عقب إعلان بنك الاحتياطي الفيدرالي عن خفض أسعار الفائدة بمقدار نصف نقطة مئوية لأول مرة منذ أكثر من أربعة أعوام، يوم الأربعاء، يقدم المستشارون الماليون بعض النصائح المالية لك، والتي من بينها: تجنب أسهم قطاع التكنولوجيا، وتقليص السيولة النقدية، واستشكاف الفرص المتاحة في سوق الإسكان، إذ يشكل هذا الخفض تحولاً كبيراً في السياسة النقدية لأكبر اقتصاد في العالم، ويأتي بعد فترة طويلة من إبقاء تكاليف الاقتراض مرتفعة لكبح التضخم.
وفي النقاط التالية سنعرض كيف يمكن أن يؤثر هذا القرار على أموالك؟ وبعض التغييرات المتوقعة، وما يمكنك فعله حيالها، كالآتي:
تحقق من استثماراتك في أسهم التكنولوجيا
يشعر المستثمرون الأفراد هذا العام بالقلق المستمر، متسائلين: هل حان الوقت لتقليص استثماراتهم في أسهم شركات التكنولوجيا التي شهدت ارتفاعات كبيرة وتنويع محفظة استثماراتهم في قطاعات أخرى؟
شهدت أسهم مجموعة "العظماء السبعة"، التي تشمل "أبل" و"إنفيديا"، ارتفاعات هائلة، إذ قفزت أسهم "إنفيديا" بأكثر من 130% هذا العام.
وساهم قطاع التكنولوجيا في تعزيز مؤشر "ستاندرد آند بورز 500" حتى في ظل المخاوف الاقتصادية العامة، ومع انخفاض أسعار الفائدة، يعد هذا الوقت جيداً للمستثمرين للتفكير في إعادة توجيه استثماراتهم نحو قطاعات أخرى غير التكنولوجيا، وفقاً لجيريمي كيل، المستشار المالي في "كيل فاينانشال بارتنرز" (Keil Financial Partners).
وأوضح كيل: "ربما تكون الفرصة الحالية هي الأفضل لإعادة التوازن للسوق منذ وقت طويل"، مشيراً إلى أن مؤشرات الأسهم الرئيسية مثل "إس آندر بي 500" أصبحت تركز بشكل كبير على قطاع التكنولوجيا. وأضاف: "إذا كنت تخطط لإعادة التوازن إلى محفظتك، فافعل ذلك عندما تكون السوق في حالة ارتفاع".
لكن أين يمكن إعادة التوازن؟
تعتقد كاتي نيكسون، كبيرة مسؤولي الاستثمار في "نورثرن تراست ويلث مانجمنت" (Northern Trust Wealth Management)، أن هناك فرص نمو محتملة في بعض القطاعات التي تخلفت عن الركب خلال موجة صعود السوق هذا العام، مثل أسهم الشركات ذات رؤوس الأموال الصغيرة.
وعادةً ما يتأثر أداء الشركات الصغيرة سلباً في البيئات التي تتسم بارتفاع أسعار الفائدة، نظراً لتحملها ديوناً أعلى من الشركات الكبيرة، ووسط اعتمادها بشكل أكبر على القروض ذات الفائدة المتغيرة، وقد يؤدي التمويل الأرخص وتحسن الأرباح إلى تعزيز أداء أسهمها.
العوائد النقدية
استفاد المستثمرون الذين يتجنبون المخاطرة، ويعتمدون على السيولة النقدية من ارتفاع أسعار الفائدة إلى أعلى مستوياتها منذ عام 2001، إذ أتاحت حسابات الادخار ذات العوائد المرتفعة وشهادات الإيداع، التي قدمت في بعض الأحيان فوائد تتجاوز 5%، وسيلة مضمونة لتحقيق عوائد جيدة دون تحمل مخاطر تُذكر، لكن هذه الفترة توشك على الانتهاء مع التوجه نحو خفض الفائدة.
وفي هذا الصدد، أوضح بيتر لازاروف، كبير مسؤولي الاستثمار في شركة إدارة الثروات "بلانكورب" (Plancorp)، أن "هناك فترات قليلة عبر التاريخ يكون فيها النقد هو الفئة المهيمنة بين الأصول.. لكن يبدو أن الوقت قد حان لإعادة تقييم الخيارات وسط انخفاض الفائدة".
من المهم أن تتذكر أن البنك لن يخبرك بالضرورة بانخفاض العائد السنوي على حسابات التوفير ذات الفوائد المرتفعة، وبناءً على ذلك، ينصح بيرك سيستوك، مخطط مالي لدى "رايترمنت ويلث بارتنرز" (Rightirement Wealth Partners)، بضرورة التحقق من هذا الأمر بشكل شهري.
استثمارات الدخل الثابت
إلى جانب فائدة الحسابات الادخارية، استفاد المستثمرون في سندات الخزانة شديدة الأمان خلال سنوات ارتفاع أسعار الفائدة. ولكن الآن بعد اتجاه أسعار الفائدة نحو الانخفاض، فإن مثل هذه الاستثمارات، وخاصة تلك ذات آجال الاستحقاق القصيرة، تواجه "خطر إعادة الاستثمار".
وهذه المشكلة تنشأ عندما يحين موعد استحقاق مثل هذه الأوراق المالية في وقت تكون فيه العوائد أقل مما كانت عليه من قبل. وتكون هذه المشكلة أقل تأثيراً على المستثمرين الذين يحتفظون بسندات الخزانة لأجل 10 سنوات و30 عاماً التي تتمتع حالياً بعوائد أعلى من السوق.
لتحقيق عوائد أعلى على استثمارك، يمكنك التفكير في تحويل أموالك من الاستثمارات ذات السيولة النقدية، إلى السندات التي تصدرها الشركات وسندات البلديات، كما قالت لورين جودوين، الخبيرة الاقتصادية وكبيرة المحللين الاستراتيجيين للسوق في شركة "نيويورك لايف انفستمنتس" (New York Life Investments).
وأضافت: "تدفع مثل هذه السندات (التي تصدرها الشركات أو البلديات)، حتى لو كانت ذات تصنيف ائتماني عالٍ، علاوة فوق عوائد سندات الخزانة، والتي تعتبر أدوات الدين الأكثر أماناً كونها مدعومة بالثقة الكاملة والائتمان من حكومة الولايات المتحدة".
لكن في مقابل تلك المخاطر، فإن تلك السندات غير الحكومية (التي تصدرها الشركات والبلديات) تقدم عوائد مرتفعة مقارنة بالتي تقدمها الحسابات الادخارية البنكية في الأشهر المقبلة.
قال صامويل نوفزينجر، المدير العام للوساطة في منصة الاستثمار "بابليك"( Public)، إنه يرى بالفعل أن العملاء يبتعدون عن حسابات التوفير ذات الفائدة المرتفعة نحو سندات الشركات والتي لا تزال قادرة على توفير عوائد تتراوح بين 6-7%.
تعزيز الإسكان
عندما تتراجع أسعار الفائدة، تنخفض تكلفة اقتراض الأموال، بما في ذلك لأجل شراء العقارات، وقد أبقت أسعار الفائدة المرتفعة العديد من المشترين والبائعين خارج سوق الإسكان.
كان الاقتراض مكلفاً للغاية بالنسبة للعديد من المشترين، وكان البائعون مترددين في التخلي عن القروض العقارية الرخيصة التي حصلوا عليها في فترة انخفاض أسعار الفائدة، حتى قبل خفض أسعار الفائدة، كانت أسعار الرهن العقاري تتجه إلى الانخفاض نحو مستويات غير مسبوقة منذ عام 2023.
قال بعض خبراء العقارات إن فترة بدء خفض أسعار الفائدة من جانب الاحتياطي الفيدرالي قد تكون فرصة جيدة للأشخاص المستعدين لاتخاذ قرار الشراء، إذ تتجه فائدة الرهن العقاري نحو الانخفاض، لكن أسعار المنازل لم ترتفع بعد في سوق العقارات التي ظلت منخفضة النشاط فعلياً لفترة طويلة.
مع ذلك، ينبه المستشارون أن انخفاض تكلفة الاقتراض يجب أن يكون أحد العوامل فقط عند حساب تكلفة شراء منزل. وقد تؤدي أسعار الفائدة المنخفضة إلى زيادة المنافسة في السوق، مما يرفع الأسعار، ويقلل من الفائدة الإجمالية التي يحققها المشتري من الحصول على قرض عقاري منخفض الفائدة.
قال سيستوك من "رايترمنت ويلث بارتنرز": "يتعين على الشخص عند شراء منزل أن يركز على الأسباب العائلية، بدلاً من التركيز فقط على انخفاض أو ارتفاع معدل الفائدة".
السيارات والبطاقات
بخلاف القروض العقارية، ينبغي أن تساعد أسعار الفائدة المنخفضة أيضاً الأشخاص الذين يقترضون لشراء أشياء أخرى، إذ واجه المستهلكون صعوبات في السنوات الأخيرة للحصول على قروض السيارات، وذلك جزئياً بسبب ارتفاع أسعار الفائدة.
يتأثر تمويل شراء السيارات بمجموعة من العوامل، بما في ذلك السعر والنوع وقيمة الدفعة المقدمة وسعر فائدة التمويل الذي يحدده بنك الاحتياطي الفيدرالي. من شأن انخفاض سعر الفائدة أن يساعد، على الأقل في تحسين شروط التمويل.
كما ارتفعت أرصدة بطاقات الائتمان في الآونة الأخيرة. قد يتمكن الأشخاص الذين يواجهون صعوبة بسبب ارتفاع معدلات الفائدة من دمج ديونهم وسدادها باستخدام قروض الرهن العقاري ذات الفائدة المنخفضة، وفقاً لما ذكره المستشار غريغ كورنيل من "تشويس ويلث مانجمنت"( Choice Wealth Management).