رفعت وكالة "فيتش ريتنجز" تصنيف مصر الائتماني إلى "B" من "B-"، بنظرة مستقبلية مستقرة، وقالت في تقريرها الصادر السبت إن موارد مصر الخارجية تلقت دعماً من الاستثمار الأجنبي في رأس الحكمة، وتدفقات غير المقيمين إلى سوق الديون، والتمويل الجديد من المؤسسات المالية الدولية، والذي توافر مع "تحسين إعدادات السياسات، بما في ذلك زيادة مرونة سعر الصرف وتشديد الظروف النقدية".
وأشارت "فيتش" إلى تعافي الاحتياطيات الأجنبية، مشيرة إلى أن لديها "ثقة أكبر إلى حد ما في أن سياسة سعر الصرف الأكثر مرونة سوف تكون أكثر استدامة مما كانت عليه في السابق".
وكالة التصنيف الائتماني أشارت إلى ارتفاع الاحتياطيات الأجنبية 11.4 مليار دولار في الأشهر التسعة الأولى من 2024، لتصل إلى 44.5 مليار دولار.
ورجحت أن يبلغ متوسط الاستثمار الأجنبي المباشر 16.5 مليار دولار خلال السنة المالية المنتهية في يونيو 2025 والسنة المالية 2026، مع استثمارات جديدة من السعودية، وفي رأس الحكمة. ولفتت إلى أن ذلك سيساعد في تمويل عجز الحساب الجاري، الذي اتسع بمقدار 4.2 نقطة مئوية في السنة المالية 2024 إلى 5.4% من الناتج المحلي الإجمالي، ورجحت أن يتقلص إلى 5.2% في السنة المالية 2025 وإلى 4% في السنة المالية 2026، "مقيداً بالتعافي الجزئي فقط لإنتاج الغاز، وانخفاض إيرادات قناة السويس".
مرونة سعر صرف الجنية المصري
وعن مرونة سعر صرف الجنية المصري، قالت "فيتش" إنه رغم "عدم توافر دليل على تدخل البنك المركزي في سوق الصرف" منذ خفض سعر الصرف الرسمي 38% في مارس، وعدم تباين سعر السوق الموازية، فإن "التعرض لصدمة خارجية من شأنه أن يشكل اختباراً أكبر لمدى التزام السلطات بقدر أكبر من المرونة". ولفتت إلى أنه في حين أنه من الممكن أن تكون تدابير إدارة الطلب على العملات الأجنبية قد ساهمت في التقلبات المنخفضة جداً مؤخراً، إلا "أننا لا نعتقد أن هناك اختلالًا كبيراً في العملة قد أدى إلى ذلك".
تجدر الإشارة إلى أن انخفاض مرونة سعر صرف الجنية المصري خاصة في الفترة الأخيرة دفعت مستثمرين لمطالبة ممثلي صندوق النقد الدولي في اجتماعات مغلقة حول مصر بالحصول على تفاصيل بشأن فترات ثبات سعر الصرف، وفق ما نشرته "بلومبرغ" الأسبوع الماضي. ومن المقرر أن تزور المديرة التنفيذية كريستالينا جورجييفا القاهرة حيث من المتوقع أن تستعرض بعثة الصندوق تقدم برنامج دعم البلاد البالغة قيمته 8 مليارات دولار.
أبلغ ممثلو صندوق النقد الدولي المستثمرين أن المقرض الذي يتخذ في واشنطن مقراً له، سيتناول مرونة العملة مع سلطات البلاد، وفق "بلومبرغ".
قالت كريستالينا جورجييفا، المديرة العامة لصندوق النقد الدولي، إنها منفتحة على تعديل أي برنامج بما يخدم الظروف على أفضل وجه. وأكدت أن "مصر ستكون في وضع أفضل إذا تم تنفيذ الإصلاحات عاجلاً وليس آجلاً".
تجدر الإشارة إلى أن خطوة "فيتش" يوم السبت تعتبر بمثابة أول رفع لتصنيف مصر الائتماني من قبل المؤسسة منذ مارس 2019.
في أكتوبر الماضي، أكدت وكالة "إس آند بي" للتصنيف الائتماني نظرتها المستقبلية لمصر عند "إيجابية"، وأبقت على تصنيفها للديون عند "B-/B". وأشارت في مراجعتها إلى أن التوقعات الإيجابية "تعكس إمكانية القيام بالمزيد من التحسينات في المواقف الخارجية والمالية لمصر. كما تعكس وجهة نظرنا بأن نظام سعر الصرف الجديد، المدفوع بقوى السوق، سيساعد في دفع نمو الناتج المحلي الإجمالي، وبمرور الوقت، يدعم توحيد الموازنة العامة".
في مايو الماضي، رفعت وكالة "فيتش ريتنجز" نظرتها المستقبلية لتصنيف مصر الائتماني إلى "إيجابية" من "مستقرة"، مدعومة بتراجع مخاطر التمويل الخارجي على المدى القريب بسبب الإجراءات الاقتصادية التي اتخذتها الدولة وصفقة "رأس الحكمة" مع الإمارات. أشارت وكالة التصنيف الائتماني حينها إلى أن قرارها جاء على خلفية "انخفاض مخاطر التمويل الخارجي على المدى القريب بشكل ملحوظ"، والانتقال إلى سياسة سعر صرف مرنة، وتشديد السياسة النقدية.
وفي تقريرها الصادر السبت، توقعت "فيتش" أن تنخفض المخاطر التي تتعرض لها المالية العامة بشكل معتدل من خلال التدابير الهادفة للحد من الاستثمار العام خارج الميزانية وتوسيع القاعدة الضريبية، في حين توقعت "انخفاضاً ملحوظاً في عبء فوائد الدين المحلي المرتفع للغاية في مصر".
وعن المخاطر الجيوسياسية في المنطقة، قالت "فيتش" إن المزيد من تصعيد الصراع الإقليمي يمثل "خطراً رئيسياً"، خاصة في صورة انخفاض عائدات قناة السويس والسياحة. وتوقعت أن تتعافى عائدات قناة السويس "بشكل تدريجي فقط في العام المالي 2026 إلى حوالي نصف مستويات السنة المالية 2023، مما يخفف المخاطر".
*هذا المحتوى من "اقتصاد الشرق مع بلومبرغ"