حظر تسليم اللاجئين إلى بلادهم ولجنة دائمة لشؤونهم تتبع رئيس مجلس الوزراء

مصر تقر أول قانون للاجئين.. حق التعليم والسفر ومنع النشاط السياسي والنقابي

لاجئون ومهاجرون يحضرون دورة يقدمها لاجئ يمني ومؤسس مبادرة لمساعدة اللاجئين الآخرين على رفع وعيهم ومعنوياتهم في القاهرة، مصر. 11 يونيو 2022 - REUTERS
لاجئون ومهاجرون يحضرون دورة يقدمها لاجئ يمني ومؤسس مبادرة لمساعدة اللاجئين الآخرين على رفع وعيهم ومعنوياتهم في القاهرة، مصر. 11 يونيو 2022 - REUTERS
القاهرة-أمير فتحيمحمود أبو بكر

وافق مجلس النواب المصري، الثلاثاء، على مشروع قانون تنظيم أوضاع اللاجئين في مصر، في ظل تدفق أعداد كبيرة منهم إلى البلاد بسبب التوتر الإقليمي، فيما أعربت منظمات حقوقية عدة عن رفضها للقانون، معتبرة أنه "يتعارض مع القانون الدولي والدستور المصري".

ومن المقرر أن يحيل المجلس، القانون إلى الرئيس عبد الفتاح السيسي، للتصديق عليه ليصبح نافذاً.

ويُعد مشروع القانون الذي قدّمته الحكومة، الأول من نوعه لتنظيم شؤون اللاجئين وطالبي اللجوء في مصر، خاصة بعد أن شكت القاهرة مراراً من عدم تناسب المساعدات الدولية المقدمة إليها، مع زيادة تدفق اللاجئين إلى أراضيها.

وينص القانون على تشكيل ما يُسمّى "اللجنة الدائمة لشؤون اللاجئين" تكون لها الشخصية الاعتبارية وتتبع رئيس مجلس الوزراء، ويكون مقرها الرئيسي في مدينة القاهرة، وتكون هي الجهة المختصة بكافة شؤون اللاجئين؛ بما في ذلك المعلومات والبيانات الإحصائية الخاصة بأعدادهم، وفق تقرير برلماني.

تبعية اللجنة لمجلس الوزراء أثارت حفيظة بعض المنظمات الحقوقية بشأن مدى استقلالية اللجنة، خاصة أن الحكومة هي التي تُموّلها، وبالتالي فإن أعضاءها "موظفون عموميون وليسوا مستقلين"، وهو ما يختلف عن الوضع القائم والذي تتولى فيه مفوضية شؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، بدرجة كبيرة، تنفيذ القوانين واللوائح المعنية بتحديد وضع اللاجئ في مصر، بغض النظر عن التوجه السياسي للحكومات المتعاقبة، بحسب بيان مشترك لمنظمات حقوقية مصرية.

رسمياً.. 800 ألف لاجئ فقط

يأتي إصدار هذا القانون بعدما استقبلت مصر أعداداً ضخمة من الوافدين خلال السنوات الماضية، بعد اندلاع العديد من الأزمات في سوريا، والعراق، والسودان، ولبنان، وأفاد تقرير لمجلس النواب المصري بأن مصر في المرتبة الثالثة عالمياً بين الدول الأكثر استقبالاً لطلبات اللجوء خلال عام 2023.

وسبق هذا التشريع، اجتماعات عدة للحكومة، لإجراء حصر لما تتحمله الدولة من تكلفة لرعاية الأجانب من مختلف الجنسيات، والذين تقدر الحكومة أعدادهم، بأكثر من 9 ملايين شخص من نحو 133 دولة يُمثّلون نسبة 8.7% من حجم سكان البلاد، وفق بيان صادر في أبريل الماضي.

في المقابل تشير مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إلى تسجيل أكثر من 800 ألف لاجئ فقط "يعيشون جنباً إلى جنب مع المجتمعات المضيفة، وهو دليل واضح على التزام مصر بمبدأ الميثاق العالمي بشأن اللاجئين بالسعي إلى إيجاد بدائل للمخيمات".

ويضع القانون، قواعد تنظيمية تمنح اللاجئ امتيازات وحقوقاً، وتفرض عليه الالتزام بالتشريعات المصرية، كما يُميز بين اللاجئ الذي تحول ظروف قهرية دون عودته لبلاده، والزائر الأجنبي الذي يُقيم في البلاد لأسباب متنوعة، من بينها العمل والدراسة.

وبموجب القانون، تفصل اللجنة في طلبات اللجوء، بالتنسيق مع المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، التابعة للأمم المتحدة"، وتنظر اللجنة في طلبات اللجوء، خلال 6 أشهر، لمن دخل البلاد بطرق مشروعة، وخلال سنة بحد أقصى لمن دخل البلاد بطرق غير مشروعة، و"يتمتع اللاجئ فور اكتسابه هذا الوصف بحقوق؛ منها الحق في الحصول على وثيقة سفر، وحظر تسليمه إلى الدولة التي يحمل جنسيتها، أو دولة إقامته المعتادة".

معايير اختيار موظفي اللجنة

منظمات حقوقية مصرية أعربت عن مخاوفها من القانون الجديد، وأصدرت 22 منظمة بياناً مشتركاً، تلقت الشرق نسخة منه، حذرت فيه من خطورة إصدار القانون.

وطرحت المنظمات الحقوقية أسئلة بشأن معايير اختيار وتدريب موظفين اللجنة المزمع تشكيلها للإشراف على عملية اللجوء، وكذلك المعايير التي ستستند إليها اللجنة في إصدار قراراتها، بجانب مدي استقلاليتها.

واعتبرت المنظمات أن القانون لم يأخذ بعين الاعتبار المشكلات الحقيقية التي يعاني منها اللاجئون في مصر، فبدلاً من أن ينص على تشجيع دمجهم في المجتمع والاستفادة من إمكانياتهم، اتجه إلى تقليص فرص الاندماج، وفرض عقوبات قاسية على أفعال غير واضحة، مثل "مخالفة الأمن العام والنظام العام"، أو ممارسة أي نشاط سياسي أو نقابي، متجاهلاًَ بذلك الحقوق السياسية التي يكفلها القانون الدولي للاجئين.

واتفق مع موقف المنظمات، المحامي المتخصص في قضايا اللاجئين أشرف ميلاد روكسي، قائلاً إن تشكيل اللجنة كان يجب أن يضم في عضويتها العديد من الفنيين أو ذوي الخبرة الفنية، ولا يقتصر فقط على موظفين من وزارات العدل، والخارجية، والداخلية، والمالية.

لكن روكسي رأى أن القانون أضاف مزايا جديدة، موضحاً لـ"الشرق": "القانون الجديد يعطي اللاجئين الحق في التعليم والحصول على وثائق سفر مثل تلك التي يحملها الفلسطينيون، وهي أمور لم تكن موجودة من قبل، ويضمن حق التعليم للأطفال اللاجئين، كما يضمن لهم الاحتكام إلى قانون الأحوال الشخصية الخاصة ببلادهم"، موضحاً أن وثيقة السفر لم تكن موجودة من قبل، فاللاجئ لم يكن يملك سوء جواز سفره الوطني، ولا يستطيع السفر من دونه.

تقنين الأوضاع

النائب طارق رضوان، رئيس لجنة حقوق الإنسان في مجلس النواب، قال إن اللائحة التنفيذية للقانون ستحدد معايير تشكيل اللجنة وأليات عملها وقراراتها، موضحاً أنها ستضم أعضاء من وزارات مثل الداخلية، والخارجية، والتضامن، والعدل، والمالية.

وقال رضوان، لـ "الشرق"، إن القانون يمثل العناوين العريضة في ما يخص شؤون اللاجئين، بينما تحتوي اللائحة التنفيذية على التفاصيل الأوضح والأوفى.

وقال رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي في المجلس، أحمد العوضي، إن القانون يهدف بالأساس إلى تقنين أوضاع اللاجئين في مصر في ظل التنامي الملحوظ في أعدادهم، خاصة مع ارتفاع حدة الصراعات والتوتر في بعض دول الجوار.

وأضاف لـ "الشرق" أن مصر يعيش بها نحو 9 ملايين أجنبي بينهم لاجئون لا يعيشون داخل معسكرات أو أماكن مغلقة كما يحدث في بعض الدول، لكن يعيشون بشكل طبيعي وأمن داخل المجتمع المصري.

وأشاد العوضي بالقانون لأنه "يضمن للاجئ حرية العمل، والتعليم، والاعتقاد، وممارسة الشعائر الدينية، والأنشطة الرياضية"، لكن محظور عليه ممارسة الأنشطة السياسية، موضحاً أن القانون يمنح اللاجئ حرية السفر خارج البلاد والعودة مثل باقي الأجانب المقيمين في مصر بشكل شرعي.

وأوضح أن القانون ينظم حقوق اللاجئين المختلفة والتزاماتهم، بالتعاون مع الجهات الدولية المعنية بشؤون اللاجئين، والتنسيق مع الجهات الإدارية في الدولة، من خلال تشكيل "اللجنة الدائمة لشؤون اللاجئين".

"ضيوف"

تحرص الحكومة المصرية على توصيف الـ 9 ملايين أجنبي لديها بأنهم "ضيوف الدولة"، يختلف وضعهم القانوني من شخص لآخر، ووفقاً لإحصاءات رسمية ينقسم الأجانب إلى لاجئين وهم الكتلة الأقل من بين جميع الأجانب، ويمثلون نحو نصف مليون لاجئ وطالب لجوء مسجلين لدى المفوضية العليا لشؤون اللاجئين في مصر، ويحصل هؤلاء من المفوضية على دعم مالي وقانوني محدود، كما تقدم المفوضية دعماً إلى قطاع الصحة الحكومي على هيئة مستلزمات طبية، وإلى قطاع التعليم في هيئة دعم مالي بناءً على عدد المدارس التي سجلت استقبالها للاجئين.

ويتبقى من الأجانب، الزوار والمقيمين بشكل مؤقت، أو المهاجرين الذين حاولوا توفيق أوضاعهم بطرق قانونية مختلفة للحصول على إقامة طويلة الأمد، ومن ثم الاندماج في المجتمع، ووفقاً لتصريحات رسمية فإن 60% منهم يقيمون في مصر منذ نحو 10 سنوات، منهم 37% يعملون في وظائف ثابتة وشركات مستقرة، ولا تحصل هذه الفئات على أي شكل من أشكال الدعم محلياً أو دولياً.

وتستضيف مصر لاجئين وطالبي لجوء مسجلين من 62 جنسية مختلفة، ومنذ أكتوبر 2023، أصبحت الجنسية السودانية الأكثر عدداً يليها الجنسية السورية، تليها بأعداد أقل جنوب السودان، وإريتريا، وإثيوبيا، واليمن، والصومال، والعراق، بحسب بيانات مفوضية اللاجئين.

وأفادت المفوضية، بأنه حتى 30 سبتمبر 2024، وصل عدد اللاجئين المسجلين لديها المفوضية إلى 503 آلاف و 993 لاجئاً من السودان و158 ألفاً و406 من سوريا، و 46 ألفاً و59 من جنوب السودان، و39 ألفاً و768 من إريتريا، و 18ألفاً و685 من إثيوبيا، و8661 من اليمن، و8476 من الصومال، و5719 من العراق، وأكثر من 54 جنسية أخرى.

وأفادت دراسة لمنظمة الهجرة الدولية والبيانات صادرة في أغسطس 2022 بأن المهاجرين في مصر يساهمون بشكل إيجابي في سوق العمل ونمو الاقتصاد المصري، موضحة أن السوريين الذين يشكلون 17% من أعداد المهاجرين الدوليين في مصر، يعتبروا من أفضل الجنسيات التي تساهم بشكل إيجابي في سوق العمل والاقتصاد المصري.

تصنيفات

قصص قد تهمك