عندما تفجرت المواجهات في غزة الشهر الماضي، وانهالت الصواريخ على إسرائيل، لم يعلم طاقم الغواصة ليفياثان بالأمر شيئاً.
كانت الغواصة الإسرائيلية في مهمة تدريبية في أعماق البحر، وكانت نشرة إخبارية موجزة فقط تُبث للطاقم حتى لا ينشغل عن مهمته.
ضابط ذو رتبة رفيعة بالبحرية الإسرائيلية، يعمل على متن الغواصة، قال لـ"رويترز"، في أول زيارة من نوعها لوسائل الإعلام الأجنبية لهذه الغواصات: "نحن (وحدة) سريّة إلى حد ما، ومعزولون في البحر. وأداؤنا يتوقف على تركيزنا".
حماية الساحل الإسرائيلي
وتدور تكهنات بشأن دور أسطول الغواصات من فئة دولفين، التي يبلغ ثمن الواحدة منها نحو 500 مليون دولار.
ووفقاً لـ"رويترز"، تنتظر إسرائيل تسلّم غواصة سادسة من الشركة الألمانية المصنعة. ويعتقد بعض المحللين أن هذا الطراز يمكنه إطلاق صواريخ نووية.
ويبلغ حجم الغواصة الواحدة حوالي ثلث حجم الغواصات الأميركية والروسية الضخمة التي تعمل بالطاقة النووية.
وتسير الغواصة بمحركات تعمل بوقود الديزل والكهرباء، ما يجعل رحلاتها تحت الماء تقتصر على أسبوعين أو 3 أسابيع والهدف منها أساساً حماية الساحل الإسرائيلي على البحر المتوسط.
غير أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، كلّف البحرية في 2019 بالتعامل مع إيران. وفي يناير الماضي قامت إحدى الغواصات من فئة دولفين بزيارة البحر الأحمر الذي شهدت فيه سفن عدّة لها صلة بإيران أعمال تخريب.
تدريب قتالي
وأجرت غواصة ليفياثان، الأربعاء الماضي، تدريباً قتالياً في الساحل الشرقي للبحر الأبيض المتوسط، قبالة مدينة حيفا شمالي إسرائيل، وفقاً لما أكدته "رويترز".
وأشارت "رويترز"، التي حضرت التدريب، إلى أن السلطات الإسرائيلية لم تسمح لها بدخول قسم الأسلحة في الغواصة أو مناقشة عملياتها الفعلية.
وخلال الزيارة، أدار ربان الغواصة جهاز البريسكوب لتفحص سفن البضائع العابرة على سطح المياه وأمر بالغوص إلى الأعماق ومحاكاة هجوم.
وظهرت على لوحة العرض في غرفة التحكم أنابيب الطوربيدات وهي مغمورة بالماء في ليفياثان بما يشير لاستعدادها للانطلاق.
صمت وسونار
مالت الأرضية ومال معها طاقم غرفة التحكم. وبعد بضع عشرات من الأمتار تحت الماء تحولت ليفياثان من العمل بالديزل إلى العمل بالطاقة الكهربائية. وللحفاظ على الصمت السائد، استرجع أفراد الطاقم أوامر الاستهداف وإطلاق النار بصوت خفيض، معززين ذلك بلمسات أصابع على ظهور الرفاق.
وأصدر مكبر صوت إشارة سونار الطوربيد، وتصاعد الصوت ثم خمد كما لو كان الهدف قد "غرق".
قال الضابط صاحب الرتبة الرفيعة، إن عدد أفراد الطاقم الرئيسي لتشغيل الغواصة من فئة دولفين يبلغ 45 فرداً متوسط أعمارهم 22 عاماً. ويمكن زيادة العدد بنحو 10 أفراد إضافيين للتدريب أو لنشرهم في مهام الضفادع البشرية.
وفي القاعدة الرئيسية في حيفا، تحمي حظيرة محصنة الغواصات من الهجمات الصاروخية والعيون المعادية. وقال الضابط إن من المتوقع أن تبحر الأطقم خلال وقت قصير للغاية.
وتستمد ليفياثان اسمها من الحوت المذكور في التوراة.
وبسبب المساحة الصغيرة نسبياً يتبادل كل 3 أفراد على النوم على سرير واحد بالغواصات الصغيرة. وخلال الرحلات الطويلة يرتدي البعض ملابس غير رسمية، وينادي الجميع بعضهم بالاسم الأول باستثناء القبطان والضابط الأول.
هل تطلق غواصات الدولفين صواريخ نووية؟
وغواصات الدولفين هي من بين الوحدات العسكرية المعدودة التي يتعين على المنضمين إليها التخلي عن أي جنسيات أخرى قد يحملونها، وهو إجراء احترازي ضد عمليات التجسس وضغوط القوى الأجنبية.
وقال الضابط صاحب الرتبة الرفيعة، إنه لا توجد "تفرقة" تقريباً أثناء المهمات. ويتم إطلاع الطاقم على الخطط السرية لخلق الإحساس بالهدف المشترك.
ويتكهن بعض المحللين بأن الغواصات ربما تستخدم كمنصات لما تسمى "الضربة الثانية" القادرة على إطلاق صواريخ نووية بشكل مستقل لردع أي هجوم مفاجئ.
وقال نورمان فريدمان الأستاذ في المعهد البحري الأميركي: "سيكون من الصعب جداً التأكد من تدمير الغواصات تحت الماء".