تشهد الساحة السياسية الأميركية، بعد مرور 3 سنوات على الانسحاب الفوضوي للولايات المتحدة من أفغانستان، موجة جديدة من الانتقادات والهجمات المضادة بين الديمقراطيين والجمهوريين، بشأن من يتحمل مسؤولية هذا "الفشل"، وذلك مع اقتراب موعد الانتخابات في نوفمبر.
بحسب مجلة "بوليتيكو"، تتواصل هذه المعركة من خلال تحقيقات بالكونجرس ومداخلات على قنوات الأخبار وتصريحات من وكلاء الحملات الانتخابية، حيث يشتد الجدل حول من يتحمل مسؤولية "الفشل في أفغانستان".
وأطلق الجمهوريون تحقيقاً جديداً خلال عطلة نهاية الأسبوع، جاء بتوقيت ملائم لحملة الرئيس السابق دونالد ترمب قبل المناظرة التي ستجري الثلاثاء، يوجه اللوم بشكل مباشر للرئيس جو بايدن والمرشحة الديمقراطية كامالا هاريس، على طريقة انسحاب الولايات المتحدة من أفغانستان.
وقال النائب الجمهوري مايكل مكول الذي قاد التحقيق ورئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب: "إن استسلام الإدارة دون شروط وتخليها عن حلفائنا الأفغان الذين قاتلوا إلى جانب الجيش الأميركي ضد طالبان هو وصمة عار على هذه الإدارة.. سأستخدم كل أداة في جعبتي لإجبار كلا الرجلين على تحمل المسؤولية عن الفشل الكارثي الذي تسببت فيه قراراتهما".
وظهر ماكول على الشبكات الإخبارية والإذاعات لتسليط الضوء على نتائج تحقيقه الذي استمر 3 سنوات، بينما لا يزال المتحدثون باسم حملة ترمب يتفاخرون بعلاقات الرئيس السابق مع عائلات "جولد ستار" لأفراد الجيش الأميركي الذين سقطوا في أفغانستان، رغم الجدل المحيط بزيارته الأخيرة لمقبرة "أرلينجتون" الوطنية.
رسالة من قادة عسكريين
بدورها، أصدرت وزارة الخارجية الأميركية رداً مطولاً على تقرير ماكول، متهمة الأغلبية الجمهورية في مجلس النواب خلال تحقيقها بـ "إصدار بيانات حزبية، وانتقاء الحقائق، وحجب الشهادات عن الشعب الأميركي، والتعتيم على الحقيقة بالاعتماد على التكهنات"، قائلة: "لن نقف مكتوفي الأيدي بينما يتم استخدام الوزارة وموظفيها لتعزيز أجندات حزبية".
ورداً على ذلك، أطلق 10 من كبار القادة العسكريين الأميركيين السابقين رسالة مفتوحة، الاثنين، يدافعون فيها عن مؤهلات هاريس في السياسة الخارجية، ويتهمون ترمب بنهج "فوضوي" تجاه أفغانستان أعاق خيارات إدارة بايدن للانسحاب، عندما تولت الحكم.
وقال راندي مانر، وهو جنرال متقاعد في الجيش الأميركي وأحد الموقعين على الرسالة: "لقد رأينا أن من المهم كتابة هذه الرسالة، لأننا أردنا مواجهة الأكاذيب التي تروج لها حملة ترمب والمشرعون الجمهوريون بشأن أفغانستان".
وبالنسبة للجمهوريين، فإن مجرد إعادة مسألة الانسحاب من أفغانستان إلى دائرة الأخبار يعد انتصاراً، حيث يسلط الضوء على واحدة من أبرز إخفاقات السياسة الخارجية الأميركية التي حدثت خلال فترة حكم الرئيس الأميركي جو بايدن، بغض النظر عن مكان الخطأ في المرحلة الأخيرة من الحرب.
موضوع نقاش في المناظرة
وعندما يواجه ترمب وهاريس بعضهما البعض، الثلاثاء، فإن عودة أفغانستان إلى الدورة الإخبارية السياسية يجعل من المرجح أن تكون موضوعاً مطروحاً للنقاش.
وليس واضحاً ما إذا كانت هاريس ستقاتل وتنتقد ترمب بشأن استراتيجيته الخاصة بأفغانستان خلال المناظرة، أم ستحاول تحويل الحوار إلى قضايا أخرى تتعلق بالسياسة الخارجية.
وكانت حملة هاريس كشفت عن قسم سياسة جديد على موقعها الإلكتروني قبل المناظرة، بما في ذلك قسم عن السياسة الخارجية، تؤكد فيه أن هاريس "جاهزة لتكون القائد العام منذ اليوم الأول"، ويتضمن الإعلان أدوار هاريس في روسيا وأوكرانيا ومنطقة المحيطين الهندي والهادئ وإسرائيل وغزة وحلف الناتو، لكن لا يحتوي على أي إشارة إلى أفغانستان.
وتقوم حملة هاريس بمهاجمة المرشح الرئاسي الجمهوري في مجال الأمن القومي بإعلان حملة جديد يتضمن تصريحات لمسؤولين كبار سابقين في إدارة ترمب، مثل وزير الدفاع السابق مارك إسبر، يقولون فيها إنه "غير مؤهل ليكون القائد العام".
لكن هاريس تواجه تحدياً بين إظهار أنها كانت لاعبة رئيسية في قرارات السياسة الخارجية خلال السنوات الأربع الماضية، دون أن تتعرض لانتقادات بشأن كيفية تنفيذ بعض تلك القرارات التي اتخذها بايدن.
ويزداد الجمهوريون في تركيزهم على دور هاريس في السياسة، إذ قالت الناطقة باسم حملة ترمب، كارولين ليفيت في بيان: "سيُذكر الانسحاب من أفغانستان كواحد من أكثر اللحظات إحراجاً في تاريخ أميركا، وكل ذلك بفضل عدم كفاءة كامالا".
ويرد الديمقراطيون بأن ترمب هو من هيأ الأجواء للانسحاب الفوضوي قبل مغادرته منصبه، وأن فريق بايدن اتخذ في النهاية القرار الصحيح بإنهاء حرب لا نهاية لها والتركيز على تهديدات أكبر مثل روسيا والصين.
وقال النائب الديمقراطي جايسون كرو: "لم يعد الأميركيون يقاتلون ويموتون في أفغانستان، ونحن الآن لا ننفق عشرات المليارات من الدولارات شهرياً للقتال في حرب لا يمكن الانتصار فيها".
وكان ترمب قد حدد في الأصل موعداً نهائياً لسحب جميع القوات الأميركية من البلاد في عام 2021، وذلك كجزء من اتفاق مع حركة طالبان تضمن أيضاً الإفراج عن 5 آلاف مقاتل من الحركة من السجون، إذ انتقد بايدن الاتفاق، لكنه التزم بخطة الانسحاب الكامل بعد انتخابه.