أفادت دراسة حديثة، بأن العمال في إثيوبيا وهندوراس والهند وميانمار، الذين ينتجون العديد من الملابس لصالح علامات تجارية شهيرة في المملكة المتحدة، وأوروبا، تضرروا بشدة من وباء كورونا.
وقال الذين حالفهم الحظ بالبقاء في العمل، أو الذين فقدوا وظائفهم العام الماضي، ووجدوا عملاً جديداً، إن مكاسبهم وظروف عملهم شهدت تراجعاً حاداً، وتعرضت المجموعتان لخطر متزايد من العمل الجبري خلال تلك الفترة، بحسب دراسة أعدها علماء من "جامعة شيفيلد" البريطانية بعنوان: "التأثيرات غير المتكافئة لوباء كورونا على سلاسل توريد الملابس العالمية''.
إساءة لفظية وتهديد وخصم
من بين 1019 مشاركاً في الاستطلاع، أبلغ 35٪ منهم عن تعرضهم لإساءة لفظية، فيما أبلغ 34٪ عن تهديدهم وترويعهم أثناء العمل، و22٪ عن وجود استقطاعات وصفوها بأنها غير عادلة في أجورهم، وذكر 19٪ أن الوصول إلى الماء أو المراحيض أثناء فترة العمل أصبح مُقيداً، وقال 39٪ إنه تم إجبارهم على العمل في بيئة تفتقر لمعدات الوقاية الشخصية والتباعد الاجتماعي.
وأبلغ 80٪ ممن فقدوا وظائفهم أثناء الوباء بأنهم لم يحصلوا على تعويضات نهاية الخدمة، وقال 33٪ منهم إنهم وجدوا أنفسهم مضطرون لقبول عمل جديد مقابل أجر أقل وأمن وظيفي أقل ومخاطر أكبر، وأشار 68٪ إلى عدم وجود عقود في وظائفهم الجديدة تحفظ حقوقهم.
وتعد الدراسة الأكبر من نوعها التي تعمل بشكل مباشر على توصيل أصوات العاملين في صناعة الملابس التي تباع في المملكة المتحدة وأوروبا، وتكشف معاناتهم أثناء الوباء.
مؤشرات العمل الجبري
وعلى الرغم من أن ماركات الأزياء العالمية تستخدم نظاماً جديداً شاملاً للبحث عن المؤشرات التي تشير إلى تعرض شخص ما للعمل الجبري، إلا أن عدم وجود تعريف موحد للعمل الجبري جعل من الصعوبة ملاحقة تلك الشركات بشكل قانوني.
وقالت الدراسة إن العمال في بعض الشركات التي تصنع الماركات العالمية - لم تذكر الدراسة أسماءها صراحة - قد ينتهي بهم الأمر في وظائف لا يستطيعون مغادرتها لعدد من الأسباب، مثل الوعود الكاذبة والخداع لإبقاء الشخص يعمل في ظروف تزداد سوءً، أو التهديد بفرض عقوبات على العامل أو أسرته إذا غادر، أو في بعض الأحيان إلزام شخص بالعمل في المصنّع برواتب سيئة، ما يجعله يكافح لتغطية احتياجاته الأساسية من السكن والطعام.
ووجدت الدراسة أن مجموعتي العمال - الذين أجبروا على ترك وظائفهم والذين استمروا في العمل- عانوا من مؤشرات العمل الجبري مع تدهور الوضع بشكل واضح خلال الجائحة.
وأشارت إلى أن العديد من الشركات لم تفِ بالتزاماتها بتطبيق ممارسات جيدة تجاه العمال، بما في ذلك الحصول على سلع مستدامة من الشركات، وتوفير ظروف عمل عادلة، وأجور جيدة، وعدم استغلال العمال.
وسلطت الإجراءات التي طبقتها الشركات خلال الوباء، الضوء على نماذج الأعمال داخل صناعة الملابس التي تتعارض بشكل أساسي مع التزامات المصانع، خاصة أن اللوائح الحكومية في تلك الدول لا تكفي لحماية العمال.
تمويل للشركات.. استغلال للعمال
وعلى الرغم من أن الدراسة وجدت أن هناك أمثلة لبعض الشركات التي تعمل بطرق تحترم التزاماتها الاجتماعية، إلا أن ذلك كان في حالة واحدة، وهي أن بيت الأزياء يملك المصنع بشكل مباشر، أو لديه شراكات طويلة الأمد مع الشركات المصنعة، وتقول الدراسة إن تلك كانت الحالة الوحيدة التي كان العمال فيها أكثر عرضة للاحتفاظ بوظائفهم خلال الوباء.
بعض الشركات في صناعة الملابس حصلت على تمويل طارئ من الحكومات أثناء الوباء، إلا أنها قدمت القليل من الأدلة أو لم تقدم أي دليل على أنها تحترم المسؤوليات الاجتماعية تجاه العاملين في سلاسل التوريد الخاصة.
وقالت الدراسة: "في بداية الوباء، أجبرت الطلبات الملغاة باهظة القيمة، العديد من الشركات المصنعة في بلدان مثل إثيوبيا على تسريح الموظفين، والذين أصبحوا بعد ذلك عرضة للاستغلال أثناء البحث اليائس للعثور على وظائف جديدة".
وأضافت: "أولئك الذين حالفهم الحظ بالاحتفاظ بوظائفهم أفادوا بأنهم عانوا من تدهور ظروف العمل والأجور، ما أدى إلى تفاقم عدم المساواة بالفعل بين البلدان التي تستفيد من عملهم والعمال أنفسهم".
تحميل الخسائر للعمال
وأظهرت الدراسة، أن شركات البيع بالتجزئة حاولت تعويض الضرر المحتمل للوباء عن طريق تحويل الخسائر إلى مورديها والعاملين الذين قد يتحملونها على أقل تقدير، ما أدى إلى تدهور ظروف المعيشة والعمل للعاملين في سلاسل توريد الملابس خلال الجائحة، وبالتبعية تسبب في زيادة مخاطر العمل القسري.
ودعت الدراسة إلى مطالبة العلامات التجارية بالإبلاغ عن أموال الإنقاذ العامة التي تلقتها وكيفية استخدامها، وهو الأمر الذي من شأنه إجبار تجار التجزئة على أن يكونوا أكثر شفافية وأن يساهموا في معالجة عدم المساواة المتزايدة التي يعاني منها عمال سلاسل التوريد التي تلبي الطلب على الأزياء الراقية والسريعة كما يُمكن أن يساعد المستهلكين على اتخاذ خيارات أكثر استدامة وأخلاقية عند التسوق.
اقرأ أيضاً: