاد ككل".

وقالت كريستينا كاريكا هالي، الاستراتيجية الديمقراطية، في تصريحات لـ"الشرق"، إن نقاط قوة هاريس تكمن في قدرتها على التواصل مع قاعدة متنوعة، وصمودها أمام التحديات، كما رأت أن المناظرة تمثل فرصة لهاريس لتعزيز قيادتها، وتسليط الضوء على نقاط ضعف ترمب، بينما تحاول رسم طريق مميز يجذب شريحة واسعة من الناخبين. 

في المقابل، قال روب أرليت، الخبير الاستراتيجي في الحزب الجمهوري، في تصريحات لـ"الشرق"، إن الرئيس السابق ترمب يتمتع بالعديد من نقاط القوة التي تصب في صالحه خلال المناظرة، متوقعاً أن يعتمد ترمب على خبراته السياسية والاقتصادية، وأن يستغل إخفاقات هاريس كنائبة للرئيس، وسياسات إدارة بايدن-هاريس، التي وصفها بأنها "فاشلة".

واعتبر أرليت، الذي كان مسؤولاً سابقاً في حملة ترمب بين عامي 2016 و 2020، أن هذه السياسات أدت إلى تدفق المهاجرين غير الشرعيين، وارتفاع معدلات التضخم، وأسعار الوقود، وتكاليف السكن، بالإضافة إلى مسؤولية الإدارة الحالية عن النزاعات الدولية، مثل الحرب في أوكرانيا والحرب في غزة، وعدم الاستقرار العالمي. 

صورة مركبة لنائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس والرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب. 29 أغسطس 2024
صورة مركبة لنائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس والرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب. 29 أغسطس 2024 - REUTERS

نقاط الضعف بين ترمب وهاريس 

خبير استطلاعات الرأي جون زغبي، يرى أن كامالا هاريس ستواجه تحديات كبيرة خلال المناظرة، بسبب "سجلها في إدارة بايدن على مدى السنوات الأربع الماضية"، لافتاً إلى أنها ستكون عرضة لهجمات ترمب، خاصة في ظل الوضع الاقتصادي المتعثر حالياً.

وأضاف زغبي أن "هاريس ستعتمد على الهجوم، خاصة في ما يتعلق بإدانات ترمب القانونية"، محذراً من خطر "أن تظهر بمظهر المتنمرة خلال المناظرة". 

وتوقع زغبي، أن يواجه ترمب صعوبة أكبر في بناء دعم جديد خلال المناظرة، وأن يركز بدلاً من ذلك على توجيه "الهجمات ضد هاريس"، متوقعاً أن يحاول ترمب إقناع الشباب الذكور بأنه يدعم "الأدوار التقليدية للرجال في عالم يتغير بسرعة"، مع التركيز على قضايا مثل" التحولات الأسرية والأدوار الجندرية، وحقوق المتحولين جنسياً، ومع ذلك، سيكون من الصعب على ترمب فعل ذلك دون إبعاد الناخبين المعتدلين، ما يجعله يعتمد بشكل أساسي على الهجمات". 

وقال كوري كراولي، المحلل الاستراتيجي الجمهوري، في حديثه لـ"الشرق"، إن الرهانات ستكون أعلى بالنسبة لهاريس، مقارنة بترمب خلال المناظرة، إذ شهد الجمهور الأميركي ترمب في المناظرات كمرشح رئاسي عدة مرات من قبل، بينما يتعين على هاريس تقديم نفسها للناخبين، والدفاع عن سجل إدارة بايدن وعرض رؤيتها للمستقبل. 

وتوقع روبرت أرليت، أن تركز هاريس على شخصية ترمب ومعاركه القانونية المستمرة، بما في ذلك حادثة "التمرد" في الكابيتول في 6 يناير، وفشل إدارته الاقتصادية أثناء تفشي جائحة كورونا.

وتوقعت كريستينا كاريكا هالي، الاستراتيجية الديمقراطية، أن تواجه هاريس "ضغوطاً إضافية تتعلق بمظهرها وأسلوب تواصلها"، وهي "ضغوط لا يواجهها نظراؤها من الذكور بنفس القدر".

وأضافت: "هاريس تواجه تحدياً إضافياً، وهو الحاجة المستمرة لتحديد مواقفها السياسية تحت مجهر أكبر من التدقيق، ما يجعل هذه المناظرة حاسمة لتوضيح تفاصيل سياساتها". 

وفي ذات السياق، قال داني وايس، والذي كان رئيس موظفي رئيسة مجلس النواب سابقاً نانسي بيلوسي، إن "هاريس ستستغل نقاط ضعف ترمب، مع التركيز على قضايا مثل الإجهاض وسياسات ترمب الاقتصادية التي تدعم الأثرياء على حساب الطبقة الوسطى". 

وأشار وايس إلى أن ترمب، إذا كان ذكياً، فربما يسلط الضوء على مواقف هاريس السابقة بشأن "إنفاذ القانون وغيرها من القضايا التي كانت تتبنى فيها وجهة نظر تقدمية أكثر مما تعبر عنه الآن". 

فرص ترمب وهاريس في المناظرة

دان رينيه، مستشار الاتصالات الاستراتيجية، توقع أن تجد هاريس في المناظرة "فرصة نادرة" لإظهار قدرتها على "التعامل مع المواقف غير المعدة مسبقاً وعالية المخاطر، وهي فرصة قد تساعد في تقييم عمق آرائها وتفاعلها مع الأسئلة غير المتوقعة". 

واعتبر رينيه أن التردد الذي تظهره هاريس في التعامل مع الإعلام ربما ينظر إليه على أنه "نقص في الشفافية"، ما يجعل المناظرة فرصة لتوضيح مواقفها بشكل أكثر وضوحاً. 

وأبدى جون زغبي، خبير استطلاعات الرأي، موافقته على هذا الرأي، مشيراً إلى أن العديد من الناخبين الأميركيين لا يعرفون هاريس بشكل جيد، لذا فإن الضغط الحقيقي يقع عليها خلال المناظرة.

وأضاف أن هاريس ستحاول جذب عدة فئات من الناخبين، بما في ذلك النساء الأصغر سناً والناخبين من أصول إفريقية، الذين يعتبرون مفتاحاً لفوزها. كما ستحتاج إلى طمأنة المعتدلين بأنها ليست "اشتراكية"، وهو ما سيركز عليه ترمب خلال المناظرة.

من جهته، أشار دان رينيه إلى أن التحدي بالنسبة لترمب يكمن في "الحفاظ على انضباطه خلال المناظرة"، مع التركيز على القضايا الأساسية التي يتفوق فيها.

وقال: "يجب على ترمب أن يذكّر الناخبين بالازدهار الذي شهدته البلاد أثناء رئاسته، وتفادي محاولات هاريس المحتملة لاستدراجه إلى هجمات شخصية، إذا تمكن ترمب من الحفاظ على تركيزه على السياسات، وتجنب الانجرار إلى الجدالات الشخصية، فربما يتمكن من جذب الناخبين المترددين عبر استحضار ذكريات الاقتصاد القوي تحت قيادته". 

كوري كراولي، الاستراتيجي الجمهوري، اعتبر أن الفرصة ستكون في صالح ترمب خلال المناظرة، لكن يتعين عليه "تذكير الناخبين بأن الحدود كانت أكثر أماناً في عهده"، وأن أسعار الفائدة كانت أقل بكثير، وتكلفة السلع كانت أقل، رسالته يجب أن تكون أن "الحياة كانت أفضل تحت إدارته، وأن العالم كان أكثر أماناً". 

وأشار كراولي إلى أن ترمب "يجب أن يبقى مركزاً على رسالته"، وأن "يبدو كرئيس، وفي حال أهان هاريس عرضياً، فإن ذلك قد يُغفَل عنه من قبل الأغلبية، ويُقدَّر من أنصاره، ولكن لا ينبغي أن تكون الإهانات هي الجزء الرئيسي من حديثه، يجب عليه تقديم إجابات واضحة ومختصرة وتجنب الحديث المطول دون فائدة". 

وذكرت كريستينا كاريكا هالي، الاستراتيجية الديمقراطية، أن الاستراتيجية الاقتصادية، التي أعلنت عنها هاريس مؤخراً توفر "فرصة مزدوجة"، إذ تعزز الروابط مع العمال النقابيين من خلال السياسات المؤيدة للعمال، وفي الوقت نفسه تقدم حلولاً عملية لـ"الطبقة الوسطى" مثل "الإعفاءات الضريبية والإسكان الميسر"، هذا سيمكنها من مخاطبة كلا الجانبين من "الطيف الاقتصادي بطريقة تجذب الناخبين الرئيسيين". 

ولفتت هالي إلى أن المناظرة توفر فرصة لهاريس لتقديم نفسها كقائدة براجماتية تركز على الاستقرار، ما يتماشى مع الناخبين الذين يفضلون "الحكم الفعّال على المعارك الأيديولوجية". 

استطلاعات الرأي: لمن تميل الكفة؟ 

وأظهر استطلاع راي لصحيفة "نيويورك تايمز" بالتعاون مع "سيينا كوليدج"، الأحد، تقدم ترمب على هاريس بنقطة مئوية واحدة، مع دخول الانتخابات مراحلها النهائية.

وأظهر الاستطلاع أن نسبة دعم ترمب بلغت 48% مقابل 47% لهاريس، ضمن هامش خطأ يبلغ 3 نقاط مئوية.

وأفاد الاستطلاع بأن 56% من الناخبين المسجلين يقولون إن "ترمب سيتعامل بشكل أفضل مع الاقتصاد"، بينما يصنف 51% من الناخبين الظروف الاقتصادية الحالية على أنها "سيئة".

وأظهر الاستطلاع أن الناخبين يشعرون بأنهم يحتاجون لمعرفة المزيد عن هاريس، وأن رأيهم في ترمب محدد إلى حد بعيد.

وفي استطلاع رأي أجرته شبكة CBS News، بالتعاون مع مؤسسة "يوجوف"، جاء السباق متقارباً بين ترمب وهاريس في ولايات ميشيجان وبنسلفانيا وويسكونسن المتأرجحة.

وأظهر استطلاع وطني أجرته "كلية إيمرسون"، أن هاريس تتصدر السباق بنسبة 49% من الدعم، متفوقةً على ترمب الذي حصل على 47% بين الناخبين الأميركيين المحتملين. في المقابل، لا يزال 3% من الناخبين مترددين، بينما يخطط 1% للتصويت لمرشح آخر. 

وتتطابق هذه النتائج مع استطلاع آخر أجرته "كلية إيمرسون" في الأسبوع الأخير من أغسطس 2020، حين كان جو بايدن متقدماً بنقطتين على ترمب، وحصل بايدن على 49% وترمب على 47%. 

وفي تصريح للمدير التنفيذي لـ"كلية إيمرسون"، على موقع الكلية، اعتبر أن السباق الرئاسي الأميركي لعام 2024 يبدو مشابهاً لانتخابات 2020، إذ تقلص تقدم الديمقراطيين من 4 نقاط إلى نقطتين في استطلاعات الرأي أواخر سبتمبر.  

من جانبه، أشار زغبي إلى أنه لا يتوقع تحسن أرقام ترمب في استطلاعات الرأي بعد المناظرة، بينما سيكون التركيز على ما إذا كانت هاريس، ستشهد صعوداً أو هبوطاً في شعبيتها.

ووفقاً لمتوسط الاستطلاعات المنشورة عبر موقع "ريل كلير بوليتيكس"، تتقدم هاريس على منافسها الجمهوري بفارق 1.8% على المستوى الوطني، إذ تحظى بدعم 48.3% من الناخبين في الاستطلاعات الأخيرة، بينما قال 46.5% منهم إنهم سيصوتون لترمب.

تصنيفات

قصص قد تهمك