اتهامات بارتباطات مشبوهة مع بكين وتحويلات مالية ضخمة وخرق للبروتوكول

تحقيقات أميركية تطال شركات ناشئة بدعوى "علاقات غامضة" مع الصين

عملاء مكتب التحقيقات الفيدرالي FBI في نيويورك. 1 نوفمبر 2017 - REUTERS
عملاء مكتب التحقيقات الفيدرالي FBI في نيويورك. 1 نوفمبر 2017 - REUTERS
دبي -الشرق

ألقت السلطات الأميركية القبض على مالك شركة Done Global، وهي شركة ناشئة للرعاية الصحية عن بعد، ومقرها في ولاية كاليفورنيا والمسؤولة عن إنتاج حبوب Adderall، على خلفية اتهامات بروابط للشركة مع الصين، وذلك في سياق حملة تقودها واشنطن ضدّ اختراق بكين للسوق الأميركية.

ونقلت "وول ستريت جورنال" أن الشركة قامت بتوزيع وصفات طبية لحبوب Adderall، وهو دواء موصوف لاضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط ADHD، "بطريقة مشبوهة"، مشيرة إلى أنه بعد تحقيق استمر عامين، ألقت السلطات القبض على المؤسسة،  روثيا هي، في يونيو الماضي، واتهمتها وستة آخرين بالتآمر لتوزيع مواد خاضعة للرقابة.

وذكرت الصحيفة الأميركية، أن مؤسسة الشركة، وهي مواطنة صينية، تم سجنها لمدة 3 أشهر، وأشار القاضي إلى وجود خطر كبير من فرارها من البلاد. وأُطلق سراحها الأسبوع الماضي، بشرط أن تظل قيد الإقامة الجبرية مع حارسين على مدار الساعة. وقد دفعت ببراءتها.

بحلول نهاية عام 2022، قام الموظفون في جميع أنحاء الصين بتهميش موظفي الشركات الأميركية وتولي المزيد من السيطرة على الاستراتيجية والعمليات، وبدأوا في توجيه السياسات الرئيسية.

خرق البروتوكولات

وأشارت "وول ستريت جورنال"، إلى أن معظم الأطباء السريريين للشركة، الذين يتمركزون في الولايات المتحدة ويكتبون الوصفات الطبية، هم من المتعاقدين غير الموظفين. قالوا إنهم أبلغوا المشرفين الأميركيين ولم يكونوا على علم بأن التوجيهات السياسية كانت صادرة من الموظفين في الصين.

وخططت مالكة الشركة للفرار إلى هونج كونج، وفق الصحيفة الأميركية، قبل أن توقفها السلطات. في رسائل نصية مع رئيس فريق Done في الصين، يوي وانج، ناقشت الفرار من الولايات المتحدة لتجنب الاعتقال، وفتح حسابات مصرفية أجنبية وأي الدول لديها معاهدات تسليم، كما يزعم المدعون.

وكشفت الصحيفة أن الشركة نقلت 6.6 مليون دولار إلى كيانات في الصين وهونج كونج منذ تأسيسها، وفقاً لسجلات المحكمة، بما في ذلك ما يقرب من 1.5 مليون دولار تم تحويلها هذا العام إلى كيان جديد يسمى MakeBelieve Asia.

وتم توجيه الاتهام إلى 5 موظفين آخرين في Done؛ أقر أربعة منهم بالذنب، ويتعاونون مع التحقيق الفيدرالي، بينما أقر واحد بأنه غير مذنب.

وذكرت "وول ستريت جورنال" أن شركة Done كان لديها عشرات الآلاف من المستهلكين لحبوب Adderall. بعد ساعات من اعتقال مالكة الشركة، أصدرت مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها CDC، تحذيراً صحياً عاماً يحذر من أنه إذا فقد مرضى Done الوصول إلى الأدوية، فقد يلجأون إلى منتجات مقلدة خطيرة.

وأضافت أن المنشطات التي تقدمها الشركة يمكن أن تكون لها فوائد كبيرة للأشخاص المصابين باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه. لكن أطباء Done لم يقضوا الوقت الذي يقول الخبراء إنه ضروري لتشخيص الحالة بشكل صحيح، وأحياناً يكتبون وصفات طبية بعد مواعيد عبر الإنترنت لا تتجاوز 10 دقائق.

وتصنف حكومة الولايات المتحدة المنشطات مثل Adderall كمواد خاضعة للرقابة في نفس فئة أوكسيكونتين وغيره من المواد الأفيونية؛ بسبب إمكانية إساءة استخدامها.

وأظهرت التحقيقات، أن مالكة الشركة أمضت عاماً في الصين بدءاً من خريف عام 2021، حيث أدارت الشركة عن بُعد. عادت إلى الولايات المتحدة قبل انتهاء صلاحية بطاقتها الخضراء. أثناء وجودها في الصين وبعد عودتها، أضافت موظفين في بكين وشنغهاي وهانجتشو وتشنجدو ومدن أخرى.

سيطرة صينية

وتولى هذا الفريق مزيداً من السيطرة على التوظيف والهندسة والإعلان والقانون والاستراتيجية وحتى السياسات السريرية. اختفت المزيد من عمليات Done عن أعين العمال الأميركيين لأن العمال الصينيين أجروا أعمالهم عبر خدمة الرسائل الصينية WeChat، بدلاً من Slack، التي كانت تستخدمها الشركة بأكملها.

كما دفعت الشركة أطبائها لتجديد وصفات المرضى بسرعة، ولكنها لم تدفع لهم لإجراء زيارات فيديو متابعة معهم. استجاب العديد من الأطباء ببساطة لطلبات إعادة التعبئة التلقائية التي قدمها المرضى عبر تطبيق Done، وكسبوا حوالي 9 دولارات لكل مريض شهرياً، فيما يوصي الخبراء برؤية المرضى الذين يتناولون المنشطات كل بضعة أشهر.

ويدير بعض أطباء Done آلاف المرضى، ويوافقون على إعادة تعبئة الوصفات الطبية في أقل من 45 ثانية، وفقاً لأطباء Done والوثائق التي راجعتها "وول ستريت جورنال". حقق العديد منهم أكثر من 10 آلاف دولار شهرياً. كان أعلى دخل لدى Done في مايو الماضي، حققته ممرضة ممارسة من كاليفورنيا تدعى إليزابيث شابارد، لديها أكثر من 3000 مريض، وكسبت 43 ألف دولار.

وفي سياق مواجهة الارتباطات الصينية بالسوق الأميركية، يجري مكتب التحقيقات الفيدرالي FBI، تحقيقاً بشأن ما إذا كان أحد صناديق رأس المال الاستثماري الأميركي، الذي استخدم أموالا صينية ليصبح أحد المستثمرين الأوائل الأكثر إنتاجية في وادي سيليكون، قد سمح لبكين بالحصول على الأسرار التجارية الخاصة بالشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا.  

وكانت شركة "Hone Capital"، ومقرها كاليفورنيا، والتي بدأت أعمالها في عام 2015 برأس مال أولي قدره 115 مليون دولار، حصلت عليه من مجموعة أسهم خاصة صينية، استثمرت في 360 شركة ناشئة أميركية في مجال التكنولوجيا في أقل من 3 سنوات، وتضمنت استثماراتها الاستحواذ على حصص في شركة Cruise لصناعة السيارات ذاتية القيادة، ومنصة المدفوعات Stripe، وشركة Boom المتخصصة في هندسة الفضاء.

وقال العديد من الأشخاص المطلعين على الأمر عن كثب لصحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية، إن مكتب التحقيقات الفيدرالي يحقق في ما إذا كانت Hone Capital حصلت على معلومات عن التكنولوجيا أو التمويل أو عملاء الشركات الناشئة لصالح مالكها، الذي يتخذ من بكين مقراً له، أو لصالح السلطات الصينية.  

وأجرى عملاء مكتب التحقيقات الفيدرالي مقابلات مع أفراد عملوا في أو مع Hone Capital، خلال العام الماضي، كما استجوبوا مؤسسي بعض الشركات الناشئة الذين حصلوا على استثمارات بشأن مخاطر انتقال ملكيتها الفكرية إلى بكين.   

وقال الأشخاص المطلعون على الأمر لـ"فاينانشيال تايمز"، إن Hone تخلت عن الكثير من ممتلكاتها منذ عام 2019، حيث قامت بنقل بعض حصصها إلى شركة أميركية أخرى تهيمن عليها الشركة الصينية الأم.

وذكر أشخاص مطلعون على تعاملات Hone للصحيفة البريطانية، أن الشركة لم يكن لديها القدرة على الحصول على معلومات حساسة من كثير من الشركات الناشئة التي استثمرت فيها، مثل Stripe.  

تمويل صيني 

كما شمل تحقيق مكتب التحقيقات الفيدرالي، واحدة من أكثر منصات الاستثمار شهرة في "سيليكون فالي"، وهي AngelList، التي تلقت 80 مليون دولار نقداً من Hone في الفترة بين عامي 2015 و2016.  

وفي المقابل، حصلت Hone على إمكانية الوصول إلى جميع صفقات اتحادات الممولين في نظامها، حيث يمكن للمستثمرين تجميع الموارد للاستثمار، وأقامت شراكة مع AngelList كأحد أكبر مستثمريها الخارجيين.  

وقال أحد المديرين التنفيذيين السابقين لصندوق الثروة السيادي، الذي اتصلت به Hone في عام 2018 بشأن فرص الاستثمار، إن Hone "انتقلت من شركة بلا اسم إلى المستثمر الأول في سيليكون فالي الذي يتمتع بحق الحصول على أي صفقة على منصة AngelList"، مؤكداً: "لم أر قط تمويلا كهذا".  

ونقلت "فاينانشيال تايمز" عن وثائق تمويلية، وأشخاص مطلعين على الأمر عن كثب، أن أموال Hone تأتي من مجموعة العلوم والتجارة لإدارة الاستثمارات CSC، وهي مجموعة أسهم خاصة صينية مقرها بكين تأسست في عام 2000، ويقودها الرئيس التنفيذي ورئيس مجلس الإدارة الملياردير شان شيانج شوانج.  

وتدفقت أموال CSC عبر كيانات في شنغهاي وجزر كايمان، إلى العديد من الصناديق المسجلة في ديلاوير، والتي عملت في بالو ألتو، وتضمنت Hone وCSC International وCSC Upshot Ventures.  

وقامت CSC بتحويل 215 مليون دولار إلى كياناتها الأميركية في الفترة بين عامي 2015 و2018، والتي تم توزيعها في ذلك الحين على 360 شركة ناشئة، واستخدمت كرافعة مالية لتأمين تمويل محفظة عقارات ضخمة.

وتصف المجموعة التي تتخذ من بكين مقراً لها نفسها بأنها "واحدة من أولى شركات استثمار الأسهم الخاصة وإدارة الصناديق التي تتعامل بالرنمينبي والمعتمدة من الحكومة الصينية". وتم شطبها قسراً من سوق الأسهم الصينية NEEQ في عام 2018 على خلفية خرق لوائح الأوراق المالية.

وأثار أحد الأشخاص الذين قابلهم مكتب التحقيقات الفيدرالي، فيما يتعلق بـ Hone المخاوف من أن CSC لديها إمكانية الوصول إلى الخوادم الأميركية الخاصة بـ Hone، ما يعني أن البيانات الواردة من الشركات التابعة للمحفظة ربما تم الوصول إليها من قبل المجموعة الصينية الأم.  

وبشكل منفصل، خاضت Hone ومجموعة CSC معارك قانونية ضد رئيسين تنفيذيين سابقين منذ عام 2020، حيث رفعت Hone دعوى قضائية ضد رئيستها السابقة في وادي سيليكون، فيرونيكا وو، التي عملت سابقا في الصين لدى شركات Tesla وMcKinsey وApple، إضافة إلى مديرتها المالية السابقة، بورفي غاندي، بتهمة الاحتيال وانتهاك واجباتهما الائتمانية.  

وبدورهما، نفت وو وغاندي هذه الادعاءات، وقامتا برفع دعوى قضائية لفرض حقوقهما في الحصول على حصة في أرباح Hone، قبل أن تتركا الشركة في عام 2020.  

تصنيفات

قصص قد تهمك